لو استُبدل تيم حسن في «الهيبة» لما تابع المسلسل أحداً

لها (دمشق) 24 ديسمبر 2017

هو من المخرجين الأكثر جرأةً في الوسط الفني السوري، وفي كل لقاء جديد معه، يحكي لنا عما يجول في خاطره من دون أن يخاف من تبعات كلامه، وهو كما يقول محارَب في الوسط الفني بسبب صراحته هذه. إنه المخرج السوري الأول الذي حاز جائزة «آيمي أوورد» العالمية للأعمال الدرامية، وترشّح عمله الدرامي «بانتظار الياسمين» بين أربعة أعمال عالمية الى التصفيات النهائية.
في لقائنا معه، يكشف المخرج سمير حسين حقيقة الشائعات واللغط الذي أُثير حول مسلسله الذي انتهى من تصويره أخيراً، «فوضى»... من اعتذارات وانسحابات للفنانين السوريين. كما يتحدّث عن الدراما الشامية والمستوى الذي وصلت إليه، وعن السرطان الذي بات يسري في العمل الفني اليوم وعلاقة الفساد به...


- هل كنت تتوقّع أن يحصل مسلسلك «بانتظار الياسمين» على جائزة آيمي أوورد» العالمية؟
بصدق، لم أكن أتوقع ذلك، لكنني اجتهدت في المسلسل بهدف الصعود فنياً، عدا عن الحكاية التي تناولت الوجه الحقيقي للمجتمع السوري من منطلق إنساني في ثلاث سنوات من الأزمة.
ومن حسن حظنا، أن عملنا كان من بين الأعمال الأربعة التي ترشحت لجائزة «آيمي أوورد»، حيث شارك في هذا الحدث 21 ألف عمل من مختلف دول العالم. وكما هو معروف، فإن هذه الجائزة هي المعادل المنطقي لجائزة الأوسكار العالمية.

- بمَ تفوّق «بانتظار الياسمين» على غيره من الأعمال العالمية؟
فاز العمل الألماني بفارق صوت واحد عن العمل السوري. والمفارقة كانت وصول عملين، الأول صوّر بتقنيات عالية وفي استديوات معروفة، أما العمل السوري فقد تم تنفيذه وفق التقنيات البسيطة التي نملكها.
وما أثار استغراب الجميع في المهرجان، أن المسلسل صُوّر في حديقة عامة وسط دمشق، إذ لم يصدّقوا أن العمل نُفّذ في شوارع تشهد حرباً، وهذا يؤكد قدرتنا على تقديم أعمال مميزة رغم انتشار الفساد، الذي سبّبته الحرب، في كل القطاعات، ومن بينها القطاع الفني، فبتنا نرى أعمالاً مخجلة ومعيبة في حق ثقافتنا، وكما يقول ابن خلدون: «عندما تنهار الأمم، يكثر تجار الحرب والمنافقون والجهلة».

- هل من رقيب على تلك الأعمال؟
سبب انتشار الأعمال الدرامية الهابطة، هو الفساد والرشاوى، وأنا أتحمّل مسؤولية ما أقول. غالبية المنتجين اليوم، أعرف من أين أتوا، وأُدرك تفاهة ما يتحدثون عنه في أعمالهم، هناك أعمال رخيصة وقاذورات تُعرض على شاشة وطنية، فكيف ولماذا؟ من المعيب أن يصبح من يجلب الطعام في المسلسل، بعد أشهر، مخرجاً أو مدير إنتاج.
لقد أصبح هذا الوسط يعجّ بالفساد والخراب، فكيف لمنفّذ إنتاج أن يصبح ممثلاً؟ والسؤال هنا: هل نملك الإرادة لنغيّر ونضع قوانين للحدّ من هذا السرطان الذي يسري في مجتمعنا؟ سوريا عظيمة، ومن حقنا أن تكون لدينا على الأقل خمسة أعمال منافٍسة وذات قيمة في الموسم الواحد.

