ميرنا وليد: كنت محظوظة أكثر من حنان ترك... لكنها كانت أذكى مني 

محمد سعيد 09 ديسمبر 2017

ميرنا وليد نجمة أبهرت الجميع بموهبتها الرائعة منذ سنّ الصبا، حين ظهرت في فيلم «الراعي والنساء» مع العمالقة سعاد حسني وأحمد زكي ويسرا، وأكملت مسيرتها الفنية بنجاح وثبات رغم ظهورها واختفائها لفترات بسبب الدراسة تارة، والزواج والإنجاب طوراً. طموحة لا تهدأ ولا تملّ، مثابرة في عملها رغم صعوبة بعض المطبّات التي واجهتها في حياتها الفنية. في حوارنا معها، تحدّثت ميرنا عن اختفائها وعودتها، وعن أهم فنانات جيلها حنان ترك ودنيا، كذلك تكلّمت عن نشأتها الشخصية والفنية، وعن سعاد حسني فقالت: «إنها أحد أكبر أحلامي وأهمها».

-حدّثينا في البداية عن نشأتك؟
وُلدت في مدينة طرابلس، شمال لبنان، وبالتأكيد من يعرف نشأتي لا يمكنه أن يتخيّل أبداً مستقبلي، فهما مختلفان تماماً. نشأتُ في عائلة عادية جداً، والدي توفي منذ كان عمري أربع سنوات، فانتقلت بعدها الى مدرسة داخلية، وعشت فيها لغاية وصولي إلى مصر وأنا في سنّ المراهقة تقريباً. حينها، دخلت فوراً مجال الفن. طفولتي لم تكن سعيدة بأي شكل من الأشكال، لكنها تجربة جعلتني أكثر عمقاً وتأملاً في الدنيا، والله عوّضني كثيراً عن تلك الحياة، إذ إن بدايتي كانت مع العظيمة سعاد حسني.
أما في مرحلة الدراسة الثانوية، فكنت قد أصبحت وقتها نجمة مشهورة جداً، لذلك كنت مختلفة تماماً عن أي شخص آخر. فخلال تلك المرحلة، عملت في فيلمَي «الراعي والنساء» و«ديسكو ديسكو»، ومسلسل «ذئاب الجبل». لكن رغم ذلك، اجتهدت وثابرت وأكملت دراستي الثانوية بنجاح، مع كل ما في ذلك من إرهاق وصعوبات.

-ما الذي جذبك في زوجك وائل الدجوي؟
 في البداية، عشنا كصديقين لفترة قاربت الـ 9 سنوات قبل الزواج. فوائل كان صديق شقيقي وبيننا عِشرة عمر، وقد لفتني فيه أنه طيب وحنون. وبالنسبة إليّ، الطيبة والحنان هما أهم الميزات لدى أي رجل.

-هل انطلقت شرارة الحب منذ بدء تعارفكما؟
 لا، لم يحصل شيء من هذا القبيل.

-ماذا كان رد فعلك حين صارحك وائل برغبته في الزواج منك؟
 بصراحة، استغربت في البداية وأحسست بأن ارتباطي به صعب لأننا صديقان منذ زمن. لكن بعد طول تفكير رأيت أن هذه الصداقة ربما تجعلنا نعيش حياة هادئة، إذ كنت بحاجة الى الزواج بشخص يفهمني ويعرف طبيعتي، لا من رجل غريب لا يعرف شيئاً عن حياتي.

-ما أول هدية قدّمها لك وائل؟
أهداني ثياباً، وقد استغربت ذلك، لا سيما أنه عرف تماماً اختياري في الملابس. علماً أنني لا أزال أحتفظ بهذه الثياب الى اليوم.

-وهديتك الأولى له؟
كانت عطراً أعجبني كثيراً وأهديته إياه.

-الجميع يعلم أن بدايتك كانت صاروخية مع ثلاثة من عمالقة الفن المصري: سعاد حسني وأحمد زكي ويسرا، من خلال فيلم «الراعي والنساء»، فكيف كان شعورك كفتاة مراهقة لا تعلم أبجديات الفن، ووجدت نفسها فجأة بين هؤلاء العمالقة؟
بوجودي وسط هؤلاء العملاقة، شعرت بأن الله قد عوّضني عن أشياء كثيرة افتقدتها، خصوصاً أنني لعبت دوراً يوازي أدوارهم في الأهمية، فكل هذا كان ترتيباً لم يكن لي يد فيه إطلاقاً، في وقت لم أكن أحلم حتى بأن أصوّر إعلاناً في مصر، فما بالك بمشاركتي في فيلم مع أهم نجوم مصر آنذاك، حيث كنت لا أزال في الخامسة عشرة من عمري!

