المخرجة السينمائية هناء العمير: الفن لا يطرح حلولاً بل يترك تساؤلات

المخرجة السينمائية,هناء العمير,ماجستير,الترجمة,جامعة «هيروت وات»,بريطانيا,الفتيات السعوديات,فيلم,مهرجان الأفلام السعودية,جائزة «النخلة الذهبية»,المجتمع السعودي,جريئة,شخصية «العنود»,الزوجات,الأسر الغنية,فيلم «شكوى»,السينما,المسرح

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 11 يونيو 2017

تملك حضوراً قوياً وثقة عالية في النفس. حصلت على ماجستير في الترجمة من جامعة «هيروت وات» في اسكوتلندا عام 1996 وحطّت رحالها في الإخراج السينمائي.
عشقت الكتابة وجذبتها دور السينما غير التجارية في بريطانيا، فقدمت فيلم «شكوى»، تجربتها الأولى في الإخراج السينمائي، والذي ترك أثراً جميلاً لدى المتلقي، فأصبح القاصي والداني يتحدث عن تلك التجربة التي تطرح معاناة الفتيات السعوديات.
المخرجة السعودية والناقدة الفنية هناء العمير أحبت أن تسلّط الضوء على تلك المعاناة الإنسانية المستمرة... التقتها «لها» في كواليس «نادي جدة الأدبي للسيدات»، لتتحدث عن فيلم «شكوى» الذي فاز في «مهرجان الأفلام السعودية» وحصد جائزة «النخلة الذهبية».


- ما نوع تلك «الشكوى»؟
هي «شكوى» تئنّ من الظلم وفاقدة لحنان الأب الذي هجر أسرته من أجل الزواج بامرأة أخرى، فكانت «عنود» بطلة الفيلم تعيش صراعاً داخلياً بين الواجب تجاه والدها الذي عاد إليهم مريضاً، ومشاعرها الداخلية الممتلئة بالغضب... فما كان مني إلا أن كثّفته بصرياً لأروي حكاية تتكرر باستمرار في المجتمع السعودي حين يتزوج الأب بأخرى ويترك أسرته بلا عائل في مجتمع محافظ، وأُسلّط الضوء على المشاكل التي تطرأ على تلك الأسرة بغض النظر عن طبيعة العلاقة.

- لكنك كنت جريئة في الطرح!
نقلت صورة تتكرر باستمرار من بيئة سعودية فقيرة تحمل في مضمونها إحساساً بالظلم والقهر والحرمان، والهدف هو توعية المجتمع من خلال تلك التجربة التي تؤثر في أفراد العائلة حين يغيب عنها الأب، وما يترتب على ذلك الغياب.

- إلى أي حد اختيارك للمكان مهم؟
الأماكن تعبّر عن الواقع المعيوش الذي أتكلم عنه، لأسرة سعودية فقيرة لاعتبار المكان شخصية من شخصيات العمل، ويجب أن يكون حاضراً بتفاصيله، فيبدو العرض واقعياً وصادقاً، مع تفاصيل الحياة اليومية لبطلة الفيلم، والتي تعمل في مستوصف أهلي، ويؤثر غيابها في العمل.

- يبدو أن شخصية «العنود» فظة!
كل العوامل التي تحيط بها صعبة، فكانت تشكو دائماً من صديقتها، ظاهرها عصبي وعدائي، بخلاف باطنها الذي يظهر على حقيقته من خلال سلوكها في المنزل، لذا يجب ألا نحكم على الآخرين من خلال مظهرهم، وهذه الحالة التي تناولتها تعبّر عن أحوال الكثير من الفتيات في المجتمع السعودي، إذ ترزح «العنود» تحت أعباء وضغوط لا يمكن تحمّلها.

- تلك التجربة ألم تخلق إشكالية في المجتمع السعودي؟
أبداً، ومن حقنا أن نعرض قضايانا لنجد الحلول لها، وكان العرض الأجمل في مكتبة الملك عبدالعزيز في الرياض بحضور حشد نسائي ضخم، شاهدن تفاصيل الفيلم وتفاعلن معه بمنتهى الواقعية.

- هل عندكِ حلٌ لتلك المشكلة؟
الفن لا يطرح حلولاً، بقدر ما يترك تساؤلات للمتلقي. والفن لا يغيّر قانوناً ولا حتى مجتمعاً، بل يناقش كل القضايا للإضاءة عليها.

- تعارضين تعدد الزوجات... أليس كذلك؟
بالتأكيد، لأن إشكالية التعدد تطرح خلافات عائلية كبيرة وتؤدي الى الانشقاق العائلي. والتعدد ليس مجرد مسألة عادية، بل هو أبعد من ذلك بكثير إذا فكّرنا بما سينجم عن هذا التعدد من إهمال للزوجة الأولى وأطفالها، وكيف تصبح ردود فعل العائلة عنيفة وعدائية تجاه هذا الأب الذي هجرهم وقرر بناء أسرة أخرى. إنه واقع مؤلم فعلاً.

- هناك تعدد في الأسر الغنية والفقيرة، لماذا لجأت هناء الى طرح مشكلة الأسرة الفقيرة؟
من المهم أن نفكّر بهؤلاء الناس البسطاء الذين لا يخرج صوتهم الى العلن فنتكلم عنهم ونطرح قضاياهم. إذا لم نلامس تلك القضايا كفنانين، ونعيشها، فمن سيتحدّث عنها؟

- أنتِ متحيزة للمرأة؟
الفكرة ليست رجلاً وامرأة، بقدر ما هي إنسانية الإنسان، لأن فيلمي الوثائقي الأول لم يكن فيه امرأة واحدة.

- من قدّم الدعم المادي لفيلم «شكوى»؟
زوجي قدّم جزءاً لإنتاج الفيلم وشارك فيه، ولو كان بإمكانيات بسيطة، لكن الفيلم أدى دوراً فاعلاً، ووصل إلى كل شرائح المجتمع بمدّة زمنية قصيرة، هي 21 دقيقة.

- من يقف وراء هذا النجاح؟
زوجي، فقد وقف إلى جانبي وكان مشاركاً في تصميم موقع التصوير أيضاً.

- كيف تلقيت خبر الفوز؟
بفخر، لأنني استطعت إيصال صوت المرأة السعودية المنادي بقضاياها.

- كيف تنظرين إلى مستقبل السينما؟
متفائلة به كثيراً، ويوماً بعد يوم تنشط الحركة الفنية على كل المستويات، لاعتبار السينما هي الفن السابع الذي يجمع العديد من الفنون.

- ماذا عن تجربتك الأولى؟
كانت فيلماً وثائقياً حمل عنوان «بعيداً عن الكلام»، ويتحدّث عن لقاء فرقتين موسيقيتين فلكلوريتين من مجتمعين مختلفين، وكيف تمكّنت الموسيقى على اختلاف أنواعها من التواصل خلال 50 خمسين دقيقة، حيث عُرض في «مهرجان الخليج السينمائي» و»مهرجان مسقط السينمائي»، وحقق نِسب مشاهدة عالية.

- عين الناقدة الفنية والكاتبة والمخرجة، كيف تنظر الى المسرح في المملكة؟
نأمل ببوادر جديدة لتنشيط عمل المسرح، لأن المسرح لم يفرض حضوره كاملاً، رغم أنه كان لدينا في الماضي جيل من المسرحيين، وكان المسرح التجريبي حاضراً منذ زمن بعيد، لكن حدث انقطاع كبير، ونتمنى أن يعود أقوى.