أم مكتئبة تربّي طفلاً مكتئباً ومحبطاً

تربية الطفل / الأطفال, رعاية الطفل / الأطفال, محاربة الإكتئاب, الأم والطفل, شخصية , طفل / أطفال, مشكلة / مشاكل عاطفية

15 يناير 2013

اضطراب في السلوك، اضطراب في النمو، أزمة مراهقة. قبل المراهقة وخلالها يكون مزاج الطفل والمراهق متقلبًا، أحيانًا تجده يضحك ويمرح، وأحياناً أخرى يُظهر مزاجاً سيئاً وعدم رغبة في القيام بشيء.
فكيف يمكن للأهل معرفة ما إذا كان ولدهم يمر باكتئاب نفسي حاد؟
لفترة طويلة لم يكن في الإمكان تشخيص حالات الإكتئاب النفسي أو الإنهيار العصبي عند المراهقين والأطفال، بل كان يُعتبر أن تغيّر السلوك والإضطرابات السلوكية التي تظهر عند المراهق أو الطفل هي مجرد مرحلة عابرة، أو طبيعية متلازمة مع مرحلة الإنتقال من الطفولة إلى المراهقة، ومظاهر تقلّب المزاج مثل معارضة الأهل، والإضطرابات الغذائية، والتفكير السوداوي، كلها مرتبطة بهذه الفترة الإنتقالية.
في المقابل، تؤكد الدراسات النفسية المعاصرة أن أعراض الإكتئاب النفسي أو الإنهيار العصبي الحاد هي نفسها عند الطفل والراشد، ومن مظاهرها: الحزن الشديد، والتفكير السلبي، واضطرابات في النوم.

الإكتئاب النفسي مرض المراهقة
يصيب الإكتئاب النفسي 1 في المئة من الأطفال و5% من المراهقين. وهذه النسبة المئوية في الإصابة لا يجوز التهاون بها. فمن عواقب الإكتئاب النفسي محاولات الإنتحار.
واللافت أن نسبة الإصابة بالإكتئاب هي نفسها عند المراهقات والمراهقين. وقد أوضحت الدراسات أن الأسباب الرئيسية نفسية، وأن المراهقات مثل المراهقين يعانين تدنياً في التقويم الذاتي وعدم ثقة بالنفس وينظرن إلى أجسادهن نظرة سلبية.

- ما هي إشارات إصابة الطفل بالإكتئاب الحاد أو الإنهيار العصبي؟
يجب في البداية أن يكون للأهل أذن صاغية ليسمعوا العبارات التي يقولها طفلهم وما تخفيه من معان، فالحزن المرضي هو أحد أعراض الإكتئاب النفسي.

وهذه عبارات الطفل المكتئب

  • «لا أرغب في شيء، آخر همّي، ليس لدي ما أفعله».

على الوالدين أن يفهما أن ابنهما يخسر اهتماماته ولم يعد يشعر بالسعادة.

  • «أنا عدم»،

وهذه تعني عدم ثقة بالنفس وتقويماً ذاتياً متدنياً جدًا.

  • «هذا خطأي، أنا شرير، أشعر بالعار».

شعور بالذنب والخجل.

  • «لم يعد أهلي يحبونني».

خسارة عاطفية، وشعور بالخيبة.

  • «لا أستطيع القيام بذلك فهو صعب، لا أفهم شيئًا، لا أعرف، لم أعد أذكر».

اضطراب في التركيز والذاكرة والإنتباه.

هذه العبارات تصاحبها صعاب في المدرسة وتغيّر في سلوك التلميذ، وعلى الأهل وأساتذة المدرسة أن يتنبهوا إلى هذه التغيرات. فالطفل الذي يعاني صعوبة في التركيز غالبًا ما يتجنّب العمل أو يرفضه، أو على الأقل لا يثابر على العمل لساعات من دون نتيجة، وفي كلتا الحالتين فإنه يعاني فشلاً مدرسياً.
في المقابل يمكن للطفل أن يظهر اضطرابه النفسي بطريقة متناقضة، فأحياناً يبدو مفرط الحركة، سريع الغضب، يرهق نفسه في نشاط مكثف، وفي أحيان أخرى تراه منطوياً.

