الشجار بين الأبناء وعدم الخضوع للوالدين

تربية الطفل / الأطفال, مرحلة القلق, الشجار بين الصبيان, أسباب الشجار, تحديد الهوية, الصراخ, دور الضحية, قواعد السلامة, مساومة, القوانين المنزلية, نوبة غضب

21 أبريل 2009

يكاد الشجار بين ابنتي (٩ سنوات) وابني (٧ سنوات) لا يتوقف. وغالباً ما يبدأ الخلاف حول أمر بسيط ويتصاعد ليصبح شجاراً، يبدأ بالصراخ وينتهي بالعراك واللكم. فما الحل؟

 

يرى الاختصاصيون أن العلاقة الأخوية هي أول المظاهر التي تحدد صورة الجنس الآخر، واختلاف الأنا عن الآخر الذي يقابله. تساهم هذه العلاقة في وضع اللبنة الأولى لتحديد الهوية. وغالباً ما يمثل الصراع بين الأخ والأخت استراتيجية لإيضاح الخطوط العامة للشخصية وتحديدها، وإعلان الاختلاف عن الآخر أي " أنا أيضاً موجود". ويشكل هذا التعليم الأول في الحياة الاجتماعية المسار المنطقي لنمو شخصية الطفل وتطوّرها.

 

وفي ما يتعلق بالعلاقة بين الأخ والأخت يرى الاختصاصيون أنها علاقة عاطفية تكون أحياناً علاقة محبة وأحياناً أخرى عدائية سادية. فمثلاً عندما تنهر الأم ابنها ترى الابنة أنها مصدر قوة بالنسبة إليها، فهي تظن أن أمها لم تعد تحب شقيقها، وستحوز وحدها كل الحب. ويحذر الاختصاصيون من عاقبة تصرف الأم على هذا النحو، فرغم أن نهر الأم لابنها أو ابنتها أمر طبيعي يحدث في العائلة فإن على الأهل أن يحدّوا من هذه النزوة عند الابن أو الابنة التي تسعد لأن أخاها تلقى عقاباً، وأن يؤكدوا بنبرة حازمة: «لا نقبل إطلاقاً أن تضحك لأن الموقف ليس مضحكاًً» وتوضيح هذا الأمر بالقول: «إذا استمريت بالضحك سوف تنال عقاباً أيضاً».

 

 وفي المقابل ينصح الاختصاصيون الأهل بألاّ يتدخلوا مباشرة عندما يبدأ الأخوة بالشجار. إذ من الضروري أن يتعلم الأخوة مع الوقت كيف يفضّون مشاكلهم وصراعهم. فالشجار والصراخ لا يجوز أن يصبحا وسيلة اتصال بينهم. أما إذا تحوّل الشجار إلى عراك بالأيدي، فمن الضروري أن يتدخل الأهل ويوقفوا الصدام بشكل حازم، ويؤكدوا مبدأ احترام الآخر.

 

إذاً ماذا يمكن الأهل القيام به؟
هناك طرق عدة يمكن الأهل حل النزاع بين الأخوة بواسطتها ويمكن أن تكون على الشكل الآتي:

البحث عن أسباب الشجار وليس معرفة من هو المذنب. لأن كل طفل يظن أن شقيقه أو شقيقته هو المذنب او هي المذنبة؟

الطلب من الأبناء الأخوة جميعاً  الاعتذار عما بدر منهم، ومن ثم حضهم على إيجاد تسوية أو حل موقت لشجارهم.

 

- اذا تحوّل الشجار إلى عراك بالأيدي يمكن الأم أن تفرض عقاباً جماعياً يتطلب تعاوناً بين الأخوة، مما يساهم في تعزيز فكرة الوحدة والتعاون في ما بينهم.

تجنب التدخل لحماية أحد الأبناء بحجة أنه الأصغر والأضعف، فهذا قد يؤدي إلى أن يقبع في دور الضحية في شكل دائم  بينما أخوه يقوم بدور المتسلط والظالم.

ثلاث خطوات تساهم في توجيه طاقة الأبناء وتخفيف عدوانيتهم

تنظيم لعبة معركة الدغدغة

تحديد قواعد هذه اللعبة لكل لاعب، الأول يدغدغ أخاه الذي عليه السماح له بذلك والخاسر هو الذي يضحك أوّلاً.

تحديد قواعد السلامة التي يجب احترامها: ممنوع الضرب. ممنوع شد الشعر...

