Home Page

المسرح نشاط لاصفّي...

المهرجان القومي للمسرح المصري, مهرجان الموسيقى العريقة, فن تشكيلي, التلامذة المتنمرين, تركيز التلميذ, طفل / أطفال, مدارس, الرقص التعبيري, الجمهور, مسرحية, دور الأهل, برنامج ديني

21 نوفمبر 2011

أصبحت النشاطات اللاصفية أمرًا أساسيًا في البرنامج المدرسي، فهي عنصر رئيسي لتعزيز قدرة الإنفتاح على الآخرين عند الأطفال.
ولكنها في المقابل قد تشكّل إرباكًا للأهل فهم لا يعرفون ما إذا كان تسجيل ابنهم أو ابنتهم في نشاط معيّن مفيداً؟ فما النشاط اللاصفي الذي يختارونه لابنهم؟ وهل يجب أن يختاروه بدلاً منه؟

يرى الاختصاصيون أن المدرسة تأخذ حيّزًا كبيرًا من حياة الطفل، وكما أنها مهمة فالنشاطات اللاصفية كذلك لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تساهم في تعزيز الانفتاح عند التلامذة وتطورهم الذهني والسلوكي.
فالنشاطات اللاصفّية تساعد في نمو الشخصية والتواصل الاجتماعي. فالطفل في حاجة إلى مشاركة الآخرين هموم حياته، ومن خلال تحديد قواعد النشاط وشروطه يتعلّم كيف يتصرّف ضمن المجموعة، مهما يكن النشاط الذي يمارسه سواء في ناد رياضي، أو ضمن مجموعة من الأطفال.
فالطفل يتكامل مع القيم ويتعلّم المشاركة كي يحسن العيش وسط الجماعة. وعندما يتشاجر مع زملائه يتعلّم في الوقت نفسه أسلوب المصالحة وتقديم التنازلات.
كما أن الوقت الذي يمضيه التلميذ في النشاطات اللاصفّية يساعده في بناء شخصيته وهذا يتكامل مع ما يتلقاه أكاديميًا. فضلاً عن ذلك توفر النشاطات اللاصفية فرصة للتلامذة الذين يواجهون صعاباً مدرسية، فهي تساهم في استعادتهم الثقة بالنفس وتقويم ذواتهم بشكل إيجابي.

- ويعتبر المسرح نشاطًا لاصفيًا فيه الكثير من المتعة. فماذا يستفيد منه التلميذ؟
منذ عقود صار المسرح نشاطًا تربويًا في معظم المدارس. ومشاركة التلميذ في المسرحيات المدرسية له إيجابيات كثيرة، وهو يساهم في تعزيز أداء التلميذ الأكاديمي، خصوصًا في الأمور الآتية:

التعبير الشفهي: وهذا بديهي، لأن مشاركة التلميذ في مسرحية تلزمه تعلّم نص وحفظه وإلقاءه، فضلاً عن أنه أثناء التمارين على المسرحية يتبع إرشادات الأستاذ مخرج المسرحية مما يتيح له مناقشة طريقة الحركة على المسرح أو الحركة المناسبة للمشهد أو العبارة التي يقولها، وأحيانًا الجدال على وجهات النظر في طريقة الإخراج، مما يعزز لديه القدرة على الحوار وإبداء الرأي والتعبير عما يفكّر فيه.
الفن التشكيلي: يطوّر المسرح الذوق الفني عند التلميذ وذلك من خلال ابتكار الديكور، والملابس ولوحات الإعلان عن المسرحية وكذلك التفنن في عرض النص. كل هذه الأمور المطلوبة في المسرح تساهم في تعزيز ملكة الابتكار الفني عند التلميذ، وترجمة الأفكار والصور المجازية الموجودة في النص واقعًا.
الموسيقى والغناء: تضم معظم المسرحيات التي تقام على مسرح المدرسة موسيقى وغناء، خصوصًا مسرحيات التلامذة الصغار، فغالبًا ما يعيد كاتب المسرحية صياغة نصّها ليضمنها أناشيد وموسيقى يرافقهما رقص استعراضي، وبالتالي فإن هذه الأمور تعزز لدى التلميذ الثقة بالنفس وتعلّمه الإلتزام بالنوتات الموسيقية وملاءمة حركة جسمه مع الألحان.
الوقوف أمام جمهور: من الطبيعي أن يشعر التلميذ بالرهبة عند وقوفه على المسرح، فالممثل المحترف يصاب بالرهبة، فكيف بالتلميذ الصغير غير المحترف! فهو يجد نفسه فجأة نفسه أمام جمهور يشاهده ويستمع إليه، فتمنحه هذه التجربة الثقة بالنفس وتكسر حاجز الخجل وتقوّي لديه ملكة الخطابة.
التعبير الكتابي: يطلب بعض الأساتذة من التلامذة الصغار كتابة المسرحية، مما يؤدي إلى تنافس بينهم على اختيار النصوص. فبحسب رأي هؤلاء الأساتذة بدل ملاءمة أو استعمال نص، يمكن التلامذة أن يؤلفوا نصًا مسرحيًا.
وهذه الطريقة يمكن أن تسوّي مشكلات عدة