- كيف يمكن معرفة ما إذا كان الطفل يمرّ بحالة اكتئاب حاد؟
هناك إشارات يمكن للأهل ملاحظتها والتحقق منها لمعرفة ما إذا كان ابنهم يمر بحالة إكتئاب حاد. فمن أعراض الإكتئاب عند الطفل الصغير فقدان الشهية في الطعام، فيما المراهق قد يبدو شرهاً وفي الوقت نفسه مصابًا بالبوليميا.
أما الإشارة الثانية فهي اضطراب في النوم عند الطفل والمراهق. ومن مظاهره التوتر الشديد، رفض الذهاب إلى الفراش، صعوبة في النوم، وعدم النوم بشكل واف، والشعور بالتعب طوال الوقت. في المقابل، يبدو التقويم الذاتي متدنياً والثقة بالنفس شبه معدومة.
ويعزز أحيانًا رد فعل الأهل حالة الإكتئاب حين لا يتحققون من أسباب سلوك أبنائهم ويتهمونه بالسلوك السيئ، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة بحيث تزداد حدة الإكتئاب من دون أن يعرفوا أو حتى يشتبهوا بإمكان الإصابة به.

- ما العمل تجاه اكتئاب الطفل الحاد؟
قد يتغيّر سلوك الطفل أو المراهق بسبب حدث تراجيدي عائلي أو اجتماعي أو شخصي، وإذا استمرّ هذا التغيير لفترة طويلة، وإذا رافقه شعور بالحزن والألم يجب استشارة اختصاصي.
فدور طبيب العائلة أو طبيب الأطفال مهم جدًا في مرحلة التشخيص أكثر من العلاج. فتشخيص الحالة والشرح للأهل والحصول على المساعدة تكفي لتخطي حالة الإكتئاب.
ولكن إذا استمر الاكتئاب وازدادت حدّته فمن المفضل رؤية اختصاصي نفس للطفل وللمراهق لأن في مقدوره أن يقدّم المساعدة والعلاج المناسبين للحالة.

- هل هناك أدوية علاج للاكتئاب؟
من النادر جدًا وصف أدوية علاج للطفل الذي يعاني اكتئاباً، فيما يمكن علاج الأدوية أن يكون مفيدًا جدًا للمراهقين. فهناك طرق علاج نفسي مختلفة يمكن استعمالها، وإختيار إحداها يعود إلى الأهل والمراهق نفسه.


الأطفال ذوو الشخصية المكتئبة

لاحظت دراسة نفسية أن أبناء الأهل من ذوي الشخصية المكتئبة غالباً ما يعانون إضطرابات نفسية أكثر من غيرهم. فنسبة المزاج المضطرب تكون ثلاث مرات أكثر لديهم منها لدى الأطفال الذين لا يعاني أهلهم اكتئاباً.

وهناك دراسة أخرى أثبتت أن 24 % من الأطفال في عمر السنة الذين لديهم أم مكتئبة أظهروا اضطرابات في السلوك التفاعلي. كما ثبت أن 40% من الأطفال الذين يعاني أهلهم اضطرابات عاطفية منذ الولادة يتلقون علاجًا نفسياً خلال مرحلة الرشد.
هذه الإستنتاجات توصي بضرورة التدخّل العلاجي المتعدد الطرق، للأم وطفلها معًا.

من الثابت إذًا أن العلاقة بين الأهل والطفل تؤثر بشكل كبير في زيادة الإكتئاب عند الأبناء من الطفولة إلى المراهقة.
فمرحلة المراهقة تتميز بالتحولات الكبرى على الصعد الجسدية والبيولوجية والنفسية، والأهل المكتئبون خلال هذه المرحلة يزيدون أزمة المراهقة التي يمر بها المراهق.