الدكتورة يمنى الشريدي رئيسة جمعية «سيدات أعمال مصر»: الصدفة لا تصنع سيّدة أعمال ناجحة

يمنى الشريدي,جمعية «سيدات أعمال مصر»,سيّدة أعمال,الصدفة

أحمد جمال (القاهرة) 16 يوليو 2017

مجال الأعمال لم يعد حكراً على الرجال، بل اقتحمته المرأة بنجاح واستطاعت منافسة الرجل، والتفوق عليه أحياناً، وطريق سيدات الأعمال ليس مفروشاً بالورود، بل هناك تحديات ومعوقات لا بد من أن تتعامل معها المرأة بذكاء حتى تستطيع أن تكون في الصفوف الأولى، وتحصل على التكريم الدولي وتنال الاحترام في سوق الأعمال الذي لا يعترف إلا بالموهوبات... من هنا تأتي أهمية الحوار مع الدكتورة يمنى الشريدي، رئيسة جمعية سيدات أعمال مصر 21، والتي تكشف لنا التحديات التي تواجه المرأة في عالم الأعمال.


- كيف تحولت من مجال الصيدلة إلى عالم سيدات الأعمال؟
بعد تخرجي في كلية الصيدلة في جامعة الإسكندرية عام 1981، حصلت على درجة الماجستير في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للأدوية من جامعة أيوا في الولايات المتحدة الأميركية، وهناك وجدت رابطاً بين عالم الصيدلة والأغذية، واستطعت الحصول على توكيل من إحدى الشركات الأميركية في مجال تغذية الأطفال، وبدأت أشعر بالارتياح في هذا العمل، لأنه يناسب خبراتي ووقتي كسيدة، وساعدتني الشركة واستطعت أن أدخل مجال الأغذية في السوق المصري بقوة من خلال هذا التوكيل، وخلال عشر سنوات أخذت الشركة تنمو وتتطور، وعندما بدأت ظروف الاقتصاد المصري تتحسن، قررت أن أغير نشاط الشركة إلى استيراد وتصدير، فأنشأت مصنعاً كبيراً في المنطقة الصناعية في مدينة السادس من أكتوبر، لنصدر منه إلى الخارج، ولم يقتصر نشاطي على مجال تغذية الأطفال، بل تعدّاه الى كل ما يتعلق بالأغذية، خاصةً تلك التي تلقى رواجاً في الداخل والخارج.

- ماذا عن جمعية سيدات أعمال مصر 21؟
هي منظمة غير حكومية مخصصة لتمكين المرأة وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد المصري بوجه خاص والعربي بوجه عام، من خلال دعمها في مسيرة التنمية، ونقيم مؤتمراً سنوياً بالاشتراك مع جامعة الدول العربية، وشعارنا «نساء من أجل النجاح»، وتضم الجمعية 250 سيدة أعمال، ولديها علاقات وثيقة مع الجمعيات المماثلة في الوطن العربي والعالم لتبادل الخبرات.

- ما هو دورك في نشر ثقافة الاعتماد على النفس لدى المرأة من خلال «البيزنس»؟
عندي قناعة لا محدودة بقدرات المرأة، ولهذا أسّست مجلس سيدات الأعمال العربيات في جامعة الدول العربية في شهر آذار/مارس من عام 1999، وحاولت نقل خبرات سيدات الأعمال في العالم إلينا حيث عملت نائباً لرئيس لـ«Career Women» في الغرفة التجارية الأميركية، ولي خبرة في التعامل مع المنظمات غير الحكومية، كما أنشط في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

- باعتبارك أول امرأة مصرية تحصل على جائزة أكثر النساء تأثيراً في إفريقيا في قطاع الأعمال لعام 2014، فما هي حكاية هذه الجائزة وظروف ترشّحك لها؟
المنظمة التي منحتني الجائزة هي منظمة عالمية مقرها الرئيس في جنوب إفريقيا، واختصار اسمها «ceo»، وتعني «الاهتمام بالتميز والتفوق في كل أنحاء العالم في مجال سيدات الأعمال والشباب والمرأة»، وهذه المنظمة تعمل في 25 دولة تسعى الى ترشيحات في مجالات مختلفة، مثل الصناعة والتعليم والتكنولوجيا، وفزت بها لكوني سيدة الأعمال الأكثر تأثيراً في مجال الصناعة، وكان مرشحاً لها من إفريقيا حوالى 9 آلاف سيدة، وفي التصفيات أصبحن 18، وكنت المرأة الوحيدة المرشحة من مصر، والباقيات من الدول الأخرى.

