الطفلة الفلسطينية عهد التميمي تحلم بان تصبح محامية حتى تدافع عن بلدها

امتياز المغربي - (رام الله) 26 ديسمبر 2017

خمسة أصابع ناعمة في كفها كانت كفيلة بان تهز العالم من حولها، صفعات تلتها ركلات وجهتها الطفلة عهد التميمي ( 17 ) عام من قرية النبي صالح في الضفة الغربية، إلى جنديين من جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما كانا يتواجدان في ساحة بيتها، في البداية حاولت عهد طرد الجنديين مستخدمة جملة " يلا روحوا من هون "، ولكنهم لم يمتثلوا لذلك فتصاعد الأمر، ومن ثم تم نشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي اليوم التالي تم اعتقال عهد التميمي ومصادرة كافة الأجهزة المحمولة من لابتوب وهواتف، وفي نفس اليوم تم اعتقال والدة عهد التميمي وهي ناريمان التميمي ( 38 )، وفي اليوم التالي تم استدعاء والدها بسام التميمي ( 50 ) عاما وقد تم احتجازه ولكن أفرج عنه لاحقا".  

وقد أوضح بسام التميمي والد الأسيرة الطفلة عهد التميمي الذي أفرج عنه مساء هذا اليوم، ما يعانيه وأسرته بسبب الاحتلال فقال :" عدت الان من المحكمة حيث اللا عدل ومظاهر الظلم والتمييز واللا إنسانية هناك، كانت عهد على بعد أمتار قليلة، وكل ما هناك قيد وسجان ونظام فصل عنصري يمعن في تغييب الحق".

وأضاف:" لم تكن تلك اللحظات سهلة لكن كل أحزان الدنيا وأوجاع بعد الابنة والزوجة والابن الجريح تكون برد وفخر وسلام حين يشرق التحدي والشموخ في عيني عهد أيقونة المقاومة ورمز التحدي، عهد التي صفعت وجه الاحتلال، عهد التي صفعت بكفها مشروع دونالد ترامب لإنهاء قضيتنا".


وتابع:" اليوم بشموخ رغم القيد كانت عهد تتوسط ثلة من المجندات الإسرائيليات وقد رفضت المحكمة طلب المحامي الإفراج عن عهد ومددت توقيفها إلي يوم الاثنين القادم بحجة وجود ملف سري، وان التحقيق لم ينتهي وحسب حديث القضاء فان عهد لم تتجاوب مع التحقيق وتصر على الصمت".

أما بالنسبة لزوجته المعتقلة قال :" تعقد غدا محكمة ناريمان وسأكون بعد المحكمة في مركز التحقيق بعد ان طلبت الشرطة توقيفي للتحقيق معي ".

من ناحيتها أكدت الناشطة الشعبية منال التميمي ( 43 ) عام وهي من أقارب عهد التميمي على ان الفيديو الذي نشر لم يسجل الحقيقة كاملة فقالت:" رصد الفيديو نصف الحقيقة لان عهد تتعرض إلى ضغط نفسي بشكل مستمر بسبب ما يحدث معها ومع أسرتها وقريتها النبي صالح ووطنها وذلك بسبب اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين".

وأضافت :" قبل عامين حاول جيش الاحتلال اعتقال شقيق عهد الذي كان قد تعرض لكسر في يده بسبب الاحتلال، وقد تمكنت عهد برفقة بعض النسوة من تحرير شقيقها، ولذلك تؤكد عهد دائما على انها تريد ان تصبح محامية حتى تتمكن من الدفاع عن بلدها."

لا تخلوا قرية النبي صالح من حكايات الاعتقال والإصابة والاستشهاد، قالت :" يحدث كل ذلك بسبب إقامة مستوطنة حلميش على أراضي قرية النبي صالح حيث يقوم المستوطنين بالاعتداء على أهلي القرية بشكل مستمر تحت حماية جيش الاحتلال الذي يستبيح القرية ليل نهار".

وأضافت :" أنا تعرضت للإصابة أكثر من مره وأولادي كذلك وهناك شهداء من عائلتي ونفس الشيء تعاني منه عائلة عهد التميمي كما ان منزلهم قريب جدا من المستوطنة الإسرائيلية".

وتابعت :" واليوم عاد جيش الاحتلال الإسرائيلي ليعتقل الطالبة الجامعية نور التميمي ( 20 ) عام والتي ظهرت في الفيديو مع عهد التميمي".

