أول رابطة تشجيع نسائية في العالم العربي «رابطة مشجعات مصر»: فتيات يقتحمن مدرّجات كرة القدم

أحمد جمال (القاهرة) 08 أبريل 2018

تحت شعار «مصر بتتكلم كورة»، أسّست مجموعة من الفتيات المصريات رابطة نسائية للتشجيع الكروي، وذلك لتفعيل دور الفتاة في تشجيع الأندية المصرية المختلفة والمنتخب المصري في ملاعب كرة القدم، متخذاتٍ من تأهل منتخب مصر الى كأس العالم في روسيا 2018 للمرة الأولى منذ 28 عاماً، نواة لفكرتهن، لتكون «رابطة مشجعات مصر» هي الأولى من نوعها في مصر والشرق الأوسط.
«لها» التقت العضوات المؤسّسات للرابطة، للوقوف على أسباب تكوينها وأهم أهدافها.


تشجيع المنتخب
في البداية، تقول عزة جلال، منسّقة رابطة مشجعات مصر: «بعد تصفيات كأس العالم 2018 وتأهّل المنتخب المصري للمرة الأولى منذ فترة طويلة، فكّرنا في تأسيس رابطة نسائية لتشجيع منتخبنا الوطني، تبدأ التشجيع للمرة الأولى من روسيا، وهي فكرة جديدة على المجتمعات العربية، وذلك كي نوصل رسالة بأن السيدات يهتممن أيضاً بتشجيع كرة القدم، وأن تشجيع الرياضة الأكثر شعبية في العالم ليس حكراً على الرجال»، مضيفةً أنه «أصبح من حق الفتيات والنساء تشجيع كرة القدم بشكل منظّم، خصوصاً أن النساء اقتحمن المجال الكروي بقوة، وأضحت هناك امرأة حكم ولاعبات كرة قدم مشهورات في مصر».
وتشير عزة التي شاركت في تأسيس الرابطة وترافقها ابنتها توتا إيهاب، وهي المشجعة الأصغر في الرابطة، الى أن الرابطة ليست عشوائية، لكنْ لكل مشتركة دور محدّد، وأنها تهتم بالجانب المتعلق بإعداد الوجبات التي تتناولها المشجعات خارج مصر، بما أن غالبية مباريات المنتخب المصري تُجرى خارج البلاد.
وتلفت ابنتها توتا، إلى أنها تحب لعبة كرة القدم وتمارسها، وقد تابعت مباريات المنتخب المصري الأخيرة، ولاحظت أن عضوات الرابطة يفعلن أشياء مسلية ومفيدة إلى جانب التشجيع الكروي، فقررت المشاركة معهن، مؤكدةً نيّتها الاستمرار في الرابطة.

خطة مُحكمة
عمل الرابطة لا يقتصر على التشجيع الكروي، إذ تروّج العضوات للسياحة المصرية والأماكن الأثرية الشهيرة، عبر صفحة الفايسبوك الخاصة بالرابطة. وفي هذا الشأن، تقول أسما رؤوف، منسّقة الملف السياحي في الرابطة: «مصر تزخر بالأماكن السياحية الخيالية التي لا يعلم بها كثر حول العالم، بل لا يعرفها كثر من المصريين أنفسهم، فأعددنا خطة مُحكمة لتعريف العالم بالسياحة المصرية من خلال تشجيع كرة القدم، وستكون هذه الخطوة مفاجأة للجميع. إلى جانب ذلك، هناك نشاط خيري نعتزم الاستمرار فيه، وكانت البداية عندما زرنا مستشفى 57357 لسرطان الأطفال، وأمضينا يوماً كاملاً مع الأطفال لنُدخل البهجة إلى قلوبهم، وهو من الأهداف المهمة جداً للرابطة».
وتضيف أسما التي تدرس الإرشاد السياحي ولها مبادرة بعنوان «مصر أحلى مع أسما»، للترويج للسياحة المصرية: «نروّج لفعالياتنا من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بما أنها الوسيلة الاجتماعية الأكثر تأثيراً في المجتمع، ونقبل طلبات المشجعات الراغبات في الانضمام إلى الرابطة من خلال الصفحة، كما نتلقى طلبات الفتيات الراغبات في الذهاب لتشجيع المنتخب المصري في البلدان المختلفة حول العالم، بدايةً من روسيا، ثم نتبع بعض الخطوات لاختيار مجموعة من المتقدّمات، وأولى هذه الخطوات إرسال صورة شخصية للراغبات في المشاركة، وثانيتها الاختبار المبسّط من خلال أسئلة حول كرة القدم، ثم نعمل فيديو أسبوعياً لتقديم المتسابقات الفائزات».

صورة مشرّفة ومبهرة
تقول سندس حمدي، مسؤولة ملف الشباب في الرابطة: «في الدول الأوروبية هناك مدارس منظمة لتعليم التشجيع الكروي، كي لا يكون التشجيع عشوائياً وليظهر المشجعون بصورة حضارية ومشرّفة، ونحن هنا للقيام بهذا الدور.فمهمتنا كأول رابطة نسائية في مصر والشرق الأوسط تفعيل دور المرأة في التشجيع، لإظهارها بصورة مشرّفة تُبهر العالم».
وتضيف سندس التي تدرس الإعلام: «نشر الصورة الإيجابية للفتيات المصريات، هو أحد أكبر أهداف الرابطة وأهمها، فمثلما نرى الفتيات الجميلات يشجعن المنتخبات الأوروبية في البطولات الكبرى، سنجعل الفتيات المصريات مؤثرات في المجال الكروي بصورة مشرّفة لمصر وللرياضة المصرية، كما صنعنا عدداً كبيراً من الشعارات التشجيعية، وستكون رمزاً للتشجيع النسائي لكرة القدم في مصر، وللأسف صورة السيدة المصرية سيئة للغاية، فهي لا تظهر إلا في دور «ست البيت» التي تقوم فقط بتربية الأبناء وترتيب المنزل وطهو الطعام، ولا تشارك زوجها أياً من اهتماماته».

المرأة والكرة
توضح نورهان طمان، مسؤولة الملف الرياضي في الرابطة: «بعد تأهل المنتخب المصري الى كأس العالم في روسيا، بدأنا التفكير في كيفية القيام بدور مؤثر في هذا الحدث المهم والكبير، الذي تأخر 28 سنة، وهذا الدور سيكون دعم الفتيات الراغبات في تشجيع المنتخب المصري بشكل مؤثر ومنظم، ومنذ بداية تكوين الرابطة أصبح الموضوع منتشراً بشكل كبير في مصر، ثم وجدنا أن الرابطة لن تظهر بشكل مؤثر ومشرّف إلا من خلال العمل المنظّم، فقسمنا الرابطة إلى تخصصات وأقسام عدة، بحسب دراسة العضوات المؤسّسات وعملهن، لئلا يكون التشجيع أو الاهتمام بالكرة عشوائياً».
وتضيف طمان التي تعمل محلّلة رياضية في إحدى الصحف المصرية: «قد تصور الإعلانات التلفزيونية أو الأعمال الفنية، أن الكرة تتصدر اهتمامات الرجل، وأنها بعيدة تماماً من اهتمامات المرأة التي تبحث عن المسلسلات فقط في التلفزيون، وأن الكرة ومباريات كرة القدم هي مصدر لكثير من المشكلات في البيوت المصرية، لكن الواقع غير ذلك، فالكرة ليست بعيدة تماماً من المرأة المصرية، ففي كل أسرة نجد فتيات يشجعن الكرة ولديهن ناديهن المفضل ويتابعن أخباره ومبارياته بشكل يفوق أحياناً اهتمام الرجال، فالكرة ليست ذكورية إطلاقاً».
وتكشف طمان أن هناك مشروعاً لإعداد أغنية خاصة بالرابطة، من تلحين وائل العقيد وتوزيع لؤي فايد وغناء الفنان محمد منير.

التشجيع الآمن
ميرنا الشنّاوي، إحدى منسّقات الرابطة، والمتحدثة الرسمية باللغة الفرنسية في الرابطة، تقول: «نتواصل بصورة مستمرة مع البلدان العربية، بخاصة أن هناك مشجعين ومشجعات من هذه الدول سيذهبون إلى روسيا، كما أعلنّا دعمنا للمشجعات السعوديات عقب السماح لهن بدخول مدرّجات الملاعب خلال الفترة المقبلة، وتخصيص مقاعد لهن لتشجيع فرقهن، وبالتالي أنشأنا قسمين للتواصل باللغتين الفرنسية والإنكليزية، مع وسائل الإعلام غير العربية في دول العالم المختلفة، وسيكون التشجيع بهاتين اللغتين الأكثر انتشاراً حول العالم أكثر تأثيراً».
وتؤكد ميرنا أن ليس شرطاً أن يقتصر دعم لاعبي الكرة على الشخصيات المشهورة، كما يحدث على «تويتر» وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الممكن أن يكون المشجع غير مشهور أو معروف، لكن دوره مؤثر في الملعب، وهو ما يحتاجه اللاعب أثناء المباراة ليقدم أفضل ما عنده.
وفي ما يتعلق بالسفر للتشجيع في دول مختلفة، بخاصة أن عائلات كثيرة تخاف على بناتها من محاولات التحرّش في الملاعب، توضح ميرنا: «بالعكس، الموضوع حضاري جداً ومنظم وآمن، لأن الفتاة لن تكون في أمان إذا ذهبت إلى الاستاد بمفردها، لكن وجودها وسط العشرات بل والمئات من المشجعات يجعلها أكثر أماناً واطمئناناً، كما أن هناك تفكيراً سلبياً منتشراً في مجتمعاتنا، وهو أن الفتاة التي تلعب كرة القدم أو تتابعها أو تشجعها في أي شكل من الأشكال، هي فتاة «مسترجلة» وفاقدة لجزء من الأنوثة، وهذه فكْرة خاطئة تماماً، فكُرة القدم رياضة ككل الرياضات التي تمارسها الفتيات».