Home Page

الكذب والعقاب وروح المشاركة

تربية الطفل / الأطفال, مشكلة / مشاكل وأمراض الطفل / الأطفال, الكذب

28 يوليو 2009

لماذا يكذب الأطفال أحيانًا؟ وكيف يمكن جعل الطفل يحب مشاركة أقرانه في اللعب أو في أغراضه الخاصة؟ وهل يجوز للأم ضرب الطفل على مؤخرته عقابًا له؟
الكذب والعقاب وتعزيز روح المشاركة أمور تسأل الأمهات الاختصاصيين عن أفضل الحلول لتفادي صعابها.

الكذب

- لماذا يكذب الطفل؟

يرى علماء النفس أن الطفل دون الثلاث أو الأربع سنوات لا يعرف الكذب بالمعنى الحقيقي كما يعرفه الراشدون، بل جُلّ ما يفعله هو إخفاء الحقيقة هرباً من العقاب. لذا فإن رد فعل الأهل على الأخطاء أو السلوك السيئ الذي يقوم به الطفل قد يؤدي إما إلى تحفيزه على الكذب أو الجرأة على قول الحقيقة. فمثلاً إذا عاقبت الأم طفلها بعدما اعترف لها بأنه كسر الإناء لا بد له في المرة المقبلة إذا قام بعمل سيئ أن ينفي الأمر و«يكذب».

 وأثبتت دراسة أميركية أخيرًا أن الأطفال يكذبون عمومًا إما لتفادي العقاب أو لأنهم ينسجون روايات وهمية يظنون أنها حقيقية. فتسمع طفلاً يقول لأمه «أؤكد لك أنني رأيت روبن هود»، وهذا النوع من نسج الروايات مهم لتطوّر الطفل العاطفي والنفسي، لأنه يدفع الطفل نحو الخيال مما يسمح له بوضع مسافة بينه وبين القلق، وتخطي بعض الصعاب الموجودة في الواقع والتي لا يكون الطفل مستعدًا لها.

 ضرب الطفل على مؤخرته

يرى الإختصاصيون أن معاقبة الطفل بالضرب مرفوضة. فالضرب يزيده عدوانية وعدم ثقة بالنفس فضلاً عن أنه يُشعره بالإهانة. وفي المقابل تسأل الأمهات ماذا عن صفعه على مؤخرته؟ يرفض الاختصاصيون هذا النوع من الضرب أيضًا لأنه تصرف عنيف و لا يجدي نفعًا.

لماذا؟ لأسباب عدة:

  • لأن ضرب الطفل قد يقود الأم إلى التمادي فلا يقتصر على صفع المؤخرة، بل قد يصل إلى ضرب مبرح يؤذي الطفل. وحوادث العنف المنزلي التي نسمع عنها تحت عنوان التربية التقليدية كثيرة، وأحيانًا تؤدي إلى دخول الطفل المستشفى بسبب عدم قدرة الأهل على السيطرة على غضبهم.
  • قد يفهم الطفل من صفعه على مؤخرته أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لحل النزاع، وهذه رسالة تربوية خاطئة نعطيها للطفل الذي قد يتصرّف مع أقرانه بالطريقة نفسها ويصبح عنيفًا معهم.
  • يؤدي العنف الجسدي إلى الكره، مما يجعل العلاقة بين الأهل والطفل متوترة في شكل دائم.
  • ضرب الطفل اعتراف ضمني من الأهل بضعفهم، مما يعني أن الراشدين غير قادرين على الاستماع إلى الطفل، والتعامل معه بشكل صحيح، أو إبراز سلطتهم بهدوء وعقلانية. والطفل بدوره يميل إلى احتقار هذا الضعف، حتى وإن كان يخاف من الضرب.
  • الشعور بالمذلّة. فصفع الطفل على مؤخرته له الأثر السلبي نفسه للضرب ويؤدي إلى تعزيز السلوك العنيف عنده.
  • صفع المؤخرة ليس أسلوبًا تربويًا صحيحًا، فالطفل قد يبدو أنه فهم الدرس لكنه يخضع لأنه خائف وليس لأنه فهم السبب. فهو لم يتعلم شيئًا إيجابيًا، بل العكس فقد فهم أن القوي يضطهد الضعيف وأن هذا طبيعي.
  • يجعل الطفل عنيفًا، وهو ليس طريقة جيدة لحمل الطفل على احترام والديه، فإذا كان العنف فعّالاً أحيانًا فإن الأهل يجازفون بفقدان ثقة الطفل بهم وبالتالي عدم احترامهم.

