علاجات فعّالة للتصلّب اللويحي المتعدد

كارين اليان ضاهر 24 مارس 2018

يعتبر التصلّب اللويحي المتعدد من أمراض جهاز المناعة التي لا سبب واضحاً لها حتى اليوم ويمكن أن تصيب الشباب فتؤدي مع تطورها إلى عجز جسدي وشلل.
إلا أن حُسن إدارة المرض وظهور العلاجات القادرة على ضبطه يسمحان بالسيطرة عليه بشكل لافت، ما ساهم في تحسن ملحوظ في تطور المرض على مستوى العالم في السنوات الأخيرة. البروفيسور الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي ورئيس اللجنة الطبية في جمعية البحوث الفرنسية لمرضى التصلّب اللويحي سلام كوسا أشار إلى أن تشخيص المرض قد يكون معقداً، إلا أن ثمة وسائل عدة تسمح بتشخيصه بالشكل الصحيح والمناسب في سبيل تحديد العلاج الفاعل له.


- ما هو التصلّب اللويحي المتعدد؟
التصلب اللويحي المتعدد هو مرض مناعة ذاتية مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي بالتهاب. ويعتبر من الأمراض العصبية غير الصادمة الأكثر شيوعاً التي تصيب الشباب الراشدين بالعجز.

- هل من أنواع مختلفة منه؟
يُعتبر التصلب اللويحي المتعدد الانتكاسي الهاجع الأكثر شيوعاً بين مختلف أنواع التصلب اللويحي المتعدد، حيث تُصاب به نسبة 85 في المئة من المرضى الذين شُخصت لديهم إصابة بالتصلب اللويحي المتعدد.

- ما الأعراض التي يمكن أن تظهر لدى المريض وتشير إلى احتمال إصابته بالتصلب اللويحي المتعدد؟
تختلف الأعراض بين المصابين بالتصلّب اللويحي. وتكون الأعراض الأولية خفيفة إلى درجة أنها قد لا تلفت نظر المريض ولا تتطلب منه اللجوء إلى الرعاية الطبية الدائمة. أما أبرز هذه الأعراض فهو التعب والصعوبة في المشي والمشاكل البصرية والشعور بالوخز والتنميل وضعف العضلات والتشنجات فيها وفقدان التوازن وتنسيق الحركات والتفكير والتعلّم والتخطيط.

- هل يسهل تشخيص حالة التصلّب اللويحي المتعدد؟
يعتبر تشخيص الإصابة بالتصلب اللويحي المعتدد معقداً، فهو لا يعتمد على فحص واحد يمكن إجراؤه لمعرفة النتيجة، بل يبدأ التشخيص باستبعاد الأسباب المحتملة.
ثمة خطوات عدة لكشف المرض استناداً إلى الأعراض التي تدعو إلى التفكير به، إضافة إلى الفحص السريري. كما تبرز الحاجة إلى الاستعانة بوسائل أخرى وفحوص عدّة كالرنين المغناطيسي وغيرها من الطرق. أما عندما يتم تشخيص الإصابة بالمرض، فيتم الانتقال إلى تحديد نوعه استناداً إلى الأعراض التي تظهر على المريض.

- ما الأعباء التي تترتب عن الإصابة بالمرض؟
ثمة أعباء كثيرة تترتب عن الإصابة بالتصلب اللويحي المتعدد، سواء بالنسبة الى المريض أو إلى عائلته، خصوصاً مع تطور الحالة وازديادها سوءاً.
ومما لا شك فيه أن النشاط المفرط للمرض لدى البعض يزيد الأعباء على المريض ومحيطه عندما يتحوّل باتجاه إعاقة أو غيرها من الأعراض التي تعيق ممارسته الأعمال اليومية ومتابعة حياته الروتينية مع ما ينجم عن ذلك من نفقات عالية للعلاج وانتكاسات وعجز ناتج من تقدّم المرض.

