بين الربو والحساسية...

علاج, بوربوري, أسباب الحساسية, التقدم في السن, الوسائل الطبية

08 مايو 2012

تزايدت حالات الربو بشكل واضح في السنوات الأخيرة مع ازدياد التلوّث وانتشار التدخين بنسبة كبرى. فحياة التمدن ساهمت في زيادة الحالات اكثر فأكثر.
ورغم تطوّر الوسائل الطبية والعلاجية الهادفة إلى السيطرة على المرض، تبقى المشكلة موجودة في غياب الوعي لدى الناس حول أهمية المتابعة الطبية بهدف السيطرة على المرض بشكل فاعل.

صحيح أن الربو قد يكون مرضاً خطيراً في حال التعامل معه بشكل خاطئ، لكن إذا حصل العكس يمكن أن يعيش المريض، سواء كان طفلاً أو راشداً، حياة طبيعية كأي شخص صحيح شرط المعالجة الصحيحة والالتزام بالعلاج المناسب.
ضمن المؤتمر الذي نظمته شركة MSD عن أمراض الربو والحساسية تحدثت كل من رئيسة قسم الأمراض الصدرية والعناية الفائقة في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي ميرنا واكد وطبيبة أمراض الحساسية والربو والمناعة في مستشفى «أوتيل ديو» كارلا عيراني التي تحدثت تفصيلاً عن الربو ومسبباته وعن الحساسية وطرق التصدي للنوبات التي يمكن أن يواجهها المريض. كما تحدثت عن أن تميّز لبنان بطبيعته وغناه بالأشجار يزيد احتمالات الإصابة بالحساسية فيه، خصوصاً في مواسم معينة.
علماً أنه يمكن اكتشاف أنواع الحساسية التي يمكن أن يعانيها الشخص والمحسّسات التي يجب تجنّبها.
كما شددت على أهمية تجنب الرطوبة في المنازل والتي ترتفع نسبتها في لبنان، خصوصاً في الشتاء لانها يمكن أن تسبب التهابات مزمنة في الجيوب الانفية.
وقد عرضت د. واكد نتائج دراسة حديثة في لبنان أظهرت أن السيطرة على الربو قد انخفضت إلى أدنى المستويات بين سكان المدن اللبنانية حيث تبين ان 80 في المئة من الأفراد الذين شملتهم الدراسة يعانون أزمات الربو نهاراً، فيما تعاني نسبة 72 في المئة منهم أزمات حادة ليلاً إلى درجة انها توقظهم من النوم.
وضمن الدراسة تبيّن أيضاً أن نسبة 22 في المئة من أفراد العينة نقلوا إلى المستشفى مرة خلال عام، وأن نسبة 21 في المئة منهم توجهت إلى الطوارئ في الفترة نفسها.
مع الإشارة إلى أن الدراسة أظهرت أن نسبة الربو ترتفع أكثر في المدن مقارنةً بالأراضي الزراعية اللبنانية، نظراً الى ارتفاع نسب التلوّث.
تظهر هذه الأرقام مدى خطورة الوضع والحاجة إلى نشر التوعية حول المرض والحاجة إلى السيطرة عليه، خصوصاً أنه من المتوقع أن يصاب 1 من 4 أشخاص بالربو في عام 2025.

- كيف يمكن التعريف بمرض الربو؟
الربو هو التهاب مزمن يؤدي إلى نوبات متكررة من ضيق النفس. ويعتبر أحد أبرز الامراض التي تصيب الأطفال. علماً أنه لدى الاطفال له علاقة بالالتهابات الفيروسية أو الحساسية، أما لدى الكبار فقد ينتج أكثر عن الحساسية. ومن ميزات الربو سماع صفير عند التنفس.
وتؤثر التهابات الربو على الممرات الهوائية المؤدية من الرئتين وإليها. مع الإشارة إلى أن الربو قد يصبح من الحالات الطبية الخطيرة إذا تم التعامل معها بشكل خاطئ.
لذلك لا يمكن الاستهانة به كونه لا يزال من الأمراض «القاتلة»، خصوصاً لدى الأطفال ويحتاج إلى متابعة دقيقة.

