إنه عيد الأضحى... عرّفي أبناءك على معناه

27 أغسطس 2017


بعد انتهاء وقفة يوم عرفة، الذي يقف فيه الحجّاج المسلمون لتأدية أهم مناسك الحج، يحلّ عيد الأضحى الذي يتميّز بعددٍ من الطقوس التي أهمها الأضحية وتوزيع جزء منها على الأقارب والفقراء، والخروج لصلاة العيد، وغيرها من عادات زيارة الأقارب وصلة الأرحام وتهنئة المسلمين بعضهم البعض بقدوم العيد.
وفي العيد تغمر الأطفال السعادة، وهم يرافقون أهلهم إلى السوق لاختيار الملابس، فتجدهم في يوم العيد يتباهون بمظهرهم وهم يرافقون والدهم إلى الجامع لتأدية صلاة العيد.
ولكن هل يكفي أن يعيش الطفل فرحة العيد من خلال الملابس الجديدة و«العيدية»؟  عن هذا السؤال تجيب الاختصاصية في علم النفس التقويمي الدكتورة لمى بنداق.


بداية تقول بنداق: «في مقابل المظاهر المُبهجة للعيد، يمكن الأهل انتهاز الفرصة وتعريف أبنائهم على معاني عيد الأضحى المعروف في معظم الدول العربية والإسلامية بـ»العيد الكبير»، أي معنى الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة، ولماذا يكون توقيت عيد الأضحى بعد وقفة الحُجّاج في مكة على جبل عرفة؟ وكيف أن أول أيام العيد يقوم الحُجّاج هناك في «منى» بتقديم الأضاحي لوجه الله، ومعهم كل قادر من المسلمين في بقاع الأرض كافة.
من هنا كانت تسمية هذا العيد بعيد الأضحى، وأما ذلك العدد الضخم من الأضاحي التي تُذبح وتقدَّم أضحية فهو تيمنًا بسيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي أوشك على أن يذبح ابنه إسماعيل تلبيةً لطلب الله والذي افتدى إسماعيل بكبش ذُبح لوجه الله».
وتبعًا للمعنى الروحي والديني لعيد الأضحى، يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتكريس مفهوم العطاء في شخصية أبنائهم، وليؤكدوا لهم أن العيد ليس ثيابًا جديدة فقط، وفترة لإنفاق النقود وتلقّي العيدية والهدايا، بل هو يوم يجدر التفكير خلاله في الآخرين وتوطيد العلاقة بالأقارب والأصدقاء، ومساعدة الفقراء ورسم البسمة على شفاه الأطفال المحرومين ولو في شكل متواضع. وهذه بعض النصائح التي يمكن الأهل اتباعها لترسيخ مفهوم عيد الأضحى عند الأبناء:

ليلة العيد... تسوّق ثياب العيد
عندما يرافق الأبناء أهلهم لتسوّق ملابس العيد، من الجميل أن يقترح الأهل عليهم اختيار ملابس لأحد الأطفال الفقراء، فيختار كل ابن ملابس لطفل يريد إهداءه في العيد.
وهذا يعود إلى  ميزانية الأهل، فإذا كانت تسمح، فهذا أمر رائع، أما إذا لم يكن في مقدورهم، فيمكن كل واحد من الأبناء اختيار قطعة من الزي، مثلاً القميص يشتريه زيد، والسروال عمر، والحذاء ريان... هكذا يحفّز الأهل شعور العطاء عند الأبناء ويجعلونهم يفكّرون بأقرانهم المحرومين ويتعاطفون معهم، ويتعلّمون معنى مساعدة الآخر وإدخال الفرحة إلى قلبه.
كما يمكن الأهل إذا لم يكن في مقدورهم شراء الملابس، الاقتراح على أبنائهم البحث في ملابسهم القديمة التي لم تعد تناسب مقاسهم، ولا تزال في حالة جيدة وتقديمها الى الأطفال الفقراء، فهذا يساهم في إدخال السرور إلى قلبه يوم العيد، وكم هو جميل أن نجعل إنسانًا سعيدًا.

مرافقة الأبناء والدهم إلى المسجد وأداء صلاة العيد
يستيقظ معظم الأطفال باكرًا لاستقبال يوم العيد، وكلهم حماسة لارتداء ملابسهم الجديدة التي اختاروها. لذا، من الجميل أن يشجع الوالد أبناءه على مرافقته لأداء صلاة العيد، فهذا سيكون من الذكريات التي لن ينسوها، خصوصًا أن بعد انتهاء الصلاة والخطبة، جميع من في المسجد يهنّئون بعضهم بعضًا، وإن لم يكونوا على معرفة مُسبقة. هكذا يتعلم الأبناء كيف أن الابتسامة والتحيّة والتهنئة، من الأمور التي توطد العلاقات الإنسانية والاجتماعية.

السماح للأبناء بمرافقة الأب أثناء توزيع الأضحية
من المهم أن يتعرّف الأبناء على المعنى الإنساني لتوزيع الأضحية. لذا يمكن الوالد اصطحاب أبنائه أثناء قيامه بذلك، فيوزع معهم الأضحية على المحتاجين، أما توزيع جزء من الأضحية على الأقارب، ففي إمكان الأهل الطلب من أبنائهم القيام بها وحدهم، وبالتالي يتعرّفون إلى أهمية صلة الأرحام وجمالها.
فبذلك يتعلّمون أن العطاء هو في صلب العلاقات الإنسانية، وأن هناك الكثير من الناس ليس لديهم ما يتمتعون به، فيما هم لا يعرفون قيمته نظرًا إلى أنه يشكّل بالنسبة إليهم أمرًا عاديًا.

