نساء العرب يصنعن التغيير في 2017

08 مارس 2018

رانيا برو

يأتي الاحتفال بيوم المرأة هذا العام حاملاً بعض الإصلاحات الملهمة للمرأة العربية، والكثير من الزخم الإيجابي، رغم الانتكاسات في بعض المجالات التي تلاحق النساء في المنطقة العربية كما في كل دول العالم، حتى المتحضر منها. ورغم الإنجازات العديدة التي وصل إليها نضال النساء، سواء كان ذاتياً أو جماعياً، إلّا أنّه ما زال محدوداً.
في تونس نالت المرأة التونسية حزمة إجراءات لحمايتها من العنف، وصار باستطاعة السعوديات قيادة السيارات، وحصلت عاملات المنازل المهاجرات في الخليج على إجراءات حمائية جديدة.

إنها فترة هامة للنساء في الشرق الأوسط، خاصة الدول العربية. لكن في اليوم العالمي للمرأة لا بد من القول أن طريق النساء نحو حقوق الإنسان في المنطقة ما زال طويلاً.
التغييرات التي تشهدها المنطقة جاءت بفضل المدافعات عن حقوق المرأة اللواتي واجهن المضايقات والترهيب والسجن، ونضالهن مستمر. منذ كانون الأول (ديسمبر)، واجهت عدة نساء الاعتقال جراء التظاهر السلمي ضد الاجراءات الحكومية في المغرب وتونس. وتعيش بعض النساء في المنفى، في حين تواجه ناشطات بارزات في مصر حظر السفر.

في تطورات إيجابية في الصيف الماضي، ألغت كل من تونس والأردن ولبنان قوانين تبرئة المغتصب بالزواج من الضحية، إثر تحركات في الاتجاه نفسه على مدار السنوات الماضية من قبل المغرب ومصر. هذه القوانين التي تعتبر من مخلفات عهود سابقة، سمحت للمغتصبين بالإفلات من الملاحقة القضائية طالما تزوجوا ضحاياهم. لكن ما زالت كل من الجزائر والبحرين والعراق والكويت وليبيا وسوريا تحتفظ بهذه القوانين، كما تفعل بعض الدول في أميركا اللاتينية ومناطق أخرى.

وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأقل التزاماً بإجراءات الحماية القانونية ضد العنف الأسري، لكن تحولاً طرأ في هذا الصدد.

تونس تناهض العنف

فقد أقرت تونس قانوناً شاملاً لمكافحة العنف ضد النساء، يسمح لهن بالحصول على أوامر حماية في حالات الطوارئ، وأوامر حماية طويلة الأجل ضد من يسيء لهن. وعدّل الأردن قانون العنف الأسري لعام 2008، فطرأت عليه بعض أوجه التحسن الجزئية، وأصدر المغرب في شباط (فبراير) 2018 قانوناً أقر بالعنف ضد النساء كأحد أشكال التمييز بناءً على النوع الاجتماعي. ويوجد بالمنطقة حالياً 9 دول لديها قوانين لمكافحة العنف الأسري.

لكن تبقى نقاط ضعف. فقانون المغرب ترك النساء عرضة لخطر العنف إذ لم يسمح للنساء بالتماس أوامر الحماية إلا بعد التبليغ باتهامات جنائية.
وفي خطوة إيجابية، ألغت تونس في أيلول (سبتمبر) مرسوماً كان يحظر على النساء المسلمات تسجيل الزيجات برجال غير مسلمين، وهو الإجراء الأول من نوعه في المنطقة. وينص قانون الانتخابات التونسي المُعدل على مبدأ التناصف بين الجنسين، مع اقتراب الانتخابات هذا العام، إذ أصبح لزاماً على الأحزاب السياسية أن تضع مرشحات على قوائمها الحزبية للترشح للانتخابات.
وراجعت "اللجنة الرئاسية للحريات الفردية والمساواة" التشريعات القائمة لتعديل المواد التي تميز ضد النساء، بما يشمل قوانين الإرث التي لا تضمن المساواة بين المرأة والرجل، والتي تؤثر بصورة خاصة على الريفيات.

العاملات دون حماية
في 2017 أصدرت الإمارات قوانين حول حقوق عاملات المنازل، نصّت على حدود قصوى لساعات العمل ويوم راحة أسبوعي وإجازة سنوية مدفوعة الأجر، وهذا بعد قيام دول أخرى في المنطقة باعتماد قواعد مماثلة. وتختلف هذه القوانين من حيث حجم الحماية الذي توفره، وهي تنص على تدابير أضعف من التدابير المكفولة في قوانين العمل لصالح فئات العمال الآخرين، وتعتمد فعاليتها على قوة إنفاذها.

ولا تزال كل من عُمان ولبنان، من الدول التي تشغل أعداداً كبيرةً من عاملات المنازل المهاجرات بالشرق الأوسط، لكنهما خاليتان من الإجراءات الحمائية، ما يشكل خطراً على العاملات الأجنبيات.
وتعبر منظمة هيومن رايتس ووتش أن العقبة الأخطر ضد حقوق عاملات المنازل المهاجرات في المنطقة هي نظام الكفالة، الذي يسجن العاملات الأجنبيات، ويحظر عليهن تغيير العمل أو تركه إلا بموافقة صاحب العمل.

بشائر من السعودية                           

لكن بشائر أمل ظهرت من السعودية التي أصدرت في 2017 قراراً يسمح لعاملات المنازل بتغيير أصحاب العمل في 13 حالة، منها عدم الحصول على الأجر لمدة 3 أشهر.

وكان للمرأة السعودية حصاداً مثمراً في 2017،   فبات يحق للفتيات ممارسة التربية الرياضية في المدارس الحكومية، وسُمح للنساء بدخول الملاعب الرياضية كمشجعات، وفي حزيران (يونيو) 2018 سيُسمح للنساء بقيادة السيارات. وفي نيسان (أبريل) الماضي وعدت المملكة بأن الهيئات الحكومية ستُنهي طلباتها "المتشددة" المتصلة بنظام ولي الأمر، مع منع هيئات الدولة من طلب إذن ولي الأمر إذا لم تكن هناك قواعد قانونية تفرض هذا الأمر.

تعتبر الباحثة في منظوة هيومن رايتس ووتش روثنا بيغوم أن ثمة أنباء مفرحة في اليوم العالمي للمرأة، لكن يبقى التمييز والعنف ضد المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قائماً.

في الجانب القانوني لا سيّما الإجراءات المتصلة بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال وقوانين الإرث فما زالت زاخرة بالتمييز ضد النساء. وشددت بيغوم على ضرورة أن تكف على حكومات المنطقة عن مضايقة ناشطات حقوق المرأة والاستمرار في إحداث إصلاحات جادة حتى تتمكن النساء جميعاً من العيش دون تمييز أو عنف مهيمن على حياتهنّ. إذا حدث هذا، فسوف يكون تاريخ 8 آذار (مارس) يوماً يستحق الاحتفال.