- بعد عودتك من نيويورك، أثرتَ ضجة إعلامية لعدم تكريمك محلياً، ما القصة؟
مسلسل مثل «بانتظار الياسمين» هو فخر للدراما السورية بوصوله الى جائزة عالمية، لكنّ أحداً من المعنيين بالإنتاج التلفزيوني، وللأسف، لم يحتفِ بالعمل. والحفل الذي أُقيم كان من جانب منتج العمل.
ثم انطلقت الأقاويل بأن المنتج قد دفع مالاً كي يحصل على هذه الجائزة، أو أننا لم نذهب الى نيويورك أصلاً، وغيرها من الشائعات المغرضة والتي تدل على الضغينة. أنا محارَبٌ فنياً من القطاعين العام والخاص، وذلك لأنني لا أخاف من قول كلمة الحق مهما كانت النتائج. وفي الأعوام الأخيرة، لم نرَ أعمالاً ترقى الى المستوى المطلوب، وفي العام الذي سبقه، لم يكن هناك عمل مهم، وأستثني هنا مسلسل «الندم»، وقبله مسلسلَي «بانتظار الياسمين» و «غداً نلتقي».
وأحياناً، يمر موسم كامل من دون أن نجد عملاً مهماً، والسبب أن الذين يعملون في الفن اليوم هم «زعران» لا علاقة لهم بالفن.
وبالطبع، سيحاربني كثر بسبب هذا الكلام، لكن أقول لهم: ليتكم تقدّمون أعمالاً في مستوى «بانتظار الياسمين»، «فوضى»، «وراء الشمس»، و«قاع المدينة»، فهذه هي أعمالي التي تعبّر عنّي.

- صوّرت «بانتظار الياسمين» في ظروف صعبة جداً، إذ كانت الثلوج تغطي الحديقة طوال وقت التصوير، كيف استطعت ذلك؟
نحن نتناول قضية النزوح، وكيف أن آلاف العائلات هربت من منازلها ولجأت إلى الحدائق ونامت فيها وعاشت كل الأوضاع الصعبة، وقد تقصّدنا أن نصوّر في الشتاء وفي أثناء تساقط الثلوج، لنسلّط الضوء على الأزمة الإنسانية التي عاناها هؤلاء الناس، حتى أن الفنانين المشاركين في العمل لم يعترض أحد منهم على الظروف المناخية الصعبة، لأن الحماسة والدافع كانا همّهم في العمل.

- في الموسم الماضي، تم الإعلان عن «فوضى» ثم جرى تأجيله، ما السبب؟
السبب هو وجود خلافات بين الشركة المنتجة والمخرج الليث حجو الذي كان سيتولى إخراج العمل، وبعد أن دخلت أنا المشروع، كان الوقت قد تأخّر، وعمل كهذا يحتاج الى وقت لتصويره، إضافة الى العمليات الفنية والمونتاج، فكان من المستحيل أن يُنجز العمل قبل رمضان 2017، لذا تم تأجيله الى الموسم المقبل.

- ماذا تابعت من أعمال عربية خلال الموسم الماضي؟
عربياً، تابعت مسلسلاً مصرياً لفت انتباهي، اسمه «واحة الغروب»، وهو عمل مهم، كذلك مسلسل «ثلاثين يوم» فهو أيضاً عمل جيد.
أما الأعمال اللبنانية، فلم يعجبني أيٌ منها، إذ إن كل تلك الأعمال تهتم بقصص الحب، ومعظم الأفكار مسروقة من أفلام أجنبية، لذا أجدها أعمالاً مستهلكة، ووجود فنان محبوب من الناس يحقق لتلك الأعمال الصدى الجماهيري.

- ما قصة الانسحابات الفنية التي رافقت مسلسل «فوضى» بعد أن تولّيت إخراجه بدل المخرج الليث حجو؟
اخترت كل الذين عملوا معي في المسلسل، باستثناء اسمين تحدثت معهما واعتذرا عن العمل، وهما: الفنان أيمن زيدان الذي كان منشغلاً بتصوير فيلمه، وسلاف فواخرجي التي اعتذرت عن العمل للشركة المنتجة، والتي علمتُ منها اعتذارها، وكانت قبلها الفنانة كاريس بشار.
وقد وصلني أن سلاف اعتذرت عن الشخصية لأنها لم تحبّها. علماً أنني كنت أرغب في أن تقوم الفنانة سلافة معمار ببطولة العمل، لكنها اعتذرت لأسباب خاصة، وهي كانت موجودة مع المخرج الليث حجو، وقد شاركت معي نادين تحسين بك، وهي فنانة ظريفة جداً، والفنان القدير سلوم حداد، وهو من أهم أركان العمل، ويشكّل مكسباً لأي عمل، وكذلك الفنان عبدالمنعم عمايري، كما شاركت زوجتي الفنانة ميري كوجك في العمل أيضاً.
أما ما أثير إعلامياً حول الانسحابات من العمل والاعتذارات، فكل ذلك عبارة عن لعبة إعلامية مسيئة للعمل، ففي البلد فنانون كثر وخيارات وبدائل كثيرة، والمستوى الفني للفنانين المشاركين في «فوضى» عالٍ جداً.

