مصمّمة الأحذية السعودية وديان سالم ذوق رفيع وفن فريد بأيدٍ ماهرة

عزيزة نوفل (جدة ) 28 أكتوبر 2017

تنسيق الأشياء وإضافة اللمسات بحس وذوق فني رفيع، يقودان إلى ما هو أبعد من الإبداع في التصميم والابتكار. مَلكة فطرية قد لا يمتلكها الكثيرون، أو بالأحرى لا يمكن كثيرين ترويضها والسير بها نحو التميز والعالمية... فخليط الفرادة والغرابة الممزوج بحاجة المرأة العصرية لا يمكن أن يُشكل إلا قصة نجاح، ألفتها مصمّمة تميزت في مجال غير مسبوق وغير متداول في المملكة، لتقدّم خدمة حصرية لكل امرأة تحب أن تتميز بإطلالاتها من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين. مسيرة جهد وعمل تسرد تفاصيلها مصمّمة الأحذية السعودية وديان سالم صاحبة ماركة Valleys للأحذية في هذا الحوار.


- أين كنت قبل اقتحامك مجال تصميم الأحذية؟
هواية التصميم كانت ترافقني حتى قبل تخصّصي في هذا المجال بالتحديد. فلمساتي التي أضفيها على أي شيء يتعلق بمظهري كانت تستهوي الكثيرين وتنال إعجابهم، مما شجّعني على الالتحاق بدورات تتعلق بالتصميم والأزياء بشكل عام. ورغم اختلاف التصميم عن مجال تخصصي الأكاديمي في الجامعة، فكّرت جدّياً بالتخصص في مجال الأحذية بعد تخرجي في الجامعة العربية المفتوحة وحصولي على إجازة في إدارة الأعمال الدولية، ذلك سعياً مني لربط ذوقي وفني بعلم وخبرة عملية تؤهّلني لأحمل لقب مصمّمة بجدارة.

- تحدّثت عن شغفك بإضافة اللمسات إلى كل شيء، فلماذا اخترت الأحذية بالذات؟
في الحقيقة، السبب يكمن في أنني أحب التميّز في أحذيتي، والدافع لخوضي هذا المجال، هو الصعوبة التي كنت أواجهها في أثناء شرائي حذاءً من السوق لأنتعله في مناسبة مهمة تخصّني. فموديلات الأحذية في السوق رتيبة وقد تكون بدائية نوعاً ما، لذا ابتعتُ حذاء عادياً وأضفت عليه لمساتي مستخدمةً في ذلك الصمغ... وقتها وُلدت الفكرة لدي، وقررتُ أن أصمّم الحذاء الذي يستهويني، وكان لي ما أردت بحيث أصبحت أصمّم أشكالاً غريبة ومميزة من الأحذية، وصارت تلفت أنظار الكثيرات ممن بتن يسألنني عن ماركة الحذاء والمتجر الذي ابتعته منه... ومن هنا شعرت بأن هذا المجال مطلوب وبأنني أمتلك الموهبة للتميّز به.


مشاركاتي في «بازارات» في دول خليجية وسّعت بقعة انتشاري

- حدّثينا عن بدايتك وتخطيطك لدعم موهبتك أكاديمياً؟
كنت قد خططت فعلاً للخضوع لعدد من الدورات قبل سفري إلى لندن، وذلك بعد البحث عن أسماء المعاهد والتخصّصات المتعلقة بتصميم الأحذية، وكان ذلك في عام 2011، حين انتسبت إلى دورات عدة في معهد Royal College Of Art في لندن، ومن ثم حصلت على شهادات من معاهد أخرى في مدينة نيويورك، أهمها معهدا Central Saint و The New School For Design، وكانت دورات مختلفة أكسبتني الخبرة الكافية في تصميم الأحذية، لأطلق بعدها ماركة Valleys للأحذية.

- التسويق لنفسك وتعريف الناس بمجالك أمر صعب ويحتاج إلى تكتيك لتحقيق النجاح، كيف بدأت العمل على أرض الواقع؟
انطلاقتي في عالم التسويق كانت في عام 2013، وهي كناية عن إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وتصوير القطع المصمّمة وعرضها للمتابعين، إضافة إلى حرصي على ارتداء تصاميمي في المناسبات العامة والخاصة، كنوع من الدعاية والترويج لها. كما كان لمشاركتي في البازارات والمعارض فضل في توسيع بقعة انتشاري وتعرّف الزبائن عليّ، حيث تخطّيت المسافات وشاركت في بازارات ومعارض في عدد من مدن المملكة مثل الرياض والدمام، إضافة إلى دول الخليج كالكويت والإمارات، وفي كل مرة أشارك فيها أبدو الوحيدة المميزة في مجال تصميم الأحذية.


الجودة والراحة أهم عنصرين في التصميم

- خطواتك في التصميم هل تعتمد على الخيال والرسم أم على الارتجال والتنفيذ المباشر؟
ليس لي طريقة محددة في ابتكار تصاميمي، ففي بعض الأحيان أتخيّل شكل الحذاء وألوانه والأكسسوارات المدمجة به ثم أبدأ التنفيذ. وفي أكثر الأحيان أجد نفسي أرتجل وأضيف القطع من دون تخطيط أو رسم صورة مسبقة. وفي كل الأحوال أُنتج قطعاً جميلة وتتميز بتصاميم فريدة ومطلوبة.