- ما مدى العلاقة بين الربو والحساسية؟
تعدّ أمراض الحساسية من أهم أسباب انتشار الربو في العالم. فنسبة 40 في المئة من الأشخاص الذين يعانون حساسية أنف يواجهون خطر تحوّلها إلى ربو.
إذ ان التمدن وازدياد معدلات التلوث وظهور أنواع جديدة من مسببات الحساسية، كلّها عوامل تزيد حدة أعراض المرض.
كما أنها قد تؤدي إلى الإصابة بالربو في بعض الحالات. ومجرد عدم إدراك هذه العلاقة بين الحساسية والربو يعني أن المصابين بالربو لا يتبعون الخطوات اللازمة للتحكم في المرض، خصوصاً في المواسم التي تبلغ فيها الحساسية ذروتها.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر دراسة أجريت في لبنان أظهرت أنه في بيروت ترتفع نسبة الربو المشخّص، فيما لا تتعدى في البقاع نسبة 2 في المئة. فمما لا شك فيه أن اعراض الربو تزداد حدة في المدينة نتيجة ارتفاع نسبة التلوّث وعدم اتباع نمط حياة صحي.
 يضاً مما لا شك فيه أن ارتفاع مستوى الطبابة في المدينة وتطور تقنيات التشخيص يزيدان نسبة الربو المشخّص في بيروت مقارنةً بالمناطق النائية. لكن بشكل عام، يخفف التنوّع البيئي والجغرافي في لبنان ووجود مناطق زراعية نسبة الربو في هذه المناطق «الصحية».

- كيف يمكن التمييز بين الحساسية والربو؟
يواجه مريض الربو نوبات من المرض أكثر من 3 مرات في الموسم الواحد، كما يعاني صفيراً في الصدر وضيقاً في التنفس. أما الحساسية فتظهر من خلال رشح متكرر ومزمن. كما يمكن أن تظهر إكزيما في اليدين، وأكثر في المفاصل .

- ما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالربو؟
ثمة أسباب عدة يمكن أن تكون وراء حصول نوبات الربو كالالتهابات الفيروسية والمواد المسببة لحساسية الجهاز التنفسي من مواد غذائية وكيميائية والتدخين المباشر وغير المباشر والغبار والتلوث أو حتى ممارسة الرياضة والتوتر.
أيضاً تلعب تحوّلات الطقس وتغيّراته دوراً في الإصابة بالربو. أما الملابس فتلعب دوراً بنسبة أقل.

- هل من مواسم تزداد فيها أكثر أزمات الربو والحساسية؟
تبيّن أن الحساسية تزداد اكثر في المواسم الممتدة بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو كونها المواسم التي تزهر فيها الطبيعة، وتتراجع بعدها، ثم ترتفع في تشرين الأول/أكتوبر وهي فترة الالتهابات الجرثومية.

- هل يصيب الربو الصبيان والفتيات بالنسبة نفسها؟
ترتفع نسبة الأولاد المصابين بالربو مقارنةً بالفتيات بين سن 5 سنوات و12 سنة لأسباب جينية، لكن النسبة ترتفع لدى الفتيات بعد البلوغ. ومن العوامل التي تزيد حدة أعراض الربو لدى الأولاد ارتفاع نسبة المدخنين الصبيان اكثر من الفتيات بشكل عام، فيما يعتبر التدخين من العوامل التي تساهم في ذلك.

- ما مدى انتشار الربو؟
ينتشر الربو أكثر فأكثر حول العالم حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 300 مليون شخص يعانون المرض نظراً إلى حياة التحضّر وتبني أساليب الحياة الغربية. ومن المتوقع أن يصاب واحد من 4 أشخاص بالربو في عام 2025.

- ما المضاعفات التي يمكن أن تنتج عن الإصابة بالربو؟
في حال عدم معالجة الربو بالطريقة الصحيحة يمكن أن يصبح مرضاً خطيراً يهدد الحياة. ففي معظم الحالات يمكن التحكم فيه بشكل جيد للحد من مضاعفاته، لكن قلّة الوعي وسوء التشخيص واستهانة بعض الاطباء بحدة المرض لدى البعض أحياناً، كلّها عوامل تساهم في تراجع السيطرة عليه.
فقد أظهرت دراسة لبنانية بعنوان The Asthma Insights And Reality أن السيطرة على مرض الربو وصلت إلى درجة متدنية ومخيفة في لبنان، حيث تبيّن أن نسبة 80 في المئة من مرضى الربو الذين شملتهم الدراسة، تعاني أزمات ربو خلال النهار ونسبة 70 في المئة تعاني من الأزمات ليلاً وهي حادة إلى درجة أنها توقظ المريض من نومه في ساعات متأخرة.
مع الإشارة إلى أنه إضافةً إلى تأثير الربو على حياة المريض وقدرته على ممارسة نشاطاته اليومية، تؤدي إلى أعباء مالية ضخمة على المريض طيلة حياته.

