الانتقال إلى مرحلة مدرسية أخرى

نصائح, الجامعة الكندية في القاهرة, المدرسة, تلميذ, مراهق / مراهقون, تركيز التلميذ, العودة إلى المدرسة, نجاح المرأة, الاستقلال الذاتي, المرحلة الثانويّة, تحديد الاختصاص, المدرّسون, شخصيّة المراهق, الاهل, مساندة المراهق

06 أكتوبر 2009

يشعر الكثير من التلامذة بالحماسة مع حلول موعد العودة الى المدرسة، فينشغلون بشراء الكتب المدرسية والقرطاسية ويتحوّل البيت إلى خليّة نحل الكل فيها متأهبون لهذه العودة المحمودة. ولكن ينتاب بعض التلامذة القلق خصوصًا أولئك الذين ينتقلون من مرحلة مدرسية إلى أخرى، والقلق الأكبر يكون لدى التلامذة الذين ينتقلون إلى المرحلة الثانوية، مما يعني أنهم يقتربون من تحديد هويتّهم في المستقبل... ماذا سيدرسون في الجامعة؟ وهل سيجتازون هذه المرحلة بنجاح وسلام؟ وهل سيستوعبون المنهج المدرسي الجديد؟ فالسنوات الثلاث المقبلة تتطلب الكثير من الجهد والدرس. التقت الاختصاصية في التربية الدكتورة نجوى جريديني التي تحدثت عن دور الأهل في مساندة أبنائهم الذين ينتقلون من مرحلة مدرسية إلى أخرى.

من الابتدائي إلى المتوسّط أولى الخطوات نحو الاستقلال الذاتي

تقول جريديني: «من المعلوم أن الانتقال إلى المرحلة المدرسية المتوسطة ترافقه مرحلة انتقالية تسبق المراهقة تمتد ما بين 11 سنة و13 سنة، وهي مرحلة دقيقة، إذ أن الطفل لم يعد طفلاً يريد اللعب طوال الوقت ولم يصبح مراهقاً بعد، مما يجعله يمرّ في تقلبات سلوكية سببها التغييرات البطيئة التي تحصل على الصعيدين الفيزيولوجي والنفسي. فهو بدأ يدرك ذاته كشخصية فريدة ومستقلة  تنظر إلى الأمور في شكل واقعي ومنطقي، ويحاجج الكبار أحياناً، ويحاول أن يتكلم مثلهم ويستعمل منطقهم في النقاش.

وسرعان ما يتبين أنه لا يملك ما يكفي من الخبرة والمعرفة لخوض ذلك النقاش. إذًا خلال مرحلة الانتقال من الابتدائي إلى المتوسط يتغيّر معطى مهم عند التلميذ، ففي المرحلة الابتدائية وكما كل الأطفال، كان التلميذ يخضع لرغبة أهله وأساتذته فينّفذ كل ما يطلب منه، أما مع بداية المرحلة المتوسطة فيميل إلى المطالبة  بتحمّل مسؤولية القيام بواجباته وحده وهذا طبيعي جدًا. ولكن هذه الحرية لا تمنح، بل تكتسب ومن دون ذلك ليس لها قيمة. فمن الضروري الأخذ في الاعتبار وجهة نظره، ومنحه حرية التصرّف، ولكن في الوقت نفسه من الضروري أن يستمر الأهل  في الاهتمام بواجباته المدرسية وتجنب القول له: "واجباتك المدرسة مسؤوليتك وحدك من الآن فصاعدًا». فهذه العبارة تجعله يشعر بالإهمال، إذ ليس سهلاً أن نجعل التلميذ مسؤولاً عن كل ما يقوم به دفعة واحدة، خصوصًا من اعتاد على المتابعة المكثفة من أهله».

