مها شيرة تحتضن رائدات الأعمال بمشروع «She Works»

عزيزة نوفل (جدة ) 25 فبراير 2018

تميّزت بالطموح والعلم والخبرة، وجمعت خلال سنوات دراستها بين مجالات كثيرة، وتنقلت بين عدد من الوظائف، مؤسِّسة لنفسها خبرة متشعّبة لم تُثنِها عن شغفها وحبها للتصوير الفوتوغرافي الحر، مصوّبة عدسة آمالها وتطلعاتها لتشمل كل امرأة طموحة تحب العمل، في مشروع يعد الأول من نوعه في المملكة تحت مسمى «She Works»، والذي أسّس في نهاية عام 2014، بهدف تمكين رائدات الأعمال وصاحبات المشاريع الصغيرة أو حتى العمل الحر، ليمارسن أعمالهن في بيئة أنثوية مريحة وداعمة لهن. إنها السيدة مها فريد شيرة التي حدّثتنا في هذا الحوار انطلاقاً من نقطة البداية، وصولاً الى طموحات لا نهاية لها.


عملي في التصوير الحر زاد أفكاري غنىً

- في البداية، عرّفينا عن نفسك قبل البدء بمشروع «She Works»؟
أنا امرأة متزوجة وأم لطفلين، حاصلة على بكالوريوس في اللغات والترجمة، وماجستير في إدارة الأعمال، وديبلوم في التصوير التجاري من كندا. أملك الكثير من الهوايات، لكن الجانب الفني يطغى على ميولي، فأجد نفسي دائماً في الأعمال الفنية والتصوير الفوتوغرافي.

- ما الوظائف التي تدرّجت فيها قبل تفكيرك في إنشاء مشروعك الخاص؟
مجالات خبرتي وعملي مترامية ومختلفة، إذ عملت في البداية مدرِّسة لغةٍ إنكليزية، ثم مترجمة في مستشفى قوى الأمن، وتوظّفت بعدها في أحد المصارف في قسمَي التدقيق الداخلي والاستثمار، وهذا فتح لي المجال لتغيير مساري الأكاديمي، كما عملت لفترة في مجال الطاقة الشمسية، وما زلت أعمل في مجال التصوير الحر حتى بعد تفرّغي للعمل كمديرة تنفيذية لمشروعي الخاص «She Works».

- كيف لمعت فكرة «she Works» في رأسك؟
عملي في مجال التصوير الحر بعد عودتي إلى المملكة، جعلني ألتمس حاجتي وحاجة السيدات اللواتي يزاولن الأعمال الحرة وصاحبات المشاريع الصغيرة، فمعظمنا أمهات ولا نملك الوقت الكافي أو المكان المناسب لإنجاز العمل ومقابلة العملاء في أماكن عامة، ومن هذا المنطلق وجدت أن من الأفضل توفير مكان يحتضن هذه الفئة من الأمهات أو الطالبات أو حتى المبتدئات بالعمل الحر، لجعل تجربتهن في العمل أسهل وأكثر احترافية، في مكان يلبي كل احتياجاتهن ولا يقتصر على فئة أو مجال معين، وبدأت الارتباط بهذه الفكرة في عام 2013، وزاد اقتناعي بها، إلى أن نفّذت الخطوات الأولى للمشروع.


المجازفة دُعمت بالحب والإيمان لأحقق النجاح

- دخول مشروع غير مألوف هو مجازفة خطرة، من دعمك مادياً ومعنوياً؟
في الحقيقة، كان مشروعي عبارة عن مغامرة في منتهى الخطورة، لذلك ترددت في البداية بحكم خبراتي السابقة، ولكوني إنسانة تقيس المخاطر قبل خوض أي تجربة. كما أن أفراد عائلتي هم في غالبيتهم من أصحاب الوظائف والمهن النمطية الآمنة، فلم يكن أمامي نموذج في العائلة يغامر أو يستثمر في المشاريع فيدفعني للمضي بما أفكر فيه. لكن دعم زوجي الذي وجد فيّ الطموح والمثابرة والعمل الجاد، شجّعني على خوض هذه المغامرة، فهو سندي المعنوي والمادي، إضافة إلى صديقتي وشريكتي التي وثقت بقدراتي ودعمتني مادياً ومعنوياً، فانطلاقة مشروعي كانت انطلاقة مبنية على الحب والإيمان.

- كيف خططت لمشروعك وما الصعوبات التي واجهتك في بداياتك؟
خططت في البداية لمشروعي بعمل دراسة جدوى اقتصادية مبدئية، مُحددةً أمامي سقفاً من التوقعات والأهداف التي لم أصل إليها وفقاً للمخطط الزمني المرسوم، وذلك تبعاً لأسباب عدة وصعوبات واجهتني في بداية المشروع، والتي من أهمها صعوبة إصدار ترخيص لمشروعي الذي يعد جديداً بفكرته وغير مألوف أو مُصنّف من الجهات الحكومية، إضافة الى الوقت الحرج الذي أُسّس فيه المشروع في نهاية عام 2014، والذي شهدت فيه المملكة تذبذباً في وضع السوق وتغيرات وزارية ونظامية جديدة لم تكن آليه التعامل معها معروفة بعد. لكن مما لا شك فيه، أن هناك تطوراً ملحوظاً منذ بداية تأسيس مشروعي وحتى الآن، وأنا أنظر الى المستقبل بتفاؤل، وأتوقع حدوث المزيد من التسهيلات.


مشروعي مزيج من اللمسات الأنثوية والبيئات الداعمة والخبرات المتبادلة

- أطلقت على مشروعك اسم «She Works» لرغبتك في تأنيث الأجواء المكتبية، كيف اهتممت بتصميم مشروعك وشكله الخارجي؟
حاولت قدر الإمكان رسم صورة مثالية للمكان الملائم والملهم لعمل المرأة في شكل عام، ورسمت صورة أنثوية مريحة وإيجابية لتصميم المكاتب والغرف، وهو ما ليس متوافراً في الشركات أو المؤسسات الحكومية أو الخاصة، التي تُصمّم في شكل ذكوري تقليدي، لا اهتمام فيه بتفاصيل موقع المكاتب النسائية أو مساحتها أو ديكورها، فهي إما في زاوية الغرفة أو محاطة بسواتر، وبالتالي تفتقر الى التهوئة والإضاءة الطبيعية.

- كيف هو الإقبال على «She Works»، وما الفئة المستهدفة التي تحاولين كسب ثقتها؟
في البداية، كان الإقبال خجولاً، وذلك لعدم شيوع فكرة المكاتب المشتركة محلياً، إضافة إلى أن هذا النوع من المشاريع في حاجة إلى ثقة العميل، وهذا بلا شك يحتاج إلى وقت وتجربة إيجابية مع المكان ومع المحيطين، وهدفي من إنشاء هذا المشروع هو أولاً وأخيراً احتضان فئة السيدات اللواتي بدأن بعمل حر أو صغير من أمهات أو طالبات، ومساعدتهن على الخروج إلى سوق العمل في شكل احترافي ومدعوم، وقد استطعنا خلال ثلاث سنوات الحصول على ثقة الكثيرات وتأهيل عدد من السيدات للانتقال إلى مكاتب خاصة بهن، وهذا ما جعلنا نتفرد بسمعة جيدة تجلب لنا المزيد من العميلات.

- تحدّثت عن دعم فئة رائدات الأعمال واحتضانها، ما الخدمات التي تقدمينها حصرياً؟
توفيرنا مساحات العمل المشتركة يتماشى بمرونة مع متطلبات كل سيدة من نواحٍ عدة، فلدينا تأجير بالساعة أو باليوم أو بالشهر أو بالسنة، موفّرين للعميلة خلالها المكتب الخاص بها، حاملين على عاتقنا التفاصيل التي تخصّ المقاولات أو الصيانة أو النظافة، إضافة الى تقديم الخدمات اللوجستية الأخرى مثل السكرتارية والاستقبال وحجز المواعيد في غرف الاجتماعات وقاعات المحاضرات، ذلك كله بالاشتراك مع سيدات أُخريات، فتصبح تجربة العمل أكثر متعة وفائدة وأقل تكلفة على الجميع، مع الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا في شكل مشجع يؤهّل السيدة لدخول مجال العمل بكل ثقة، وسط تجمع كبير يضم فئات ومجالات وأعماراً مختلفة.


النساء أخوات الرجال... وأمهات نصف المجتمع الآخر

- ما المجالات التي يناسبها العمل تحت سقفكنّ؟
بيئة المكاتب المشتركة في شكل عام تناسب الكثير من مجالات العمل، فلدينا المصوّرات ومصمّمات الديكور وكثيرات غيرهن، لكن المجالات الطبية تعدّ غير ملائمة للعمل لدينا، لكونها تحتاج الى ترخيص مختلف، إضافة إلى حاجتها الى معدّات ومكان مخصص، لكن هناك طبيبات كثيرات يتعاونّ معنا لتأسيس ورش عمل أو قاعة محاضرات، أو حتى مساعدتهن للتواصل مع جهات إعلامية أو مصورات أو مصمّمات. عموماً، هناك مزيج متكامل وتآلف وسط تبادل للخبرات والاستشارات بين كل العميلات، اللواتي أعتبرهن شريكات نجاح ولسن مجرد مستأجرات. ولا يمكن أيضاً نسيان دور الكوادر التي تعمل لديّ بكل جد وكد لرفع مستوى خدماتنا والحصول على رضا عملائنا.

- العام الماضي كان عاماً حافلاً بقرارات محلية تهدف إلى تمكين المرأة ومشاركتها الرجل في كثير من الصعد والمجالات، ما تقييمك لهذه القرارات وما هي توقعاتك المستقبلية؟
النساء هنّ أخوات الرجال ونصف المجتمع وأمهات نصف المجتمع الآخر، فلا غنى لنا عن الرجل، ولا الرجل يستغني عنا، ومنذ زمن والمرأة السعودية تثبت نفسها بجدارة في مجالات مثل الطب والهندسة والمحاماة...، والقرارات الأخيرة تدعم مسيرة المرأة وتساهم في القضاء على بطالة النساء لتحريك عجلة الاقتصاد، وتحويلنا من مجرد مستهلكات إلى منتجات.

- التطوير والتجديد أمران مطلوبان في أي مشروع، ما هي أفكارك لتطوير مشروعك؟
أهدف الى افتتاح فروع أخرى في مدينة الرياض لتشمل الخدمة مزيداً من العملاء، ومن ثم الانتقال إلى مدن المملكة الأخرى، وصولاً إلى دول الخليج.

- ما خططك المستقبلية بعد «She Works»؟
أطمح إلى تأسيس مجموعة من المعامل والمصانع النسائية التي تهدف إلى تمكين المرأة السعودية في مجالات الصناعة، بعيداً من نمط «الأسر المنتجة» المقتصر على الأطعمة والمنسوجات، فأنا أعني الصناعة في شكلها الحقيقي وإنتاج منتجات من العدم، مثلنا مثل أي دولة مصنّعة كالصين، فما المانع في تعليم شباننا وشاباتنا صناعة الأقلام أو الشاشات والألواح أو حتى إدماجهم في الصناعات البتروكيميائية، لإكسابهم الخبرة لشغل مناصب هم جديرون بها؟ وأتمنى أن أجد دعماً من الجهات المسؤولة لتحقيق هذا الحلم.