ماثوين سميث ابن العاشرة يروي حكايته مع مرض والدته...

تربية الطفل / الأطفال, رعاية الطفل / الأطفال, مرض السرطان, حكاية, الأم والطفل, طفل / أطفال, جائزة الشيخ زايد للكتاب

02 أكتوبر 2012

عندما تقرأ كتابWhat happened when mommy got cancer أي «ماذا حدث عندما أصيبت والدتي بالسرطان»، تظن أن صاحب الكتاب مؤلف مخضرم خاض تجارب الحياة فجاء أسلوب كتابته عفويًا يحمل الكثير من المشاعر الإنسانية بتناقضاتها وتفاوتاتها فعرف، ومن دون أن يقصد، كيف يجعل الدمع يباغتك رغم أنك تحاول حبسه، وفي الوقت نفسه يجعلك تبتسم وتعيش حكايته الخاصة كأنها حكايتك أنت.
لتفاجأ بأن صاحب الكتاب طفل لم يتعد العاشرة، وتزداد دهشتك عندما تعلم أنه كتب حكايته مع مرض والدته حين كان في السابعة، ومن حيث لا يدري، صارت أوراقه المبعثرة التي أسقط عليها توتره وقلقه على والدته كتابًا يهديه إلى كل من مرّ ويمر أحد أفراد عائلته بتجربة إصابته بالسرطان.
إنه ماثوين سميث الذي عرّف عن نفسه في مقدّمة كتابه أنا ماثوين I'm mathuin(math-win، أي الرياضيات تفوز.
أصيبت والدته جوسلين أسمر بسرطان الثدي قبل خمس سنوات، كتب حكايته ليقرأها كل الأطفال ويمنح جزءًا من ريع كتابه إلى مؤسسة Conquer Cancer وهي مؤسسة لا تبغي الربح تهتم بالأبحاث السرطانية.
«
لها» التقت ماثوين سميث ووالدته جوسلين أسمر سميث اللذين تحدّثا عن هذه التجربة.

- ماثوين. كيف خطرت ببالك فكرة تأليف كتاب حول مرض والدتك؟
اعتدت أن أكتب الأفكار التي تخطر في بالي على الورق، خصوصًا عندما أشعر بالتوتر، وبمجرد أن أُسقط مشاعري السلبية على الورق تنتهي وأشعر براحة.
وهذا ما فعلته عندما كتبت حكايتي وتجربتي مع مرض والدتي. وقتها كنت في السابعة ولم أكن أفكر في نشرها في كتاب، ولكن عندما اكتشفت والدتي ما كتبته بعدما انتهى علاجها وتخلّصت من المرض اقترحت علي أن ننشر هذه الأفكار في كتاب، وفكرت أن هذا يمكن أن يساعد أطفالا آخرين يمرون بالتجربة نفسها.

- من علّمك كتابة ما تشعر به على الورق؟
وحدي، جربت ذلك مرة ومن وقتها تعودت.

- كم من الوقت استغرق تأليف الكتاب؟
أربع سنوات، لأنني كنت أكتب فقط خواطري على الورق، وما أشعر به خلال مراحل علاج والدتي، فأنا لم أكتب عن تجربتي اليومية وإنما عن التغيّرات الكبرى التي كانت تحدث خلال العلاج.
مثلاً عندما أخبرتنا أنا وأختي ساشا عن مرضها، وعندما سقط شعرها بسبب العلاج الكيميائي...

- هل تظن أنك ستصبح كاتبًا في المستقبل؟
أتمنى ذلك ولكن هذا يحتاج إلى خوض تجربة تدفعني إلى الكتابة، إذ لا أكتب لمجرد الكتابة بل علي أن أعيش تجربة سواء كانت سعيدة أو حزينة تحرك مشاعري وأفكاري، تحفزني على إسقاط ما أفكر فيه على الورق.
الله أعلم. فالكتابة ليست معادلة رياضية بل هي مشاعر وتجربة.

- ماثوين كتبت قصتك باللغة الإنكليزية لأنك تتقنها ووالدك أميركي وتعيش في أميركا، ولكن والدتك لبنانية، هل تفكر في ترجمتها إلى العربية؟
كما ذكرت أعيش في أميركا ووالدي أميركي، أفهم اللغة العربية لأن والدتي لبنانية، ولكن لا أتقن قراءتها وبالتالي كتابتها. هناك مترجمة أكبر مني بتسعة أشهر، كلارا ناصيف ترجمت القصة إلى الفرنسية وسننشرها قريبًا باللغة الفرنسية.
وقد نترجمها إلى العربية. هذا الكتاب لا نبغي منه الربح بل جزء كبير من يعود ريعه إلى منظمة مكافحة أمراض السرطان Conquer Cancer التي تهتم بالأبحاث السرطانية.

