سيدات في لبنان والعالم ضحايا المعايير غير الطبية

تجميل الثديين, نادر صعب, سيليكون, مشكلة / مشاكل الثدي, ترميم الثدي

09 يناير 2012

ليس الخبر حديثاً، إذ سبق أن ورد في الصحافة الأوروبية تحقيق القضاء في مرسيليا بجنوب فرنسا في مدى تطابق مواد سيليكونية تستخدم في عمليات التجميل مع المعايير الطبية. وقد انتهى الأمر بإغلاق الشركة المصنعة لمادة الجل السيليكونية التي توضع في منطقة الصدر لدى السيّدات. ولكن هذه القضية عادت إلى دق ناقوس الخطر على مسامع الرأي العام العالمي بعد تسجيل حالتي وفاة وإصابة ثماني نساء بسرطان الثدي، و«هو نوع جديد من السرطان يسمى Anaplastic large cell lymphoma» حسب ما يؤكد الإختصاصي في الجراحة التجميلية والترميمية الدكتور نادر صعب الذي تحدثنا معه عن عواقب هذه الفضيحة على عالم التجميل والصحة خصوصاً أن سيليكون PIP جرى استخدامه بشكل واسع في الكثير عيادات التجميل حول العالم، ونحن جزء من هذا العالم.


حقائق عن مصنع PIP الفرنسي (PIP Poly Implant prosthesis):

  • هو مصنع مواد سيليكونية فرنسي.
  • يصنّع حشوة السيليكون لكبير الصدر أو ترميمه خصوصاً لدى السيّدات اللواتي أصبن بسرطان الثدي.
  • تم تصنيع سيليكون رخيص صناعي غير مطابق للمعايير الطبية وغير مرخّص من إدارة الأغذية والأدوية الأميركية FDA.
  • ثمة خلل في تصنيع غلاف الحشوة وتركيبته مما يؤدي إلى تمزّقه بسهولة وتسرب المادة السيليكونية وملامستها أنسجة الجسم. وهذا يؤدي إلى التهابات حادة تتحوّل إلى نوع جديد من أنواع السرطان يسمى Anaplastic Large-cell Lymphoma.
  • ما يقارب 30 ألف امرأة في فرنسا خضعن لعملية تكبير الثدي أو ترميمه باستعمال حشوة PIP من بينهن 8 حالات أصيبت بمرض خبيث وحالتان فارقتا الحياة.
  • 30 ألف امرأة في فرنسا ولكن حول العالم هناك مئات الألوف، أي أن العدد لا يستهان به في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وأوستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا واسبانيا والبلدان العربية.


لا للخوف أو الهلع بل استئصال الحشوة

«كثيرات هنّ السيدات العربيات اللواتي خضعن لعمليات تكبير الصدر أو ترميمه بواسطة حشوة PIP في البلدان العربية أو قد سافرن إلى فرنسا أو أوروبا لإجراء هذه العملية. ولكن ما من أحد يسأل عنهن»، يقول الدكتور نادر صعب الذي طالب، من منطلق كونه جراح تجميل لبنانياً وعربياً، بدق ناقوس الخطر وعدم إهمال هذه القضية بل التسليط الضوء عليها.

يقول صعب بهدوء: «لا للخوف أو الهلع، المهم هو استئصال حشوة PIP واستبدالها بأخرى مرخصة من الFDA التي تراعي المعايير الطبية. لا خوف من إجراء عملية تكبير الصدر أو ترميمه شرط أن تتم لدى جراح تجميل يتمتّع بمهنية عالية وبضمير مهني لانتقاء المواد والمستلزمات المرخّصة بما يكون على قدر مصداقية الطبيب تجاه مرضاه».


سيدات مصابات بسرطان الثدي سابقاً استخدمن الحشوة PIP لترميم الثدي

يضيف أن هذه الفضيحة الطبية «لا تخص فرنسا وحدها بل العالم كله. مصنع Poly Implant prothesis في فرنسا يُعنى بإنتاج حشوة السيليكون التي توضع في صدر المرأة. هذا المصنع أُسس عام 1991 وتم إغلاقه عام 2010 رغم حصوله على شهادة الإتحاد الأوروبي CE)) في التصنيع في البدايات. ولكن بعد عشر سنوات من التصنيع وتحديداً عام 2001 بدأ تصنيع حشوات مغشوشة واستبدل جل السيليكون الطبي بآخر صناعي، كما أن غشاء الحشوة بات ضعيفاً. مع مرور الزمن حتى آذار/مارس 2010 كثرت الشكاوى التي طاولت هذا المصنع حتى تم اكتشاف الخطأ في التصنيع ومواده.

أقفل المصنع في هذا التاريخ بعد اكتشاف ثماني حالات سرطانية نادرة تدعى Anaplastic Large-cell Lymphoma. وبالتالي سُلط الضوء على هذه القضية الطبية وقيل أن كل امرأة استخدمت حشوة PIP معرّضة للإصابة بالسرطان. وقد عقدت السلطات الفرنسية ووزارة الصحة الفرنسية والوكالة الفرنسية للسلامة الصحية اجتماعاً أخيراً ودعت جميع السيدات الفرنسيات (30 ألف سيّدة) للحضور إلى جراحي التجميل واستئصال هذه الحشوة، لا بل أكثر من ذلك أن ثمة سيدات كنّ مصابات بسرطان الثدي استخدمن هذه الحشوة لترميم الثدي. وهذا يعني أنهن تعرضن للإصابة بالسرطان مرة أخرى، وهؤلاء أخذت الدولة الفرنسية على عاتقها كلفة عملية استئصال حشواتهن، ولا تزال المفاوضات جارية لإنقاذ أكبر عدد من السيدات من الخطر الذي يهدّدهن. هو مشروع كبير وسيكلف الدولة الفرنسية 300 مليون يورو».