وتشير الإختصاصية إلى أن الأهل والتلميذ يتطلّعون إلى الانتقال إلى المرحلة المدرسية المتوسطة بفارغ الصبر، فهي خطوة كبيرة تتطلب الاستعداد النفسي والأكاديمي للتكيّف مع متطلباتها، إذ يدرك الأهل والتلميذ الاختلاف بين المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسّطة، وفي بعض الأحيان  يعيشون هذا الحدث كما لو أنه انتقال إلى مدرسة جديدة. فالاختلاف الذي ينتظر التلميذ لا يقتصر على الصعيد النفسي، بل يشمل مواد مدرسية جديدة لا تخلو من صعوبة تقتضي فروضًا مدرسية إضافية في المنزل، والتعامل مع أساتذة جدد وارتياد مبنى مدرسي جديد فضلاً عن زملاء وربما أصدقاء جدد. كل هذا يشكّل قلقًا عند التلميذ، فتختلط المشاعر وتتفاوت بين الشعور بالحماسة لدخول مرحلة مختلفة والقلق من المسؤوليات الجديدة التي تلقى على عاتقه. إضافة إلى هذا، يتأثر التلامذة بخبرات من سبقهم إلى هذه المرحلة وما سمعوه عنها، فمثلاً عندما يكون للتلميذ أخ سبقه إلى المرحلة المتوسطة وواجه صعوبة قد يعاني قلقًا من هذه المرحلة خصوصًا إذا أبدى الأهل تشدّدًا في ضرورة أن يدرس بشكل مكثّف لأنها مرحلة دقيقة ويذكّرونه بذلك في كل مرّة يريد فيها مثلاً أن يقوم ببعض النشاطات التي اعتاد عليها سابقًا. فأحيانًا كثيرة يردد الأهل على مسمع التلميذ «أنت في مرحلة دقيقة ولا يمكنك التهاون فيها، ذهب وقت اللعب وبدأ مشوار الجد». فهذه العبارة توتر التلميذ وتزيد قلقه وقد تعيق تقدّمه المدرسي».

وتنصح جريديني الأهل الذين يستعد أبناؤهم للانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة باتباع الإرشادات الآتية:

  • مشاركة الأهل الأبناء في التخطيط للدخول إلى هذه المرحلة والتفاعل معهم، لأن التأثر بالأتراب أكبر في هذه المرحلة، لذا فإرشاد الأهل ضروري.
  • التركيز على ما هو مشترك بين المرحلة السابقة والمرحلة المقبلة، كالرفاق القدامى الذين انتقلوا مع التلميذ إلى المرحلة نفسها، والمواد الرئيسية والنشاطات الللامنهجية، وذلك للتخفيف من الضغط الذي يسببه الانتقال إلى مرحلة جديدة.
  • التركيز على قدرات التلميذ لتمكينه من التكيّف ومواجهة تحديات المرحلة الجديدة مما يؤدي إلى تخطيها بنجاح.
  • تشجيع التلميذ على استعمال معارف ومهارات جديدة والتأكيد له أن انتقاله إلى هذه المرحلة مؤشر لنجاحه ونضجه الفكري.
  • الاستفادة من الخبرات السابقة السلبية والإيجابية معًا. وذلك بإرشاده إلى تجنب السلبي والبناء على الإيجابي. والتأكيد للتلميذ أن الإخفاق السابق نتعلّم منه دروسًا، أما الإنجازات فنبني عليها للقيام بإنجازات جديدة على الصعيد الأكاديمي والشخصي.
  • تقسيم المهمات الكبرى إلى مهمات صغرى، لحل الصعوبات التي قد تنتج عنها.

 

من المتوسط إلى الثانوي خطوة نحو المستقبل الغامض

عندما ينتهي التلميذ من المرحلة المدرسية المتوسّطة وينتقل إلى المرحلة الثانوية، يواجه تحديًا من نوع آخر فهو يدخل المرحلة التي يؤثر النجاح فيها أو الرسوب في دراسته الجامعية وبالتالي مستقبله العملي.

وعن هذه المرحلة تقول جريديني: «إن الدخول إلى المرحلة الثانوية يعني بلوغ مرحلة من مراحل تكوّن شخصية المراهق، تتخذ خلالها تنشئة المراهق الاجتماعية منحى جديدًا وحاسمًا، يتبلور في تحوّل الأدوار الاجتماعية لدى المراهق. فهذه المرحلة هي الأكثر صعوبة بالنسبة إلى المراهق، لأن عليه خلالها التركيز على قدراته الفكرية، مما ينشئ تناقضاً بين التغيرات الجذرية في جسده وعلاقاته مع الآخرين و بحثه عن هويته المقبلة، وبين ضرورة بذل جهد كبير للحفاظ على مستوى معين من العلم كي يتمكن من التوجّه إلى المهنة التي يريدها في المستقبل.

