النساء أكثر إصابة بالإكتئاب المرضي

محاربة الإكتئاب, التوتر, الحزن, التعب, العامل الجيني, الرياضة

15 يونيو 2010

الشعور بالوحدة وعدم الرغبة في الخروج والحزن والتعب... أعراض قد تصيب أيا منا من حين إلى آخر. لكن ماذا إذا رافقتنا هذه الأعراض مجتمعة لفترة طويلة بحيث نصير عاجزين عن مواصلة حياتنا الطبيعية والعمل بشكل طبيعي والتعامل مع الآخرين؟ عندما يتغلّب علينا الشعور بالحزن الشديد والإرهاق وغيرهما من الأعراض المرافقة لمدة لا تقل عن أسبوعين، لا بد من الإقرار بأننا نعاني حالة الاكتئاب المرضي الذي يتطلب العلاج والمساعدة. صحيح أننا في كثير من الأحيان نمزج ما بين الحزن أو التوتر والاكتئاب المرضي بحيث يقال في لغتنا العامية أن الشخص مكتئب لمجرد ظهور علامات الحزن عليه. لكن لتشخيص حالة الاكتئاب المرضي لا بد من توافر شروط معينة. وفي هذه الحالة يحتاج المريض غالباً إلى مساعدة نفسية إلى جانب العلاج بالأدوية. الاختصاصية اللبنانية في العلاج النفسي العيادي والمعالجة النفسية كارول شاراباتي تحدثت عن الاكتئاب المرضي، مشيرةً إلى أن العلاج بالأدوية يكون ضرورياً غالباً إلى جانب العلاج النفسي  لتكون المعالجة فاعلة، ولا وجود لخطر إدمان الأدوية المعالجة للاكتئاب.


- كيف يمكن التعريف بالاكتئاب؟ وكيف يمكن التمييز بين الاكتئاب المرضي وأي توتر عابر أو حزن؟
يقتضي الاكتئاب المرضي الإصابة بعدد من أعراض الاكتئاب يومياً لمدة لا تقل عن أسبوعين. عندها يمكن القول إن الشخص مصاب بالاكتئاب المرضي. وفي هذه الحالة يلاحظ المحيطون أن المريض يعاني مزاجاً كئيباً بشكل يومي.

- ما أهم الأعراض التي تشير إلى الإصابة بالاكتئاب المرضي؟
أهم أعراض الاكتئاب المرضي قلّة التركيز وقلّة الثقة بالنفس والتردد في اتخاذ القرارات والتغيّرات في نظام النوم كالأرق أو كثرة النوم، والتغيّرات في الشهية كزيادة الشهية أو على العكس انقطاعها.  إضافةً إلى التعب وبطء الحركة وعدم الرغبة في القيام بأمور يحبّها المريض عادةً أو ممارسة هواياته المعتادة. كما قد تراود من يعاني الاكتئاب المرضي أفكار لها علاقة بالموت والانتحار، تختلف حدّتها بحسب درجة الاكتئاب لديه، علماً أن الاكتئاب قد يكون بدرجة خفيفة أو متوسطة أو قوية.

- هل من أسباب معروفة للاكتئاب وهل صحيح أن للعامل الجيني علاقة بالإصابة به؟
ثمة عوامل عدة مسببة للاكتئاب. ولا شك أن للجينات علاقة مهمة بذلك، علماً انه ثمة عوامل خارجية تؤثر وأخرى نفسية أو شخصية ترتبط بطبيعة الشخص وشخصيته التي تعطيه استعداداً أكبر للإصابة بالاكتئاب. أما العامل الاقتصادي فليس مسبباً، إلا أنه قد يلعب دوراً إذا كان لدى الشخص استعداد للإصابة بسبب العوامل الجينية التي تجعله أكثر عرضة.

- يُلاحظ أن المرأة أكثر عرضة للإصابة، ما السبب؟
صحيح أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب المرضي، اذ أن ثلثي المصابين بالاكتئاب من النساء. لكن حتى الآن لا يُعرف السبب لإصابة النساء أكثر من الرجال.

- هل العلاج بالأدوية ضروري في كل الحالات؟
لا يوصف الدواء في كل الحالات. وأفضل العلاجات هو ذاك الذي يجمع بين المساعدة النفسية والدواء. فالدواء وحده قد لا يكون كافياً، كما أن المساعدة النفسية لا تكفي وحدها أحياناً. لكن أحياناً إذا كانت درجة الاكتئاب خفيفة ، يمكن الاستغناء عن الدواء والاكتفاء بالمساعدة النفسية.

- ما دور المساعدة النفسية في هذه الحالة؟
يساعد العلاج النفسي المريض على معرفة سبب مرضه والتأقلم مع أعراضه. كما يسمح له بمعرفة نفسه بشكل أفضل ليتمكن من تغيير الأمور التي أدت إلى وصوله إلى هذه الحالة ويولّد لديه توازناً في التفكير.