25% على الأقل من عيادات التجميل اللبنانية استخدمت حشوة الـPIP جل صناعي ورخيص وغير مرخّص وسرطاني

«ما الذي شجعني؟» يتساءل الدكتور نادر رداً على سؤالي... «أنا نادر صعب جراح تجميل لبناني وأُعنى بأمر لبنان والبلدان العربية كوني أتردّد مهنياً على هذه البلدان. أريد أن أوصل صوتي وضميري من خلال دعوة كل سيّدة خضعت لعملية تكبير الصدر أو ترميمه إلى التأكد من «هوية» هذه الحشوة ومصدرها لأنها لم تسحب من العيادات بعد، كما أن 25% على الأقل من عيادات التجميل اللبنانية استخدمت حشوة الPIP.

على كل سيدة أن تحتفظ مستقبلاً بشهادة بيانات باسم ومصدر الحشوة التي أدخلت إلى هذه المنطقة الحساسة من جسمها. عليها إن خضعت لهذه العملية أن تعيد الإتصال بطبيبها الذي يفترض أنه يحتفظ بهذه الشهادة في ملف خاص». يكرّر: «حوالي 25 % على الأقل في لبنان وفي الفترة الممتدة بين عامي 2000 و2010 من عيادات التجميل اللبنانية استخدمت هذه الحشوة. لم استخدمها شخصياً كوني لا أستعين إلاّ بالمواد الأميركية المصادق عليها من  إدارة الأغذية والأدوية الأميركية FDA. لم يجروا في فرنسا الكشف السنوي على هذا المصنع كما في الولايات المتحدة الأميركية للتأكد من سلامة التصنيع». 

يعود إلى صلب المشكلة أو الفضيحة : «المشكلة هي أن جل السيليكون في حشوة الPIP صناعي ورخيص غير طبي وغير مرخّص وسرطاني. فالغشاء سهل التمزّق وغير متين، وبالتالي يتسرب السيليكون إلى جسم المرأة ويؤدي إلى التهابات تتحول إلى أمراض سرطانية. أرجو أن يصل هذا النداء الى جميع السيدات لعدم إهمال هذه المسألة. فالدراسات كلها تؤكد  ضرورة استئصال هذه الحشوة بعد أن تم فحصها في المختبر».

من جهة أخرى، يعذر الدكتور نادر بخجل أطباء التجميل الذين استخدموا هذه الحشوة استناداً إلى أنها «آتية من فرنسا ودخلت إلى لبنان بضمانة وزارة الصحة. ما يجدر البحث فيه اليوم هو استباق الأسوأ فقط واستئصال الحشوة خصوصاً أن 90 % من السيدات العربيات اللواتي خضعن هذه العملية في فرنسا زرعت في صدورهن حشوة PIP قبل إغلاق المصنع الذي كانت يعدّ الثالث عالمياً لناحية تصنيع حشوات السيليكون. وبالتالي يجب أن نسلط الضوء بجدية ونتعامل مع الأمر بواقعية. ودوري كطبيب تجميل لبناني يملك مستشفى تخصصياً مساعدة هؤلاء النساء، وأنا على استعداد لتخفيف التكلفة عليهن لاستئصال أكبر عدد ممكن من الحشوات التي قد تؤدي إلى السرطان مستقبلاً».


كيف أتأكد من الحشوة الآن ومستقبلاً ؟

«إن لم يتم الاحتفاظ بشهادة مصدر الحشوة لا يمكن التأكد من تركيبتها إلاّ عند استئصالها»، يوضح الدكتور نادر. لا يمكن المعرفة إلاّ عبر عملية الاستئصال أو التحقق من شهادة الحشوة والبيانات فيها، «كما أن هذه الحشوة يجب أن تستبدل كل ثماني سنوات على أبعد تقدير، وهنا أعني الحشوة التي تراعي المعايير الطبية. يجب أن تتمتع حشوة السيليكون بغشاء صلب لا يتمزق بسهولة وأن تحتوي على جل طبي متماسك لا يتسرّب ومرخص، فإذا حصل التعرّض لأي حادث وانشقّ الغشاء الخارجي لا يسبب الاحتكاك بالجسم أي التهابات. بينما مع حشوة الPIP فالغشاء ضعيف والجل يتسرب منه في حالة التمزّق مما يؤدي إلى تغلغله في الجسم أي الصدر».

يختم الدكتور نادر صعب قائلاً: «أرجو أن أكون قدّمت فكرة واضحة للقارئ عن مدى أهمية هذا الموضوع. على كل سيّدة التحقّق من هذا الغريب الذي تزرعه في هذه المنطقة الحساسة من جسمها. للأسف، في فرنسا والعالم ثمة سجال حاد يعالج مترتبات هذه الفضيحة الطبية بعكس واقعنا في العالم العربي الذي لا يتعامل مع المسألة بجدية. على وزارة الصحة ونقابة الأطباء أن تتحركا، قد أكون ساهمت في حملة توعية ولن أقصّر في أداء واجبي ونتفاوض مع طيران الشرق الأوسط MEAلتأمين تذاكر سفر بأسعار مقبولة لإنقاذ 100 سيدة من فرنسا سأجري لهن العملية. الواقع صعب بالتأكيد ففي فرنسا لم يتم استبدال سوى 550 حشوة من أصل 30 ألف حشوة مزروعة رغم أنها عملية سهلة وتستغرق 30 دقيقة على أبعد تقدير».