الحمل الكاذب.. الفرحة تتحول إلى صدمة في دقائق

24 أبريل 2018

في أنحاء متفرّقة من العالم، وفي هذه اللحظة تحديداً، تبكي إحداهن فرحاً بعد اكتشاف حملها، ويحتفي زوجها وعائلتها معها بالخبر السعيد.
آمنة منصور


وإذا كان التعبير الشائع في العالم العربي "الله يتمم لك على خير" يُترجم تمنيات المحيط للسيدات بحمل يسير، يبصر في ختامه المولود النور معافى وبصحة جيدة، فإن حملاً من نوع آخر لن تكون له خواتيم مهما تضاعف حجم البطن أو اشتدت الانقباضات.


وهم
تتطور أعراض الحمل لدى بعض النساء دون تلقيح فعلي للبويضة ونمو جنين في أحشائهن، وتنتظر هذه الشريحة من السيدات ولادة من لن يولد، ويطول الأمر في أحيان كثيرة قبل معرفة الحقيقة، فتكون العواقب النفسية وخيمة عندما يعرفن أن كل الأعراض التي شعرن بها ليست سوى أعراض الحمل الكاذب.
تتطابق أعراض هذا الحمل الوهمي مع الحمل الطبيعي للمرأة، وهو ما يتم البناء عليه عادةً في إثبات "الوهم" بانتظار مولود. فالأعراض السريرية، كانقطاع الدورة الدموية، والغثيان الصباحي، وآلام الظهر، وانتفاخ البطن والثديين، تعيشها المرأة، فتتأكد بالاستناد إليها من حملها.


قناعة ثم صدمة
هذه التغييرات الفيسيولوجية يُعيدها الأطباء إلى أسباب متعارف عليها، كالاضطرابات التي تُصيب الطمث فتؤخّره، إضافة إلى تراكم الدهون في محيط الخصر والتي تؤدي إلى انتفاخ البطن. أما آلام الغثيان واستنتاج الحمل، فيُرجعه الأطباء إلى عوامل نفسية. ذلك لأن الحمل الكاذب غالباً ما يُصيب السيدات الراغبات حقاً بالإنجاب، لكنهن يواجهن صعوبة في تحقيق هذه الرغبة، كعدم الزواج، أو اقتراب الانقطاع النهائي للطمث، وربما الإجهاض المتكرر، وغالباً العقم.
وفي حالات مماثلة تتطوّر أعراض الحمل الكاذب، ولشدة حماسة المرأة لنمو طفل في أحشائها، تقتنع بأنها حامل، ولا تتظاهر "إرادياً" بالأمر، وتُظهر اختبارات الحمل المنزلية نتيجة إيجابيةً بسبب تفسير الدماغ لهذه العلامات على أنها حمل، ما يحفز إطلاق هرمونات الأستروجين والبرولاكتين التي تؤدي بدورها إلى ظهور أعراض متطورة للحمل.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، عن بول بولمان، الطبيب الأسري في المركز الطبي لجامعة "نبراسكا"، قوله إن "عدداً من مريضات الحمل الكاذب لديهن نتائج إيجابية في اختبارات الحمل"، مشيراً إلى أنه "تم تسجيل كل علامات وأعراض للحمل في هؤلاء المرضى باستثناء ثلاثة: لا تسمع أصوات القلب من الجنين، ولا ترى الجنين من خلال الموجات فوق الصوتية، ولا تحصل على ولادة".

وفي ما يتعلّق بالهرمونات التي تُعطي هذه النتيجة الإيجابية في الإختبارات، فقد بيّنت دراسة الحالات في جامعة "ميتشيغان" أن "العديد من المريضات لديهن مستويات مرتفعة من الهرمونات، مثل الإستروجين والبرولاكتين، وهي مركبات يمكن أن تسبب أعراضاً جسدية مثل انتفاخ البطن وإفراز الحليب، بالإضافة إلى العوامل النفسية مثل الرغبة في إنجاب طفل.
وفي حين تكشف الفحوصات المخبرية كذب الأعراض، وتضع المرأة مرةً أخرى أمام واحدة من أعظم مخاوفها والحقيقة المرّة التي تحاول عدم تصديقها، فإنها تعود من جديد، فتُصاب بصدمة نفسية وإحباط شديدين، تحتاج معهما إلى الاحتواء العاطفي وفي بعض الأحيان الاستشارة النفسية.


الرجال أيضاً
ولعل الاغرب من حمل المرأة الكاذب هو معاناة بعض الرجال من الاعراض نفسها التي تصاب بها المراة الحامل، وهو ما يعرف بـ"متلازمة كوفاد" أو "متلازمة التضامن" التي يفسرها الاطباء على انها نوع من التعاطف والتضامن الذي يشعر به بعض الرجال مع زوجاتهم الحوامل
صحيح أن هذه الحالات لا تتطور نفسياً وذهنياً إلى الحد الذي يبلغه الحمل الكاذب لدى النساء، إلا أن الرجال يُعانون فعلاً، بسبب الحمل الكاذب من الأعراض التي تعيشها النساء الحوامل، كانتفاخ البطن وآلام الظهر والشعور بالغثيان، التي تُترجم تضامن وتعاطف الرجل مع زوجته الحامل.
وقد أظهرت دراسة بريطانية بجامعة "سانت جورج"، أن الآباء الذين تنتظر زوجاتهم مولوداً "يمكن أن يعانوا من أعراض الحمل، كالغثيان الصباحي، وتشنجات وآلام الظهر وتضخماً في المعدة". إلا أنه بعد أن تمت دراسة 282 من حالات الآباء الذين يعانون متلازمة "كوفاد"، لفت خبراء إلى أنه ليس من الواضح لماذا يعاني بعض الرجال من اعراض مشابهة لزوجاتهم، ورأوا أن الإصابة قد تكون مرتبطة بالقلق من الحمل.


نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"