علم المنعكسات Reflexology في خدمة الجميع!

نصائح, الوخز بالإبر, التدليك, علاج بالإنعكاسات اللاإرادية, الرضاعة الطبيعية, طب صيني, كوليت عواد كنعان, ندى زين الدين صالحة, الطب القديم, رفليكسلوجي, زون ثيرابي, نقاط, راحة القدم, راحة اليد, ضغط الدم, الطب الصيني

22 مايو 2009

لا يقتصر الطبّ على الوسائل الحديثة والجراحات المتطوّرة والأدوية الجديدة والنظريّات الأخيرة، بل هو يمتدّ منذ آلاف السنين وحتى عصرنا هذا، وإن بطرق مختلفة،  فللطبّ فروع عديدة وللعلم مراجع أكثر، وكلّها تكمل بعضها البعض وتعمل على توفير ما من شأنه أن يساهم في خدمة الإنسان. من المعروف أنّ الطب الصيني هو من أقدم وسائل الطبّ التي عرفها الإنسان، وقد أثبت فعاليّته على مدى العصور، إذ يشفي من الأمراض المستعصية والآلام المبرّحة، ويحلّّ المشاكل المعلّقة. قد يظنّ البعض للوهلة الأولى عندما يتناهى إلى مسامعهم كلمة «تدليك» أنّه مجرّد وسيلة لإزالة التوتر العضليّ الآنيّ أو مسّاج للتخلّص من التعب. بيد أنّ الأمر أكبر من ذلك بكثير... فأنواع التدليك عديدة، والشق الطبّيّ منها هو غاية في الأهمّيّة. يبرز علم المنعكسات Reflexology كبديل ومكمّل للطبّّ التقليديّّ لما يعطيه من فائدة في ميادين الطبّ المختلفة. تشرح السّيّدة كوليت عوّاد كنعان، وهي ممارِسة  في مجال الطب الصيني، علم المنعكسات وأبعاده وطرق إستخدامه ونتائج تطبيقه. كما تتطرّق السيّدة ندى زين الدين صالحة، معالجة بالطبّ الصينيّ، عن فروع هذا الطبّ القديم-الجديد، وأهمّيّة إستعماله بشتى الطرق لشفاء الأمراض.


الطبّ الصينيّ وعلم المنعكسات

- طب مصدره الطبيعة
الإنسان موجود على الأرض منذ آلاف السنوات. وقد تعاقبت الحضارات عليه لتترك له شيئاً من أثرها يعمل على إفادته ومساعدته في تسهيل حياته اليوميّة.يرجع الطبّ الصينيّّ إلى خمسة آلاف سنة وهو من أقدم أنواع الطبّ المعروفة حتى الآن. وأكثر ما يعتمد عليه هو اللجوء إلى الطبيعة ولكن بتقنيّات معدّلة ومحدّثة بعض الشيء، مثل الوخز بالإبر Acupuncture والتدليك Reflexology وسواهما.تقول السيدة كنعان "إنّ علم المنعكسات Reflexology/Zone Therapy، هو طريقة قديمة مستمدّة من الحضارتين الصينيّة والفرعونيّة، كما يتّضح من النقوش القديمة على الجدران. وهو علاج يرتكز على الإسترخاء والتدليك لنقاط إنعكاسيّة تُسمّى Reflex Points. وهذه النقاط موجودة في راحة القدم وراحة اليد. ومن خلال الضغط على مختلف هذه النقاط، يحدث تأثير يصل إلى المناطق الأخرى داخل الجسم، وهي تكون متّصلة بهذه النقاط الإنعكاسيّة. فهذا العلم يقوم على الإعتقاد أنّ كلّ جزء من القدم واليد يتبع جزءاً من الجسم. وبواسطة الضغط على النقاط الإنعكاسيّة، تصل التنبيهات إلى أجزاء الجسم التابعة لها، فيساهم ذلك في إسترخاء الجسم وتنشيط الدورة الدمويّة وتحسين مسارات الطاقة، وبالتالي يتحقق التوازن والإتزان للجسم بشكل إجماليّ»