فالتغيرات البيولوجية التي تصاحبها تغيرات ذهنية تجعل المراهق يشعر بالقلق والتوتر، وهذا طبيعي، فقد بدأت تظهر علامات النضج على مظهره وبدأ ينظر إلى العالم من حوله بشكل مختلف، فهو لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي عليه النوم باكرًا، أو يكتفي بعلاقاته مع والديه والعائلة أو الأقران الذين يكونون في غالب الأحيان مقبولين إلى حد كبير من الأهل أو هم الذين حدّدوا له صداقته بهم. لقد بدأ هذا المراهق بالتعرّف إلى معنى الصداقة بعيدًا عن مقاييس الأهل، وبدأ يسأل عن معنى الوجود ويحاول تحديد هويته ويسعى للاستقلال، كما أصبح المظهر أمرًا خاصًا به يعكس شخصيته هو، فيحاول بشتى الوسائل الإعلان عن وجوده ككيان مستقل. يخرج من دون أن يطلب الإذن، و تتحوّل غرفته إلى مساحة خاصة به يفعل فيها ما يحلو، فإما ان يغيّر ديكورها ويرتبها أو يترك الفوضى تعمّ فيها».

وأخيرًا تشدد جريديني على أن المراهق يحتاج إلى احتضان الأهل وفهمهم، فالتعنت في مواقفهم يؤدي إلى مشكلات خطرة وسلبية كرفض المدرسة والانحراف والتمرد المطلق على سلطة الأهل. لذا يتوجب على الأهل أن يتفهموا ميول المراهق ويناقشوه في اهتماماته، فإذا أرادوا أن يوصّلوا الرسالة عليهم القيام بذلك بطريقة لائقة. ومن الضروري جداً التعاون بين المدرسة والأهل لمساعدة المراهق في تحقيق طموحاته التي تجعله شخصاً ناجحاً في المستقبل.

وتؤكد الاختصاصية أن للأهل دورًا في مساندة المراهق في تخطي

المرحلة المدرسية الثانوية. ويمكن اتباع النصائح الآتية:

  • تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والأكاديمي من خلال تركيز الاهتمام على نقاط القوّة لدى المراهق واهتماماته والنشاطات التي يفضّلها.
  • الاطلاع على ما ينتظره في هذه المرحلة لناحية المنهج الدراسي والمعلمين ونظام التعليم.
  • مشاركته في وضع أهداف يسعى إلى تحقيقها تنسجم مع مسؤولياته الدراسية وحياته الاجتماعية.
  • الاستماع إلى شكواه ومشاركته في حل المشكلات التي يواجهها.
  • تشجيعه على القيام بنشاطات لامنهجية (لاصفّية).
  • المحافظة على التواصل معه ومواكبته في ما يحتاجه وتقديم الدعم والمساعدة عند الحاجة.
  • مساعدته في الاتصال بمن مرّوا بهذه المرحلة والتحدّث عن خبرتهم.
  • تقديم الدعم الدراسي في حال تعثّره في مرحلة مبكرة . فمثلاً إذا واجه صعوبة في فهم مادة مدرسية يمكن تعيين أستاذ خصوصي يساعده في فهمها.
  • التنسيق مع إدارة المدرسة والمعلّمين للإطلاع على ما هو متوقّع منه في هذه المرحلة ومشاركته في وضع خطة للدرس.
  • إظهار الاهتمام بواجباته والقضايا التي تشغل فكره ومناقشته في المشكلات التي يواجهها.
  • التعامل مع كراشد وإظهار أنهم يدركون التحوّل الذي يحصل له.
  • التخفيف من المواقف السلطوية والسماح له بالتعبير عن آرائه.
  • عدم الاستهزاء بأحلامه أو أمنياته خصوصًا في ما يتعلّق بدراسته الجامعية أو مهنته المستقبلية.
  • ألاّ يبالغوا في لوم ابنهم اذا فشل، وألا يحاولوا الحط من خياراته وألا يستغلوا الأمر وكأنه نقطة ضعف بل عليهم مساعدته على تخطي الفشل، فالهدف هو بناء شخصية المراهق لا هدمها.