عمليات التجميل عند القاصرين

تقلب المزاج, محاربة الإكتئاب, مراهقة / مراهقات, المخدرات, جراحة التجميل, مراهق / مراهقون, عملية جراحية, خبراء التجميل , طبيب جراح, المزاج, طبيب تجميل, تقنيات تجميلية حديثة

11 ديسمبر 2012

في عصر العولمة والسرعة والإنترنت والإنفتاح على الغير، بات من غير المسموح أن يقبع الإنسان في قوقعته وينعزل عن المجتمع والناس.
ولا بدّ له من مواكبة الزمن المتغيّر، بالموضة والثياب وتسريحة الشعر... وحتى معايير الجمال!
صحيح أنّ مقوّمات الجمال تختلف من عصر إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، بيد أنه لا مجال لنكرانها أو حتى رفضها.
ومع الوقت، تتطوّر النظرة إلى مفهوم الجمال، لتتخطّاه من ترميم إلى تجميل بحت، ولتطال مختلف فئات المجتمع ومختلف الأعمار.
فقد إنتشرت في الآونة الأخيرة «موضة جراحات التجميل للقاصرين»، لأسباب مختلفة ومتعدّدة، تتدرّج من الترميم الذي لا بدّ منه، إلى التجميل لغرض التجميل فحسب.

يحاول المراهقون قدر المستطاع إرضاء رغباتهم عبر تحسين صورتهم الخارجية التي تنعكس على نظرتهم الذاتية وتؤثر على نفسيّتهم ومزاجهم.
ويتوجّه كثيرون منهم لإرضاء هذه الرغبات عبر الخضوع لجراحات تجميلية، تحسّن شكلهم الخارجي وتمكّنهم من التأقلم بسلاسة في المجتمع، ليتقبّلهم الغير.
تتحدّث الإختصاصية في علم النفس مارتين أبو زيد عن الأسباب التي تدفع بالمراهقين والقاصرين إلى إبداء الرغبة في تعديل شكلهم، وتشرح العوامل التي تؤثر على قراراتهم.
كما يتناول الدكتور رامي عنداري، الإختصاصيّ في جراحة التجميل والترميم، أكثر العمليات التجميلية شيوعاً بين المراهقين، مفسّراً بإيجاز كلّ واحدة منها.

أسباب التجميل
تشير أبو زيد إلى «وجود أسباب عدّة تدفع بالمراهقين إلى الخضوع للجراحة التجميلية، منها أّننا نعيش في مجتمع يعلّق أهميّة كبرى على الشكل الخارجيّ، ويحدّد معايير للجمال ويعطي مقاييس مفروضة للتشبّه بالمشاهير وبعارضي الأزياء.
 وثقافة المجتمعات الحديثة تحضّ جميع الراغبين، من كل الأعمار، على تحسين ذواتهم، للشعور بالرضى الداخلي وتعزيز الثقة بالنفس.
كما أنّ تطوّر الجراحة التجميلية وسهولة القيام بها والنتائج المُرضية التي تعطيها، تشجّع الناس على إختيارها وسيلةً لتحقيق ما يحلمون به».
تضيف أبو زيد: «ولا بدّ من التشديد على أنّ المراهقين بشكل خاص، يخضعون لضغط نفسيّ هائل من زملائهم، فلا بدّ لهم من التأقلم والتخلّص من أيّ شائبة، مهما بدت سطحية أو بسيطة، خوفاً من الإنتقاد اللاذع والنقد المؤلم».
لكن مهما إختلفت الأسباب، يبقى الحافز الأهمّ هو تحدّي المراهق لذاته، وإتخاذ القرار الملائم.
لذا، على الدافع أن ينبع منه شخصياً، وفقاً لاقتناعاته الخاصة، المنطقية والمدروسة.
إذ يجب أن ينبع القرار بعد التحليل وإجراء البحث وإستشارة الطبيب المختصّ والخضوع للتشخيص الصحيح وليس تلبية لنزوة عابرة أو رغبة جامحة.

