د. سمر موقّت بلعة: سرطان الأطفال ليس شائعاً...

مرض السرطان, مركز سرطان الأطفال, ألم / آلام الظهر, التعايش مع المرض, معالجة طبيّة, علم النفس, مقاومة المرض, مقاومة ومعالجة الإكتئاب, مكافحة السرطان

16 فبراير 2011

لمناسبة اليوم العالمي لسرطان الأطفال في 15 شباط/فبراير، زرنا مركز سرطان الأطفال في لبنان Children's Cancer Center of Lebanon  حيث  قابلنا المديرة الطبية المتخصصة بأمراض الدم والأورام لدى الأطفال سمر موقّت بلعة التي أكدت أن الأهل ليسوا مسؤولين عن إصابة الطفل بالمرض ولا ذنب لهم في ذلك، كما هو شائع.


- كيف يختلف سرطان الأطفال عن السرطان الذي يصيب الكبار؟
يختلف سرطان الأطفال عن سرطان الكبار من نواحٍ عدة حيث تظهر لسرطان الكبار عوامل مسببة تلعب دوراً في الإصابة كالتدخين في ما يتعلّق بسرطان الرئة وسرطان الثدي لدى المرأة. أما لدى الأطفال، فلم تظهر حتى الآن أي مسببات. لا يزال السبب مجهولاً. قد يكون للعوامل الجينية دورٌ في ذلك، لكن مما لا شك فيه أن النسبة ضئيلة لا تتخطى 1 في المئة.
من جهة أخرى، يختلف سرطان الأطفال بكونه لا يصيب موضعا معيّنا في الجسم بما يخالف ما يحصل لدى الكبار حيث يظهر الورم في موضع معيّن. فلدى الأطفال، أنواع السرطان هي سرطان الدم وسرطان الدماغ والليمفوما.

- ما أكثر أنواع السرطان انتشاراً وشيوعاً لدى الأطفال؟
يحتل سرطان الدم المرتبة الأولى بين أنواع السرطان التي تصيب الأطفال. ويأتي بعده سرطان الدماغ وبعدها الليمفوما. مع الإشارة إلى أن سرطان الدماغ قد يكون خبيثاً أو حميداً ، لكن حتى إذا كان حميداً يمكن أن يكون صعباً وخطيراً. ففي كل الحالات يعتبر سرطان الدماغ أكثر صعوبة من غيره من السرطانات التي تصيب الأطفال.

- هل تعتبر حالات سرطان الأطفال شائعة؟
في الواقع، يمكن القول إن نسبة سرطان الأطفال هي أقل من 5 في المئة وبالتالي لا يعتبر شائعاً  بل هو نادر.

- ما السن التي تشخص فيها الحالة على أنها سرطان أطفال؟
تعتبر الحالة التي نشخصها سرطان أطفال من سن شهرين أو ثلاثة أشهر حتى سن 17 و18 سنة.

- هل يمكن أن ينتقل المرض من حامل مصابة إلى جنينها؟
يمكن أن يحصل ذلك. وحالياً لدنا حالة أم ظهر لديها سرطان الدم وهي في الشهر الرابع من الحمل وخضعت للعلاج، وولد طفلها مصاباً بلوكيميا (سرطان الدم) الأطفال. وبالتالي تحوّلت اللوكيميا التي أصابت الأم إلى لوكيميا أطفال.

- إلى أي مدى يمكن أن يؤدي وجود حالات بين الأهل إلى إصابة الأطفال بالسرطان؟
غالباً ما يشعر الأهل بالذنب لدى إصابة الطفل بالسرطان وكأن المسؤولية تقع على عاتقهم. لكن في الواقع، يمكن أن نؤكد أن لا ذنب للأهل أبداً في إصابة الأطفال بالسرطان ولا يمكنهم أن يفعلوا شيئاً لمنع ذلك.

