المرأة السعودية تتربّع على عرش الرياضة

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 27 يناير 2018

بعد انتظار طويل وصبر ثقيل، استطاعت المرأة السعودية أن تتربع على عرش الرياضة، وتحقق ما تصبو إليه في ممارسة ألعابها كافة مع الحفاظ على خصوصيتها، بعدما كانت من «الممنوعات» بوجود القوانين الاجتماعية التي وقفت سداً منيعاً أمامها إلى أن جاءت رؤية 2030 لتوقف كل اللاءات وتفتح لها المجال لتحقيق حلم أكبر فتصل إلى الساحة الرياضية وتشارك في المحافل الدولية.
ومع تسارع الخطى لتحقيق رؤية 2030، سرّعت الهيئة الرياضية النسائية بقيادة الأميرة ريم بنت بندر، خطواتها في تفعيل ذلك من خلال الفعاليات الرياضية التي أخذت في تنظيمها لتبرز دورها أسوة بالمجتمعات الأخرى وتؤهّلها للمشاركة في المحافل الدولية.
«لها» أحبّت أن تشارك المرأة السعودية خطواتها نحو مستقبل واعد، ودفع عجلة الرياضة النسوية. فالتقت مجموعة من السيدات اللواتي يمارسن الرياضة وشاركن في البطولات ولهن اهتمامات رياضية، وسألتهن عن أهمية الرياضة بالنسبة إليهن وكيف يسعين للمشاركة العربية ومن ثم الدولية.


حصة سعود رياضية وسيدة أعمال
نظراً الى الخطوات المتسارعة في المملكة العربية السعودية، والتي حققت متطلبات المرأة بخطوات متوازنة، بالسماح لها بممارسة الرياضة، أكدت حصة سعود أن «المرأة تربّعت على عرش الرياضة بعد صبرٍ طويل، وأصبحت واقعاً بالنسبة الى أهميتها للمرأة، كونها تشكل نصف المجتمع، كي تحافظ على صحتها وتربي أجيالاً أصحاء، لأن العقل السليم في الجسم السليم. كما وتقدم أجمل صورة عن مجتمعها حين تشارك في المباريات وتستطيع الدخول إلى المحافل الرياضية والمشاركة في النشاطات الدولية مع الحفاظ على دينها وهويتها».
ولكون قرار الحكومة الرشيدة صائباً، نوهت حصة بأنه «شمل جميل أركان المجتمع ومفاصله، واعتُمد في المدارس التي تضم عدداً كبيراً من بنات الوطن، لتفعيل الحصص الرياضية وإعطاء الفتيات الفرصة لتطوير ذواتهن والحفاظ على صحتهن وتشجيعهن على الدخول إلى المحافل الدولية في المستقبل القريب».
وبما أن حصة رياضية وسيدة أعمال في قطاع التجزئة، فقد أعربت عن «مدى سعادتها بإقراره لكونه يحقق الكثير على المستوى الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، حيث فتح مجالات واسعة، وأتاح المزيد من الفرص لرائدات الأعمال بافتتاح الأندية الرياضية وتقديم التسهيلات للمرأة السعودية من خلال منحها القروض لإتمام مشاريعها لينهض الوطن بها، ويسير نحو شراكة استراتيجية بجلب مستثمرين الى السوق السعودي الرياضي والمشاركة في قطاع الأجهزة والأزياء والأكسسوارات الرياضية النسائية وكل ما يلزم الرياضة في السوق النسائي».