- هل أجريت بحثًا عن مرض والدتك؟
لا، فقد اكتفيت بما قالته لي أمي وشرحته لي، فهي أخبرتني عن كل ما يمكن أن يحدث خلال فترة العلاج، ووثقت بما قالته لي. في بعض الأحيان كنت أشك بكلامها ولكن لاحقًا كنت أجد أن شكي ليس في محله.

- بماذا شككت؟
شككت بعلاج الأدوية، لأنها كانت تبدو أحيانًا أكثر قلقًا مني، وأحياناً أخرى أكثر جرأة مني.

- هل أنت قلق من السرطان؟
لم أعد قلقًا، فهناك أنواع عدة وأعرف أن هناك علاجات، ووالداي يشرحان لي كل الأمور.

- ماذا يمكن أن تكون في المستقبل؟
قد أصبح مهندسًا.

- كيف كان شعورك عندما رأيت كتابك؟
فوجئت بالأمر، كنت مع ابن عمي في المكتبة هنا في بيروت لنشتري بعض القرطاسية، ثم طلب مني أن أنظر إلى الرف العلوي، وفوجئت بوجود كتابي عليه... كان شعورًا رائعًا.

- هل تحب بيروت؟
أحب لبنان فأمي لبنانية.

- ما الصف الذي تحب في المدرسة؟
أحب الرياضيات، صحيح أقرأ كثيرًا ولكن القراءة ليست هوايتي المفضلة، أحب الرياضيات ويمكن أن أصبح في المستقبل مهندسًا.

- ماذا عن أختك ساشا؟
ساشا أصغر مني وتحب كل شيء. حاولنا مساعدتها ووالدي خلال مرض والدتي.


الأم جوسلين أسمر
- سيدة جوسلين، عند قراءتي للكتاب لاحظت أن لغته غنية تعكس أسلوب كاتب ضليع باللغة رغم عفوية التعابير، فهل ماثوين هاوي مطالعة؟
عندما كان ماثوين في سنّ السنة ونصف السنة عرف الحروف الأبجدية باللغة الإنكليزية والفرنسية والعربية، وفي الثانية بدأ القراءة، ولديه ذاكرة قوية جدًا، فكان يحفظ كل ما يقرأه وبدأ الكتابة في السابعة.

- ما حكاية المترجمة؟
بالفعل يفاجئك الجيل الجديد بذكائه، فكلارا ناصيف تعرفت إلى ماثوين حديثًا، وجلسا طويلاً مع بعضهما وفوجئنا بأن كلارا تريد ترجمة الكتاب إلى الفرنسية. أعجبتني الفكرة خصوصًا أنهما طفلان وصديقان.
وقد ترجمته بالفعل وقريبًا ستصدر النسخة الفرنسية، ونأمل في ما بعد ترجمته إلى العربية.

- يصف ماثوين في الكتاب الطريقة التي أعلمته وأخته ساشا عن إصابتك بسرطان الثدي. كيف تصفين هذه اللحظة؟
ليس سهلاً على الإنسان أن يعرف أنه مصاب بمرض خبيث. عندما علمت بإصابتي بالمرض قررّت أن أكون واقعية وأخبر ولديّ عنه بشكل واضح من دون أن أهوّل عليهما الأمر، وما كتبه ماثوين في الكتاب نقل حديثي معه ومع أخته بحذافيره.
لاحظت خوفهما ولكني جعلتهما يتوقّعان كل ما سيحدث خلال فترة العلاج، لذا لم يفاجئهما تساقط شعري، وعدم قدرتي في بعض الأحيان على مغادرة السرير. كانت لحظات صعبة ولكن الحمد لله استطعنا بإرادتنا القوية أن نتخطاها.