 

ماذا عن إخضاع الأبناء لقوانين الأهل؟

«نوبات الغضب التي يصاب بها الطفل أثناء وجوده مع أهله في السوق، أو رفضه القيام بواجباته المدرسية، وقلة الاحترام والوقاحة في التصرّف في الأماكن العامة...» يشكّل الطفل الذي لا يتقيد بقوانين المنزل كابوساً للأهل وكذلك بالنسبة إلى أولئك الذين يحيطون به. وفي الوقت نفسه فإن الطفل الذي لا يعرف التقيد بالقوانين يشعر بالقلق والتوتر. لذا من الضروري أن يعرف الأهل كيف يجعلون طفلهم خاضعاً لقوانين المنزل.

ويتفق جميع الاختصاصيين التربويين على أنه من الضروري السماح للطفل بالتعبير، ولكن بعض التصرفات تكون غير مقبولة. فماذا يجدر بالأهل القيام به كي يفهم الطفل ضرورة الإذعان لطلب والدته؟

يرى الاختصاصيون أن منح الطفل حرية التعبير عن رأيه وعما يشعر به يساعد في نموه النفسي والفكري، لكن هذه الحرية لا تكون كيفما اتفق ومن دون حدود، لأنها قد تتحول إلى وقاحة. لذا قبل أن يُطلب من الطفل الخضوع لقوانين الأهل يجدر أن يشرح له الأهل لماذا عليه التقيد بقوانين المنزل والآداب العامة. فهم أهله، وهو لا يزال صغيراً ، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية أفعاله أمام القانون والمجتمع، ومن الطبيعي أن يكون والداه صاحبي القرار حتى يبلغ الـ١٨، فهذا يشعر الطفل بالطمأنينة. ومع ذلك لا يجوز أن يبرر أو يعلل الأهل سبب كل طلب، فهذا يفتح الباب أمام مساومة الطفل أهله طوال الوقت، في حين أن المبدأ الأساس هو أن يتقيد الطفل بقوانين المنزل لأن الأهل ببساطة هم من وضعها. فمثلاً عندما يطلب الأهل من الطفل أن يأوي الى فراشه عند السابعة مساء، لا تكون هناك مساومة بل عليه التقيد من دون شروط مسبقة. فبعض الأهل يقولون له إذا نمت في هذه الساعة سوف أسمح لك غداً بمشاهدة التلفزيون قدر ما تشاء. فهذا يحفز الطفل على المساومة في كل أمر يطلب منه. "عليك أن تدرس لتنجح"، " من غير المقبول أن تصرخ في الشارع"...

 


متى
يجب معاقبة الطفل المتمرد؟

في حالتين:

عندما يدرك معنى القوانين المنزلية وأن عليه التقيد بها.

عندما تكون الأم متأكدة أن نوبة غضب طفلها ليست عابرة.

 


كيف
يكون العقاب؟

فردياً: في حال وجود عدة أبناء لا يجوز الأهل معاقبة الجميع بسبب تصرف أحد الأبناء تصرفاً وقحاً بل ينال العقاب من قام بهذا التصرف. أما إذا كان التصرف جماعياً فيجب أن يكون العقاب جماعياً.

العقاب من دون عنف: فالعنف يولد عنفاً. لا يضرب الطفل أو يهان أمام الجميع بل تكون معاقبته بعيداً عن الآخرين، ومن المؤكد ان الضرب ممنوع.

العقاب لمرة واحدة: عندما يكون العقاب فعالاً يمكن الأم فتح صفحة جديدة من دون أن تذكر طفلها بفعلته، لأنه سيظن أن والدته حاقدة عليه. بمعنى آخر يكون العقاب نتيجة للفعل الآني وليس نتيجة لفعل في الماضي والحاضر معاً.

ويشير الاختصاصيون إلى أن العقاب الناتج عن التصرفات السيئة يجب أن يواكبه مديح على التصرفات اللائقة. فالطفل يحب أن يكون محط اهتمام والديه، فإذا شعر بأنهما لا يلاحظان سوى تصرفاته السيئة فإنه سيعيدها. لذا من الضروري ان يثني الأهل على لباقته وعلى تقيده بالقوانين المنزلية. إذ ليس سهلاً أن يكون الطفل خاضعاً للقوانين المنزلية فهذا يتطلب منه تضحية برغباته، وهذا مؤشر للنضج.