استثمار في المجال الرياضي
وشدّدت حصة على أن «فتح باب سوق العمل على مصراعيه يحدُّ من البطالة النسائية، وخلال عامي 2018 – 2019، ستكون هناك 250 ألف وظيفة في المراكز والأندية الرياضية النسائية، وهذا ما سعت إليه الأميرة ريم بنت بندر، رئيسة الهيئة الرياضية النسائية في المملكة العربية السعودية».
ولأن النساء السعوديات متعطشات لممارسة الرياضة بمختلف أنواعها، أشارت حصة إلى «اختتام بطولة الهيئة العامة للرياضة المفتوحة لكرة السلة للسيدات، التي أُقيمت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر على ملعب «الجوهرة» في الرياض بالتعاون مع «جدة يونايتد» للفتيات، والتي استمرت على مدى ثلاثة أيام على ملاعب النادي بمشاركة 10 فرق، حيث كانت مشاركة حثيثة ومهمة من سيدات «بلوغرز» وعدد من مصمّمات الأزياء وأطباء الصحة وجمعية «زهرة» لدعم حملة سرطان الثدي، لأن الرياضة النسائية تساهم في الحد من أمراض سرطان الثدي وتحافظ على القد الميّاس».
ولكون يوم النشاط العائلي مهماً، لفتت حصة إلى «مشاركتها في عام 2013، حيث كانت أول فعالية للسيدات اللواتي شكّلن أكبر شريط وردي رياضي مع الأميرة ريم بنت بندر، حين كانت مسؤولة عن جمعية «زهرة» ولغاية وصولها إلى رئاسة الهيئة العامة للرياضة النسائية لتنهض بالمرأة السعودية، وقد حققت الكثير».
لكن هذا العام، لم تشارك في تلك الفعالية التي «انضم إليها أكثر من 10 آلاف زائر من الجنسين ومختلف شرائح المجتمع، والتي نظمتها الهيئة العامة للرياضة للمرة الأولى في مجمع الأمير فيصل بن فهد الأولمبي في مدينة الرياض بمشاركة 15 اتحاداً رياضياً».
واختتمت حصة حديثها منوهةً برؤية 2030 لأهميتها الكبيرة بالنسبة الى المرأة في «إيجاد فرص عمل والاستثمار في المجال الرياضي، ليكون مستقبلها واعداً، كونها مثقفة وواعية، للحصول على هذا القرار الذي يُعتبر من أبسط حقوقها وتستحقه بجدارة حين قدمته الحكومة الرشيدة لها».

د. سماح الهلّيس صاحبة نادي under ground
نظراً الى أهمية الرياضة بالنسبة الى المرأة، شددت د. سماح الهلّيس على أن الرياضة «أسلوب حياة ومهمة لجميع أفراد المجتمع، إذ تجعل كل فرد فيه ينعم بصحة جيدة، بخاصة المرأة بعد أن تتجاوز سنّاً معينة، لأنها تسعى وراء الجمال والقد الميّاس، وتحب أن تكون جميلة بكل حالاتها بغض النظر عن تعريف الجمال».
وبما أن القرار يهمّ الصغير قبل الكبير ويشمل المؤسسات التعليمية، أشارت د. سماح إلى «أن مدارس البنات بدأت بتطبيق القرار فعلاً، ذلك لأهميته بالنسبة الى صحة الفتيات ونشاطهن المستمر وحفاظاً على رشاقتهن، علماً أن مادة الرياضة البدنية في المدارس الخاصة وُجدت منذ فترة ليست بالبعيدة».

