في السعودية هشاشة العظام تنتشر بين النساء...

علاج, المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, الكالسيوم, ألم / آلام الظهر, صحة العظام, هشاشة العظام, مشكلة / مشاكل الظهر, إنقطاع الطمث أو الدورة الشهرية

20 نوفمبر 2012

أم عبد الرحمن سيدة تبلغ من العمر 60 عاماً. أصيبت منذ ما يقارب الخمس سنوات بمرض هشاشة العظام، واكتشفت الأمر بعد شعورها بألم شديد في منطقة الحوض امتداداً إلى الساق.
تقول: «ذهبت إلى الطبيب فأجرى لي الفحص وأخبرني بأني في المراحل الأولى لهشاشة العظام. شعرت بضيقٍ شديد وهو يكتب لي العلاج ويبلغني بأن هذا المرض لا شفاء منه نتيجة انقطاع الدورة للسيدات والكبر في السن. إلا أن الوقاية منه هي الأهم من البحث عن علاج يقضي عليه».
استمرت أم عبد الرحمن على العلاج لمدة ثلاث سنوات، وبدأت تشعر بتحسن ملحوظ في العظام حتى أن ألم الحوض اختفى مع المواظبة على العلاج، والمشي يومياً، وما زالت تتابع مع الطبيب باستمرار حتى لا تزداد الحالة سوءاً.

 هذه إحدى حالات هشاشة العظام في السعودية، المرض الذي كشفت دراسات انتشاره بين الذكور والإناث مقارنة بمجتمعات أخرى نتيجة العادات الغذائية غير السليمة، ونمط الحياة الذي تغيب عنه الرياضة والحركة، وعدم التعرض لأشعة الشمس بالشكل الصحي المطلوب، لتصل إلى 23 في المئة بين الرجال و 44.5 بين النساء.
وذكرت دراسة عالمية أن هناك ما يقارب 900 ألف رجل وامرأة يتوقع إصابتهم بالمرض بحلول عام 2030. ماذا يقول الأطباء؟ «لها» ترصد العوامل التي تؤدي إلى ازدياد نسبة المرض وانتشاره مع الأطباء في السعودية.


 
د. زعتري: هشاشة العظام مرض مزمن... تسهل الإصابة به لكن لا يسهل علاجه

قال استشاري الغدد الصماء والمدير الطبي في مدينة الملك عبد الله الطبية في مكة المكرمة الدكتور صفوان احمد زعتري إن وراء انتشار هشاشة العظام قلة الحركة، والتغذية غير السليمة، وخاصة في ما يتعلق بشرب الحليب ومشتقاته والكالسيوم، وغياب الغذاء الصحي لدى فئات عمرية صغيرة من الشباب والشابات وكبار السن أيضا، أضف إلى ذلك «قلة التعرض للشمس الأمر الذي يسبب نقص في فيتامين «د»، وهذا ما نجده بنسب كبيرة لدى الغالبية من الناس.
كما أن الإكثار من تناول المنبهات الشاي أو القهوة أمر سيئ. وانقطاع الدورة الشهرية في سن مبكرة لدى السيدات من أهم الأسباب لانتشار هذا المرض».

ولفت زعتري إلى أن تقصير المجتمع بعدم التوعية والتثقيف عن هذا المرض من أهم أسباب ارتفاع النسب في السعودية، لأن «هناك عوامل تساعد في الاصابة به ومنها التدخين الذي بات منتشرا بين الشباب والشابات، إضافة إلى المشروبات الغازية التي تؤثر على العظام بشكل كبير. ونحن بحاجة إلى إيصال التوعية إلى هذا الجيل وتعريفه بأنواع الهشاشة وأضرارها لأن الوقاية منها أهم من العلاج».

وأشار إلى انه في السابق كانت تُعطى السيدات هرمونات «لتعويض نقص الأستروجين في جسدها، إلا أن الدراسات أثبتت أن هذه الهرمونات سيئة جداً، وتؤدي إلى تصلب شرايين القلب، وإصابة الأوردة الطرفية بالجلطات، وارتفاع نسبة الجلطات في الساقين والقلب والدماغ، وهذه هي الحكمة الربانية بأن جعل هذه الهرمونات تنقص بعد سن اليأس إلى درجة كبيرة جدا.
نستطيع منع هشاشة العظام بالوقاية عن طريق بعض العقاقير والأدوية التي يمكن استخدامها بعد قياس كثافة العظام.
وهناك مجموعات من المرضى تُعطى علاجات وقائية كالمريض الذي يأخذ الكورتيزون للربو أو لإلتهابات أخرى، فمن الضروري أن يتناول أدوية مضادة لمنع هشاشة العظام.
ويحرص الطبيب أيضاً على عدم إصابة مريض الهشاشة بالكسور لصعوبة علاجها في ما بعد خاصة في منطقة الحوض والعمود الفقري».


د.سمان: قصر القامة وآلام الظهر من المؤشرات

أوضح استشاري الهرمونات والغدد الصماء وأورام الغدد الدرقية والنخامية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وعضو هيئة التوعية والتثقيف في المنطقة الغربية في السعودية الدكتور إباء مصطفى سمان، أنه «لا دراسات متكاملة ونوعية للحكم فيها على نسب صحيحة لهذا المرض في السعودية، لكن الملحوظ أن الإحصائيات الموزعة في المناطق تشير إلى أن نسبة الهشاشة وما قبل الهشاشة بين الأعمار من 50 إلى 59 سنة هي 55 في المئة، وما بين 59 إلى 69 سنة هي 85 في المئة، وما بين 70 إلى 79 سنة هي95 في المئة من المصابين، وهو ما يدعو إلى اتخاذ كل سبل الوقاية من هذا المرض». ولفت إلى إن «هذه النسب تعد مرتفعة جداً، ولا بد من اتخاذ الإجراءات الوقائية والتوعوية للحد من هذا المرض الصامت، خاصة عند النساء لإصابتهن به أكثر من الرجال الذين يمثلون ما نسبته 10 في المئة من إصابة النساء».

