تعرفي إلى الاكتئاب

محاربة الإكتئاب, عيسى حموتي, طلاق, مشكلة / مشاكل نفسية, سوء التغذية, مراهق / مراهقون, الفاكهة / الفواكه, العامل الوراثي, نشاط جسدي, خضار, الوراثة, علاج نفسي, إرادة, العلاقات الإجتماعية, مقاومة ومعالجة الإكتئاب, الركض, الكآبة, الأدوية المنوّمة, نبات ا

22 ديسمبر 2009

يتعرض ملايين الأشخاص حول العالم للاكتئاب في كل عام، لكن معظمهم يبقون من دون علاج لسوء الحظ. والمؤسف أن هذا المرض قد يعاود بنسبة مرتفعة وبخطورة أكبر، مما يفضي إلى عواقب وخيمة...

تشير الإحصاءات إلى أن ٢٠ في المئة تقريباً من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين ١٥ و٧٥ عاماً يعانون من الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم. وتظهر هذه الإحصاءات أن الاكتئاب شائع عند النساء (٢٠ إلى ٢٥ في المئة) مرتين أكثر مما هو عند الرجال (٧ إلى ١٢ في المئة)، لكن هذا الفارق يختفي بعد عمر ٥٥ عاماً وتصبح النسب متوازية تقريباً.
ثمة تأثير وراثي كبير في الاكتئاب، رغم أنه لا توجد جينة محددة للاكتئاب. فالأشخاص الذين يكون أحد أهلهم (الأب أو الأم أو الإخوة أو الأخوات أو الأولاد) مصاباً بالاكتئاب يكونون بدورهم عرضة للاكتئاب أكثر من بقية الأشخاص. والمؤسف أن ٧٠ في المئة من الأشخاص الذين ينتحرون يعانون من اكتئاب، غير مشخص في أغلب الأحيان أو غير معالج بطريقة جيدة.

إليك لمحة عن بعض المعتقدات الشائعة المرتبطة بالاكتئاب، والتي نميز في ما يلي بين الصح والخطأ فيها.

يجب عدم خلط الكآبة مع الاكتئاب
صح.  فالكآبة هي مشكلة عاطفية عابرة ناجمة عن حدث معين في الحياة، مثل الموت أو الطلاق أو البطالة... أما الاكتئاب فيستمر لفترة طويلة، كل يوم تقريباً وطوال النهار، ويسبب ألماً عميقاً جداًَ. لذا، عند الشعور بتعب مستمر من دون أي سبب ظاهري له، أو الإحساس بغياب الحافز أو الاهتمام، أو الإحساس بحزن دائم ومستمر، يجب التفكير في الاكتئاب والتوجه إلى الطبيب المتخصص لطلب المساعدة، لاسيما عند وجود أعراض أخرى: مشاكل في التركيز أو الانتباه، أوجاع جسدية، مشاكل في النوم، أو أفكار انتحارية...

أملك الإرادة وأستطيع التخلص من الاكتئاب لوحدي
خطأ. فالإرادة لوحدها لا تكفي للتخلص من الاكتئاب، خصوصاً وأن هذا المرض يترافق مع اضطراب في عمل الدماغ، يؤثر في الشخصية والجسم على حد سواء. بالفعل، قد يسبب الاكتئاب إحساساًَ بالحط من قيمة الذات وأفكاراً سلبية يستحيل على المرء محاربتها لوحده من دون مساعدة. لذا، يعتبر العلاج الطبي ضرورياً جداً، حتى لو كان يصعب أحياناً تقبل هذه الفكرة.

لا يمكن الشفاء أبداً من هذا المرض
خطأ. فالشفاء الكامل والطويل الأمد ممكن، رغم أن خطر معاودة المرض كبير هو أيضاً. بالفعل، تعود أعراض الاكتئاب للظهور مجدداً في خمسين في المئة من الحالات، ولذلك تبرز الحاجة إلى معالجة المرض فور ظهور أعراضه. بالفعل، كلما تأخرنا في زيارة الطبيب الاختصاصي، ازداد احتمال معاودة المرض مرة جديدة ، وبات الاكتئاب أكثر صعوبة على المعالجة.