- كيف كان رد فعله؟
أذكر أول مرة قلت له أنني مريضة وانني سأكون مريضة لمدة طويلة، بعد يومين قال لي انتهت المدة هل صرت أحسن؟ ففي هذه السن (السابعة) لا يدرك الطفل بعد معنى الوقت، فقلت لا، لم تنته بعد وفسرت له أنني سوف أخضع لعلاج كيميائي وسوف أفقد شعري، وشرحت له الأمور ببساطة.
في اليوم الذي كنا فيه نصلّي، وذكر ذلك في الكتاب، شعرت بقلبي قد اقتُلع من مكانه، إذ لم أكن أتصور أن يقول لي إنني إذا لم أشف من المرض سوف أرحل مثل جدته.
ساعتها استوعبت كم هو مدرك لأخطار السرطان و كم هو متأثر ويفكر. فماثوين من النوع الذي لا يتكلم عن الأمور التي يفكر فيها، بل يحلل وحده ويأخذ القرار وحده، ويفاجئك بهذا الأمر، مثل كتابة القصة، وإدراكه أن السرطان يؤدي إلى الموت.

- كيف كان رد فعلك عندما قرأت أوراق ماثوين؟ ماذا كان شعورك؟ كيف تصفين اللحظة؟
فوجئت بكتابته، لم أكن أعرف أنه يكتب، واحتجت إلى وقت لأستوعب ما فعله خصوصًا أنه كان في السابعة. فالعلاج كان في أميركا وبعد انتهائه اكتشفت أن ماثوين كتب عن كل مراحل علاجي، لم أكن أعرف ذلك، واكتشفت الأمر في المرحلة الأخيرة.
عندما قرأت الكتاب ذرفت عيناي الدمع، فماثوين لا يعبر عن مشاعره بسهولة. وفي المدرسة طلبت الإختصاصية النفسية منه أن يتحدث إلى طفل آخر ليساعده على التخلّص من قلقه.

- لماذا طبعت الكتاب في لبنان وليس في أميركا؟
أردت إطلاق الكتاب من لبنان لأنني لبنانية وعائلتي هنا فرغبت في أن يكون ذلك من لبنان.

- كيف تم اختيار تصميم الكتاب؟
عندما أردنا تصميم إخراج الكتاب، أردناه معبّرًا عن أحداث القصة. الوردي هو اللون الأساسي للكتاب لأنه يعبّر عن مرض سرطان الثدي، أما غلاف الكتاب فقد عكس صورتنا العائلية أنا وزوجي وابنتي ساشا وابني ماثوين رغم أنها رسم.
فعندما رأت رانيا غزالي الصورة قررنا وضعها على الغلاف لتكون أقرب إلى الطفل القارئ. وبالتالي فإن كل الرسوم مواكبة للأحداث التي يرويها ماثوين.

- بماذا تنصحين الأمهات اللواتي يعشن تجربتك؟
ليس سهلاً على الأم إخبار أبنائها عن مرضها خصوصًا إذا كان سرطانًا، ولكن عليها في الوقت نفسه ألا تخفي الأمر عليهم، وتشرح لهم كل مراحل العلاج كي يكونوا مستعدين لكل الإحتمالات.
كما من الضروري إعلام كل من حولها عن المرض لا لتنال الشفقة بل لتنبه الأخريات خصوصًا سرطان الثدي.
فأنا عندما شعرت بألم في صدري كنت في أميركا أزوال عملي كمعيدة في إحدى الجامعات وتوجهت إلى طبيبي الذي اكتفي بإجراء فحص الماموغرافي، علمًا أنني لم أقتنع بالنتيجة خصوصًا أن والدتي توفيت بسبب السرطان وأصريت على أن أجري فحص الإيكوغرافي لأنه هو الذي يكشف المرض.
وبالفعل كانت شكوكي في محلها. واليوم رغم أنني شفيت، أقول لولديّ دائمًا تخلصنا منه ولكن علي أن أكون حذرة أن أراقبه من وقت إلى آخر.


كتاب

What Happened When Mommy Got Cancer
يحكي الطفل ماثوين تجربته عندما أصيبت والدته بسرطان الثدي.
فيقدّم ابن العاشرة لكتابه قائلاً: «عندما أخبرتني والدتي بأنها مصابة بالسرطان لم أكن أعرف ماذا تعني، لذا شعرت قليلاً بالخوف وشرعت بالبكاء وسألتها: ماذا يعني ذلك؟».
هكذا تبدأ قصة تجربة ماثوين مع مرض والدته جوسلين. رغم أن القصة كتبت بالإنكليزية فإنها تعكس واقعًا يعيشه كل الأبناء الذين يصاب أهلهم بالسرطان.
وببراءة الطفل يلقي ماثوين الضوء على كل مراحل العلاج التي خضعت لها والدته وكيف تعامل معها. ويلقي الضوء على تعاضد الأهل والأصدقاء لمحاربة هذا المرض الخبيث.