الطفل البكّاء

ابني لا يتحدّث، فهو يتباكى عندما يريد شيئًا ما، أو عندما يعبّر عن استيائه. ما هو سبب تصرفه هذا؟ وكيف يمكن أن أجعله يتخلى عن هذا السلوك؟
يشير تباكي الطفل طوال الوقت إلى أمور عدة، لذا على الأم أن تعرف السبب وراء هذا التباكي. وهناك أسباب عدة وهي:

لفت الانتباه. اعتاد بعض الأطفال التباكي للفت الانتباه إليهم ، فوجدوا في التباكي الطريقة المثلى للفت انتباه أمّهاتهم. فالطفل يبتز في لا وعيه محيطه العائلي، فهو ليس خبيرًا ولكنه اكتشف أن تصرفه هذا فعّال. فهو يجد نفسه أنه أكثر أهمية ومحبوبًا عندما يشرع بالبكاء أو الشكوى.

التعبير عن ضيق. تباكي الطفل قد يكون سببه قلة النوم، أو مشكلة حصلت معه في المدرسة، أو أنه يشعر بتوتر في المنزل. لذا على الأم التحاور معه، واحترام ساعات نومه وخفض نسبة التوتر في المنزل، وهذا يساعد الطفل في التخلي عن البكاء.

اختبار الحدود. يجد الطفل البكّاء في الدموع الطريقة المثلى للحصول على ما يريده من أهله الذين يقلقون من سبب بكائه، ويخضعون لإرادته. في الوقت الذي يكون فيه يختبر قدرة أهله وجديتهم  في إلزامه بالحدود التي وضعوها له.

الحلول 

  • تحديد أسباب التباكي
  • القول للطفل إنه لا يمكن أن نفهم ما يريده مادام يبكي
  • عدم الصراخ في وجه الطفل لجعله يتوقف عن تباكيه
  • الاستماع إليه بانتباه عندما يبدأ الكلام بشكل واضح
  • مدحه في الأسبوع الأوّل في كل مرة لا يتباكى، ومن ثم التخلي عن المديح شيئًا فشيئًا، فالطفل يفهم بالتدرج أن التكلّم هو الوسيلة المثلى للتواصل مع الآخرين.
  • الثبات على هذا الأسلوب لأن نتائجه الإيجابية سوف تظهر على المدى الطويل.

مراقبة ساعات نومه

من الضروري أن يحوز الطفل قسطًا وافرًا من النوم. وتختلف حاجة الطفل إلى نوم تبعًا لسنه. فالرضيع يحتاج إلى فترة نوم تتراوح بين 16 و19 ساعة، بينما الطفل في  حوالى السنة يحتاج إلى 14 ساعة، والطفل ما بين الثالثة والرابعة يحتاج إلى 12 ساعة، أما الطفل في العاشرة فيحتاج إلى 11 ساعة. ومن ثم تقل الحاجة إلى 10 ساعات حتى يبدأ سن المراهقة وتصبح حاجته إلى النوم مثل حاجة الراشدين. 

 

 بين التخيّل والغش

رغم أن نسج الروايات الخيالية والغش مسموح بهما أحيانًا لأنهما يساعدان الطفل على الانفتاح ، فإن الكذب المستمر لتجنب عاقبة سلوك سيئ يسبّب مشكلة، لأن الكذب هنا يكون عن سبق إصرار وتصميم يستعمله الطفل بوضوح ليخدع ويغش. لذا على الأم أن تبحث عن سبب الأكاذيب التي يطلقها طفلها والتي تشير إلى أنه في حاجة إلى مساعدة، وعليها أن تشرح له حدود الخداع. أما أسباب الكذب المتعمّد فهي:

عدم الثقة. يتغيّر نوع الكذب مع تقدم سن الطفل. فيتحوّل من كذب عفوي إلى كذب يتعمّده الطفل مما يعكس شعورًا بعدم الثقة بالآخرين، فيما يحتاج إلى محيط مليء بالثقة والحب.

سلوك الأهل. إن سلوك الأهل تجاه أكاذيب طفلهم هو الذي يقوّم عادة الكذب. ويكون ذلك من خلال إعطاء قيمة لقول الحقيقة حتى ولو كانت محرجة أو مؤذية، والإصرار على طفلهم بعدم الكذب دائمًا مهما كانت العواقب. فإذا كان الأهل يعاقبون الطفل بشكل دائم عندما يكتشفون كذبه أو لمجرد أن تصرّف بشكل سيئ، فإنهم يعززون لديه عدم الثقة بهم  والانزواء على نفسه، وبالتالي يجد في الكذب طوق النجاة الذي يخلّصه من العقاب المحتّم.

التقليد. يكذب الأطفال أيضًا لأنهم يقلّدون الراشدين، فهم يتنبهون إلى محاولات أهلهم لإخفاء الحقيقة، فمثلاً عندما يطلب الأب من الأم أن ترد على الهاتف وتدعي إنه غير موجود في حضور الطفل، فإنه سيقلّد والده. لذا على الأهل أن يكونوا نموذجًا للصدق والأمانة كي يتجنبوا تقليد أبنائهم لهم. وهذا ليس بالأمر السهل، فتحوير الحقيقة أمر يقوم به الراشدون مرّات عدة. 

روح المشاركة

ابنتي ( 3 سنوات) لا تقبل أن يشاركها أحد في لعبها أو أغراضها، وتغضب إذا  طلبت منها أن تسمح لابنة صديقتي باللعب بدميتها. هل ابنتي أنانية؟

المشاركة في الألعاب أمر صعب على الطفل، فالكرم ليس غريزة بل التملك هو غريزي، لذا فللأهل دور رئيسي في تعزيز قدرة الطفل على العطاء. فهو يظن أن كل ما هو في متناول يديه، يملكه. والدمية حتى ولو كانت لابنة عمها أو أختها، فإنها بمجرد ما تكون بين يديها فإنها تصبح ملكها، وفي الوقت نفسه يصعب عليها التصوّر أن في إمكانها أن تعطيها إلى أحد. فبالنسبة إليها إذا أُخذت اللعبة منها موقتًا، فإن هذا يعني أنها أُخذت منها إلى الأبد لأن مفهوم الوقت بالنسبة إليها غير واضح كما هو بالنسبة إلى الراشدين. وابنتك لا تزال صغيرة لتفهم معنى الوقت أو أن تضع نفسها في موضع الآخرين، فهي عاجزة عن تخيل السعادة التي تشعر بها ابنة صديقتك عندما تحضن اللعبة، وهي تتمنى فقط الاحتفاظ بلعبتها إلى الأبد. وإليك بعض الحلول:

احترام ملكية الآخر حتى ولو كان طفلاً
إذا كانت اللعبة ملك ابنتك، لا تجبريها على إعطائها لأحد إذا لم تكن ترغب في ذلك، فالإرغام بالنسبة إليها يشبه السرقة، أي أنك أخذت لعبتها بالقوّة. لذا عليك أن تسأليها أولاً.

كوني نموذجًا
عندما تتاح أمامك فرصة إعارة أحد أغراضك إلى أختك أو صديقتك قومي بهذا التصرّف أمام ابنتك، وعلّقي بالقول: «أترين أعرت صديقتي شالي، فهي ستعيده إليّ لاحقًا» فهذا المثل بناء جدًا. أما إذا لم تتح لك فرصة للقيام بهذا التصرف اسألي نفسك هل أنت كريمة حقًا، وإذا لم تكوني كذلك فإنه يصعب على ابنتك أن تكون كريمة.

شجعيها على القيام بذلك بسعادة
عبّري عن سعادتك عندما تقوم ابنتك بتصرف إيجابي تجاهك، فمثلا عبّري لها عن سعادتك عندما تساعدك في الأعمال المنزلية كأن تقولي لها «أنا سعيدة جدًا لأنك ساعدتني في ترتيب الغرف»، «أنت لطيفة لأنك سمحت لابنة عمك اللعب بدميتك». وهكذا فإن المديح والتعبير عن السعادة يساعدان في تعزيز مفهوم العطاء والمشاركة لدى ابنتك.

انتظري نضجها
لا تتوقعي طفلاً في الثانية أن يكون كريمًا معطاءً، فهو ليس قادرًا بعد على أن يتخلى عن أنانيته بل عليك الانتظار على الأقل أن يصبح في الرابعة أو الخامسة حتى يفهم معنى المشاركة. فهذا السلوك يحتاج إلى وقت كي تتطوّر قدرات الطفل الذهنية والفكرية.