دوافع منطقية
تقول أبو زيد: «غالباً ما يكون خضوع شخص مراهق لجراحة تجميلية ذا أهداف مختلفة عن أسباب البالغين. إذ تختلف أولوياتهم ونظرتهم إلى الحياة وأفكارهم.
ففي معظم الأحيان، يكون الدافع الأساسيّ هو ترميميّ، لتحسين شائبة جسدية، تشكّل مصدر إحراج أو عيب، وقد تنعكس سلباً على الحياة الإجتماعية والشخصية للمراهق. وقد تؤثر على المراهق خلال مرحلة البلوغ».
ويمكن القول ببساطة إنّ المراهق يخضع لعملية التجميل للتشبه بغيره، كي يتأقلم معه ويشبهه، فيما يقدم البالغ على هذا الإجراء الجراحيّ للتميّز عن سواه، بغية البروز في المجتمع، بشكل فريد لا يشبه أحداً!

ترميم ضروريّ
تلفت أبو زيد إلى أنّ «مطالب المراهقين قد تكون محقّة أحياناً، وتكون الحاجة ماسّة وتحتّم الخضوع لعملية تجميلية، أساسها ترميميّ.
فالأنف البارز أو الأذنان الناتئتان أو الثديان الكبيرا الحجم أو غير المتساويين، أو حبوب الشباب والندبات الناتجة عنها... كلّها عيوب جسديّة بيولوجية ذات إنعكاسات نفسيّة وحتى إجتماعيّة.
فعندما يتخلّص المراهق ممّا يقضّ مضجعه، يربح إحترامه الذاتي ويرتاح إلى شكله، مما يشجّعه على الإنخراط مع الغير وعيش حياة طبيعية بعيداً عن الخجل والإنزواء».
والجدير بالذكر أنّ المحيطين بالمرهق من زملاء وأتراب، يقسون عليه ويضخّمون أي شائبة ليصبح حتى مدعاة سخرية وهزء و»مكسر عصا»، يشمتون به وينتقدونه لإختلافه ويحبطون عزيمته. فالخيار الصحيح عندها هو الخضوع للجراحة حتماً.

قيود وشروط
تشدّد أبو زيد على ضرورة «أن يتمتّع المراهق بالنضج العاطفي الكافي ليفهم القيود المفروضة على الجراحة، حتى يستوعب ماهية النتائج التي يمكن تحقيقها، بعيداً عن التشبّه بالنجوم والمشاهير! إذ على الطبيب المختصّ والأهل والمراهق الجلوس معاً لمناقشة المشكلة والحلّ والنتيجة المتوقّعة وما يترتّب على الشخص، وحتى العواقب والألم وإمكان الخطأ.
ففي بعض الأحيان، لا يمكن الإقدام على الجراحة إلاّ بعد النضج الجسديّ وإكتمال النموّ مثلاً. كما على الشخص أن يفهم أخطار الجراحة التجميلية».

دعم الوالدين
كما هو الحال مع أي جراحة، من المطلوب موافقة الوالدين على كل إجراءات الجراحة التجميلية التي تجرى على المراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.
وتقول أبي زيد إنّ «دعم الوالدين أمر ضروري، فلا بد من إحترام رغبة المراهق في الخضول لجراحة التجميل، متى أعرب بوضوح ولفترة من الزمن عن أهدافه.
فبعض المراهقين لديهم أهداف واقعية وعندهم نضج كافٍ لإتخاذ قرارات مدروسة. وعلى الأهل أن يشرحوا فوائد الجراحة التجميلية وقيودها، كي يتجنبوا الإنجراف بالأوهام غير الواقعية حول التغيرات التي ستحدث في حياتهم نتيجة لهذا الإجراء.
كما يجب أن يلفتوا نظرهم إلى قدرتهم على تحمل مشقة الجراحة والتشوه الموقت الذي يتبع عمليات التجميل».


الجراحات الأكثر شيوعاً

يقول الدكتور عنداري إنّ «أكثر عمليات التجميل شيوعاً بين المرهقين هي  تجميل الأنف Rhinoplasty، تجميل الأذنين Otoplasty، تصحيح  شكل الثديين وحجمهما وعدم تساويهما  Correction of Breast Asymmetry، تكبير الثديBreast Augmentation ، تصغير الثدي Breast Reduction، تصغير الثدي عند الذكور Gynecomastia، وعلاج حبّ الشباب والندبات في البشرة Acne & Scar Treatment».

يفسّر: «إنّ جراحة تجميل الأنف أو إعادة تشكيل الأنف تشكّل نحو 50% من مجمل جراحات التجميل للمراهقين. يكون ذلك لتصويب مسار العظم أو إزالة النتوءات أو تعديل الطرف أو فتح مجرى التنفس.
من المستحسن عدم القيام بهذا الإجراء قبل سن الخامسة عشرة للفتيات والسادسة عشرة للفتيان، ليكتملّ نمو الأنف».

يضيف عنداري: «أمّا جراحة الأذن التجميلية، فهي تشكّل نحو 11% من معدّل العمليات للقاصرين. وهدفها تصحيح نتوء الأذنين نحو الأمام، بحيث يتمّ إرجاعها إلى الخلف لتتناسب مع شكل الوجه.
ويمكن إجراء هذه الجراحة بعد سن الخمس سنوات».

من جهة أخرى، يوضح عنداري أنه «بالإمكان إجراء مختلف الجراحات لمنطقة الثدي، حسب الحالة.
إذ إنّ أكثر ما يُطلب هو تصحيح شكل الثديين وحجمهما وتعديل تساويهما وتماثلهما، خاصة عندما ينمو حجم ثدي واحد أكثر بكثير من الثدي الآخر.
عندها، يتمّ اللجوء إلى عملية لتصحيح الفارق، إمّا عبر تكبير الثدي الأصغر، أو تصغير الثدي الأكبر، أو تعديل حجم الثديين معاً. لكن يجب الإنتظار لإكتمال نمو الثدي قبل الخضوع لهذه الجراحة من أجل الحصول على النتائج الفضلى».

ويمكن إجراء عملية لتكبير حجم الثديين أو لتصغيره عند الفتيات للتغلّب على المشاكل النفسية وحتى الجسدية الناتجة عن ذلك. فقد يفضي كبر حجم الثديين المفرط إلى آلام ظهر مزمنة، ما يستدعي تصغيره لدواعٍ صحّيّة.

يستطرد الدكتور عنداري: «قد يعاني بعض الشباب أيضاً مشكلة محرجة للغاية، هي تضخّم حجم الثديين، لذلك من الضروري الخضوع لجراحة لإستئصال للثدي Gynecomastia».

وأخيراً، يبقى أنّ معظم المراهقين يعانون مشكلة حبّ الشباب والندبات الناتجة عنها. وقد أصبح بالإمكان السيطرة على هذه الشائبة عبر إستخدام أدوية وعقاقير طبية مدروسة.
وفي بعض الأحيان، قد يستعين طبيب التجميل بتقنيات مساعِدة لإعادة الملمس الناعم للبشرة من خلال إستخدام ماكنة الليزر للتقشير، أو تقنية البري عبر الMicrodermabraison، أو حتى التقشير الكيميائي، للحصول على نتائج مُرضية.


 لا يُنصح بالجراحة التجميلية

  • للشباب الذين هم عرضة لتقلب المزاج أو السلوك خاطئ.
  • للشباب الذين يتعاطون المخدرات و / أو الكحول.
  • للذين يخضعون للعلاج من الاكتئاب أو مرض عقلي آخر.