- طب مكمّل لا طب بديل!
.يعمل علم المنعكسات على جعل الجسم أكثر تكيّفاً مع ضغوط الحياة اليوميّة ويساعده أيضاً على التصدّي للأوبئة والأمراض التي قد تعترضه، فيقويّ مناعته ويعطيه الدفع إلى الأمام للمضيّ قدماً وتخطيّّ العراقيل.ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه لا يجوز مطلقاً القول إنّ علم المنعكسات هو شقّّ من الطبّ التقليديّ وكفيل بعلاج العلّة برمّتها من دون الإستعانة بطريقة مساعِدة. بل إنّ هذه الطريقة هي وسيلة مكمّلة وليست بديلة عن الطبّ التقليديّ أبداً. كما أنّها تشكّل نمط حياة  ينبغي أن يتّبعه كلّّ إنسان للحصول على حياة صحّيّة، وذلك عبر إرخاء العضلات وممارسة الرياضة وتأمين الغذاء اللازم والإبتعاد عن الملوّثات والإرهاق.


حلول جذريّة

- طريقة التشخيص والمعالجة
بعد المعاناة والألم وزيارة الأطباء وتناول المسكّنات... قد لا يلاقي البعض النتيجة المطلوبة لمشاكلهم إذ تعاودهم بعد فترة قصيرة أو لا تختفي أصلاً، ذلك أنّ الجسم البشريّ أداة معقّدة وحسّاسة معاً. تقول السيدة صالحة إنطلاقاً من خبرة شخصيّة، «إسألوا مجرّباً ولا تسألوا خبيراًّ! فقد عانيت شخصياً من فقر دم حاد ومشاكل متعاقبة وإنحطاط وغثيان وألم مبرح، ولم ألقَ النتائج المرضية بعدما أمضيت سنوات في العلاج، إلى أن توجّهت نحو الطبّ الصينيّ الذي كان كفيلاً بإراحتي من علّتي، من دون عواقب أو مضاعفات. فبعد التشخيص الذي يتمّّّ إستناداً إلى النقاط الموجودة في الجسم بواسطة ماكنة خاصة، يُطبّق التدليك إما على راحة اليد أو على راحة القدم وفق الحاجة، ليتخلّص المرء من المشكلة. فالدماغ الذي هو مصدر كلّ الطاقات في الجسم متّصل بكل الأطراف، من اليدين وحتى أخمص القدمين، وهو موصول بالجسم بكامله من خلال تجمّع الأعصاب الذي يعطي الدلالة على مكان الألم في الجسم. وبالعمل على النقاط المذكورة، يتمّ رويداً رويداً إلغاء الألم من العضل أو العظم أو العصب أو أي عضو من أعضاء الجسم».

- وقاية وعلاج
تضيف السيّدة كنعان: «بالإضافة إلى كون علم المنعكسات خطاً دفاعياً ضدّ إنتكاسة المرء من جرّاء الضغوط، يساهم هذا العلم أيضاً في علاج بعض الحالات المرضية مثل آلام الظهر والإمساك وإرتفاع ضغط الدم والقولون العصبيّ والصداع النصفيّ وألم الأذن وألم الرقبة والكتفين والديسك وفقدان الوزن وفقر الدم الحاد، أي الأنيميا، وإلتهاب الشعب الهوائيّة وإضطرابات البروستات والعجز الجنسيّ وفرط نشاط الغدّة الدرقيّة وحصوات الكلى وإضطرابات الكبد وشلل الأمعاء وإضطرابات الدورة الدموية والخلل في الهرمونات والبواسير، وحتى أمراض القلب وتصلّب الشرايين وترقق العظام وداء السكّريّ وبعض الحالات السرطانيّة. كما أنه يفيد كثيراً للإراحة من التوتر والأرق وإضطرابات النوم ولمنع تساقط الشعر والتبوّل اللاإرادي. وينفع أيضاً هذا الشق من الطبّ الصينيّ القديم في علاج الحالات الحادة والمزمنة وإصابات الرياضات المختلفة».والجدير بالذكر أنّ المنافع تكاد لا تُحصى ولا تُعدّ، إذ أثبت هذا الطبّ قدرته على زيادة اليقظة العقليّة وتحفيز القدرة الإنتاجية والإبداعيّة، ورفع أداء الوظائف المتداخلة لأجهزة الجسم. فهو علاج وقائيّ أيضاً يقلّل الضغوط ويخفف التوتر ويساعد على الإسترخاء ويمنح الطاقة. وترى صالحة أنّ «علم المنعكسات والطبّ الصينيّ عموماً يفتح ممرّات من أجل تجديد النفس وتنشيط مستويات الطاقة إثر العلاج. كما يعمل على تحرير الشخص من الشعور بالإرهاق وقلّة التحفيز، عبر تحسين مستوى أداء الجسم برمّته».

