النوم أفضل دواء

قلّة النوم, تأثير الأرق, الأرقام, دواء, مرض السرطان, الأمراض القلبية الوعائية, راحة الحلقوم, محاربة الإكتئاب, أمراض / مشاكل القلب, أسباب الحساسية, الإلتهابات, الوقاية من أمراض القلب والشرايين

27 مايو 2009

لم يعد الأرق أو النوم المتقطع أمراً نادراً البتة. فهذه المشكلة تزداد شيوعاً لسوء الحظ مما يؤثر سلباً في صحتنا الجسدية والنفسية لأن النوم ضروري لحسن عمل الجسم وتؤثر نوعيته بشكل مباشر في صحتنا.

يعتقد العديد منا أن النوم هو مجرد وقت لراحة الجسم. لكن هذا خطأ. فالنوم هو نشاط فيزيولوجي أساسي، وهذا ما تؤكده تأثيرات قلّة النوم في الجسم. ففي حال عدم النوم لساعات كافية خلال الليل، نشعر بالنعاس خلال النهار، والعصبية، والتعب، ونواجه صعوبة في التركيز وهفوات في الذاكرة... كما أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن قلة النوم المزمنة يمكن أن تزيد خطر التعرض للمشاكل الصحية الأكثر خطورة.لكن رغم كل هذه التحذيرات، تشير الإحصاءات لسوء الحظ إلى أن مدة النوم تضاءلت ساعتين خلال الأربعين سنة الماضية، ويعاني ٤٥ في المئة تقريباً من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين ٢٥ و ٤٥ عاماً من قلة النوم.

نوم أقل وبدانة أكبر
يؤدي التضاؤل في وقت النوم إلى خلل في النظام الغذائي عند الشخص، ويمكن أن يؤدي ذلك دوراً مهماً في زيادة الوزن. ثمة هرمونان مسؤولان عن ذلك، هما اللبتين والغريلين. يتم إفراز الهرمون الأول، أي اللبتين، خلال الليل وهو يقضي على الإحساس بالجوع. أما الهرمون الثاني، أي الغريلين، فيتم إفرازه خلال النهار وهو يحفز الشهية. في حال قلة النوم، يبدأ الشخص بتناول المزيد من الطعام، بطريقة عفوية من دون أن يعي ذلك، ويميل خصوصاً إلى تناول الأطعمة الحلوة. ومع مرور الأيام، يزداد الوزن من دون أي سبب ظاهري برأي الشخص، فيما السبب الفعلي هو قلّة النوم.

راحة أقل واحتمال أكبر لداء السكري
تحدّ قلة النوم من قدرة الجسم على تأييض السكر، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في إفراز الأنسولين، الهرمون الذي يتيح امتصاص السكر من قبل خلايا العضلات والخلايا الدهنية. وفي حال استمرار هذه الحالة لوقت طويلة، يمكن أن ينشأ داء السكري. بالفعل، تشير الإحصاءات إلى أن خطر التعرض لداء السكري يزداد الضعف تقريباً عند الأشخاص الذين ينامون أقل من أربع أو خمس ساعات يومياً.

قلة النوم والأمراض القلبية الوعائية
تعتبر قلة النوم عاملاً أساسياً مسبباً لارتفاع ضغط الدم والأمراض القلبية الوعائية. والمؤسف أن خطر التعرض لهذه الأمراض لا يعفي أحداً، ولا حتى المراهقين. فقد أثبتت دراسة أميركية حديثة أن المراهقين الذين ينامون ساعات غير كافية هم أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم بنسبة ثلاث مرات أكثر من رفاقهم الذين ينامون ساعات كافية. أما النساء اللواتي ينمن أقل من ٥ ساعات في الليل يكنّ عرضة لأمراض القلب مرتين أكثر من النساء اللواتي يحظين بالنوم لمدة ثماني ساعات. لكن الغريب أن النساء اللواتي ينمن أكثر من تسع ساعات يصبحن أكثر عرضة لأمراض القلب والشرايين حسب بعض الدراسات.

ضعف أكثر أمام الالتهابات الفيروسية
تؤدي قلّة النوم إلى خلل في إنتاج الخلايا المناعية، ولاسيما الكريات البيضاء المسؤولة عن حماية الجسم من الاعتداءات الخارجية، ولاسيما الفيروسات والبكتيريا. كما تحدث قلّة النوم خللاً في مستوى الكورتيزول، هرمون التوتر الذي يكشف أيضاً عن قدرات في محاربة الالتهاب والحساسية. يتضح إذاً أن النوم لساعات أقل يضعف جهاز المناعة ويجعل الجسم أكثر حساسية للالتهابات والأمراض الأخرى.

أرق واكتئاب
يظن البعض أن مشاكل النوم هي من أعراض الاكتئاب. لكن هذا خطأ. فقد أثبتت الدراسات أن الأرق يمكن أن يسبق، أو حتى يسبب، الاكتئاب. وقدّر باحثون ألمان أن ٥٠ إلى ٧٠ في المئة من المصابين بالأرق يعانون فعلياً من مشاكل اكتئابية. فالنوم لساعات قليلة أو غير كافية يمكن أن يحدث خللاً في مستويات الهرمونات الضرورية للراحة العقلية (الميلاتيونين، السيروتونين، الكورتيزول...) ولذلك يزداد احتمال التعرض للاكتئاب في حال عدم الحصول على نوم كافٍ وجيد النوعية.

لكل شخص حاجته الخاصة
يقول الأطباء والباحثون إن أغلبية الأشخاص الراشدين يحتاجون إلى النوم سبع أو ثماني ساعات كل ليلة. إلا أن كمية النوم، المبرمجة وراثياً، تختلف حسب الأفراد. ويبقى الاستيقاظ صباحاً بكل نشاط من دون الإحساس بالتعب أو النعاس خلال النهار خير دليل على النوم لساعات كافية ليلاً. في المقابل، إذا كنت لا تعانين من مشاكل في النوم لكنك تشعرين بالنعاس خلال النهار، فيما تظنين في قرارة نفسك أنك تنامين ساعات كافية، يستحسن مراجعة الطبيب وشرح المشكلة له.