- نسمع كثيراً عن استبدال فنان بفنان آخر، لكن قلّما نسمع عن استبدال مخرج بآخر، هل تؤيد هذه الفكرة؟
سبق وصرحت بأنني كنت أود أن أخرج مسلسل «الندم»، وقد أخذت النص من كاتبه، لكن أتاني بعدها مسلسل «أطلق الرصاص»، فشاء القدر ألاّ أخرج «الندم»، فأخرجه الليث حجو.
كما سبق لي أن تخلّيت عن إخراج مسلسل «وصمة عار» ليحل مكاني ناجي طعمة، علماً أن سبب رفضي للعمل هو عدم حبي للورق، إضافة الى خلاف بيني وبين الشركة. وقبل أن أبدأ بتصوير مسلسل «فوضى»، تواصلت مع الكاتب والمخرج الليث حجو، وتم الأمر بكل أريحية.

- هل التزمت بما كتبه كلّ من حسن سامي يوسف ونجيب نصير في «فوضى»، أم عدّلت فيه؟
بالطبع، أتدخّل في أي نص أخرجه لكن بشكل إيجابي وبما يتناسب مع المشهد الدرامي. فالكاتب حسن سامي يوسف وشريكه نجيب نصير عملا على النص كلٌّ على حدة، وكما قال لي الأستاذ حسن، كان التنسيق بينهما معدوماً.
مع العلم أن يوسف كتب ما يقارب الـ 70 في المئة من النص بمنتهى الحرفية والجمال، فهو كاتب مهم، لكن في النهاية تبقى لي رؤيتي ولمستي الإخراجية... كشخصية صاحب الإحتياجات الخاصة التي أدخلتها على الحارة.

- لماذا لم تردّ على ما أثارته الكاتبة عنود الخالد إعلامياً حول اعتذار زوجها الفنان عباس النوري عن عملك؟
الفنان بسام كوسا كان المرشح الأول من جانب المخرج الليث حجو لبطولة العمل، وبعد اعتذاره عُرض العمل على الفنان أيمن زيدان، وبعد اعتذاره أيضاً، كنت قد تسلّمت العمل.
عندها، عرضت النص على الفنان سلوم حداد الذي قام بدور «راتب»، وهي المرة الأولى التي نعمل فيها معاً، وقد قدّم الشخصية بطريقة استثنائية، ووجوده كان مكسباً لي.
حصل لغط خلال العمل وسمعت عن أسماء لا أعرفها، وشخصياً لا أملك حساباً على «فايسبوك» ولا أستخدمه إطلاقاً، وليس لدي وقت لمثل هذه الأمور، لكن من يملك وقتاً لإثارة ضجة إعلامية فهذه مشكلته.

- تطلق دوماً أسماء غريبة على صنّاع الدراما، قلت إن بعض صنّاع الدراما اليوم كالسرطان الذي ينهش الدراما، كيف ذلك؟
لأن هؤلاء، كما قلت، شلّة «زعران» بكل بساطة، وغالبية المخرجين لا يملكون سوى شهادة البكالوريا أو الإعدادية، عدا عن منفّذي الإنتاج الذين أصبحوا مخرجين اليوم... هذا هو السرطان المستشري في الوسط الفني.

- أنت ترى أن الأعمال الشامية تنشر الوباء والطائفية، لمَ هذا الموقف المتشدّد؟
أنا ضد الدراما الشامية التي تقدَّم حالياً، ومن دون استثناء، فهي تخاطب غريزة المشاهد، وتحمل أفكاراً رجعية بحكاياتها البائسة، فالمرأة المُهانة والحارات المغلقة في هذه الأعمال، ليست إلا رسائل طائفية، ونجاح تلك الأعمال ما هو إلا دليل على تخلّف مجتمعنا، فهي دراما بعيدة تماماً عن إرثنا وتاريخنا، ومن بينها مسلسل «باب الحارة»، إضافة الى أعمال كثيرة... علماً أن البعض ممن تحدثوا سلباً عن «باب الحارة»، عاد في ما بعد وظهر في المسلسل، والسبب طبعاً إما مادي أو بقصد الشهرة عربياً، مع أن تلك الأعمال طمست هويتنا وثقافتنا وشوّهت تسعة آلاف سنة من تاريخنا.