فرص عمل جديدة
ولكون القرار يحمل بين طياته الخير الكثير على صعيد الأعمال، أكدت د. سماح أنه «فرصة مهمة لتأسيس عمل يستهدف كل شرائح المجتمع، ويوفر فرص عمل للنساء السعوديات، ويفتح المجال لهن ليصبحن مدربات في عالم الرياضة، بعد أن كان هذا المجال ممنوعاً عليهن، ومع صدور القرار تسارعن الى الدراسة بتسارع خطوات القيادة الحكيمة ليصلن إلى سوق العمل بسرعة، ويحققن الفائدة الاقتصادية المرجوة للوطن بخفض نسبة البطالة، وخلال الأشهر الثلاثة المقبلة ستتوافر أكثر من 200 ألف وظيفة».
كما لفتت د. سماح إلى «القرار الحكيم الذي دفع عجلة التنمية إلى الأمام بفتح عدد من النوادي الرياضية، وهناك إحصائية من بعض الأصدقاء تشير إلى أن عدد النوادي في جدة بلغ 200 نادٍ رياضي للسيدات، إضافة الى الأجهزة والملابس الرياضية التي تفعّل الحركة وتقوّيها في الحصة السوقية».
وبما أن البطولة مُقامة بين الهيئة العامة للرياضة و«جدة يونايتد»، شددت سماح على أنها لم «تكن المشاركة الأولى بل الثانية مع الإقبال الكبير على الملعب، حيث بِيعت التذاكر خلال فترة وجيزة للسيدات، وكان الملعب يعجُّ بالحضور النسائي بمشاركة 10 فرق نسائية، والذي تجاوز 50 في المئة من مساحة الملعب الذي تسع لـ 5000 شخص».
ولأن النشاط الرياضي كان شبه معدوم في المجتمع السعودي، أوضحت د. سماح أن «توجّه المجتمع النسائي الى الرياضة بشكل متسارع بعد صدور القرار، ما هو إلا دليل على الوعي الثقافي ومدى أهمية الرياضة للجسم، بدلاً من جلسات المقاهي التي لا تجدي نفعاً، لأن النادي ما هو إلا تحفيز ومواجهة مع فريق آخر لتحقيق الفوز».
أما في خصوص دورة الألعاب التي تنظّمها الهيئة الرياضية النسائية، فقد وصفت د. سماح تلك الدورة بالمهمة، ووجّهت الشكر الى كل من يدفع بها قدماً، خصوصاً أنها فرضت المنافسة تحت سماء الوطن وليس خارجه، وهذا ما جعل سماح فخورة ببلدها، وواثقة بالفوز المحتّم بكل خطوة يخطوها في تلك الدورة القيّمة، والتي تجعل المرأة السعودية تتربع على عرش الرياضة».
ولكون الهيئة العامة للرياضة النسائية قد بذلت جهدها لتحصل على هذا القرار، شكرت د. سماح «الأميرة ريم بنت بندر على تلك الجهود التي بذلتها من أجل المرأة السعودية، والتسهيلات التي قدّمتها لها لتمارس لياقتها البدنية، ولتشارك بالتالي داخل الوطن وخارجه بشكل صريح من دون خوف أو وجل».

مجتمع حيوي، صحي ومثقّف
ولأن أهداف رؤية 2030 عزّزت التوجّه الى مجتمع حيوي، أكدت د. سماح أن «تلك الرؤية هدفت للوصول إلى مجتمع مثقف، واعٍ، منتج، صحي ويفكر بأسلوب مختلف، حتى المطاعم الصحية كثُرت في شوارع المملكة، مما يدل على التغيير الإيجابي الحاصل، والذي يحقق هدف الرؤية بجعل المجتمع حيوياً بعدما كان رعوياً، وهذه صورة مشرّفة للمرأة السعودية التي ستشارك قريباً في الأولمبياد، بخاصة في رياضة رفع الأثقال التي تُعتبر جزءاً من رياضة الـ كروسفيت «Crossfit» والتي أمارسها باستمرار لأنها رياضتي المفضلة، إضافة إلى رياضة الـ كيك بوكسينغ «Kick Boxing» والتي تقوم بها السيدات في النادي استعداداً للمشاركة في الأولمبياد».

مدرّبة الرياضة هيّا صوان
وبعد أن تغيرت نظرة المجتمع الى ممارسة الرياضة النسائية، أكدت هيّا صوان «مدى أهميتها لجميع أفراد المجتمع لكونها أسلوب حياة ونمط عيش، وليست مجرد تمارين تُمارس لمدة شهر أو شهرين ومن ثم تتوقف، لكنْ لها تأثير كبير في الصحة الجسدية والنفسية للمرأة بالذات، لكون الله عزّ وجل خلق المرأة لتحمل وتلد، لذلك أعطاها قدرة كبيرة على التحمّل مقابل أن تدرك كيفية الحفاظ على صحتها ولياقتها البدنية، وذلك بتقوية عضلات جسمها ليصبح مؤهلاً للحمل وما بعده، وبالتالي تستطيع التخلّص من الوزن الزائد الذي اكتسبته أثناء الحمل».
ولكون الرياضة تحافظ على الوزن المثالي وتقوّي العضلات، أشارت هيّا الى أنها «تقي من هشاشة العظام، وتقلّل من خطر الإصابة بالكثير من الأمراض مثل السرطان والسكري، وحتى المصابون بمرض السكر تساعدهم في الحفاظ على خفض نسبة السكر في الدم، وتجعل حياتهم طبيعية إلى حد ما، إضافة الى أنها تخلّص الجسم من ضغوط الحياة اليومية».
ونظراً الى أهمية الرياضة للجميع، أكدت هيّا ضرورة «تنمية حب الرياضة منذ الطفولة وزرع تلك الثقافة لتبقى أسلوب حياة، كي يفرّغ أولادنا طاقاتهم السلبية من خلال ممارسة رياضات عدة، مثل كرة السلة والمضرب وكرة الطائرة والعديد من الألعاب الرياضية».
ولكون رؤية 2030 تحمل بين طياتها الكثير من الأهداف المجتمعية، نوهت هيّا بأن «المرأة أصبحت تتربع على عرش الرياضة منذ أن شمل القرار طالبات المدارس لممارسة الرياضة فينعمن بالصحة واللياقة البدنية، بعد ملاحظة أن نسبة 13 في المئة من المجتمع السعودي يمارسون الرياضة بمدة لا تتجاوز الـ 20 دقيقة، وتلك نسبة قليلة، لكن من خلال الرؤية سترتفع تلك النسبة إلى 20 في المئة في 2020، وفي 2030 ستصل إلى ما يقارب الـ 40 في المئة، وهذا ما نطمح إليه جميعاً في المجتمع، وجزء من تلك الرؤية سيشمل كل مدارس الفتيات».