إذا تلقيت العلاج، لن أبقى كما أنا
صح وخطأ. فمضادات الاكتئاب قد تسبب تأثيرات جانبية مزعجة نوعاً ما، مثل أوجاع الرأس، والغثيان، والعصبية، والأرق، والاضطراب وحتى فقدان الرغبة الجنسية. إلا أن هذه الأعراض تخفّ وتختفي بعد أسابيع قليلة في أغلب الأحيان. إذا لم يحصل ذلك واستمرت الأعراض المزعجة، قد يقترح الطبيب مضاداً للاكتئاب له التأثير العلاجي نفسه وإنما من دون التأثيرات الجانبية المزعجة.

مضادات الاكتئاب تسبب الإدمان
خطأ. فعلى عكس مضادات القلق أو الأدوية المنوّمة المعالجة للأرق، لا تسبب مضادات الاكتئاب الإدمان. في المقابل، إذا أوقفت العلاج فجأة، يمكن أن تظهر أعراض مثل القلق أو التعب أو المشاكل الهضمية أو أوجاع الرأس... إضافة إلى الأرق والعصبية. لذا، من المهم التوقف تدريجياً عن تناول مضادات الاكتئاب تحت إشراف طبيب متخصص.

نبات الأوفاريقون (Millepertuis) يمكن أن يحلّ مكان الأدوية
خطأ. فنبات الأوفاريقون (Millepertuis) يستخدم تقليدياً لمعالجة حالات الاكتئاب الخفيفة والعرضية، ويمكن اعتباره بمثابة علاج قصير الأمد لحالات الكسل المترافقة مع فقدان الاهتمام ومشاكل النوم. إلا أن نبات الأوفاريقون ليس على الإطلاق علاجاً لنوبات الاكتئاب المهمة، مع الإشارة إلى أنه قد يتفاعل بشكل خطير مع أدوية معينة، ومنها بعض مضادات الاكتئاب، ولذلك يجب استهلاكه بطريقة معتدلة وتحت إشراف اختصاصي.

ممارسة الرياضة بانتظام تتيح الحؤول دون معاودة المرض
صح. فقد أظهرت دراسات عدة أن ممارسة أي نشاط جسدي يزيد القدرة التنفسية مثل المشي السريع، أو الركض، أو الركوب على الدراجة الهوائية، أو السباحة، تسهم في التخفيف من أعراض الاكتئاب الخفيفة إلى المعتدلة وتحول دون ظهورها من جديد. يتحدث الاختصاصيون عموماً عن خمس جلسات من التمارين أسبوعياً، على أن تستمر الجلسة الواحدة ٣٠ إلى ٤٠ دقيقة تقريباً، أو ثلاث جلسات أسبوعياً على أن تستمر الجلسة الواحدة خمسين إلى سبعين دقيقة. وبعد مرور فترة على ممارسة التمارين بشكل منتظم، يفترض أن تختفي أعراض الاكتئاب بسرعة.

ثمة علاجات طبيعية غير مضادات الاكتئاب
صح. بالفعل، يقترح الأطباء أحياناً علاجات أخرى غير مضادات الاكتئاب، مثل العلاج الضوئي، في حال المعاناة من الاكتئاب الموسمي، لأن هذا النوع من الاكتئاب مثلاً ناجم عن قلة التعرض للضوء الطبيعي خلال الشتاء. هكذا، يقوم العلاج الضوئي على تعريض المريض لكمية معينة ونوعية محددة من الضوء بواسطة مصباح خاص، علماً أن هذا التعرض للضوء الاصطناعي يمكن أن يتم في المنزل أو العيادة أو المستشفى حسب خطورة الاكتئاب.