- هل تعتب على النجوم الذين شاركوا في الأعمال الشامية؟
هناك فنانون يملكون أموالاً طائلة، ومع ذلك يشاركون في أي عمل، وهذا يدل على مستوى هذا الفنان المعرفي وما يمتلكه من ثقافة.
نحن في هذه الحال، نعتب على المتنوّر والمثقف والمكتفي مادياً والمشهور، فهو مع ذلك يشارك في الأعمال الشامية الهابطة.
في المقابل، هناك كم هائل من الفنانين الذين لا تأتيهم فرص عمل، لذلك يقبلون العمل في تلك الأعمال، وهؤلاء لا أعتب عليهم، لأنهم بحاجة الى عمل. هذا كله أعتبره دوامة دخلنا فيها ولكن لا أعرف من يستطيع إخراجنا منها.

- أبديت رأيك بالمهرجانات العربية والمحلية وقلت إن جوائزها تُمنح بالوساطة، ألهذا السبب لا نراك في تلك المهرجانات؟
أعود وأؤكد أن هذه المهرجانات عبارة عن وساطات، فبعد أن وصل مسلسل «بانتظار الياسمين» الى جائزة «آيمي أوورد»، عدنا إلى سوريا، وأُقيم حينها تكريم لمبدعي الدراما السورية، فلم يُدعَ أحد من أسرة المسلسل للتكريم، بحجة أن التكريم هو للأعمال التي حصلت على جوائز في مهرجان القاهرة، وجميعنا نعرف أن كل من يشارك في عمل تلفزيوني أو إذاعي في مهرجان القاهرة يحصل على جائزة، من دون ذكر أسماء، كما أن لجان التحكيم في المهرجان ليست مختصة.
وفي مهرجانات كهذه، سواء كانت عربية أو حتى محلية، يُكرّم فنانون وفنانات لا أعرفهم، فلم يُستثن أحد من الحصول على جائزة، من المعيب أن نتحدث عن هذه المهرجانات ونعترف بها، فهناك أعمال كُرّمت وهي كانت لا تزال قيد التصوير ولم يتم الانتهاء منها، لكن ينقصنا أصحاب قرار ليكتشفوا تلك الألاعيب التي تحدث في الكواليس.

- قدمت العام الماضي خماسية ضمن مسلسل «وجع الصمت»، «صرخة روح» سابقاً، لكنه لم يحظَ بالمتابعة المنتظرة، لماذا؟
الخماسيات التي قدّمتها هي ضمن مسلسل «وجع الصمت»، وهو مختلف عن مسلسل «صرخة روح» قصص خيانة. وهي خماسيات تتحدث عن حكايات الحب، وكما أعلم، فإن العمل تمت متابعته عند عرضه، لكنه لم يكن مشروعي، بل هو عمل لبناني ولم يشارك فيه أي فنان سوري، وكان من المقترح أن يصبح سلسلة.

- وجود الفنان اللبناني في العمل المحلي، هل هو بقصد التسويق فقط؟
غالباً ما يكون وجود الفنان اللبناني من أجل التوزيع في المحطات اللبنانية، وأنا لست ضد الفكرة إذا كانت في محلها، لكن في حال كان العمل سورياً خالصاً فلا داعي لمشاركة فنان مغربي أو جزائري أو لبناني فيه، إلا إذا كانت الشخصية عربية في عمل سوري، أما ما نراه اليوم فهو بهدف التسويق فقط.

- إذاً، كيف تفسر نجاح المخرج سامر برقاوي لأربعة مواسم متتالية في الأعمال المشتركة؟
مع احترامي لسامر برقاوي، فإن هذه الأعمال نجحت جماهيرياً، لكن كما نجح «باب الحارة» و «سنة أولى زواج» جماهيرياً.
أنا لست مع هذه الأعمال لأنها أعمال ترفيهية، وهي في غالبيتها تؤخذ من فيلم أجنبي وتوزَّع على 30 حلقة. مثلاً، مسلسل «تشيللو» مقتبس من فيلم «العرض غير اللائق»، ومسلسل «نص يوم» مأخوذ من خمسة أفلام أجنبية... وإذا تحدّثنا عن مسلسل «الهيبة»، فالأهم فيه هو وجود الفنان تيم حسن لما يتمتع به من كاريزما، فهو فنان مسوّق للأعمال، ومحطة «إم بي سي» تعرض كل أعماله، فلو أخرجنا تيم حسن منه ووضعنا بدلاً منه أي فنان آخر، فلن يتابع أحد العمل، إذ لا شيء مهماً فيه، سواء على صعيد الورق أو على الصعيد الفني، لكن بعض الناس يحب هذه الأجواء.