- ما المراحل التي يمر بها الحذاء قبل أن يصل إلى يد الزبونة؟
في البداية، أُحدّد شكل القالب والمقاس ليكون مريحاً في المشي، ويتم ذلك من خلال طلبي قوالب الأحذية الطبية من موقع أميركي معروف بجودة منتجاته، ومن ثم أختار التصميم واللون... ومن هنا تمر القطعة بعدد من المراحل لضمان جودتها وثبات قطع الأكسسوار المركّبة عليها، وتوضيبها في علب مخصّصة تحميها من الخدوش، وكل ذلك في سبيل إرضاء الزبونة وتقديم القطع بشكل لائق وراقٍ، مما يضمن التعامل المستمر مع الزبائن والمبني على الثقة التامة.

- كمصمّمة، ما أكثر الأشكال التي تحبّين العمل عليها؟
أفضّل في تصاميمي الاعتماد على القوالب الكلاسيكية للأحذية، لكونها مريحة أكثر للقدم، وتمكّن الزبونة من انتعالها لفترات طويلة من دون الشعور بالألم والاضطرار إلى خلعها في ختام المناسبة، وركنها في الخزانة الى الأبد. وأغلب طلبات التصميم تكون خاصة إما بالعرائس أو مناسبات السهرة والزفاف. ولكن منذ فترة قصيرة، أضفتُ الى مجموعتي موديلات «الكاجوال» من خلال تصميم الأحذية الرياضية والمسطّحة، فلاقت رواجاً وأقبل عليها كثر لكونها عملية ويمكن انتعالها لأوقات طويلة. كما صمّمتُ أشكالاً من الأحذية  خاصة بالأطفال الرضّع، وزيّنتها بالشرائط الملوّنة وحبيبات الكريستال. عموماً، أعتمد في إنتاجي للأحذية على التشكيل والتنويع في كل شيء.

- التجارة والبيع والتعامل مع زبائن مختلفي الأذواق أمر صعب ومرهق، فما هي الخيارات المتاحة أمامك لتصميم حذاء وفق الطلب، وهل هناك قيود سواء من ناحية الشكل أو القوالب؟
باب الخيارات مفتوح أمامي على مصراعيه، فالزبونة هي التي تحدد شكل القالب وارتفاع الكعب ونوع النسيج المستخدم في صنع الحذاء، فهو يكون إما من الجلد أو القماش، وبالتالي تختار اللون الذي تحبّه، كما يمكنها تحديد الإضافات التي ترغب بها، كحبيبات اللؤلؤ أو الكريستال أو قماش الدانتيل، أو حتى جلب أي قطعة أكسسوار قد تتماشى مع فستانها، فالخيارات كثيره ولا محدودة لتناسب كل الأذواق والفئات.


«الطاووس» من أغرب تصاميمي

- خلال عملك في هذا المجال، ما أغرب وأصعب شكل تصميم طُلب منك تنفيذه؟
في إحدى المرّات، طلبت مني زبونة أن أكمل إطلاله فستانها بحذاء أنيق ولافت، حيث كان الفستان وقتها مُطعّماً بريش الطاووس، فوجدته طلباً أشبه بالتحدي لصعوبة دمج الألوان مع الكريستال وتركيب الريش بشكل جميل، منسّق وغير مبالغ فيه، ومع ذلك نفّذت طلبها وصمّمت لها حذاءً نال إعجابها إذ بدا قطعة فريدة وغريبة بعدما دمجتُ فيه ألوان الذهبي والأزرق والبنفسجي مع الريش على الجوانب.

- موضة الأحذية، هل تفرض عليك شكلاً أو لوناً محدداً في التصميم؟
بلا شك، لا بد من الاطلاع على أحوال السوق والأشكال والألوان الرائجة في كل موسم، واختيار المناسب منها لاستيحاء التصاميم التي أتفرّد بها. وفي ما يتعلق بتحديد الأشكال والألوان، أجتمع وفريق عملي ونتناقش ونتبادل وجهات النظر لاختيار أهم الموديلات المرشحة للتنفيذ، حتى وإن كان هناك مسار تنفيذ محدد لتلبية طلب الزبائن وتوفير الألوان والأشكال المطلوبة في كل وقت، والتي تتربع على عرشها الأشكال والألوان الكلاسيكية من الأسود والأبيض والذهبي والفضي.

- نحن على أبواب عام 2018، ما جديدك لهذا العام في ما يتعلق بتصميم الأحذية؟
عام 2018 سيكون عاماً مختلفاً، حيث سأُصمّم أشكالاً من الأحذية جديدة وغير مألوفة، سواء من ناحية الألوان أو القوالب، لتواكب كل جديد في عالم الموضة، ومتأكدة من أنها ستنال إعجاب المتابعين والزبائن.


طموحي كبير ولا محدود

- إضافة الى الأحذية، اتجهت أخيراً الى تصميم العباءات، ما الدافع لذلك؟
دخلت عالم العباءات بطلب من الزبونات اللواتي كنّ دائماً يسألنني عن عباءاتي الخاصة، التي كنت أصمّمها بنفسي وأضع عليها لمساتي، ولذلك أصبحت أهتم بتصميم العباءات والحقائب، بحيث يمكن الزبونة أن تنسّق ما بين حذائها وحقيبتها وعباءتها في الوقت ذاته فتبدو في قمّة الأناقة. ولا مانع لدي من دخول مجالات أخرى في التصميم طالما أن ذلك سيكون مبنياً على العلم والدراسة والذوق الرفيع والجودة العالية.

- الاستمرار في المنافسة وتقديم الأفضل يحتاجان إلى تطوير وتحديث، ما هي مخططاتك لتطوير عملك؟
لا أزال مستمرة في الدراسة للحصول على المزيد من الشهادات العلمية، وأُخطط للانتساب الى دورات في مجال تصميم الأحذية وصناعتها، ولا شيء يمكنه أن يقف عائقاً أمام تطوير عملي، فأنا أطمح للوصول الى العالمية.