عدم السماح للأبناء بإشعال المفرقعات
يحتفل بعض الأطفال في اليوم الأول من العيد بإشعال المفرقعات، وهذه من الأمور السيئة جدًا، ففضلاً عن أنها تشكل خطرًا عليهم، قد تسبب الكثير من الإزعاج للسكان والمارّة.
لذا، من الضروري أن يمنع الأهل أبناءهم من إشعال المفرقعات، لهذين السببين. ويمكن الأم أن تقترح على أبنائها مثلاً بعد القيام بمعايدة الأجداد والأقارب، الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبدل صرف النقود على المفرقعات، يمكن دعوة طفل ليس في مقدوره الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبذلك يكونون قد قاموا بفعل خير جميل، وأسعدوا طفلاً فقيرًا، واستثمروا النقود في شيء نافع يعود عليهم بالخير ويكسبهم رضى الله.

التبرّع بقسم من نقود العيدية
من المعلوم أن الطفل يتلقى نقود العيدية من الأجداد والخالات والعمّات... وكثر من الأطفال يدّخرون هذه النقود لشراء ما يشتهونه من حلوى، أو ما يرغبون فيه من ألعاب.
وإذا حصل الأبناء على مبلغ كبير من نقود العيدية، يمكن الأم الاقتراح عليهم تخصيص جزء منها لشراء هدية لطفل فقير أو يتيم لا يوجد من يعطيه عيدية.

تعليم الأبناء مبدأ التسامح
يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتعليم الأبناء مبدأ التسامح. فإذا كان أحد الأبناء قد تشاجر مع أحد أصدقائه وخاصمه، يمكن الأم أن تساعده في إعادة أواصر الصداقة بينهما.
كأن تتحدث إليه عن معنى العيد وكيف أنه مناسبة ننسى فيها أحقادنا وشجاراتنا ونفتح صفحة جديدة مع من تخاصمنا معهم ونسامحهم إذا سبّبوا لنا الأذى، أو نطلب منهم السماح إذا كنا نحن من تسبب بأذيتهم.
ثم تسأله عما إذا كان قد تخاصم مع أحد أصدقائه، وتشجعه على مبادرة الاتصال به وتهنئته بالعيد، ودعوته إلى المنزل والاعتذار منه إذا كان قد أساء إليه، أو يقول له إنه سامحه إذا كان صديقه هو من أخطأ في حقه. ويمكن الأم أن تتصل بوالدة هذا الصديق وتطلب منها القيام بالأمر نفسه مع طفلها قبل أن يحصل الاتصال بينهما.  

مساعدتهم في اختيار هدايا العيد التي يقدمونها لأقاربهم
الهدية سُنّة نبوية، ومظهر حب، ومبعث أُنْس، تـُقرِّب البعيد، وتصل المقطوع، وتشق طريق الدعوة إلى النفوس، وتفتح مغاليق القلوب، وتنشر المحبة بين الناس، وقد حرص النبي (صلّى الله عليه وسلّم) على تشريع كل ما مِن شأنه أن يؤلّف بين القلوب، فحضّ الناس على تبادل الهدايا بقوله «تهادوا تحابوا».
وليس أجمل من عيد الأضحى ليشجع الأهل الأبناء على تبادل الهدايا في ما بينهم، وتقديم هدايا لأجدادهم، وتعليمهم كيف أن من الضروري شراء الهدية المناسبة، والتي تبعث السرور في نفس الشخص الذي سيقدّمونها إليه. فمن العبث اختيار هدية لن يستفيد منها، مما يجعل الأبناء يفكّرون، ويدركون أن ليس من الضروري تقديم هدية غالية الثمن، بل المهم هو قيمتها المعنوية. وقد يثير هذا الأمر فضولهم ويدفعهم إلى التحقق مما يرغب فيه إخوتهم أو جدّهم أو ابن عمّهم، وبالتالي يوطّد العلاقة في ما بينهم. 

التبرع بإحدى ألعابهم         
تمامًا مثلما يقدم الأهل الأضحية في العيد، يمكن الأم أن تقترح على أبنائها تقديم إحدى ألعابهم القديمة والتي لم يعودوا يلعبون بها شرط أن تكون في حالة جيدة، كأن يحملوها بنفسهم ويتبرّعوا بها إلى أبناء بوّاب المبنى الذي يسكنون فيه أو إلى ملجأ ليقدّموها إلى أحد الأطفال.
كما يمكن الأم أن تطلب منهم أن يضيفوا إلى لائحة الألعاب التي يرغبون فيها، لعبة يودّون تقديمها إلى طفل فقير. ومن الطبيعي أن تكون هذه اللعبة أقل قيمة أو سعرًا من الألعاب الخاصة بهم، ولكن مجرّد تفكيرهم في الأمر، هو مؤشر جيّد لأنهم أصبحوا يفكّرون بالآخرين. 

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة