المصورِّة الفوتوغرافية منى عبدالكريم: معرضي «ألوان من الهند» بداية لمشاريع ثقافية مقبلة

طارق الطاهر (القاهرة) 25 فبراير 2018

بعد سنوات من التعرف عليها، بوصفها مصورة فوتوغرافية لها مساهماتها الواضحة في هذا المجال، قررت منى عبدالكريم أن تقيم معرضها الفوتوغرافي الأول بعنوان «ألوان من الهند»، في المركز المصري للتعاون الثقافي الدولي، في حضور الكاتب الصحافي حلمي النمنم، وزير الثقافة، وسانجاي باتاتشاريا سفير الهند في مصر.


المعرض يضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية، التي تسجل مشاهد من احتفالات أقيمت في مصر بعيد الألوان، المعروف لدى الهند باسم «الهولي»، كذلك يحوي مجموعة متنوعة من صورها التي التقطتها للفرق الفنية الهندية التي زارت القاهرة على مدى السنوات العشر الماضية.

عندما شاهدت هذا المعرض، تذكرت كتابها الأول الذي صدر منذ سنوات بعنوان «حكاية الحكاية»، وهو مجموعة قصصية تعتمد فكرتها على الحكي، وتتابع هذا الحكي بصوره المختلفة عبر أجيال متعددة، هذا المعرض–  من وجهة نظري-  هو وسيلة أخرى لمنى لكي تحكي عما رأتـه بصرياً، فالصورة هنا تتجاوز المفهوم التقليدي للفوتوغرافية، لتصبح بمثابة حكاية، تتابعها منى سنة بعد سنة، هذا ما يتضح في صورها التي التقطتها للفرق الفنية التي زارت مصر في السنوات الأخيرة، وكذلك من خلال مجموعة الصور التي تسجل احتفالات السفارة الهندية في القاهرة بعيد الألوان، فالمعرض هنا هو نتاج تأثير الكلمة والصورة معاً، وهو يأتي بعد سلسلة من المشاركات في المعارض الفوتوغرافية الجماعية، وكذلك بعد نجاح صورها في أن تحتل أغلفة مجلات ثقافية مهمة، مثل «صوت الهند» و«أخبار الأدب» وغيرهما، كما أنها المصورة الرسمية لمهرجان الهند على ضفاف النيل، الذي يقام في القاهرة سنوياً منذ العام 2011 وحتى الآن، ويعد بمثابة تظاهرة ثقافية مهمة.

وحول تجارب منى الإبداعية والفنية المختلفة، دار هذا الحوار.

- ما الفكرة الرئيسية التي تسيطر على هذا المعرض؟
يتناول المعرض كما يوحي العنوان «ألوان الهند» بمعناها الحرفي والمعنوي، فالهند حرفياً هي أرض الألوان، التي ربما لن تجدها بمثل تلك القوة وتلك الدرجات في مكان آخر من العالم، وكما ارتبط اسم الهند بكونها أرض الألوان، فإن احتفالها بالألوان هو الأقوى على الإطلاق، فحين يأتي الربيع يتم الترحيب به من خلال مهرجان «الهولي». أما على الصعيد المعنوي، فإن «ألوان الهند» هي كل تلك التنويعات الثقافية والفنية والحضارية التي يشكل كل منها درجة لونية في «باليتة» الهند شديدة الثراء.

- لماذا قصرتِ معرضك الأول على «ألوان الهند» فقط ولم تقدمي تجارب أخرى خضتها في السنوات الماضية؟
الحقيقة أنني مهتمة جداً بأن يكون لكل معرض مفهوم يدور حوله، وليس مجرد عرض لمجموعة متنوعة من الصور، «ألوان الهند» هو معرضي الفردي الأول وليس الأخير، حيث أفكر في أن يكون هناك جزء ثانٍ من المعرض حول أوجه التشابه بين الفنون الأدائية البصرية المصرية والهندية، من خلال تقديم مجموعة من الصور التي تعكس ألوان الفنون المصرية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التنورة والتحطيب والفرق الشعبية وغيرها، ويتم تقديم المعرض هنا وفي الهند بحيث تصبح الصورة أداء للتواصل الثقافي.
وهناك عدد من المشاريع المستقبلية الأخرى التي أعمل عليها حالياً، والتي أتمنى أن تخرج الى النور قريباً، وربما جاء معرضي الأول مرتبطاً بالهند حيث إنني أعمل مدير تحرير مجلة «صوت الهند»، وكذلك كان لي الحظ في متابعة العروض الفنية الهندية التي أقيمت في مصر على مدار أكثر من عشرة أعوام، وتصوير غالبيتها، حتى ارتبطت بالفنون الهندية بشدة، كما تمكنت أيضاً من حضور العديد من الاحتفالات الهندية في مصر، وأكثرها بهجة طبعاً عيد الألوان أو ما يعرف باسم «الهولي»، وربما لتلك الأسباب اقتصر المعرض الأول على عرض بعض جوانب الثقافة الهندية التي عايشتها بنفسي.

