راقبي ضغط دمك

إرتفاع ضغط الدم, علاج, أمراض / مشاكل القلب, القصور الكلوي , الوقاية من ألزهايمر, ضغط الدم, ألزهايمر, الوقاية من أمراض القلب والشرايين

04 أغسطس 2009

أثبتت الدراسات أن معالجة ارتفاع ضغط الدم لا تحمي فقط من أمراض مثل الألزهايمر والذبحة القلبية والقصور الكلوي، وإنما تحافظ أيضاً على القدرات الفكرية ونوعية الحياة.

أكدت الدراسات الحديثة التأثير السلبي لارتفاع ضغط الدم في تقهقر المهارات الإدراكية والقدرات الفكرية المرتبطة عن كثب بمرض ألزهايمر والأمراض العقلية.

لذا، عمد العلماء والباحثون أخيراً إلى إطلاق حملة تركز على حماية الدماغ عبر معالجة ارتفاع ضغط الدم. فقد تبين أن ضغط شرايين الدم في عمر الخمسين يحدد وضع الدماغ في عمر السبعين وما بعد.

إلا أن هذه الحقيقة ليست السبب الوحيد لضرورة مراقبة ضغط الدم باستمرار، وفي حال ارتفاع هذا الضغط، الشروع في علاجه لإبقائه ضمن المعدل الطبيعي طوال الحياة. بالفعل، تؤكد الدراسات أن الذين يعالجون ضغط دمهم المرتفع يكشفون عن أمد عيش مماثل تماماً لأولئك الذين يتمتعون بصحة سليمة ولا يعانون من أي ارتفاع في ضغط الدم. أما أولئك الذين لا يعالجون ارتفاع ضغط الدم، فقد تقصر حياتهم سبع سنوات تقريباً!

الوقاية من مرض ألزهايمر وأمراض أخرى
يقول الأطباء إن الحفاظ على ضغط دم منخفض يمكن أن يحمي الدماغ من مرض ألزهايمر. فقد كشفت دراسات ميدانية استمرت عشرين عاماً وتناولت أشخاصاً مصابين بضغط الدم المرتفع أن ضغط الشرايين في عمر ٥٠ عاماً يرتبط مباشرة بالحالة الإدراكية، أي حالة القدرات الفكرية في عمر ٧٠ أو ٧٥ عاماً. ويؤكد الأطباء أن أي ارتفاع بسيط في ضغط الدم، حتى لو اقتصر على ١٥٠ أو ١٦٠ مليمتراً من الزئبق، يمكن أن يؤدي إلى نشوء آفات مجهرية في نسيج الدماغ. وعلى مرّ السنوات، قد يؤدي تكاثر هذه الآفات إلى الخَرَف... لكن بفضل تقنيات التصوير الحديثة، اكتشف الأطباء أن المصابين بداء ألزهايمر لا يكشفون فقط عن آفات في الدماغ ناجمة مباشرة عن مرضهم، وإنما أيضاً عن انسدادات مجهرية دماغية مسببة للخرف والعته لديهم. هكذا، تجتمع كل هذه الحقائق مع بعضها لتؤكد لنا أن معالجة ارتفاع ضغط الدم هي العلاج الوحيد المعروف للحؤول دون خطر العته الدماغي.

كما أثبتت الدراسات أن خفض ضغط الشرايين المنخفض (الانبساطي) إلى ٩ مليمترات يمكن أن يخفض خطر الجلطة الدماغية وأمراض الدماغ الأخرى بنسبة ٤٢ في المئة!

بالإضافة إلى الدماغ، يؤثر ارتفاع ضغط الدم أيضاً في القلب والرئتين. بالنسبة إلى القلب، يحفز ارتفاع ضغط الدم حصول الذبحة القلبية، وفي العمر المتقدم، القصور القلبي. كما أن ارتفاع ضغط الدم يحفز تصلب الشرايين، أي تكدّس الدهون الذي يؤدي إلى ضيق الشرايين تدريجياً وتكلّس جدرانها، مما يجعل المصابين بارتفاع ضغط الدم عرضة للآفات والأمراض في الشريان الأورطي (تمدد الأوعية الدموية) أو الأعضاء السفلية (انسداد الشرايين في الأعضاء السفلية) أو حتى العين (ولاسيما الشبكية). وفي الكليتين، يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إتلاف الأنسجة ببطء إلى حين حصول قصور كلوي نهائي والحاجة من ثم إلى غسل الكلى.

 سبل كشف المشكلة
في غياب عامل الخطر بعد عمر الأربعين، وفي حال عدم وجود أية مشكلة، جسدية أو نفسية، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، يستحسن استشارة الطبيب مرة على الأقل كل سنة. وخلال هذه الزيارة الوقائية، تتاح للطبيب فرصة قياس ضغط الشرايين بشكل صحيح، ومراقبة الوزن، وطلب إجراء تحليل دم عند الضرورة. وفي الإجمال، يستحسن مراقبة ضغط الدم بشكل منتظم عند الأشخاص الذين يبلغون ٣٥ عاماً ويكشفون عن ضغط دم "على الحدود"، أو ازداد وزنهم ٤ أو ٥ كيلوغرامات في الآونة الأخيرة، أو توقفوا عن ممارسة أي نشاط جسدي.

لكن تجدر الإشارة إلى أن قياس ضغط الدم مرة واحدة فقط لا يكفي لإجراء التشخيص. فللتأكد من ارتفاع ضغط الدم أو عدم ارتفاعه، يجب تقييم ضغط الشرايين باستمرار، وبالتالي قياسه مرات عدة.