- هل تعتبر مريضة التصلّب اللوحي المتعدد قادرة على الإنجاب؟
عندما تتخذ المريضة قرار الإنجاب، لا بد من وقف العلاج الخاص بالتصلب اللويحي المتعدد، لأنه يتعارض مع الحمل. كما أن المرأة في فترة الحمل تكون محمية بفضل تغييرات الهورمونات التي تخفف نسبة الانتكاسات التي تعود وتزيد فرص الإصابة بها في الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة. لذلك يتم العمل معها قبل حصول الحمل على ضبط المرض بأفضل شكل ممكن حتى لا تواجه أي مشكلة بعد الولادة.

- هل من علاجات فاعلة لمحاربة المرض؟
حصل تطور لافت في العلاجات المتوافرة للتصلب اللويحي المتعدد وتحققت إنجازات فيها. فبعد أن تبدّلت خصائص المرض، تتوافر اليوم أدوية معدّلة له. علماً أن العلاجات تسمح بالتخفيف من تطوّر المرض وتساهم في إبطاء مساره.

- ما أنواع العلاجات المتوافرة للتصلب اللويحي المتعدد؟
ثمة أنواع عدة من علاجات التصلب اللويحي المتعدد والتي تم تطويرها بشكل ملحوظ، ومنها علاج النوبات الحادة عبر المنشطات واستبدال البلازما والأدوية المعدّلة للمرض التي تعالج الاضطرابات في جهاز المناعة وتساهم في خفض وتيرة النوبات وحدّتها.
مع الإشارة إلى أنه بدءاً من عام 2006 بدأ اكتشاف الأدوية العالية الفاعلية في مرض التصلب اللويحي، ومنذ ذلك الحين، ثمة أدوية جديدة تُكتشف سنوياً.
وفي أحد المؤتمرات في هذا الإطار، تم تقديم دراسة أظهرت أهمية الأدوية الفاعلة التي ظهرت حيث تبين في متابعة تطور المرض أنه قبل التسعينيات كانت نسبة 70 في المئة من مرضى التصلب اللويحي في سن الخمسين تعاني شللاً وتتنقل على كرسي متحرك، أما بعدها فلم تتخطَ النسبة الـ5 في المئة، مما يؤكد التطور اللافت في العلاجات والقدرة على إدارة المرض بشكل واضح اليوم.
اليوم تتوافر أدوية معدّلة للمرض تتميز بفاعليتها وتؤثر بشكل ملحوظ في تطور المرض، ومنها ما هو عبارة عن علاج عبر مجرى الدم. أما العلاج الجديد للتصلب اللويحي المتعدد النشط فيتم تناوله بالفم لفترة أقصاها 20 يوماً خلال سنتين، ويُعمل على إعادة تشكيل أجزاء منتقاة من جهاز المناعة، مما يسهّل تلقي العلاج.
علماً أنه يكفي تناول دورتين قصيرتين من العلاج بشكل أقراص للشعور بالراحة طوال 3 سنوات. كما يمكن المريض الاستفادة من هذا العلاج طوال هذه المدة من دون الحاجة إلى الاستمرار بتناول الدواء أو الخضوع للمراقبة الدائمة.
وتساهم الاختيارات التي يقدّمها العلاج الجديد في تحسين نوعية حياة المصاب بالتصلب اللويحي المتعدد الانتكاسي وذلك من خلال تأثيره في نشاط المرض، بما في ذلك تدهور معدل العجز الجسدي ومعدل الانتكاسات السنوية ونشاط المرض عبر الرنين المغناطيسي.



- هل يعتبر العلاج فاعلاً في كل الحالات؟         
من الشروط الأساسية للاستفادة من العلاج، تلقّيه في مرحلة مبكرة للحصول على الأثر الإيجابي المطلوب منه على تداعيات المرض. مع الإشارة إلى أن كل مريض يشكّل حالة خاصة بذاته. أما الدعم الطبي والاجتماعي والعائلي فأساسي لتحسين نوعية حياة المريض الذي يتعايش مع مرضه، فيما لا يمكن الاستهانة بدور المريض في قهر مرضه وهو يستمر بعطائه في المجتمع.