- ماذا تعني الجائزة بالنسبة اليك؟
تعني لي الكثير، لأن تكريمي في هذه المرحلة من عمري يشجعني أكثر على العمل الجاد وتحمّل المزيد من المسؤولية والقيام بكل ما يساعد المرأة العاملة في مصر على النجاح، وقد شعر من يعملون في مجال الأعمال في العالم، وليس في الوطن العربي أو مصر فقط، بمدى جدّيتي ومجهودي في العمل، ولهذا كان فوزي بهذه الجائزة العالمية مفاجأة سارة لهم، وتم تنظيم حفل لتكريمي في القاهرة، وأنا فخورة كثيراً بها.

- ما المعوقات التي قد تواجه سيدة الأعمال في عملها؟
من خلال تجربتي، واجهت عقبات كثيرة في مجال عملي، منها ما يتعلق بسوق العمل والمنافسة غير الشريفة من خلال مصانع تحت السلّم، والتي تسيء الى المنتجَين العربي والمصري، وصعوبة الحصول على عمالة مدربة جادة، مصادر التمويل، وعدم وجود الحماية الكافية لأنشطة الأعمال التي تقوم بها السيدات... وهذه المشكلات تنطبق على كل الصناعات، خاصة المتوسطة والصغيرة بينها.

- هل ينظر رجال الأعمال إلى النساء على أنهن منافسات لهم في سوق العمل، فيعملون على التضييق عليهن؟
كانت هذه النظرة سائدة في الماضي، أما اليوم فقد اقتحمت سيدات الأعمال كل المجالات، ونافسن الرجال منافسة شريفة، وحققن نجاحاً وتفوقاً، وتدريجاً تغيرت النظرة السلبية الى سيدات الأعمال، حيث كان المجتمع ينظر إليهنّ على أنهن ضعيفات ولسن على قدر المسؤولية في العمل، إلى أن أثبتن العكس، فأدرك المجتمع بعامة، وبيئة رجال الأعمال بخاصة، جدّيتنا في العمل وقوة شخصياتنا، فتغيرت النظرة وتعامل الجميع معنا باحترام وتقدير، وبالطبع هناك من يتعامل معنا بخلاف ذلك، إلا أنهم يمثلون استثناء من القاعدة.

- كيف تكون المرأة سيدة أعمال ناجحة؟
ثمة عوامل عدة تساعد سيدات الأعمال على النجاح، أهمها تحكّمها في الوقت وقدرتها على تنظيمه وتوظيفه وفقاً لظروفها العملية والأسرية، ولا بد من توافر العديد من الشروط العملية في سيدة الأعمال الناجحة، وأهمها الموهبة وحب المغامرة والتعلم من الأخطاء، والتسلح بالصبر والمثابرة والعمل الجاد والجرأة في اتخاذ القرار، وأن يكون لديها خطة مدروسة لأي مشروع تقوم به.

- هل هناك «بيزنس» معين لا يزال حكراً على الرجال؟
لم يعد هناك عمل حكراً على الرجال، مهما كان نوعه، وأعتقد أن «البيزنس» عمل مناسب للمرأة في حال اقتناعها بقدراتها وخبرتها في مختلف الظروف طالما أنها تنظّم وقتها، لأن سيدة الأعمال الناجحة تستطيع العمل في كل المجالات، ولدينا في الجمعية مجموعة كبيرة من سيدات الأعمال ممن استطعن اختراق مجالات «بيزنس» جديدة وغير معتادة، ومنهن من تعمل الآن في المقاولات وقطع الغيار والكيماويات، لكن الغالبية العظمى من سيدات الأعمال ينجحن في القطاعات الخدمية، والتجارة الحرّة التي تحتاج إليها الأسواق، سواء المحلية أو الدولية، مما يؤكد أن لدى سيدات الأعمال قدرات لاختراق الكثير من المجالات المتعارف عليها في «بيزنس» رجال الأعمال.