 

تطبيق هذا العلم

- التدليك الطّبي
في البداية، لا بدّ من القول إن علم المنعكسات هو علم قائم بحدّ ذاته وليس مجرّد إسم آخر للتدليك! فالتدليك اليدويّ العادي الذي يمكن لأيّ شخص ممارسته يصبّ فقط في خانة إراحة العضل المتشنّج، وقد يؤدّي إلى عواقب وخيمة ما لم يُحسن الشخص القيام به. أمّا علم المنعكسات من جهة أخرى، فله قواعده الخاصة، إذ يقسّم راحة اليد أو القدم إلى خريطة مفصّلة تحتوي على كل أعضاء الجسم، ويصار بعدها إلى تطبيق التدليك الطبّيّ، إمّا يدوياً أو بواسطة آلة متخصّصة للضغط على النقاط الإنعكاسية وتخفيف الألم. تشرح صالحة: «بادئ ذي بدء، يجب أن يقوم الخبير المتخصّص في هذا العلم بتحديد المشكلة وتشخيصها، ومن ثمّ يعمل على الضغط على النقاط الموجودة في اليد أو القدم، أو حتى الأذن أحياناً، والتي تكون متّصلة بأجزاء الجسم الأخرى. وتتمّ ممارسة الضغط بواسطة الإبهام أو أصابع اليد أو حتى اليد كاملة. إذ توجد أكثر من 7200 نهاية للأعصاب يتمّ تحفيزها وتحريكها عبر النقاط الإنعكاسية تلك. ومن خلال الضغط عليها، يصل التأثير إلى الغدد والأعضاء الأخرى ليُصار إلى تقوية حالتها وتصحيح علّتها»

- طريقة التدليك وآثاره
. تضيف كنعان «يختلف طول الجلسة بإختلاف حاجات كلّ حالة وكلّ جسم وأثناء العلاج تتحفز طاقة الجسم على الإستشفاء الذاتي. هذا العلم المنتشر بكثرة في القارة الآسيويّة على المستوى الشعبيّ يقوم ببساطة على مبدأ التدليك، ولكن المختصّ بإتباع الخريطة الوظائفية للجسم. من الممكن أن يشعر المرء خلال العلاج بأحاسيس مختلفة. إذ تعمّ إجمالاً حالة من الإسترخاء والراحة لكن قد تترافق أحياناً مع غثيان بسيط أو عدم الإرتياح. ومن جهة أخرى، قد يشعر الشخص برغبة في البكاء أو الضحك، كما قد يتنهّد ويغلب عليه النعاس. وتتغيّر حرارة الجسم إمّا بالسخونة أو بالبرودة ويسيطر إحساس بالتنميل في القدم أو حتى الجسم، وقد يشعر الشخص بوخز مثل وخز الإبرة في القدم وحول المناطق المختلفة». وبعد إتمام العلاج، قد يساور الشخص أعراض شبيهة بالرشح، فيحسّ كأنّ إحتقان الجيوب النفية يتلاشى، كما قد يتمخّط ويسعل لفتح الرئتين وممرّات الجهاز التنفّسيّ، إضافة إلى احتمال التبوّل المتكرّر أو الإنتفاخ والشعور بالتعرّق المتزايد أو العطش أو حتى التثاؤب من الإرهاق، أو على العكس الإزدياد في الطاقة. بيد أنّ كلّ هذه الإنعكاسات ما هي إلاّ بنسب ضئيلة جداً ولا تستمر سوى لفترة وجيزة بعد العلاج، بحيث يعمل الجسم على تحرير الطاقة السلبيّة وإكتساب الإيجابية.

