أحمد الأحمد: أبتعد عن الإعلام وليس لدي الكثير لأقوله

دمشق (لها) 12 مايو 2018

عندما سألناه عن سبب ابتعاده عن الإعلام، أجاب بأنه لا يجيد هذا الموضوع، وأن ليس هناك الكثير ليقوله. فنان حقيقي، أكاديمي، مهني، عُرف من خلال الأدوار الكوميدية الأهم في الدراما السورية، لكنّ إبداعه في الأعمال التراجيدية الأخرى لم يقل نجاحاً عما قدمه في الكوميديا. 
إنه الفنان أحمد الأحمد، الذي أسس منذ سنوات قليلة «فيوتشر ستار»، المعهد المتخصص بالفنون، من تمثيل، إلى غناء، ورسم، وكورال، وكل ما يحاكي الفن. في لقائنا معه، حدثنا عن توجهات المعهد وأسباب تأسيسه، وعن عمله الأخير «الواق واق»، وعن حياته الخاصة التي لا يريد لأحد أن يتدخل فيها، وعن علاقته بأخيه الفنان محمد الأحمد.


- هل تعتقد أن مسلسل «الواق واق» سيكون أهم من «ضيعة ضايعة»، كونه للمخرج والكاتب نفسيهما؟
لا أعرف حقيقةً، هو عمل فني كغيره، لكنْ هناك نص ومخرج جيدان، وكادر فنانين مهمين، وأعتقد أن الجهود كلها ملائمة لكي يكون العمل ناجحاً.

- غالباً ما تكون شراكة العمل مع الفنان محمد حداقي ناجحة، ماذا عن ثنائيتكما في «الواق واق»؟
نعم قدمنا لوحات مشتركة عدة في سلسلة «بقعة ضوء»، وفي مسلسلَي «الخربة» و«الطواريد»، فمحمد حداقي لديه مزاج عالٍ، وهذا أمر يريحني. كذلك، يرى القائمون على المهنة، أن هذه الثنائية نجحت، لذلك هم يكررونها في أعمال درامية أخرى.

- ألا ترى أنك من أهم الفنانين الكوميديين في سورية؟
لا على الإطلاق، هناك فنانون مهمون كثر في الدراما السورية، ومن جانب آخر فالأمر مرهون بحظ الفنان مع المادة الفنية إضافة إلى المخرج، ذلك كله يؤدي دوراً في نجاح الفنان.

- كيف جاءت فكرة معهد التمثيل الذي أسّسته، «فيوتشر ستار»، وهل هو بديل عن المعهد العالي للفنون المسرحية؟
«فيوتشر ستار» ليس معهداً أكاديمياً، بل هو مكان نحاكي فيه ثقافة الفن، وندرّس كل ما تعلمناه في المعهد العالي للفنون المسرحية للطلاب الذين لم يستطيعوا الالتحاق بالمعهد العالي، وهو ليس بديلاً إطلاقاً عن هذا المعهد، ونحن لسنا مؤسسة تشغيل ولا مؤسسة حكومية أو خاصة.
المعهد عبارة عن نشاطات ودورات تعلّم الطلاب الأمور الأكاديمية، وتهيئهم للعمل الفني، كما أنه ليس مختصاً بالتمثيل فقط، بل يشمل أيضاً الموسيقى والرسم والكورال، أي الفن بكل أطيافه، وهو ليس مؤسسة ربحية، لكن بالطبع نجني مصاريفنا من المعهد، فالأستاذ الذي يعطي الدروس يجب أن ينال حقه.

- من يضم المعهد من المدرسين غير أحمد الأحمد؟
هناك أسماء كثيرة، كالأستاذ فؤاد حسن، الفنانة نسرين فندي، الفنانة ولاء عزام، الأستاذ عروة العربي، وفنانين آخرين كانوا موجودين أيضاً، كالفنان مجد فضة.

