الاكتئاب مرض "صامت" والنساء أكثر عُرضة للإصابة به

28 فبراير 2018

ميس نمر حمّاد 

من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقليل من الحزن من فترة إلى أخرى بسبب الأوضاع المحيطة والقاسية التي يمكن أن يمر بها خلال روتين حياته اليومية، والطبيعي أن ينتهي هذا الحزن سريعاً مع مرور الوقت، ولا يؤثر سلباً على بقية حياته. 

لكن الشعور بالاكتئاب مختلف تماماً، إذ أنه، وبحسب منظمة الصحة العالمية، مرض يميّزه الشعور الدائم بالحزن، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي يستمتع بها الشخص عادةً، وهو يقترن بالعجز عن أداء الأنشطة اليومية لمدة أسبوعين على الأقل.

وإضافة إلى ذلك، يبدي المصابون بالاكتئاب في العادة بعضاً من الأعراض التالية: فقدان الطاقة، تغيّر الشهية، النوم لفترات أطول أو أقصر، القلق، انخفاض معدل التركيز، التردّد، الاضطراب، الشعور بعدم احترام الذات أو بالذنب أو باليأس، التفكير في إيذاء النفس أو الانتحار. 

والاكتئاب مرض صامت يصعب اكتشاف عوارضه، بل يمتنع المصاب به عن طلب المساعدة أو اللجوء إلى العلاج، خوفاً من أمرين: الأول نظرة الآخرين، والثاني وصمة العار التي قد تلاحقه، الأمر الذي يدفع المصاب بالاكتئاب إلى التفكير بإيذاء نفسه، إما بممارسة العنف على من حوله، وبالتالي يُدمر العلاقة الأسرية والصداقات، وإما بالإدمان والهروب من الواقع، وقد يصل به الحال للتفكير في الانتحار. 

كما يمكن أن يصيب الاكتئاب أي شخص، بغض النظر عن عمره أو جنسه أو مركزه الاجتماعي. وتوليّ منظمة الصحة العالمية اهتماماً خاصاً للفئات العمرية الثلاث: الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ( 15 و24 عاماً)، والنساء اللاتي في سن الإنجاب (وخاصةً بعد الولادة)، والمسنون (الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً)؛ و هي  الفئات التي تُعدّ الأكثر تأثراً بالاصابة بالاكتئاب على نحو متفاوت.


يقول الدكتور شيخار ساكسينا، مدير إدارة الصحة النفسية ومعاقرة مواد الإدمان في منظمة الصحة العالمية، أن مرض الاكتئاب شائع في جميع مناطق العالم. وقد كشفت دراسة أخيرة، بدعم من المنظمة، النقاب عن أن نسبة المصابين بالاكتئاب في المجتمع خلال العام الماضي بلغت نحو خمسة في المئة.

هذا المرض هو حصيلة تفاعل معقد بين عوامل اجتماعية ونفسية وأخرى بيولوجية، بحسب ساكسينا. وثمة علاقة تربطه بالصحة البدنية. فأمراض القلب والأوعية الدموية يمكن أن تؤدي مثلاً إلى الإصابة به، والعكس بالعكس. وهناك امرأة واحدة من بين خمس نساء تصاب بالاكتئاب عقب الولادة. وإضافة إلى ذلك، فإن ظروفاً من قبيل الضغوط الاقتصادية، والبطالة، والكوارث والصراع، يمكن أيضاً أن تزيد من خطورة الإصابة بهذا الاضطراب.

ويمكن أن يفضي الاكتئاب في أسوأ حالاته إلى الانتحار. ومما يُؤسف له أن عدد من يقدم على الانتحار سنوياً يبلغ مليون شخص تقريباً، منهم نسبة كبيرة من المصابين بالاكتئاب.