- هل صحيح أن الطفل يمكن أن يشفى من الربو مع التقدم في السن؟
في نسبة كبرى من الحالات، يشفى الطفل من الربو في سن 5 أو 6 سنوات. كما أن ثمة فرصة ثانية لمن لم يشف في هذه السن لأن يشفى في مرحلة البلوغ.
لكن الذين يتعرضون لنوبات حادة من المرض ، لديهم فرص أقل للشفاء في مرحلة البلوغ. أما الذين لا يشفون فيعانون إكزيما أو حساسية أكل في الوقت نفسه.

- إلى أي مدى يعتبر الربو وراثياً؟
من المؤكد أن ثمة استعداداً جينياً للإصابة بالربو، لكنه يظهر بتوافر عوامل خارجية وبيئية. وتصل نسبة الإصابة بالربو إذا كان أحد الوالدين مصاباً به إلى 25 في المئة.
كما ترتفع احتمالات الإصابة بتوافر عوامل أخرى، خصوصاً التدخين. كما أن إصابة الأهل بالربو تخفّف فرص الشفاء التلقائي من المرض لدى الطفل.

- ما طرق تشخيص كل من الربو والحساسية؟
يتم تشخيص حالة الحساسية بفحص الدم وفحص الجلد. أما الربو فيتم تشخيصه بالفحص العيادي وبتخطيط النفس. أما درجة المرض وحدته فتحددان على أساس حدة الأعراض.

- هل يمكن الشفاء نهائياً من الربو بفضل العلاج؟
لا يتوافر العلاج النهائي للربو، لكن يمكن السيطرة عليه بشكل فاعل ليعيش المريض حياةً طبيعية. لكن الأهم أن نسبة الوعي قد تعززت ويعرف الناس بشكل أفضل مسببات الربو. ومن المهم معرفة أن العلاج الذي يهدف إلى تخفيف الأعراض لا يكفي، بل يجب منع النوبات واتخاذ الاختيارات الصائبة الفضلى في الحياة اليومية لتجنب المسببات بأفضل قدر ممكن.
الهدف من العلاج أن يتمكّن المريض من عيش حياة طبيعية ، فالسيطرة الكاملة على المرض ممكنة.

- ما أنواع العلاجات التي تعطى للربو؟
يعالج الربو بواسطة علاج الانسداد الحاد في الشعب الهوائية والتهاب الشعب الهوائية وهو مسبب المرض، من جهة ، أي بواسطة موسعات القصبات الهوائية، كما يتم العمل على تحسين السيطرة على الربو بشكل استنشاق أو أقراص آمنة من جهة أخرى.
مع الإشارة إلى أن العلاج الأساسي للربو يحتوي على الكورتيزون بهدف منع النوبات.
ولا بد من التشديد على أهمية العلاج الوقائي لمنع الالتهاب. لكن لا بد من لفت النظر إلى أهمية المتابعة المستمرة مع الطبيب بهدف السيطرة على الربو بشكل أفضل لأنه من الأمراض التي تحتاج إلى متابعة دائمة.

- هل من سبل وقائية معينة يمكن اتخاذها للحد من خطر النوبات لدى مرضى الربو والحساسية؟
يعتبر التدخين ممنوعاً سواء للمرضى أو للأشخاص المحيطين بهم. كذلك، في ما يتعلّق بالأطفال يجب تجنب وضع السجاد في الغرف. كما ينصح بتجنب الألعاب والدمى التي لها وبر. بشكل عام يجب تجنب العوامل الخارجية المسببة للحساسية والعث والدخان.

- هل مكوث الطفل في المنزل، كما يفعل البعض، يحميه من نوبة الحساسية أو الربو؟
يجب أن يعيش الطفل حياةً طبيعية، خصوصاً أن منعه من اللعب والخروج يزيد حدة الحساسية لديه. لكن الأهم التزام العلاج واستعمال البخاخات بالطريقة المناسبة للاستفادة من فاعليتها ولتدخل الجسم بشكل مناسب.
كما يجب التزام العلاج والمتابعة المستمرة مع الطبيب. ويجب أن يمارس الطفل الرياضة بشكل طبيعي، إلا في فترات النوبات. علماً أن ثمة أبطالاً رياضيين في العالم يعانون الربو.

- متى يعتبر الربو غير مسيطر عليه وما حدة النوبات في هذه الحالة؟
يعتبر الربو غير مسيطر عليه في حال وجود أعراض ليلية تزداد حدةً. كما أن الحاجة المستمرة إلى استعمال البخاخات أكثر من مرتين أو ثلاث في الاسبوع هو مؤشر. كما ان الحالة تعتبر سيئة عندما لا يكون المريض قادراً على ممارسة الرياضة ويعاني سعالاً مزمناً.