- هل يمكن أن تصنع الصدفة سيدة أعمال ناجحة؟
إطلاقاً، وإذا حدث ذلك يكون من قبيل الاستثناء، ويكون نجاحها موقتاً، وسرعان ما تفشل، لأن في سوق الأعمال «البقاء للأذكى» بكل ما تعني كلمة «ذكاء» من معانٍ، أما إذا كانت امرأة طموحة وجادة فسيكون النجاح الدائم حليفها، وبالتالي لا مجال للمصادفة.

- هل يشترط أن تمتلك المرأة مالاً وفيراً في بداية طريقها في عالم الأعمال؟
مع احترامي لأهمية المال، أرى أن ليس وحده الكفيل بتحقيق المرأة النجاح في عالم الأعمال، أي أنه عامل مساعد وليس ضمانة للنجاح، فالأهم منه الموهبة، والقدرة على المغامرة، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والاستعانة بالخبرات، وحسن قراءة الواقع، واستشراف آفاق المستقبل في المجال الذي تتخصص فيه سيدة الأعمال.

- بمَ تختلف سيدة الأعمال عن رجل الأعمال؟
طموح السيدة تحكمه البيئة والظروف التي تعيش فيها، عكس الرجل في مجتمعاتنا الذكورية، التي ما زال بعضها- للأسف- يرفض المساواة الحقيقية وتحرير المرأة من التقاليد، ولهذا ما زال الرجل هو الأكثر سيطرة وقدرة على النجاح، بالإضافة إلى أن مسؤوليات سيدة الأعمال تفوق مسؤوليات الرجل مثل اهتمامها بمنزلها وأسرتها.

- سيدة الأعمال تكون أكثر جدية من الرجال في بعض الأحوال، هل هذا صحيح؟
نعم، لأن غالبية سيدات الأعمال الناجحات يأخذن الأمور بجدية أكثر في حال الالتزام بديون أو قروض مصرفية، وهذا واضح على أرض الواقع، بدليل أننا قلّما نسمع عن سيدة أعمال اقترضت من مصرف وهربت أو غامرت بأموال لا تمتلكها، ومع هذا فإن المجتمع لا ينمو إلا بالطرفين، الرجل والمرأة، لذا لا بد من أن تكون العلاقة بينهما، في الحياة بعامة ومجال الأعمال بخاصة، تكاملية وليست صراعاً أبدياً.

- كيف ترين تعامل المجتمعات العربية مع سيدات الأعمال؟
في الحقيقة، أخذت المرأة في مصر حقوقاً كثيرة سبقنا فيها العديد من الدول المتقدمة، فلدينا في مصر حرية تصويت المرأة منذ عام 1950، ولدينا فرص كثيرة متساوية، مثل التعليم والصحة وغيرهما، لكن الضغوط الاجتماعية والأساليب التقليدية التي تُمارس على المرأة لا تزال تمثّل عائقاً أمام تطوّر مجتمعاتنا، فتحرر المرأة في المجتمعات العربية ما زال مرهوناً بقناعة أن الرجل والمرأة مكملان لمجتمع ناجح.

- هل نجحت المرأة العربية في دخول عالم الكبار في «البيزنس»؟
إن نسبة دخول المرأة إلى عالم الكبار في «البيزنس» لم تتجاوز طبقاً للإحصاءات الـ 14 في المئة، وهي نسبة ضئيلة جداً وتحتاج إلى التقدم، وأنا غير راضية عن هذه النسبة، وما زال الوقت مبكراً كي نقول إنها نسبة مُرضية.

ماذا تقولين لمن تملك موهبة الدخول في عالم الأعمال لكنها تخشى اللوم أو الرفض الاجتماعي؟
ثقي بنفسك وحدّدي هدفك وصمّمي عليه، ولا بد من أن تكون لديك رؤية وحس المجازفة، وأن تبحثي عن الأشياء التي من الممكن ألا يراها أحد غيرك، واقتنصي الفرصة السانحة، واصبري على المعوقات وتعاملي معها بذكاء، فطريق الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى الصحيحة.