الفصل المدرسي الثاني...

تلميذ, مشكلة / مشاكل الدراسة, الأداء المدرسي, العام الدراسي, واجبات مدرسية, أساليب تحفيزية

03 أبريل 2012

لم يكن سامي يواجه أي مشكلة في الفصل المدرسي الأول، ولكن فجأة تدنّت علاماته، وصار لا مباليًا لنجاحه المدرسي، مما أثار سخط والديه اللذين لا يدركان سبب تراجعه الأكاديمي...

يلاحظ التربويون أن تراجع أداء التلميذ المدرسي لا يكون في المواد المدرسية كلها، بل في بعضها، كما أن تدني العلامات المدرسية لا يعني أن قدرات التلميذ الذكائية دون المستوى، فالعلامات ليست المقياس الذي يستند إليه لتقويم التلميذ بصور عامة.
وفي المقابل، فإن التلميذ في المرحلة المتوسطة مراهق يمر بكثير من التغييرات الجسدية التي تواكبها تغيرات نفسية تسبب له أزمة وجودية. فيسأل عن سبب وجوده، ومن هو، وينشغل بتحديد هويته وتوقه نحو الاستقلالية.
وهذه الأزمة التي يمر بها قد تؤثر في أدائه المدرسي، ولكن تكون في غالب الأحيان عابرة، وقد لا تظهر نتائجها في الفصل الدراسي الأوّل.
بيد أن أزمة المراهقة ليست الوحيدة المسؤولة عن تراجع التلميذ الأكاديمي، بل هناك أسباب عدة. فلماذا يواجه بعض تلامذة المرحلة المتوسطة صعابًا في الفصل الدراسي الثاني؟

«لها» التقت الاختصاصية في التقويم التربوي لما بنداق بلطجي التي تحدثت عن أهم الأسباب التي تؤدي إلى تراجع أداء التلميذ المدرسي وكيف يمكن الأهل والمدرسة مساعدته في تخطي هذه المشكلة.


- ما هي أسباب تراجع أداء التلميذ الأكاديمي المفاجئ في المرحلة المتوسطة في الفصل الدراسي الثاني؟
لا يمكن أن يكون تراجع التلميذ الأكاديمي مفاجئًا، بل هو إما نتيجة تراكم ثغرات تعلمية أو صعاب نفسية يواجهها التلميذ، لكن الأهل لم يتنبّهوا إلى هذا التراجع إلا عندما تدنّت درجات ابنهم المدرسية بشكل ملحوظ.
وبالنسبة إلى أسبابه فهي عديدة، منها جسدية ونفسية وإجتماعية وأكاديمية. أمّا إذا كان التراجع بسيطًا فيمكن أن يكون ذلك بسبب صعوبة في فهم المادة في الفصل الثاني، فمن المعلوم أن الفصل الدراسي الأول غالبًا ما يكون مراجعة للعام الدراسي السابق، وبالتالي تكون المواد الدراسية أسهل.

- ماذا تعنين بالأسباب الجسدية والنفسية؟
من المعلوم أن تلميذ المرحلة المتوسطة يكون في سن المراهقة، مما يعني أنه يمر بتغيرات جسدية كبيرة تربكه وتقلقه، إذ لم يعد قادراً على النظر إلى نفسه على أنه طفل لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه التكيّف بسهولة مع صورة جسده الجديدة التي تؤكد له بلوغه ونضجه.
وفي المقابل فإن التطور النفسي والإجتماعي يواكب التطور الجسدي، وهذه التغيّرات البيولوجية واكتشاف صورة الجسد الجديدة، يرافقها تغيير النظرة إلى العالم، ومحاولة تحديد هويته الذاتية التي ترتبط بمحاولاته المستمرة للحصول على الاستقلالية مما يسبب له بعض التوتر.
غير أن بعض المراهقين يظهرون هذه الأمور في شكل واضح في حين أن بعضهم يمرّون بها في شكل هادئ. لهذا يجب دعم المراهق والإفساح في المجال له للتعبير عن نفسه ومنحه حرية الإختيار، وتعزيز توقه إلى الاستقلالية وتحمل المسؤولية.
أما إذا تصرّف الأهل عكس ذلك فمن الممكن أن يؤدي الأمر بطريقة غير مباشرة إلى الإنطوائية وضعف الثقة بالنفس مما ينعكس سلبًا على أدائه المدرسي. ولا ننسى التغيرات أو الأزمات الأسرية التي تشكل العامل الأساس في التأثير على التلميذ المراهق.
غير أن أزمة المراهقة تختلف من مراهق إلى آخر، فعند بعضهم تمر بسلام فيما بعضهم الآخر يجد نفسه عاجزاً عن التكيّف مع هذه المشاعر الجديدة والمتناقضة التي تنتابه فيشعر بإحباط قد ينتج عنه عدم اهتمام بالمدرسة مما يسبب تراجعاً في إحدى المواد المدرسية لفترة محدودة، وهذا أمر طبيعي جداً، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يشكل مشكلة للتلميذ.
ولهذا ندعو الأهل إلى التأكد من الحالة الجسدية للتلميذ أولاً من خلال الإحالة على طبيب العائلة للقيام بالفحوص الضرورية، وكذلك إستشارة اختصاصي نفسي في حال تفاقم الأزمة عند المراهق.

