منزل البساطة والجمال مساحة من هدوء وتفنّن في قلب العاصمة

روزي الخوري (بيروت) 20 يناير 2018

البساطة تصنع الجمال. بهذه العبارة يمكن اختصار هذا المسكن. فريد بتصميمه، إذ إنّه في قلب العاصمة وصخبها ومنعزل في آن معاً.
يوحي للناظر إليه أنّه بقعة من هدوء وجمال خارج إطاره الجغرافي، أو في منطقة نائية. وقد تولّت تصميمه شركة ask deco لصاحبتها ملكة جمال لبنان السابقة نسرين نصر.

في الأساس، كان هذا المسكن عبارة عن منزلين منفصلين، جُمع أجمل ما فيهما وجُعلا وحدة متناسقة وفريدة. ما إن تطأ قدما الزائر العتبة، حتى تنفتح أمام ناظريه مساحة من الضوء مصدره واجهة كبيرة من زجاج تطلّ على بيروت، بصخب شوارعها وجامعاتها والمدارس والأسواق. كأن المنزل في قلب العاصمة وهو بعيد.
جغرافياً هو في صميمها، لكن المقيم بين هذه الجدران يشعر بأنه في عالم خاص به، لا تزعجه ضوضاء المدينة ولا يدرك أصلاً أنه فيها إلا متى نظر من الشرفة أو خرج من الباب.

جناحان في هذا المسكن: أماميّ مضيء ومشرف بواجهاته الزجاج الضخمة، مخصّص لتمضية أمتع الأوقات مع الزوّار والأصدقاء، وخلفيّ يشمل غرف النوم والحمّامات وغرفة كبيرة للملابس.

وقبل الدخول في التفاصيل الهندسية لهذه الشقة، لا بدّ من التوقّف أمام الأرض التي أكسبتها رونقاً وأسلوباً خاصاً. فهي توحي بأنّها من الباطون، لكن في الحقيقة هي رخام إيطالي فاخر من ماركة Argent، أضفت على المكان جمالية عصرية وعكست وضوحاً على التفاصيل الهندسية.

يتحدث رئيس قسم التصميم في الشركة وسام مبارك، عن ميزة الهندسة الداخلية لناحية الأثاث، إذ يمكن أن يُعاد تشكيل المكان أكثر من مرّة، فتحلّ كنبة محل أخرى أو يحتل كرسي زاوية مختلفة أو ركناً مقابلاً، وتستقر طاولة في غير مكانها الأساسي، فيتبدل جوّ المنزل كلياً وتتعدّد استعمالاته، من دون أن يؤثر هذا كلّه في معالم المكان أو يزعج الزائر. أينما وُضع الأثاث تحلّ الدهشة، كأن هذا هو مكانه الطبيعي.

كلّ الأثاث من ماركات عالمية مشهورة في عالم الهندسة، وقد تطعّم بأكسسوار مميّز يعود الى شركة hawini، وهي توأم شركة الهندسة التي تملكها أيضاً نصر. وتقوم بابتكار قطع فنيّة جريئة ومميّزة كاللوحة الحمراء في الصالون الجلد الأبيض مشغولة بأحجار لعبة النرد.
وتكمن كل الدهشة في اللوحتين المتشابهتين من القماش الأزرق المقطّع إلى مربّعات في الصالون الأبيض الوثير من الجلد الذي يطالع الزائر مباشرة بعد ردهة الاستقبال.
في هذا الركن، جدار مرتفع من الرخام الرمادي الموشّى، كأنّه قطعة فنيّة زيّنت المنزل وأكسبته هيبة وضخامة، وقد تماشى لونه مع الأرض من الباطون الطبيعي، وعُلّق على جزئه الأسفل جهاز التلفزيون.
وقمّة الفنّ تجلّت في القطعة الخشب، التي شكّلت قاعدة التلفزيون وتوشّت برسوم تعود الى مدينة القدس. خلف الجدار ركن خاص بالقراءة، مكتبة عملاقة احتلّت طول الجدار ضمّت مجموعة من الكتب نُسّقت ألوانها بدقّة وذوق.
وفي وسط الردهة، طاولة مستديرة من الكروم إلى جانبيها مقعدان وثيران من الجلد الأبيض اتّسما بكبر حجمهما، بحيث يمكن الاستلقاء عليهما والاستمتاع بأوقات القراءة.
وعلى الجدار المقابل للمكتبة، لوحة زيتية لفنان أوروبي شغلت الجدار وأضفت لمسة خاصة على الجلسة. وتعدّدت في هذا الركن اللوحات لفنانين عرب وأجانب في كل أرجاء المنزل.

وفي هذه المساحة المصمّمة بهدوء وألوان متجانسة وزاهية، مقعدان من الجلد الأحمر شكّلا علامة فارقة، يمكن استخدامهما في كلّ الجلسات، مع الحفاظ على الجوّ نفسه.
الجوّ الهادئ والشفاف ينسحب على غرفة الطعام، حيث تطالعنا طاولة مستطيلة من الكروم حولها مقاعد من البليكسي الأبيض، وقد دخلت الألوان من خلال الأكسسوارات.
وتطلّ غرفة الطعام مباشرة على المطبخ الذي صمّم على أنّه جزء من قاعات الاستقبال من حيث أناقته وجماليته الهندسية بلونَيه الكروم والأبيض. وهنا تسلّلت اللمسة الحمراء التي أعطته حياة وروحاً شبابية كما في الصالونات.

وقبل الانتقال إلى الجهة الخلفية للمنزل، التي ضمّت غرف النوم والحمّامات وغرفة جلوس وغرفة للملابس، لا بدّ من التحدّث عن الإنارة البسيطة، حيث غاب الجفصين وحلّت مكانه الإنارة الموجّهة المنبعثة من ركائز من الكروم.
غرف النوم نضرة التصميم، ألوانها متجانسة من الأبيض والرمادي ضجّت بالحياة من خلال اللوحات الملوّنة.