- لماذا تأخر معرضك الفوتوغرافي الأول لسنوات، رغم أن لك تجارب فوتوغرافية كثيرة من قبل؟
عندما بدأت التصوير كهواية منذ أكثر من عشر سنوات، شاركت في العديد من المعارض الجماعية، ثم وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وجدت متنفساً لعرض الصور ومشاركتها مع أصدقائي ومحبي التصوير، من خلال الفايسبوك وإنستغرام، لذا قررت منذ فترة أن أركز جهودي في إقامة معارض فردية تكون بمثابة مشاريع ثقافية، والحقيقة أن إقامة معرض فردي هو أمر مجهد للغاية، ويحتاج الى وقت قد لا يتوافر بسهولة.

- من خلال متابعتي أعمالك، قمت بتصوير الكثير من الأدباء والمثقفين، كيف تقيمين هذه التجربة وهل تصوير الأدباء أمر سهل؟
دعني أبدأ من الجزء الثاني من السؤال، بالنسبة إلي ليس سهلاً على الإطلاق، كل مهمة تصوير لأحد الأدباء هي تحدٍّ ألا تخرج الصور شبيهة بما قبلها، أن تعكس شخصية الأديب الذي أقوم بتصويره، أن تكون حقيقية وصادقة وفيها دفء إنساني، وهذه الأمور في العادة تتضح في الصور حين تقترب من الإنسان وتذيب الحواجز، وهذا يحتاج الى وقت ومعرفة، وفي الغالب يكون لقائي ببعض الأدباء هو اللقاء الأول عن قرب خلال مصاحبتي لأحد زملائي لإجراء حوار معهم، بعضهم يكره التصوير، ما إن أتوجه إليه بعدسة الكاميرا حتى تختفي ملامحه التي أراها بعيني، هناك أشخاص عدة وطبقات ثرية داخل كل إنسان، بخاصة الأدباء والشعراء، فكيف تقتنص روح الأديب التي تظهر في كلماته في الصورة؟ أذكر نفسي كل مرة بأن الصورة يجب أن تكون رفيقة الكلمة، أشعر بالرعب حين أسأل نفسي: هل تخرج الصورة على مستوى النص؟ لذا فهي تجربة ثرية وعميقة وتحتاج الى وقت طويل كي أعبر عنها لأن لكل تجربة حكاية مختلفة.

- قبل هذا المعرض بفترة قصيرة، كانت لك تجربة الناقد المقيم لبينالي الأقصر الدولي للتصوير، ما أبعاد هذه التجربة وكيف أثرت فيك؟
هي تجربة من التجارب الثرية الأخرى التي ربما أحتاج الى عام آخر كي أسجل ما اكتسبته هناك، معايشة 25 فناناً، من مصر والدول العربية والأفريقية والأوروبية، لمدة أسبوعين عن قرب إضافة إلى عشرة فنانين شباب ممن فازوا بجائزة السمبوزيوم في صالون الشباب في دورته الأخيرة، لكل منهم تجربة فنية ثرية كان عليَّ التعرف عليها لتقديمها في أمسيات ثقافية يومية لتطور لغة حوار بين المشاركين في الملتقى، ذلك بخلاف معايشة تجربة ابتكار العمل الفني، تأثره بالبيئة المحيطة وتضافرها مع تجربته الممتدة، معاناة الفنان أمام اللوحة لحظة الميلاد، الصراع مع المسطح، حالة الهدم، العجز، اليأس، الانتصار، قبل أن يصل الفنان الى تلك اللحظة الحاسمة التي يضع فيها توقيعه على العمل، كل تلك المشاعر والمشاهدات اختزنتها كلها في داخلي، واستمتعت بها.