-هل صحيح أن سعاد حسني قالت إنك ستكونين سبباً في فشل الفيلم؟
(تضحك)، هي قالت ذلك فعلاً، لكنها في ما بعد طلبت التحدّث إليّ، وهذا ما قالته لي: «إنتِ عارفه أنا كنت باقول إيه لعلي بدر خان، مخرج الفيلم، لما شفتك أول مرة، قلت إنك حتسقّطي الفيلم ده وبأنك ما تنفعيش، هات وحده غيرها وفكّر في بديل لحد بكره، وعارفة قلت كده للمخرج لأني شفتك بنت خايفة أوي باكلّمك ما بترديش...». وبصراحة، كنتُ فعلاً أتصرف على هذا النحو، لأنني كنت مبهورة بسعاد حسني، وطفلة تحلم طوال عمرها بها وتعشقها، وفجأة تجد نفسها أمامها. حين سمعت هذا الكلام شعرت بالإحباط الشديد. لكن ما أثلج قلبي أن سعاد حسني عادت وقالت لي: «إنت بتفكريني بنفسي»، مما أثّر فيّ، وما زلت أتذكّر هذه الجملة إلى اليوم.

-ماذا عن أحمد زكي الذي قال لك إن فتاةً في مثل سنّك حصدت وقتها الأوسكار، وأنك لست أقلّ منها؟
فليرحمه الله، بالتأكيد قال لي هذا الكلام، ولم أكن أفهم آنذاك معنى كلمة «أوسكار»، لكن رغم ذلك كان كلامه مشجعاً لي. والمفارقة، أنني حين شاركت في فيلم «الراعي والنساء»، كان يُقام في مصر مهرجان اسمه «أوسكار السينما المصرية»، وقد حصلت فيه على جائزة عن الفيلم نفسه، ولدى تسلّمي الجائزة، نظرت إلى أحمد زكي وذهبت إليه، وكان أول شخص أُصافحه وأقول له: «الأوسكار أهيه اللي وعدتك بيها».

-آنذاك، ظهرت معك حنان ترك في فيلم يتناول قصة «الراعي والنساء» نفسها، وقيل وقتها إن المنافسة بينكما كانت على أشدّها رغم اعتراف حنان بأنك محظوظة بهذه البداية أكثر منها!
حنان ترك أقرب ممثلة إلى قلبي، وأنا أحبها كثيراً. وفي الواقع، ذكرت حنان أمامي مراراً أنني أكثر حظاً منها، وهذه حقيقة، لأن «الراعي والنساء» كان أقوى، وقد حسدني الجميع على أن أول أعمالي الفنية كان فيلماً من بطولة سعاد حسني وأحمد زكي ويسرا، وأي وجه جديد كان يحلم بالعمل مع هؤلاء العمالقة، لذلك رأيت أنني أكثر حظاً من حنان ترك، لا سيما أن فيلم «الراعي والنساء» أحدث يومها ضجة كبيرة مقارنةً بفيلم «رغبة متوحشة» الذي عملت فيه حنان ترك مع نادية الجندي ومحمود حميدة وسهير المرشدي. لكن حنان كانت أكثر ذكاءً مني.

-لكن حنان ترك استمرت في التمثيل وراوحتِ أنتِ ما بين الظهور والاختفاء!
 السبب هو أن حنان أكملت مشوارها الفني بدقة ونجاح، أما أنا فقد اختفيت لفترة بسبب تعلّقي الشديد بالدراسة، فهي كانت الأهم بالنسبة إليّ، وهذا يعود الى شخصيتي ونشأتي الصارمة، لذلك اختلفت الموازين بيني وبين حنان، التي اهتمت بالفن أكثر مني. والنتيجة أنها أكملت المسيرة وقتها وحصدت النجومية، أما أنا فكنت أظهر وأختفي، بما يتوافق مع دراستي، إلا أن كلاً منا حصدت الاهتمام الذي كانت تتمناه.

