التهاب المفاصل التلقائي الشامل يصيب الأطفال بتشوهات لا عودة عنها

السباحة, صحة الطفل / الأطفال, الوراثة, إلتهاب مفاصل العظام, الروماتيزم, تشوه, مرض الطفل / أطفال, الماء الأزرق

14 سبتمبر 2010

يصعب، في كثير من الأحيان تشخيص مشكلة يعانيها الطفل كونه يعجز عن التعبير عما يحس به من ألم أو أعراض. ومن الأمراض التي تظهر في سن مبكرة وتؤدي إلى نتائج خطيرة لا يمكن الرجوع عنها، التهاب المفاصل التلقائي الشامل الذي يعتبر أحد أنواع الروماتيزم التي قد تظهر لدى رضيع من الأشهر الأولى وتستمر سنوات في حال عدم معالجتها. التشوه الذي قد ينتج عن التهاب المفاصل التلقائي الشامل نهائي ولا عودة عنه، مما يدعو إلى توعية الأهل ليكونوا شديدي الحرص مع أطفالهم لئلا يصل مرضهم إلى مراحل متقدمة تصعب فيها المعالجة. الطبيبان اللبنانيان الاختصاصيين في أمراض الروماتيزم عماد عثمان ونيللي زيادة تحدثا تفصيلاً عن المرض وآخر ما توصلت إليه الأبحاث في هذا الشأن وأحدث العلاجات التي تساهم في عودة الأطفال المرضى إلى حياتهم الطبيعية.

في أحد الأيام، بدأت الطفلة نور تشعر بألم في ذراعها في موضع المرفق. وبعد فترة قصيرة بدأ الموضع يتورم، فأخذتها والدتها لاستشارة أحد الأطباء الذي أكد لها أن المشكلة ناتجة عن سقوط نور، فيما كانت الأم تؤكد أن طفلتها لم تسقط. وبناء على إصرار الطبيب خضعت نور لعملية في ذراعها، ما أن انتهت حتى بدت ساقها تتورم. عندها لجأت والدتها إلى طبيب اكتشف أنها تعاني التهاب المفاصل التلقائي الشامل الذي يصيب الأطفال. لكن مع الوقت، وعلى أثر خضوعها للعلاج بالكورتيزون أصيبت عينا نور بالماء الأزرق. فكان من الصعب متابعة العلاج نفسه لها، وفي الوقت نفسه كانت تعاني أعراض المرض. كل هذه المشاكل منعتها من الذهاب إلى المدرسة كغيرها من الأطفال ولم تكن قادرة على متابعة حياتها الطبيعية بسبب الآلام والمشكلات التي تعانيها. أما اليوم، وبعدما تلقت العلاج المناسب فقد عادت إلى حياتها الطبيعية وهي تعي مرضها جيداً واستعادت ثقتها بنفسها وعادت تتابع دراستها كأي طفل آخر.

- كيف يمكن التعريف بالتهاب المفاصل التلقائي الشامل عند الأطفال؟
يعتبر التهاب المفاصل التلقائي الشامل الذي يصيب الأطفال أحد أنواع التهاب المفاصل التلقائي. وهو عبارة عن مجموعة من الأعراض التي تميّز التهاب المفاصل المزمن لدى الطفل. علماً أنه يصيب 100 طفل من مئة ألف.

- إلى أي مدى تلعب الوراثة دوراً في الإصابة بالمرض؟
السبب الرئيسي للإصابة بالمرض هو العامل الوراثي. لكن ليس ضرورياً أن يكون االوالدان قد أصيبا بالنوع نفسه من التهاب المفاصل. ومن الأسباب أيضاً الإصابة بفيروس، إضافةً إلى عوامل أخرى خارجية.

- هل من أعراض واضحة قد تشير إلى احتمال إصابة الطفل به، خصوصاً أنه قد يتشابه مع أمراض أخرى؟
لا شك في أن تشخيص التهاب المفاصل التلقائي الشامل يعتبر صعباً لدى الطفل لأنه يكون عاجزاً عن التعبير عن انزعاجه أو ألمه. لكن قد تلاحظ الأم تغييراً في تصرفات الطفل أو ارتفاعاً مزمناً في الحرارة ثم انخفاضاً فيها دون سبب واضح. بشكل عام يختلف هذا المرض عن أنواع أخرى من التهابات المفاصل نظراً لأعراضه الشاملة الحادة. فمن أعراضه ارتفاع الحرارة والطفح الجلدي والتورّم في مفصل أو أكثر. كما قد تظهر أعراض أخرى كفقر الدم وتورّم الكبد والتهاب الغشاء الذي يحيط بالقلب والرئتين. كما يجب أن ينتبه الأهل لأنه تحصل أحياناً أنواع أخرى من التغيرات وقد لا يتنبهون لها، كالتغيرات في تصرفات الطفل .