خطوات اقتصادية مدروسة
وبما أن رؤية 2030 تسير بخطوات اقتصادية مدروسة، شددت هيّا على «ذاك القرار الحكيم والصائب من الحكومة الرشيدة بإعطاء رخص لفتح نوادٍ رياضية نسائية، لكون بعض النساء ينتظرن بفارغ الصبر كي يصبحن مدرّبات في هذا المجال، كما ويهيئ فرص عمل كبيرة للنساء، إضافة الى فتح باب التوظيف من الناحية الإدارية، مما يحدّ من نسبة البطالة النسائية في المجتمع السعودي، ويفتح مجالات أكبر على الصعيد الاقتصادي بشراء الآلات والملابس الرياضية والأكسسوارت».
أما بالنسبة الى بطولة الهيئة العامة للرياضة المفتوحة لكرة السلة فقالت هيّا إن «مشاركة سيدات المجتمع السعودي أثبتت أنهن يمارسن الألعاب الرياضية منذ أكثر من عشرين عاماً، وعلى رأسهن السيدة لينا المعينا، عضو مجلس الشورى، التي أسّست فريقاً لكرة السلة منذ أمد بعيد وشاركت في المباريات الرياضية».
ولكون سيدات الأعمال يجلسن أوقاتاً طويلة إلى مكاتبهن، نصحت هيا بـ «ألا تتجاوز مدة الجلوس الى المكاتب أكثر من عشرين دقيقة، وأن على النساء بالتحرّك المستمر ليحافظن على صحتهن ولياقتهن البدنية، حيث يمكنهن القيام ببعض التمارين البسيطة وهن جالسات إلى مكاتبهن، وذلك بتحريك أياديهن من خلال التمدّد وثني ركبهن، حتى يبقين بوضعية جلوس صحية ولا يشعرن بالتعب أو بضغط على العضلات».
ونظراً الى انطلاق البطولات المتعددة في كرة التنس وكرة اليد، والتي تُختتم ببطولة كرة الطائرة، وصفت هيّا «تلك البطولات بالقيّمة على أرض المملكة العربية السعودية، لكونها تعطي أملاً كبيراً للمشاركات بمستقبل رياضي رائع وتحقق سعادة لا توصف بعد إثبات مهاراتهن الرياضية بمختلف أنواعها، والتي ستؤهلهن للمشاركة في المحافل الدولية».

تغيير نظرة المجتمع
وبما أن رؤية 2030 عزّزت ممارسة الرياضة لدى السيدات، أكدت هيّا أنها «حققت أهدافاً كبيرة وكثيرة بالمنظور المجتمعي، ما أدى إلى تغيير نظرة المجتمع وتسارعت بتسارع الرؤية. ورغم أنه لم يتحقق الكثير بعد، لكن المجتمع بدأ يتغير ويعي أهمية الرياضة للجميع، لما لها من تأثير إيجابي في الصحة البدنية والنفسية».
وأشارت هيّا إلى «تغييب بعض المهارات التي كانت تتمتع بها السيدات الرياضيات ولم نكن نراها، لأنهن منجِزات ويتطلعن الى المباريات العالمية ويستطعن المنافسة كغيرهن، وها هن يتربعن على عرش الرياضة ويحققن أحد أهداف رؤية 2030 التي تعمل على تغيير نظرة المجتمع رويداً رويداً».
وخصّصت هيّا ختام حديثها لمستقبل المرأة السعودية الرياضية، مؤكدةً أنها «ستشارك في البطولات العالمية وستكسب، لأنها تملك الكثير من المهارات، ويدفعها حافز قوي لتحقيق الفوز العالمي بجدارة، وهذا ما لاحظته من خلال تدريباتها المتنوعة في الهواء الطلق، والتي تعتمد على القفز والجري لتقوية العضلات وتسارع ضربات القلب للتخلص من الوزن الزائد، ورياضة البوكسينغ التي تعمل على إخراج الطاقة السلبية عند المرأة».