- هل من أعراض معينة يمكن أن تدل الأهل على احتمال إصابة الطفل بالسرطان، خصوصاً أنه في سن صغيرة يكون عاجزاً عن التعبير عن الألم أو الانزعاج؟
أهم الأعراض التي يمكن أن يلاحظها الأهل هي: في حال اللوكيميا التي تعتبر الأكثر شيوعاً بين أنواع السرطان التي تصيب الأطفال، اصفرار الوجه والبقع الزرقاء في الجسم وفقدان الشهية وارتفاع الحرارة باستمرار لمدة طويلة تصل إلى شهر. مع الإشارة إلى انه ليس كل ارتفاع في الحرارة يعني إصابة الطفل بالسرطان، بل نشير هنا إلى ارتفاع حرارة لمدة شهر تقريباً. علماً أنه في نسبة 99 في المئة يكون ارتفاع الحرارة ناتجاً عن مشكلات أخرى وفي نسبة تقل عن 1 في المئة ينتج عن السرطان.
كما أن كل مشكلة تستمر فترة طويلة تحتاج إلى استشارة الطبيب، فكل ولد قد يصاب الأنفلونزا مع سعال خلال أسبوع وهذا أمر طبيعي، لكن عندما تستمر المشاكل يمكن استشارة الطبيب. أيضاً من الأعراض التي يمكن ملاحظتها ظهور تدرن يكبر حجمه.

- كيف يتم التعامل مع الطفل لتسهيل مرحلة المرض والعلاج عليه؟
صحيح أن كل إنسان يشعر بالأسى لأن الطفل هو المعني في الموضوع، لكن في الواقع قد يصعب التصديق أن الطفل يعي جداً ما يحصل معه ويتعامل مع الأمر بإيجابية كبرى. ونستعمل معه في مركز ST Jude الطريقة الأميركية التي تقضي بإخبار الطفل تفصيلاً عما يحصل معه لكن بطريقة مبسطة تناسب سنّه. فإذا كان في سن مناسبة يقرأ عن المرض ويطّلع على ما يحصل معه.
لا نخفي عن الطفل مرضه. وإذا كان في سن يقرأ فيها ، يمكن أن يقرأ اسم المركز فيما يدخل . هو يعرف كل ما يحصل معه وإذا كانت لديه ثقة بمن حوله يتعامل بإيجابية كبرى وتكون النتيجة أفضل. فنجد أن الأطفال يخضعون للعلاج الكيميائي دون تذمّر ولا يخافون منه. نخبر الطفل بمرضه وبانه سيشفى ليشعر بمزيد من الثقة بالنفس. لذلك تعتبر النتائج جيدة بين الأطفال. كما يحيط بالطفل مجموعة من الاختصاصيين من ممرضات  مدربات لحالات سرطان الأطفال واختصاصيين في علم النفس لمساعدته في تقبل مرضه بشكل أفضل وأطباء. كما تكثر النشاطات والوسائل الترفيهية التي تساعده ليحضر إلى العلاج بتفاؤل وفرح. الكل يتعاون لتحقيق هذه الغاية. حتى أن المركز كلّه مصمم بالألوان والديكور على هذا الأساس. ومن الناحية العملية، يوضع جهاز صغير تحت الجلد بواسطة عملية بسيطة، ليعطى العلاج للطفل من خلاله لكي لا يعاني ويتألم في كل مرة لدى حقنه.

 

- هل تختلف علاجات سرطان الأطفال عن علاج سرطان الكبار؟
أنواع العلاج هي نفسها للأطفال كما والكبار أي الجراحة التي غالباً ما يتم اللجوء إليها للأورام الجامدة باستثناء حالات اللوكيميا. أما العلاج الكيميائي فيعتمد في كل الحالات، فيما يعتمد العلاج بالأشعة في حالات قليلة.

- هل يتعرّض الطفل لمضاعفات صعبة بسبب العلاج الكيميائي؟
لم يعد مسموحاً في أيامنا هذه بأن يعاني المريض بسبب مضاعفات العلاج الكيميائي. إذ تتوافر أدوية فاعلة جداً تساعد في الحد من المضاعفات التي تنتج عن العلاج الكيميائي كالتقيؤ والغثيان والانزعاج.
لكن الأثر الجانبي الوحيد الذي لا يمكن تخطيه حتى الآن هو تساقط الشعر، علما أن المرضى الصغار يتقبّلون ذلك بشكل مقبول. أيضاً في حال انخفاض مستوى المناعة في الجسم مع ارتفاع في الحرارة، يتم التدخل مباشرةً بإدخال الطفل إلى المستشفى ويحصل على الرعاية اللازمة وعلى الأدوية المضادة للالتهاب لأن ذلك يشكل خطراً عليه.

- هل يعتبر شفاء طفل مصاب بالسرطان صعباً؟
على العكس، تصل نسبة الشفاء إلى أكثر من 85 في المئة، وفي مركز St Jude الطبي لمعالجة سرطان الأطفال تصل النسبة إلى 88 في المئة. فغالباً ما يشفى سرطان الأطفال ويعيش بعدها الطفل حياة طويلة طبيعية وكأنه لم يصب يوماً بالمرض.