  • عدد الأدوار المناسبة لعدد التلامذة المشاركين في المسرحية.
  • شعور التلامذة بأنهم معنيون بالتاريخ، ولن يكون لديهم مشكلة في فهمه.
  • السماح للأستاذ بإنجاز قسم من البرنامج المدرسي الخاص بالتعبير الكتابي.


ولهذا السبب لكل أستاذ تقنيته ومن المحتمل

  • تكليف تلامذة الصف تأليف مشهد من النص، وإملاءه على الأستاذ.
  • تأليف التلامذة نص المسرحية من ألفه إلى يائه وتنقيحه ضمن المجموعة.
  • ابتكار مشاهد مرتجلة عن موضوع معيّن، وتكون الكتابة في هذا المجال للإحتفاظ بالخط الدرامي للمسرحية. وخلال كتابة المشاهد يبتكر بعض الأطفال شخصيات غنية، كوميدية أو هزلية أو مدّعية يكون توظيفها في المسرحية لمصلحة النص لأنها تكون مصدر إلهام.
  • ومهما تكن الطريقة، ينطلق التلامذة من مفهوم، من خط أفكار متسلسل، من فكرة موحّدة تخدم الأساس. وقد يكون ذلك بداية لقصة، ويتعهد التلامذة اختراع أحداثها التالية. ومهمة الأستاذ مراقبة تماسك الرواية واحترام قواعد السرد. ولكي يكون السرد في الرواية متماسكًا، يتعلّم التلامذة مخططًا محدّدًا.

القسم الأول من المشهد يتضمن المقدّمة وتقديم الشخصيات.
العنصر الأوّل الإشكالية أو الموضوع الذي تدور حوله المسرحية ويليه تطور الحدث.
نقطة اللاعودة، يستحيل العودة إلى الوراء، فالحدث يوّلد أحداثًا أخرى.
العنصر الثاني هو أيضًا إشكالية ثانية نتيجة للأولى وتطورها.
الوضع النهائي يكون نتيجة الحدث.


وعمومًا هذا المخطط الذي يقدّم في المسرحية هو المنهجية المتبعة في أي نص إنشائي أو تحليلي يقوم به التلامذة لا سيما في المرحلة المتوسط. فكل نص يكتب يجب أن تكون فيه مقدّمة تعرض فيها الإشكالية التي يدور حولها الموضوع وتطرح تساؤلات، وفي متن النص يقوم التلميذ بتحليل الأفكار وتفكيكها ومن ثم يجمعها ليصل إلى النتيجة.
ويؤكد الإختصاصيون أن مشاركة الطفل في المسرح تضع الجسد أمام رهان، فهو يساهم في كسر المعوق الباطني الذي يمنع التلميذ من حرية التعبير، ويبني بشكل تدريجي الثقة بالنفس والتخلّص من الخجل. فهو:

  • يسمح بتعلّم قبول نظرة الآخرين له، والقدرة على العمل أمامهم، وهو موقف يتعلم من خلاله الاختلاف بين التحليل والحكم وبناء الفكرة.
  • وسيلة ممتازة لاكتساب مهارة العمل ضمن فريق والتعاون مع الآخرين. فخلال التمارين يلتقي التلميذ أقرانه الذين يشاركون في المسرحية، ويتبادل معهم الأدوار والحوارات ويفهم معنى التسيق في الأدوار، مثلاً عندما يقرأ جملته عليه أن ينتظر جملة زميله.
  • وسيلة جيدة لاكتشاف الذات، قدراته وحدوده.
  • مكان للحضور المتعدد، وعامل لانفتاح الفكر والتسامح.
  • وسيلة لاكتساب اللغة بشكل صحيح فقراءة النص سواء كان باللغة الأجنبية أو العربية الفصحى، وحفظه يتطلبان منه نطق مخارج الحروف بشكلها الصحيح وفهم قواعد اللغة والعبارات المجازية والمرادفات.
  • وسيلة لاستعمال صوته وحركة جسمه ضمن المجموعة
  • وأخيرًا يمكن القول إن المسرح هو منبع للتعلم، فهو يساهم في تعزيز الانفتاح وروح الاكتشاف، ويعزز القدرة على الأداء اللغوي والجسدي معًا، والإبتكار، وتنبيه الحواس، التعبير عن المشاعر، وتطوير الإحساس والمخيلة، وتأسيس علاقة حيوية مع اللغة.