-أيضاً في بداياتك، كان الجمهور يلتبس بينك وبين الفنانة دنيا عبدالعزيز لوجود بعض الشبه بينكما. ألم تضايقك مقارنة الجمهور بينك وبين بعض بنات جيلك مثل حنان أو دنيا؟
بالفعل هناك بعض الشبه بيني وبين دنيا، مع أنك لو دقّقت في ملامحنا أو قارنت بين صورتين لنا، ستجدنا مختلفتين تماماً، لكن أسلوبنا كان تقريباً واحداً. مثلاً في بداياتي كان الناس يشبّهونني بشريهان، لناحية شكل الوجه والشعر الطويل، وأنا ودنيا كان شعرنا طويلاً أسود وجسمانا متشابهين.

-نعود الى بداياتك، فقد فوجئ الجمهور باختفائك في أوجّ شهرتك بسبب دراستك في معهد السينما- قسم الإخراج، وخلال غيابك ظهرت فنانات كثيرات، هل أفادتك الدراسة أم أضرّت بك وأخرّت ظهورك الفني؟
بعد مسلسل «ذئاب الجبل»، كنت قد أصبحت في الثانوية العامة، وكان لزاماً عليّ أن أختار أي جامعة، لذلك دخلت فوراً معهد السينما لدراسة الإخراج لأنني دخلت الفن في سنّ صغيرة جداً، وكنت أذهب الى موقع التصوير من دون أن أفهم ما يدور حولي، وأشعر بأن الدراسة ستفيدني في ذلك. أما بالنسبة الى اختفائي أثناء الدراسة، فالسبب أنني لم أكن أتوقعها بهذه الصعوبة، فأضرّت بي كممثلة لأنني اضطررت للاختفاء وأنا في قمة الشهرة، والتي حققتها في مسلسل «ذئاب الجبل». لكن في النهاية، أفادتني الدراسة في عملي، لا سيما أنني تخرجت في الوقت والعمر المناسبين.

-لكن خلال كل هذه السنين، لم يشاهد الجمهور أي عمل من إخراج ميرنا وليد!
لأنني لم أدرس الإخراج كي أصبح مخرجة، بل لأنني خضت غمار التمثيل وأنا في سنّ صغيرة جداً، ولم أكن أعي ما يدور حولي في موقع التصوير من إضاءة وزوايا وتصوير وتفاصيل كثيرة... فأحببت فهم كل هذه الأمور من خلال الدراسة، التي أفادتني وصقلت موهبتي وأكسبتني المزيد من الخبرة في التمثيل. وإذا فكرت في العمل في الإخراج يوماً ما، سيكون ذلك بعد اعتزالي التمثيل أو بعد تقدّمي في السنّ.

-كيف رأيت دنيا أخيراً في مسلسلها «ظل الرئيس»، حيث قيل إنه تم اكتشافها من جديد من خلال دور «فريدة»؟
لا شك في أن دور دنيا في «ظل الرئيس» كان جميلاً، لكن مَن تم اكتشافه فعلاً في هذا المسلسل هو الفنان ياسر جلال، لأنه دوره كان لافتاً جداً. وبالنسبة الى دنيا، أعيد وأكرر أن دورها كان فعلاً رائعاً، لكن لم تكن مساحته «في ظل الرئيس» كافية لكي تُكتشف من جديد مثل ياسر جلال.

-«قصة الأمس» شكّل لكِ عودة قوية ونجومية جديدة وضخمة، لكن أيضاً اختفيت بعد نجاحك المدوّي في هذا المسلسل!
صحيح، لأنني بعد هذا المسلسل تزوجت وأنجبت فوراً ابنتي «مريم»، لذلك ابتعدت وقتها عن الفن قليلاً. وبصراحة، أنا بطبيعتي أركز دائماً في حياتي الشخصية أكثر من تلك الفنية، وهذا ما أخّرني فنياً وأعرف ذلك جيداً. لكن اليوم، أستطيع التركيز والعودة بقوة الى التمثيل بعد أن كبرت بناتي وأصبحن في المدرسة.

-افتقدك الجمهور كثيراً بعد هذا المسلسل، لماذا لم نشاهدك في عمل جديد بعد؟
عائدة قريباً وبقوة بإذن الله.

CREDITS

تصوير : أحمد عابد

شعر: كريم محمد

مكياج : رنا حلبي