الوحام بين المعتقدات الشعبية ووجهات النظر العلمية

26 مارس 2018

تثير التصرفات الغريبة للمرأة الحامل في شهورها الأولى استغراب من حولها، بسبب إقدامها على تناول أطعمة غير مألوفة، وإصرارها على شراء فواكه ربما لا تتوفر في حينه، بينما يعتبر البعض هذه الحالة نوع من " الدلع" مجرد حيلة من أجل إثارة انتباه الزوج للاهتمام بها خلال فترة الحمل، فيما يعتقد آخرون أن نزوات الحامل خارجة عن إرادتها، وأن الاستجابة لهذه الطلبات ضروري، لإرضائها ومنع أي اضطراب يمكن أن يؤثر على الحمل في الشهور الأولى.
ميس نمر حمّاد

للطب رأي أيضاً
أكدت دراسات أميركية أن النسبة الأكبر من السيدات الحوامل يشتهينَ تناول الحلويات، وتأتي نسبتهم بمعدل 40 في المئة، بينما يشتهي 10 في المئة فقط منهن تناول المواد الحمضية، وتشتهي نسبة تصل تقريبًا إلى 35 في المئة تناول وجبات خفيفة لكنها تحتوي على نسب أملاح عالية، كالأسماك والفسيخ وغيرها.
الدكتورة ميسون الأدهم، الاستشارية المشاركة في قسم النساء والولادة في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني، قالت: "كثير من النساء الحوامل يعانين من أعراض الحمل، وقد تكون هذه الأعراض مزعجة لهن، مثل كثرة النعاس والخمول وكثرة التبول أو الغثيان أو القيء. والوحم بتعريفه العلميّ هو الميل الشديد إلى نوع من أنواع الطعام أو الرائحة، وقد يظهر هذا العارض أثناء فترة الحمل الأولى فقط، ثم يختفي أثناء بقية شهور الحمل، وقد يتكرر في الحمل الذي يليه وقد لا يتكرر. ومن الناحية العلمية، فقد فشلت كل الجهود حتى الآن لمعرفة ما هو سبب هذا العارض، لكن هناك نظريات تؤكد احتمال وجود علاقة بين ارتفاع هرمون الحمل P.L.H أو H.C.G وهذا العارض. ولكن هذه الهرمونات ترتفع عند كل الحوامل، وليس بالضرورة أن يكون لديهن جميعاً الوحم أو ما يشابهه".

مارجي بروفت، من جامعة كاليفورينا - باركلي (The University of California at Berkeley-Margie Profet) كانت أول من لفت النّظر إلى هذا الموضوع في عام 1955، إذ رأت هذه الباحثة أن الوحم يمثل آليّة رحمةٍ إلهية، هدفها حماية الجنين الذي ينشأ داخل جسم الإنسان بشكل معجز، وأنه يحمي الجنين من السّموم الطبيعية في الأغذية. وبحسب الإثباتات والاكتشافات التي تقدمات بها فإنّ الحامل التي تتجنب بدافع الوحم تناولَ بعض الأغذية في فترات حسّاسة خلال الحمل، تتمتع بحظّ عال لإنجاب مولود سليم.

سوق الوحمة
في منطقة وسط البلد في العاصمة الأردنية عمّان، تنتصب لافتة قديمة كتب عليها "سوق الوحمة"، فوق باب حديدي منذ العام 1960. المدخل الضيق يُفضي إلى سرداب صغير تتكوّم فيه صناديق الفاكهة والخضار، ويتوسطه برّاد يعجّ بأكياس نايلون لتخزين حبّات من الفواكه غير المتوفرة في ذلك الموسم، وإلى اليسار منه آلة لعصر الثمار وتقديمها للزبائن.
سوق الوحمة" ملاذ للأزواج و الزوجات الحوامل الباحثات عن أصناف من الفواكه تتواجد في هذا السوق في غير موسمها. أحد هذه المحلات يملكه أبو عبد الله ياسين، وتتواجد فيه مختلف أصناف الفواكه والمنتوجات الصيفية التي يزاد الاقبال عليها في فصل الشتاء، إذ يقوم أبو عبدالله بتخزين الفواكه بعدة طُرق، منها التجميد والتجفيف والتخليل داخل برادات، استعداداً لبيعها. كما يفعل الامر يفسه بالمنتجات الشتوية في فصل الصيف. أما أسعارها ففي الغالب مرتفعة بحكم أن الفواكه المتواجدة لديه تباعه في غير موسمها.

سوق "الوحمة" في عمّان
ويتواجد في المحل أنواع مختلفة من الفواكه، منها الأكيدنيا، والمشمش، واللوز، والكرز الأخضر، والرمان، إضافة إلى التوت، والشمام، والبطيخ، والتفاح بأنواعه.. وغيرها من الفواكه.
ويلفت أبو عبد الله إلى أن التجار في السوق يلبون رغبات الزبائن مهما كانت غريبة، كأن يطلب أحد الزبائن عصير فجل مع بصل، أو أن "تتوحم" زوجته مثلاً على مواد مثل الصابون أو التراب.

الجدير ذكره أن هذه السوق ليست للنساء الحوامل فقط، بل حتى الرجال والكبار في السن يرتادونه لغايات علاجية، أو لمن يرغب في شرب أنواع معينة من العصائر.

وبين المعتقدات الشعبية ووجهات النظر العلمية، تبقى ظاهرة "الوحام" من أهم المراحل التي تقلق المتزوجين، لتصبح واحدة من أهم السلوكيات الاجتماعية التي تسرد عنها غالبية الأمهات قصصاً وطرائف غريبة وعديدة.
البعض يعتقد أن هذا الأمر مجرد خزعبلات تتعلق بالحالة النفسية واضطرابات الهرمونات لدى المرأة الحامل، فيما يؤكد البعض من "باب التجربة" أن الوحام موجود بالفعل، وأن الأم الحامل في حال عدم تناولها ما تطلبه، سيظهر أثر لهذه الرغبة المكبوتة في أحد أجزاء جسم طفلها.


نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"