التغذية تؤدي دوراً في الوقاية من الاكتئاب
صح. ندرك جميعاً أهمية تناول خمس حصص من الفاكهة والخضار كل يوم. وتصح هذه النظرية أيضاً للوقاية من الاكتئاب. إلا أن الدراسات أثبتت أيضاً أهمية استهلاك الأسماك وثمار البحر، والزيوت النباتية (مثل زيت الزيتون...) والحبوب الكاملة. فهذه الأطعمة غنية بالأحماض الدهنية الأساسية، مثل أوميغا ٣، والفيتامينات B6 وB12 والفولات (الفيتامين B9)، وتؤثر في إفراز السيروتونين، الهرمون المسؤول عن تنظيم المزاج.

العلاج النفسي كافٍ لمعالجة الاكتئاب
خطأ. فالعلاج النفسي لوحده لا يستطيع الشفاء من نوبة اكتئابية مهمة. بالفعل، تبرز الحاجة إلى العلاج بالأدوية للسيطرة على الأعراض وجعلها تختفي شيئاً فشيئاً. لكن الاختصاصيين يوصون غالباً بعلاج نفسي مترافق مع العلاج بالأدوية، سواء تمثل هذا العلاج النفسي بعلاج إدراكي-سلوكي أو تحليلي، خصوصاً في حال وجود اضطرابات في الشخصية، أو عيش أحداث مؤلمة أو قادرة على توليد أوضاع متناقضة. وأثبت عدد كبير من الدراسات أن الجمع بين العلاج بالأدوية والعلاج النفسي أكثر فاعلية عند ٨٠ في المئة من المرضى.

يجب تناول مضادات الاكتئاب لفترة طويلة حتى تكون فعالة
صح. فنظراً لتعقيد آليات عمل هذه الأدوية، يجب الانتظار غالباً أسابيع عدة- أربعة أسابيع أو أكثر أحياناً- لملاحظة الفوائد والتأثيرات. ويقول الأطباء إن علاج نوبة الاكتئاب يحدث على مرحلتين: المرحلة الأولى هي مرحلة الهجوم التي تختفي فيها الأعراض شيئاً فشيئاً، وتستمر شهراً إلى ثلاثة أشهر. والمرحلة الثانية هي مرحلة التوطيد، التي تكون الأعراض قد اختفت خلالها، وتستمر أربعة إلى ستة أشهر. إلا أن وقف العلاج، وهو أمر شائع خلال المرحلة الثانية، يزيد من خطر ظهور الأعراض مجحداً ومعاودة المرض.

المراهقون معرضون أيضاً للاكتئاب
صح. فقد أظهرت الدراسات أن ١ في المئة من الأولاد يعانون من الاكتئاب قبل سن البلوغ، لكن الأمور تصبح أكثر سوءاً بعد عمر ١٣ عاماً. فقد تبين أن ١٫٥ إلى ٣ في المئة من المراهقين، ولاسيما الفتيات المراهقات، يعانون من اكتئاب مهم. والمؤسف أنه يصعب تشخيص الاكتئاب في سن المراهقة نظراً للأعراض غير النظامية، بحيث تتجلى هذه الأخيرة على شكل فرط في الشهية، أو فرط في النعاس، أو فرط في التفاعل مع البيئة المحيطة، إضافة إلى مشاكل في السلوك وأعراض قلق. وفي هذه المرحلة من الحياة، أي في مرحلة المراهقة، يفضي الاكتئاب إلى العديد من العواقب الوخيمة، مثل تدهور الأداء المدرسي، وتبدل العلاقات الاجتماعية والعائلية، والاستهلاك المفرط للكحول والمخدرات، والكشف عن أفكار انتحارية... ولسوء الحظ، يحصل الانتحار عند ٤ في المئة من المراهقين المكتئبين، ويعود للظهور مرة جديدة عند ثلث المراهقين المكتئبين في غضون السنة الأولى مع نسبة وفيات تصل إلى ٢ في المئة.