ولفت السمان إلى أن مرض هشاشة العظام مرض صامت يجب البحث عنه قبل حدوث الكارثة، مُحذراً من النحافة المفرطة التي تلعب دوراً كبيراً في الإصابة بالمرض، خاصة لدى السيدات اللواتي يحاولن إنقاص أوزانهن إلى ما دون الحد المسموح.

وأوضح أن الوقاية من هذا المرض تبدأ من الطرق السليمة في التغذية، والرياضة، و أسلوب الحياة ومنها النوم الذي يعتبر عاملا أساسيا للمحافظة على صحة العظام خاصة في فترة البلوغ أو فترات النمو، فمعظم الهرمونات التي تتعلق بنمو العظام وصلابتها يتم إفرازها بكثافة ليلاً.
يضاف إلى ذلك ضرورة الابتعاد عن كل ما يؤثر على صلابة العظام كالعادات السيئة مثل التدخين، والمشروبات الكحولية.

وأكد أهمية تناول علاجات البونفيفا التي تعمل على تعويض النقص الذي يحدث في كثافة العظام نتيجة نقص الاستروجين. وأضاف: «حبوب الكالسيوم وفيتامين ( د) لا تعتبر حلاً جذرياً للمصابات بهشاشة العظام، وإنما لا بد من البونفيفا الذي يتميز بفاعلية في مكافحة هذا المرض لأن الهشاشة من الأمراض الصامتة التي تنشأ بلا ألم.
لذلك على النساء الاهتمام ببناء عظام قوية في شبابهن وأن يحافظن عليها مع تقدم العمر».

ودعا السمان النساء ما فوق سن الخمسين واللواتي قطعن الدورة الشهرية بخمس سنوات إلى الخضوع للفحوص اللازمة، خصوصاً إذا ما لاحظن قصراً في القامة أو آلاماً في الظهر.


د.فقيه: هشاشة العظام تصيب صغيرات السن في السعودية

من جانبها، قالت الأستاذة المشاركة والمشرفة الطبية التعليمية لأمراض النساء والولادة في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز الدكتورة وفاء فقيه إن الكثيرات يصبن بهشاشة العظام بسبب نقص هرمون الإستروجين بعد الحمل وبدرجة كبيرة بعد سن الـ 40 ، وهو ما يزيد نسبة الهشاشة لدى السيدات.
كما أن طبيعة الحياة في السعودية لا تساعد على ممارسة الرياضة، وثمة فئات معينة لا يتبع أفرادها نظاما غذائيا معينا. لذا نجد أن الهشاشة منتشرة في السعودية أكثر منها في المجتمعات العربية الأخرى.

ولفتت إلى وجود فتيات صغيرات في سن 18 سنة مصابات بهشاشة العظام نتيجة عاداتهن الغذائية واعتمادهن الكامل على المشروبات الغازية، وهي ظاهرة غريبة منتشرة في السعودية.
وأشارت إلى وجود مركز لهشاشة العظام في جدة يتبع لجامعة الملك عبد العزيز، وهو مركز إحصائي خاص لمتابعة هذا المرض في السعودية.
وقالت: «بدأ العمل في المركز منذ أكثر من سنة تقريباً وله الكثير من النشاطات العلمية والتوعوية والبحثية للوقاية منه. كما يهتم المركز بالمسح الطبي للمرض ووجوده في السعودية، وهذا ما يمنحه طابعا بحثيا نخرج من خلاله بتوصيات تساعد في الحد من الانتشار والوقاية من هشاشة العظام، ناهيك بتهيئة الكفاءات العلمية والكوادر الطبية للتصدي لهذا الأمر».


د. المدني: الغذاء المتوازن يشكل كتلة العظام

قال استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية سابقاً الدكتور خالد علي المدني إن هناك عوامل غذائية كثيرة ترتبط بهشاشة العظام. فالكالسيوم والفوسفور والعناصر المعدنية الأخرى والبروتينات هي مكونات النسيج العظمي وفيتامين (د) ينظم توازن الكالسيوم، كما توجد عناصر غذائية أخرى تؤثر على امتصاص الكالسيوم وطرحه في البول، لذا فإن تناول الغذاء المتوازن الذي يحتوي على عناصر غذائية مهمة يؤثر على كتلة العظام، وتختلف درجة هذه العناصر الغذائية باختلاف مراحل العمر.

وذكر المدني أن «هناك ثلاثة أنواع من هشاشة العظام أولا: ما يكون بعد انقطاع الطمث بسبب نقص الاستروجين وهو من أكثر الأسباب المؤدية إلى هشاشة العظام المسببة للكسور في العمود الفقري من سن 65.
وثانيا: هشاشة العظام نتيجة الكبر في السن وتصيب الرجال والنساء. وثالثا: هشاشة العظام الثانوية ويمثل حدوثها أقل من 5 في المئة من حالات الإصابة بهشاشة العظام، وتحدث نتيجة وجود مرض معين أو حالة تُحدث اضطراباً في توازن الكالسيوم».