واللافت أن قياس ضغط الدم لا يتيح فقط مراقبة العلاج وإنما أيضاً منح مسؤولية معينة للمريض. فقد تبين أن مرضى ضغط الدم المرتفع الذين يقيسون ضغط دمهم يتناولون الأدوية بانتظام أكبر ويتقيدون بالعلاج بصورة أفضل. وبفضل هذا القياس الذاتي لضغط الدم، يمكن تفادي ٢٥ في المئة من زيارات الطبيب.

يتوافر في الأسواق نوعان من أجهزة قياس ضغط الدم، تلك التي تقيس الضغط في المعصم، وتلك التي تقيسه في الساعد. قد يبدو النوع الأول أكثر سهولة على الاستعمال، لكن دقته ليست أكيدة إذ لا بد من اعتماد وضعية معينة أثناء القياس، أي وضع المعصم على مستوى القلب أثناء قياس الضغط. لذا، ينصح الأطباء عموماً باستخدام الأجهزة التي تقيس الضغط في الساعد. ولا حاجة لقياس ضغط الدم بشكل مستمر، وإنما يكفي قياسه بشكل منتظم في الأسبوع الذي يسبق زيارة الطبيب لإطلاعه على النتائج. وينصح الأطباء عموماً بقياس ضغط الدم 3 مرات متتالية في الصباح، على أن تفصل بين المرة والأخرى بضعة دقائق، ومن ثم قياسه ٣ مرات متتالية في المساء قبل الخلود إلى النوم، على مدى 3 أيام متتالية. في كل الأحوال، يجب قياس ضغط الدم في وضعية جلوس مريحة ومسترخية. ويفترض أن يكون متوسط هذه القياسات ال ١٨ في المنزل أقل من ١٣٥/٨٥ مليمتراً من الزئبق (أو ١٣.٥/٨.٥ سم من الزئبق).

 العلاجات المتوافرة
إذا لم يكن ارتفاع ضغط الدم وخيماً، يفترض أن يستفيد المريض من النصائح، ويمكن أن يعيد ضغط دمه إلى مستواه الطبيعي وتأخير استعمال الأدوية بمجرد إجراء تعديلات بسيطة في أسلوب العيش، مثل تناول الغذاء المتوازن وممارسة النشاط الجسدي. وبالنسبة إلى أشخاص آخرين، قد تبرز الأشخاص إلى تجربة أنواع مختلفة من الأدوية على مدى أشهر عدة قبل العثور على مجموعة الأدوية الملائمة والقادرة فعلاً على خفض ضغط الدم بصورة منتظمة.

تتوافر في الوقت الحاضر ٥ فئات علاجية أساسية إضافة إلى عدد لامتناهٍ من العلاجات الفردية في كل فئة، علماً أن كل واحد من هذه العلاجات يعمل بآلية مختلفة. فمدرّات البول تعمل على زيادة التخلص من الملح في البول، فيما تخفض صادّات بيتا (beta-bloquants) تقلّص الشرايين وتبطئ سرعة القلب. أما القامعات الكلسية فتقمع دخول الكلسيوم إلى الخلايا العضلية في الشرايين لإرخائها، وتعمل قامعات أنزيم التحويل على قمع مفعول الهرمونات المسؤولة عن انقباض الشرايين. أما مضادات مستقبلات الأنجيوتنسين ٢ فتناقض مباشرة مفعول هذه المادة، أي الأنجيوتنسين، مما يحفز أيضاً الانقباض.

ومهما كانت الفئة العلاجية، يبقى الهدف هو نفسه، أي خفض ضغط شرايين الدم. وتبرز الحاجة غالباً إلى الجمع بين هذه الفئات العلاجية للتأثير في الآليات المختلفة والحصول على نتيجة مثالية.

واليوم، بفضل احتمالات الجمع العديدة بين الفئات العلاجية، تضاءل عدد حبات الأدوية الواجب تناولها إلى حبة واحدة أو اثنتين، على أن تؤخذ دفعة واحدة، لأن فاعلية العلاجات تدوم إجمالاً طوال اليوم. ثمة ميزة أخرى وهي أن أغلبية الأدوية التجارية المتوافرة اليوم تكشف عن عدد ضئيل جداً من التأثيرات الجانبية. وفي حال حصول أي تأثير جانبي، يجب مراجعة الطبيب على الفور. فثمة احتمالات كثيرة، ولا بد أن يعثر الطبيب على العلاج المناسب لك. وهذا مهم خصوصاً عند الحاجة إلى تناول الأدوية لمدى الحياة.

تبقى مراقبة الوزن الطريقة الأكثر بساطة وفاعلية للحؤول دون ارتفاع ضغط الدم، مع محاولة الحفاظ على الوزن الذي كان عليه الجسم في عمر ١٨ عاماً تقريباً، إلا في حال المعاناة من الوزن الزائد آنذاك. من هنا أهمية ممارسة النشاط الجسدي بانتظام وتفادي الأغذية الدسمة والمضرّة بالصحة.

 ما هو ضغط الدم؟
ضغط الدم هو الضغط الذي يفرضه الدم على جدران الشرايين. وتتم الإشارة إلى هذا الضغط عبر رقمين، يفترض أن يكونا، عند الراحة، أقل من ١٤٠/٩٠ مليمتراً من الزئبق أو ١٤/٩ سنتيمتراً من الزئبق، بعد عمر ١٨ عاماً. وبفضل هذا الضغط، يروي الدم كل أعضاء الجسم. لكن إذا ارتفع هذا الضغط، يمكن أن تتأذى الأعضاء، وتصاب بالتلف على المدى الطويل.