مدرّبة الرياضة مي خليْف وصاحبة نادي MFIT
بعدما أصبحت السُمنة هاجساً عند النساء السعوديات، حيث سجلت تزايداً عن العام الماضي بنسبة 34 في المئة، أكدت المدربة مي خليف أن هذا «مؤشر خطر لأن نمط حياتهن ليس صحياً، وبعيد كل البعد عن الحركة، فهن لا يمارسن رياضة المشي في الشارع، ولا يقضين حوائجهن بأنفسهن، وطعامهن غير صحي، إضافة الى جلوسهن لساعات طويلة مع أمام شاشات التلفزة، مما أدى إلى كسلهن وضعف عضلاتهن، وهذا ما ورّثنه لأبنائهن، فبدلاً من خروجهم للعب وتحريك عضلاتهم نراهم جالسين مع الـ«آي باد» و«البلاي ستيشن»، وإن استمروا باتباع هذا النمط الحياتي السيئ، سيسجل المجتمع السعودي أرقاماً مرعبة في نسبة السُمنة».
وشددت المدرّبة مي التي تمارس رياضات الـ «Crossfit» و «TRX» و«BOOT CAMP» وتدرّب على كل أنواع الرياضات في ناديها، على «ضرورة تغيير نمط حياة المرأة السعودية بتناول الطعام الصحي في الدرجة الأولى، وممارسة الرياضة، لتُخرج كل طاقتها السلبية، وتثبت لنفسها أنها امرأة متمكنة وتستطيع بلوغ أهدافها وتقوى على حمل الأثقال والمشاركة في أي ماراثون، وهذا يعود عليها بالنفع إذ يبعد عنها شبح الاكتئاب، ويخلّصها من الضغوط النفسية ومن كل الأمراض المستعصية».
وبما أن نسبة مرض السكري مرتفعة جداً لا عذر بعد اليوم في المجتمع السعودي، أكدت مي «أهمية ممارسة المرأة للرياضة، فكلما مارست مريضة السكر الرياضة، يتدفق الدم بصورة منتظمة في جسمها، فيمتص الأنسولين بطريقة أفضل، وبالتالي تتمكن المريضة من إبقاء السكر في معدلاته الطبيعية».
ومع رؤية 2030 التي عززت ممارسة الرياضة للمرأة، لفتت مي الى أنه «قرار صائب 100 في المئة جعل المرأة تتربع على عرش الرياضة، فلم تعد هناك أعذار أمامها بعد أن فتحت النوادي أبوابها لاستقبالها، وإن لم تستطع المرأة الذهاب الى النادي، ففي إمكانها ممارسة رياضة المشي في الطرقات، وما على المجتمع إلاّ تغيير ثقافته وتحفيز المرأة على ممارسة الرياضة بشكل مستمر من أجل حياة صحية خالية من الأمراض».
ولكون ممارسة الرياضة تبدأ منذ الطفولة، شدّدت مي على أهمية «تفعيل قرار ممارسة الرياضة للبنات في كل مدارس المملكة العربية السعودية لينشأ جيل معافى ثقافياً واجتماعياً وصحياً».
ومع صدور قرار افتتاح النوادي الرياضية للسيدات، أشارت مي إلى «ضرورة إنشاء سوق رياضي تتوافر فيه كل الأجهزة والأدوات والأكسسوارات الرياضية، وإيجاد وظائف للنساء للحد من ارتفاع نِسب البطالة، وافتتاح سوق استثماري في هذا المجال لرائدات ورواد الأعمال فينتعش الاقتصاد السعودي، وتتغير الثقافة المجتمعية، ويحدُّ من الأمراض المستعصية التي يكلف علاجها المملكة العربية السعودية مبالغ طائلة».