وأكدت دراسة جديدة أجرتها كلية هارفارد للصحة العامة على أن الاكتئاب يزيد من معدل الإصابة بالسكتة الدماغية لدى النساء. وتقول "آن بان"، المشرفة على الدراسة "أن النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب منذ زمن، أو أنهن يعانين منه حالياً، تزيد لديهن معدلات خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 29 في المئة، ويظل خطر الإصابة متزايداً عندما تؤخذ عوامل أخرى خطيرة بعين الاعتبار، مثل التدخين".

وقامت بان وزملاؤها بتقييم حالة أكثر من 81 ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين (54 و 79 عاماً) التحقن بدراسة لصحة الممرضات. وكما هو معروف، بحسب بان، فإن النساء أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال بنسبة 70 في المئة، وذلك في مرحلة معينة من مراحل حياتهن.

وتابع الباحثون النساء لمدة ست سنوات، كما قاموا بتقييم أعراض الاكتئاب، وذلك باستخدام مقياس مؤشر الصحة العقلية في عدة أوقات مختلفة. إذ سألوا النساء عما إذا تناولن أدوية مضادة للاكتئاب من قبل أم لا، وما إذا تم تشخيص حالة الاكتئاب لديهن سابقاً أو الآن بعد مرور عامين. 



وأفادت الدراسة في بدايتها بأن 22 في المئة من النساء يعانين من الاكتئاب في الوقت الحالي، أو في السابق. وبعد الملاحظة عن كثب، وجد الباحثون أثناء المتابعة حدوث 1.033 سكتة دماغية. وأكدت الدراسة أن معدلات الإصابة بالسكتة الدماغية لدى النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب تزيد بنسبة 29 في المئة، أما النساء اللواتي أُصبن بالاكتئاب حديثاً فإن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لديهن يزيد بنحو41 في المئة. أما النساء اللواتي عانين من الاكتئاب في السابق، فإن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لديهن يزيد بمقدار 23 في المئة، ولا تُشكل هذه النسبة الأخيرة خطراً كبيراً.

ووفق مقياس مؤشر الصحة العقلية، فإن النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب ويتناولن مضادات الاكتئاب في الوقت الحالي، تزيد خطر الإصابة لديهن بالسكتة الدماغية بنسبة 39 في المئة.

https://www.everydayhealth.com

العلاج بالغذاء

نشر موقع "بولدسكي" المتخصص في التغذية 10 أطعمة يساعد تناولها على الخروج من الاكتئاب، لاحتوائها على مضادات الأكسدة بنسب عالية، وتقوم بدورها بتقليل درجة الاكتئاب بشكل كبير.

فتناول أطعمة معينة يؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية لأي إنسان، حيث كشفت الكثير من الدراسات أن هناك علاقة "وثيقة" بين نوع الطعام الذي يتناوله الشخص وحالته النفسية.



كما أشارت منظمة الصحة العالمية إلى وجود طُرق فعالة لمكافحة الاكتئاب بنوعيه المعتدل، والحاد.إذ قد يوفر مقدمو الرعاية الصحية طُرق العلاج النفسي، مثل التحفيز السلوكي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج النفسي الجماعي، أو الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات. 

ويجب على مقدمي الرعاية الصحية الأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية المحتملة والمرتبطة للأدوية المضادة للاكتئاب، والقدرة على تقديم أي تدخل من حيث الخبرة أو توافر العلاج، والتفضيلات الفردية، وتشمل مختلف أشكال العلاج النفسي محل الدراسة، سواء العلاج النفسي الفردي أو الجماعي وجها لوجه أو كليهما، والتي يقدمها المهنيون ويشرف عليها المعالجون.


وتكون العلاجات النفسية فعّالة كذلك في علاج حالات الاكتئاب الطفيفة، ويمكن أن تكون مضادات الاكتئاب شكلاً فعالاً لعلاج الاكتئاب المعتدل أو الحاد، ولكنها لا تمثل الخط الأول من العلاج لحالات الاكتئاب الطفيف. وينبغي ألا تستخدم لعلاج الاكتئاب لدى الأطفال، كما أنها لا تعتبر خط العلاج الأول لدى المراهقين، حيث ينبغي توخي الحذر في استخدامها معهم.