- هل يمكن أن يظهر في سن مبكرة؟
قد يظهر التهاب المفاصل التلقائي الشامل في سن مبكرة جداً بدءاً من الأشهر الأولى حتى سن 16 سنة. ويصل المرض إلى ذروة انتشاره بين 18 شهراً وسنتين، إلا أنه قد يستمر حتى البلوغ. والأهم هو السيطرة على المرض حتى يتوقف قبل أن تحصل أضرار لا رجوع عنها.

- كيف يتطور المرض وما تأثيراته في المدى البعيد؟
يتطوّر المرض لدى نصف المرضى ويصبح مزمناً. كما أنه يترك نسبة 50 في المئة من الأطفال المصابين مع إعاقة بالغة. كما قد يؤثر في النمو العاطفي والحالة النفسية للطفل المصاب. إضافةً إلى آثاره السلبية على الدراسة كونه يشكل عائقاً، خصوصاً أن الدراسات قد أظهرت أن الأطفال المصابين بهذا المرض يميلون إلى الانعزال عن المجتمع.

- هل يتشوه المفصل في المرحلة الأولى من المرض؟
لا يحصل التشوه بسرعة، وفي حال التشخيص المبكر قد لا يحصل أي تشوه.

- هل يسمح العلاج بالتخلص نهائياً من المرض؟
يشفى بعض الأطفال بعد مرحلة تمتد من سنتين إلى أربع سنوات، فيما يتعرّض آخرون لصعوبات أكبر. حتى أن المرض يزداد حدةً لدى البعض في مرحلة البلوغ على الرغم من العلاج. ويقدّر معدل الوفيات في هذا المرض بما بين 2 و4 في المئة. كما أنه ثمة حالات لأطفال مرضى تمكنوا من الشفاء عند المراهقة.

- هل تطول مدة العلاج؟
تطول مدة العلاج بحسب حدة المرض . علماً أنه ثمة أدوية تخفي الأعراض كأدوية الالتهاب والكورتيزون وأخرى توقف تطوّر المرض. وقد ثبت خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لمكافحة الروماتيزم أن علاج Tocilizumab شديد الفاعلية في تحسين أعراض المرض وآثاره لدى الأطفال الذين يعانونه.

- هل تستمر أعراض المرض طوال الوقت؟
قد تزول الأعراض ثم تعود، وقد يتطور المرض ويبقى موجوداً.

- هل تختفي كل آثار المرض عند الشفاء منه؟
تكمن المشكلة في أن ثمة حالات يكون المفصل قد تشوّه فيها والتوى على أثر الإصابة بالمرض. وهذا ما تصعب معالجته، وبالتالي لا عودة إلى الوراء في هذه الحالة. كما تجدر الإشارة إلى آثار المرض ليست صحية فحسب، بل يؤثر سلباً أيضاً في حياة الطفل ونموه الطبيعي وقدراته في المدرسة وعلاقاته الإجتماعية ونفسيته. لهذا يكون الهدف الأساسي للعلاج، وخصوصاً العلاج المبكر، أن يتابع الطفل حياةً طبيعية لا يعاني فيها أي نوع من المشكلات. علماً أنه في حال وقف الأعراض بعد التشخيص المبكر ولدى إعطاء العلاج المناسب الذي يسمح بوقف تطور المرض، يمكن أن يعيش الطفل حياةً طبيعية.


حقائق
في التهاب المفاصل التلقائي الشامل

  • التهاب المفاصل التلقائي الشامل ليس مرضاً معدياً.
  • لم تظهر الأبحاث أن الطعام أو المواد السامة أو الحساسية قد تلعب دوراً في الإصابة بالمرض.
  • نادراً ما يكون المرض موجوداً لدى أكثر من فرد في العائلة. لكن الأطفال الذين في عائلة يكون المرض فيها موجوداً هم أكثر عرضة للإصابة به.
  • يزيد احتمال الإصابة بالمرض في العائلات التي فيها أمراض مرتبطة بجهاز المناعة.
  • الأعراض وحدها ليست الدليل الأساسي للتشخيص، بل يتم على أساس طول مدة وجود هذه الأعراض إذ يجب أن تستمر هذه الأعراض لمدة 6 أسابيع ليتمكن الطبيب من تشخيص المرض.
  • يعاني بعض الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل التلقائي الشامل مشكلات في النمو.
  • الهدف الأساسي للعلاج هو الحفاظ على سلامة النشاط الجسدي والإجتماعي للطفل المصاب.
  • تعتبر السباحة الرياضة الفضلى للطفل المريض لأنه يستعمل فيها المفاصل والعضلات دون الضغط عليها ودون إيذائها.