- لماذا يحصل التراجع في الفصل الثاني رغم أنه لم يكن لديه أي صعوبة في الفصل الأول؟
من الأسباب المهمة لتراجع الأداء الأكاديمي هو عدم ملاءمة المنهج الدراسي لمستوى التلميذ، أو تغيرات مفاجئة في تقنيات التعليم والإمتحانات المعتمدة في المدرسة.
وقد يكون الجو المدرسي العام والعلاقات مع الأساتذة ممكن أن تشكل سببًا رئيسيًا فأداء التلميذ غالبًا ما يكون متماشيًا مع توقعات المعلمين. وكذلك، لشلة الأصدقاء تأثير كبير.

- لماذا يتراجع أداء التلميذ في بعض المواد الدراسية، وهل يمكن أن يؤدي إلى تراجع في بقية المواد؟
في المرحلة المتوسطة إذا كان التراجع المدرسي المفاجئ محصورًا بمادة معينة، فذلك غالبًا ما يكون متعلقاً إما بتوتر العلاقة بين التلميذ وأستاذ المادة التي تنعكس بشكل مباشر على أداء التلميذ، فالعلاقة الجيدة تعزز الأداء الأكاديمي وتحسّنه فيما العلاقة المتوترة تؤثر سلبًا، وإما عدم استيعابه المادى نظرًا إلى أنها ربما تعالج مسائل جديدة أكثر صعوبة عما كانت عليه في الفصل الأول.
وبالطبع يمكن أن ينعكس ذلك على بقية المواد إذا ما واجه التلميذ الفشل وتأقلم معه، فهو بذلك يفقد تدريجيًا حماسته على المثابرة والدراسة.

- هل يجوز الإستعانة بأستاذ خصوصي في حال عدم قدرة التلميذ على إستيعاب اسلوب الأستاذ في شرح المادة؟
من المعلوم أن التلميذ في المرحلة المتوسطة قادر على تحمل مسؤولية إنجاز واجباته المدرسية من دون مساعدة الأهل. وفي حال وجود ضعف في مادة معينة يمكن الإستعانة بأستاذ خصوصي شرط أن يكون ذلك لملء الثغرات التي إستجدت لدى التلميذ و لفترة محددة حتى لا يعتاد التلميذ الاتكال على أن هناك من هو جاهز في المنزل للشرح وبالتالي لا يعير ما يشرحه الأستاذ في الصف أي اهتمام.

- كيف يمكن الأهل مساعدة التلميذ في حالة التراجع الدراسي؟
من الضروري أن تكون العلاقة بين التلميذ وأهله قائمة على الصراحة والحوار والمرافقة الجيدة في التعامل، فهذا يسهل على التلميذ البوح بمخاوفه أو بضعفه.
وفي الوقت نفسه من الضروري ألا يوجه الأهل انتقادات لاذعة لابنهم، بل العمل معه للوصول إلى حل. فضلاً عن تأكيدهم أن محبتهم له ليست متعلقة بالأداء الأكاديمي. والمساعدة على تخطي الصعاب التعلمية يمكن أن تتمحور حول:

  • تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والأكاديمي من خلال تركيز الاهتمام على نقاط القوّة لدى المراهق واهتماماته والنشاطات التي يفضّلها.
  • الاطلاع على ما ينتظره في هذا الفصل لناحية المنهج الدراسي والمعلمين ونظام التعليم.
  • مشاركته في وضع أهداف يسعى إلى تحقيقها تنسجم مع مسؤولياته الدراسية وحياته الاجتماعية.
  • الاستماع إلى شكواه ومشاركته في حل المشكلات التي يواجهها.
  • تشجيعه على القيام بنشاطات لامنهجية (لاصفّية).
  • المحافظة على التواصل معه ومواكبته في ما يحتاجه وتقديم الدعم والمساعدة عند الحاجة.
  • تقديم الدعم الدراسي في حال تعثّره في مرحلة مبكرة . فمثلاً إذا واجه صعوبة في فهم مادة مدرسية يمكن تعيين أستاذ خصوصي يساعده في فهمها.
  • التنسيق مع إدارة المدرسة والمعلّمين للإطلاع على ما هو متوقّع منه في الفصل الثاني من العام المدرسي ومشاركته في وضع خطة للدرس.
  • إظهار الاهتمام بواجباته والقضايا التي تشغل فكره ومناقشته في المشكلات التي يواجهها.
  • التعامل معه كراشد وإظهار أنهم يدركون التحوّل الذي يحصل له.
  • التخفيف من المواقف السلطوية والسماح له بالتعبير عن آرائه.
  • عدم الاستهزاء بأحلامه أو أمنياته خصوصًا في ما يتعلّق بدراسته الجامعية أو مهنته المستقبلية.
  • ألاّ يبالغوا في لوم ابنهم اذا فشل، وألا يحاولوا الحط من خياراته وألا يستغلوا الأمر وكأنه نقطة ضعف بل عليهم مساعدته على تخطي الفشل، فالهدف هو بناء شخصية المراهق لا هدمها.

 

 - كيف يمكن للمدرسة أن تساعد في حالة التراجع المدرسي في المرحلة المتوسطة؟
للمعلّم دور في تحفيز التلميذ على فهم المادة فهو يرافق تطور أداء التلميذ بشكل مباشر، ولهذا فإن الدعم النفسي وتفهم متطلبات التلميذ في هذه المرحلة الحرجة من عمره ضروريان. ومن أهم أشكال الدعم:

  • التركيز على الأداء الجيد
  • التواصل الدائم لتدارك المشكلات قبل وقوعها
  • التحفيز الإيجابي المستمر
  • التأكد أن المادة الدراسية تتناسب مع قدرات التلميذ
  • التواصل مع الأهل لمساعدة التلميذ في وضع أهداف واضحة وممكنة
  • تأمين ساعات دعم