متى اللجوء؟
لا يخلو جسم الإنسان من الشوائب، مهما كانت صّحته جيّدة ومهما كان يُداري نفسه ويتّقي الأمراض. فكلّ شخص لا بدّ من أن يعاني وإن من مشكلة تبدو ظاهريّاً بسيطة. تؤكّد كنعان: «مئات الأشخاص قد يعانون من مشاكل أو حتى أمراض من حيث يدرون أو لا يدرون، بحيث أن حوالي نصف سكّان العالم يتعرّضون بإستمرار للتعب والإرهاق النفسيّ أو الجسديّ والوهن وحتى الإنحطاط من دون تبيان السبب الحقيقيّ لذلك. وقلائل هم الذين يعتمدون نمط حياة سليماً ويمارسون الرياضة بإنتظام ويضبطون نظام غذائهم. لذلك، يجب على الدوام القيام بالفحوص البسيطة والتشخيصات المبكرة. ومن خلال علم المنعكسات، لا يستغرق الفحص أكثر من بضع دقائق، يتمّ خلالها تمرير آلة مختصّة على اليد التي هي مركز لتجمّع أعضاء الجسم، إذ تكون بمثابة خريطة عنه. بعدها، يمكن للجميع الخضوع لهذا النوع من العلاجات، مع أنه من المستحسن إستبعاد الأطفال الصغار والحوامل».


علم المنعكسات والطب التقليدي

- لا غنى عن الطبّ التقليديّ
مهما تنوّعت الطرق وتعدّدت الوسائل وإزدادت العلاجات، يبقى على كلّ إنسان أن يهتمّ بصحّته ويستشير الإختصاصيين للوقوف على بيّنة من حالتة الصحية، مهما كانت، حتى يعمل على علاج الإضطراب أو المرض قبل تفاقمه.  تجدر الإشارة إلى أنّ الطبّ المكمّل، بكلّ فروعه لا يحلّ مطلقاً مكان الطبّ التقليديّ القائم على الدراسات المكثفة والأبحاث الحديثة والإختبارات المتعدّدة... فالدواء أو الجراحة قد يكون الحلّ الوحيد للشفاء العاجل والمضمون أحياناً. كما أنه لا يجوز أبداً التوجّه إلى المراكز البحثة التي تدّعي "ممارسة الطب"، بل يجب التأكّد من مصداقيّة الإختصاصيّ لضمان عدم الوقوع في الفخّ.

- الطاقة في علم المنعكسات
إنّ الطبّ الصينيّ قد أثبت مع مرور السنوات إيجابيّات ودحض المقولة التي تضعه في خانة «الطب البديل» أو اللجوء فقط إلى القديم وإلى الطبيعة، إذ تقوم مراجعه على أسس مثبّتة وتدرس الجسم وكل أعضائه ووظائفه حتى تعمل على شفائه!في الطبّ الصينيّ، يعتقد العلماء بوجود حقل طاقة إيجابيّ خفيّ في جسم الإنسان Qi، يعمل على تحرير الجسم من الألم والمشاكل. بيد أنّ صدّه قد يؤدي إلى منع الشفاء. ويؤكّد آخرون أنه عبر تطبيق التدليك من خلال علم المنعكسات يتمّ تحريك الدورة الدموية والدورة اللمفاويّة وإصدار أمر إلى الدماغ لتحرير الهرمونات الخاصة بخفض الوجع في الجسم والمُسمّاة «أندورفين».  كلّ هذه المقولات لها صلة بالصحّة بشكل عام، لذلك يجب العمل على «صيانة الجسم» والإهتمام به على الدوام لمنع الطاقة السلبية من دخول الجسم ولتحريرها وإكتساب الطاقة الإيجابية والمحافظة عليها.


نصائح عامة

لا تخلو الحياة من التجارب. وكلّ إنسان يكتسب خبرته في الحياة من جرّاء التعرّض للمشاكل ومن خلال العمل على تخطّيها. ولا يجوز تغاضي فكرة أنّ كلّ شخص عُرضة للإنتكاسة الصحية، فلا يجوز الإستهتار دوماً وعدم الإكتراث بالصحة، بل إنّ عيش نمط حياة سليم وصحّي من البداية من شأنه أن يخفّف نسبة الإصابة بالمشاكل والأمراض أصلاً. ولكن في حال المعاناة منها، على كلّ فرد أن يدرك مصلحته ويُسارع إلى العلاج للشفاء من دون مضاعفات.  يبدو أنّ الطبّ الصينيّ يحقق إقبالاً كثيفاً من الناس في وقتنا هذا، إذ يوجِد الحلول أحياناً للذين لم يستفيدوا فقط من الطبّ التقليديّ، لذلك، فهو يفتح لهم طاقة أمل جديدة ويعطيهم التفاؤل بالتغلّب على العقبات وتخطّيها.