- لدى الكبار، يعتبر المريض قد شفي تماماً بعد مرور 5 سنوات على انتهاء العلاج، متى يعتبر الطفل قد شفي تماماً؟
المدة هي نفسها لدى الصغار أيضاً، إذ يعتبر الطفل قد شفي تماماً وكأنه لم يكن مصاباً بالمرض بعد خمس سنوات من انتهاء العلاج.

- هل تزيد إصابته بسرطان الأطفال احتمال إصابته بالسرطان في سن لاحقة؟
لا علاقة لإصابته بسرطان الأطفال بإصابته بالسرطان في سن لاحقة، بل يعتبر عرضة كأي شخص عادي يمكن أن يصاب ويمكن ألا يحصل ذلك أبداً.

مركز معالجة سرطان الأطفال St Jude
تحدثت مسؤولة العلاقات العامة والاتصالات في مركز St Jude كارن خوري عن المركز الذي يعالج سرطان الأطفال وأمراض الدم المستعصية ويضم فريقاً من الأطباء المتخصصين والممرضات المتدربات في اختصاص سرطان الأطفال، إضافةً إلى الاختصاصين في علم النفس وغيرها من الاختصاصات المعنية، وذلك بالتعاون مع مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، على الرغم من كون المركز منفصلاً عنه.

 وتقول: «اللافت في المركز أن معالجة الأطفال تتم مجاناً، علماً أن تكاليف علاج طفل واحد تصل إلى 40000 دولار في السنة أو أكثر، هذا مع استثناء الجراحة والتقنيات العلاجية الإضافية. ويموّل المركز حصراً من التبرعات ومن برامج ومشاريع وحملات تقام بهدف تأمين مبلغ 12 مليون دولار سنوياً لمعالجة المرضى. كما تقام حفلات يعود ريعها إلى المركز. هذا مع الإشارة إلى انه إضافةً إلى المتبرعين بالمال ثمة متبرعون كثر بطرق مختلفة لها علاقة باختصاصاتهم كل بحسب قدرته.
إذ نجد جمعيات وأشخاصا يحضرون بانتظام إلى المركز ويقدمون برامج ترفيهية ونشاطات للأطفال للترفيه عنهم وتسليتهم. أيضاً يحضر أساتذة وأشخاص يتبرعون لتعليم الأطفال حتى لا يقصروا في واجباتهم المدرسية ويتابعوها بشكل طبيعي فلا يكون المرض والعلاج عائقاً. حتى أن الأطفال يقدمون امتحاناتهم في المركز، الرسمية منها وتلك التابعة للمدارس. إضافةً إلى الاختصاصات الأخرى التي تساهم في دوام المركز بنشاطه المعهود ليحاط الطفل من كل النواحي الصحية والنفسية والتربوية والترفيهية، فلا ينقصه شيئ في المرحلة الصعبة التي يمر بها ويعطي القوة لمن حوله بدلاً من أن يكون ضعيفاً. كما تتاح للأطفال فرصة إقامة صداقات واللعب مع الرفاق في المركز».

وتشير خوري إلى وجود مستشفى النهار الذي يدخله المريض ليتلقى العلاج ويخرج في اليوم نفسه والمستشفى الذي يدخله ليمكث فيه فترة أطول في حال انخفاض مستوى المناعة. وفي الحالتين تتوافر وسائل الراحة والترفيه التي تخفف عن الطفل عبء العلاج والمرض.
وتجدر الإشارة إلى أن المركز يستقبل المرضى الذين تراوح أعمارهم بين شهرين و17 أو 18 سنة. أما نسب الشفاء فتتخطى 80 في المئة.
أما ديكور المركز بألوانه الفرحة والمفعمة بالحياة، فمستوحى من ديكور المركز في أميركا الذي هو المركز الرئيسي الذي أسسه لبناني وأراد أن تبقى تقديمات المركز مجانية دائماً ليحافظ على هدفه الأساسي الإنساني. ويبدو المركز جذاباً للأطفال بحيث لا يخاف الطفل من ذهابه إلى المستشفى للعلاج.

مركز سان جود لمعالجة سرطان الأطفال CCCL
هاتف: 009611351515
الموقع الالكتروني: www.cccl.org.lb