ونوهت منال إلى ان الاحتلال الإسرائيلي بات في الآونة الأخيرة يستهدف الأطفال والنساء بشكل عام فقالت:" يعتقد جيش الاحتلال الإسرائيلي ان الأطفال عندما يخضعون للتحقيق انهم سيعترفون بسرعة على كل شيء ولكن الذي حصل هو انهم سجلوا مواقف الأبطال ولم يعترفوا على المقاومين أبدا ".

وأشارت منال التميمي إلي ان الاحتلال كان يدعي بان الأطفال الذي يملكون عيون زرقاء وبشرة شقراء هم أطفال أجانب يقوم أهالي قرية النبي صالح باستقدامهم للمشاركة في المسيرات الشعبية لكسب التعاطف معهم دوليا، ولكن الحقيقة أظهرت على مدار السنوات بأنهم أطفال النبي صالح وليسوا أطفال أجانب، وهذا ما دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تغطية رأس عهد التميمي في وسائل إعلامهم كي لا يتعاطف معها الأجانب لأنها تشبه بشرة ولون عيني الأطفال الأجانب".

من جانبها أشارت الأخصائية النفسية عفاف ربيع إلى تأثير الاعتقال على نفسية الأطفال الذين يتم اعتقالهم فقالت:" ان كل المواثيق الدولية كفلت حقوق الطفل النفسية والاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية، إلا ان الطفل الفلسطيني بحكم الاحتلال تم تجريده من هذه الحقوق، ويزداد الوضع سواء عندما يتعرض للاعتقال".

وأضافت :" ان تجربة الاعتقال بحد ذاتها هي تجربه صادمة وعنيفة بكل مراحلها، فمن بيته مصدر الأمان والحماية إلى السجن مصدر القلق والخوف والتهديد والتعذيب، لذا قد يدخل بعض الأطفال المعتقلين بحالات من الهلع ونوبات بكاء وخوف، فالأطفال المعتقلين عند الإفراج عنهم نجدهم يميلون للعزلة ولديهم نظرات تعكس الترقب والخوف والقلق، ومحبطين من الوضع العام، وتلازمهم تجربة الاعتقال كخبرة صادمة بحيث تبقى عالقة بذاكرتهم، ونجدهم يعانون من كوابيس وخوف من تكرار تجربة الاعتقال".

وعن أهم الأعراض النفسية قالت :" ان أهم الأعراض النفسية التي تلازم الأطفال المعتقلين : هي الخوف والقلق والإحساس بعدم الأمان وكوابيس مزعجة ونوبات غضب بدون سبب وشعور بالحزن والوحدة والإحباط وشعور بالذنب ولوم الذات وفقدان الطاقة وفقدان الأمل بالمستقبل، كما ان البعض يعاني من مشاكل صحية بدون عرض طبي " أعراض سيكوماتيه "والبعض قد يخسر أصدقائه ومنهم من يفقد الدافعية للعودة إلى مدرسته، أما البنت فتكون عزلتها اشد والبعض يصبن باضطرابات في العلاقة مع الأسرة".

وأضافت :" إلا ان الوضع مع عهد التميمي يختلف كون عهد فتاة تربت في بيت مقاوم تعرض فيه كافة أفراد الأسرة للاعتقال منهم الأب والأم، فهي تجد عائله مساندة لها تمدها بالقوة والاستمرار وهذا بدوره يعكس نفسه على شخصيتها الواثقة".

وتابعت:" إلا ان هذه الشخصيات هي الأكثر استفزاز للاحتلال الإسرائيلي فهم يحاولون بشتى الطرق كسر هذه الثقة وبث الخوف في نفسها".

من ناحيتها أكدت احترام غزاونة وهي منسقة وحدة التوثيق والدراسات بمؤسسة الضمير ان اعتقال الطفلة عهد ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة وقالت :" في عام 2017 ومنذ الأول من يناير وحتى 31 أكتوبر تم اعتقال 1150 طفلا بالإضافة إلى مئات الاعتقالات التي وقعت في شهري نوفمبر وديسمبر والذي يجري توثيقهما حاليا".

وأضافت :" ان وتيرة الاعتقالات زادت بشكل ملحوظ منذ 6 ديسمبر الجاري (أي منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل)".

ومن ناحيته طالب الوزير لدى الاحتلال الإسرائيلي " نفتالي بينت"، ان تقضي الطفلة الفلسطينية عهد التميمي بقية حياتها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.أما الوزير لدى الاحتلال الإسرائيلي " افيغادور ليبرمان" فقد تمنى أن يقوم الجنود بضرب الطفلة عهد التميمي. هذا ولا زال الاحتلال الإسرائيلي يعتقل حتى هذه اللحظة الطفلة عهد التميمي ووالدتها وقد أفرج عن والدها في وقت لاحق.