الرياضة دواء لكل داء
وبما أن الرياضة مهمة للصحة النفسية والجسدية، لفتت مي إلى أن ممارستها «دواء لكل داء، فهي تجعل المرأة أكثر التزاماً وقدرةً على المواظبة عليها في الصباح، لأنها تساهم في تنظيم الساعة البيولوجية للجسم، وتحفيزه على إفراز هورمون الأندروفين الذي يعمل على تحسين المزاج وتخفيف الضغط والتوتر، وإنقاص الوزن والحفاظ على القد المياس، كما وتساعد الرياضة على حرق الدهون والسعرات الحرارية، وتعمل على تنظيم ضغط الدم وضربات القلب وتنشيط الدورة الدموية في الجسم، وتضبط معدلات الأنسولين في الجسم لمرضى السكر، وتحمي من هشاشة العظام».
وتوجّهت مي بأسمى آيات الشكر إلى «الأميرة ريم بنت بندر، رئيسة الهيئة العامة للرياضة النسائية، على خطواتها الرائعة لتحقيق أحلام المرأة السعودية وكل امرأة عربية، حين فتحت لها المجال لتستخدم طاقاتها وتكون أكثر إيجابية، وبصحة أفضل كي تحارب السُمنة وهشاشة العظام ومرض السكري، وشقّت كل الطرق لتصل تلك الفرق الى العالمية بالتدريب الصحيح والجيد».

الدكتور خالد المدني، استشاري التغذية العلاجية، نائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية، عضو مجلس إدارة المعهد الدولي لعلوم الحياة - فرع الشرق الأوسط
نظراً الى انتشار مرض السُمنة، أكد الدكتور خالد أن «السعودية تُعتبر من أوائل النسب العالمية على مستوى العالم، خصوصاً بين السيدات، لأن السُمنة هي البوابة الرئيسة لكثير من الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والشرايين، وداء السكري، وبعض أنواع السرطانات، والتهاب المفاصل، واضطرابات النوم والكثير من الأمراض المزمنة».
وشرح الدكتور خالد بالتفصيل أسباب اضطرابات النوم عند المصابين والمصابات بالسُمنة على حد سواء، قائلاً إن «السمنة عبارة عن تراكم الدهون في كل أنحاء الجسم، ومنها مثلاً الرئة، ففي أثناء عملية التنفس يقع على الرئة عبء كبير فتؤدي وظيفتها بصعوبة».
وفي المؤتمر الدولي الثالث للسُمنة المعقود في جدّة لعام 2014، طرح الدكتور خالد ورقة عمل أوضح فيها أن معدل انتشار السُمنة في السعودية يراوح بين 14 و83 في المئة، وأرجع «الفارق الكبير بين النسبتين إلى اختلاف مقاييس السُمنة، وكذلك اختلاف العمر والجنس والحالة الصحية، لكون معدل السُمنة لدى الصغير أقل منه لدى الكبير، إضافة إلى أن نسبة الدهون عند الرجال هي من 10 إلى 20 في المئة من وزن الجسم، بينما نسبة الدهون عند النساء تكون من 20 إلى 30 في المئة من وزن الجسم، وهذا يعود الى عوامل الحمل والإنجاب. إضافة إلى ذلك، هناك 80 في المئة من مرضى السكري- النوع الثاني مصابون بالسُمنة ويعانون زيادةً في الوزن».
واختتم الدكتور خالد المدني حديثه مُسدياً نصائح طبية تجنباً للسُمنة، من خلال «تنظيم كمية السعرات الحرارية اليومية، وعدم تناول الطعام بسرعة، والامتناع عن الأكل أمام التلفزيون أو أثناء القيادة أو القراءة، والتقليل من تناول الدهون المشبعة، بحيث لا تزيد الدهون الكلية عن 30 في المئة والدهون المشبعة عن 10 في المئة من السعرات الحرارية اليومية، مع التركيز على تناول الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، وممارسة الرياضة باختلاف أنواعها، وأبسطها المشي أو الهرولة بمعدل 3 إلى 5 مرات في الأسبوع».