- هل تظهر فاعلية الدواء مباشرةً؟
يحتاج الدواء إلى مدة لا تقل عن أسبوعين أو ثلاثة حتى تظهر فاعليته.

- هل يوصف الدواء لفترة طويلة دائماً وكيف يتم وقفه؟
يوصف الدواء لمدة ستة أشهر بشكل عام. لكن هذه المرحلة تعتبر حساسة ويجب عدم وقف الدواء فجأة أو قبل انتهائها حنى لا تعود حالة الاكتئاب.

- هل يمكن الشفاء نهائياُ من الاكتئاب المرضي؟
الاكتئاب مرض يمكن الشفاء منه لكن لا شفاء تاماً قبل انتهاء مدة العلاج.

- إذا كانت العوامل الخارجية مسببة للاكتئاب، ما فائدة العلاج بالدواء؟
عندما تكون العوامل الخارجية مسببة للاكتئاب المرضي، غالباً ما يتم اللجوء إلى العلاج النفسي فيكون هو الحل. أما الدواء فيكمن دوره في إعادة التوازن في الهرمونات نظراً إلى حصول خلل فيها في حال الإصابة بالاكتئاب.

- هل يمكن أن يصف المعالج النفسي الدواء للمريض؟
الطبيب النفسي وحده مسؤول عن وصف الأدوية وزيادة الجرعات ولا يمكن أن يصفها المعالج النفسي أبداً. ينسق الطبيب النفسي مع المعالج النفسي ويتابعان معاً حالة المريض، كل بحسب دوره.

- يخشى الناس عادةً تناول الأدوية المعالجة للاكتئاب لاعتبارها تسبب إدماناً، ما مدى صحة ذلك؟
ليس صحيحاً أن الأدوية المعالجة للاكتئاب تسبب إدماناً. في الواقع، هذه من الأفكار الخاطئة التي يتداولها الناس، حيث يفضّل من يصاب بالاكتئاب اللجوء إلى المهدئات وتلك التي تساعد على النوم بدلاً من اللجوء إلى الطبيب وتناول الأدوية المعالجة للاكتئاب. في الواقع تلك المهدئات هي التي تسبب إدماناً ويصعب التخلّص منها. أما أدوية الاكتئاب فلا تسبب إدماناً على الإطلاق.

- هل التعرّض للاكتئاب مرة يجعلنا أكثر عرضة للإصابة به مرةً أخرى، حتى في حال الشفاء منه؟
كل من يصاب مرةً بالاكتئاب يعتبر أكثر عرضة للإصابة مجدداً ، حتى بعد الشفاء، خصوصاً لدى وجود حالات في العائلة لأن الوراثة تلعب دوراً في ذلك. ففي حال إصابة الأم أو  الأب يكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة. ولاشك انه إذا عولجت الحالة بالشكل المناسب وبالدواء الملائم، يتدنى احتمال الإصابة مجدداً . لكن في حال تناول المريض الدواء فقط دون أن يتضح ما حصل له ودون أن يعرف طرق مواجهة هذه العوامل التي أوصلته إلى هنا، يزداد خطر إصابته مجدداً إذا واجه العوامل نفسها التي ساهمت في إصابته مرةً كونه لا يحسن التعامل مع المسببات. كما أنه يكون أكثر عرضة من الأشخاص الذين لم يسبق أن أصيبوا بالاكتئاب.

- إلى أي مدى يمكن أن يساعد المحيطون المريض على التخلّص من حالة الاكتئاب؟
إذا كان الشخص عرضة للإصابة بالاكتئاب، لا يمكن أحدا أن يلغي هذا الواقع. فإذا كان المريض يعاني اكتئاباً، لا يجوز للمحيطين أن يطلبوا منه القيام بجهد للتغلّب على الاكتئاب أو ممارسة الرياضة  لأنه يكون عاجزاً عن القيام بهذه الأمور ومجرّد طلبها منه يزعجه ويجعله أكثر اكتئاباً. إذ يعجز المريض عن التركيز أو عن ممارسة هواياته أياً كانت. كما أنه يعجز عن التركيز في القراءة، مما يؤثر في عمله.

- هل من إجراءات معينة يمكن اتخاذها في نمط الحياة لمكافحة الاكتئاب؟
تعتبر ممارسة الرياضة مفيدة في محاربة الاكتئاب كونها تسمح برفع مستويات هرمونات تنخفض لدى الإصابة بالاكتئاب. كما انه من المهم اتباع نظام غذائي صحي والخروج مع الأصدقاء للتسلية حتى لا يشعر المريض بالوحدة، خصوصاً أن لاكتئاب يولّد لديه شعوراً بقلة الثقة بالنفس والخجل مما يجعله ميّالاً الى الانعزال.

- هل من سن معينة نكون فيها أكثر عرضة للاكتئاب؟
يمكن الإصابة بالاكتئاب في أي سن. حتى أن الطفل قد يصاب بالاكتئاب. لكن في حال الإصابة في سن تراوح بين 30 سنة و40، ترتفع احتمالات تكرار الحالة.