- هل يمكن أن تساعدوا الخريجين في المعهد على الدخول إلى الوسط الفني؟
بالطبع، فهناك كثر يتواصلون معنا ويسألون عن الطلاب الناجحين والموهوبين لنرشحهم لأعمالهم، بخاصة ممن لديهم الشغف لهذه المهنة، وكان لدينا الكثير من الطلاب الذين حصلوا على فرصهم الدرامية بعد الدراسة في المعهد، ومنهم الطفلة سارة عواد، وآخرون، كما شارك طفلان من المعهد في قسم الغناء في برنامج «ذا فويس».

- هل أصبح من الضروري أن يفكر الفنان بمشاريع عمل بعيدة عن الفن، خوفاً من مقولة «الفن غدار»؟
هذا الكلام صحيح، فالعمل الثاني هو ضمان للفنان ولمستقبله.

- حقق مسلسل «الانتظار» الذي شاركت فيه بدور «بسام» نجاحاً كبيراً في الماضي، فهل تعتبره من المحطات الأهم في حياتك؟
هناك أعمال فنية رائعة في سورية، ولا يمكن أن أكون سطحياً في تقييمي، فصحيح أن «الانتظار» كان عملاً رائعاً بالتأكيد، إلا أن هناك أعمالاً أخرى لا تقل روعة عنه.

- نجاح تيم حسن في «الهيبة» هل فاق نجاحه كبطل في مسلسل «الانتظار»؟
بالطبع، اليوم نحن نتحدث عن نجم عربي وسوري مهم، فقد توافرت في «الهيبة» كل عناصر النجاح، من الأداء الجيد الى الدور، وتوافر فرص العرض الأهم، ووجود كاتب ومخرج ونجوم مهمين، إضافة إلى أن فكرة العمل محببة للناس، ذلك كله جعله عملاً ناجحاً جداً، وتيم حسن نجح فيه أكثر من غيره من الأعمال، لأن النجاح هنا موجه عربياً وليس محلياً فقط. والمشكلة، أنه عندما ينجح عمل ما نفاجأ ونبحث عن أسباب نجاحه، بل على العكس، علينا أن نبحث عن الأسباب التي أدت الى فشل الأعمال وعدم تحقيقها نجاحاً.

- رافقك البعض من الفنانين منذ بدايتك، لكنهم أصبحوا نجوماً في الأعمال العربية، لماذا لم تنل تلك الفرص التي حصل عليها زملاؤك؟
السبب أن طبيعة أعمالي محلية، وهي بالضرورة تحاكي الهم والمجتمع السوريين، أما الأعمال المشتركة التي عمل فيها زملائي ونجحوا فيها ليس في سورية فقط بل في الوطن العربي، فشكلت امتداداً لنجاحهم المحلي.

- هل من شروط معينة مطلوبة للفنان السوري ليصبح نجماً عربياً، الشكل مثلاً، علاقات معينة... وهل أنت مقصر في هذا الشأن؟
بالطبع هناك أمور مهمة تتحكم بالنجومية، والعلاقات تأتي بالمرتبة الرابعة أو الخامسة من ناحية الأهمية، فالفنان الجيد يبقى جيداً، وقد نجح شبابنا الفنانون عربياً لأنهم فنانون حقيقيون، يفكرون في دورهم وطبيعة الشخصية جيداً، وإن أتاني العرض الجيد بالطبع سأشارك فيه ولن أتهاون.

- يصفونك بالفنان الخجول، هل هذا سبب قلة لقاءاتك الفنية؟
لا أعرف إن كان هذا الكلام صحيحاً، لكن في الحقيقة أنا مقلّ جداً في لقاءاتي الفنية، بخاصة المرئية والمسموعة منها، فليس لدي الكثير لأقوله، وفي النهاية لكل شخص طريقته التي يعمل بها، ولا علاقة لقلة لقاءاتي بالخجل أو ما شابه.

- لماذا لا يعرف الناس عن حياتك الخاصة شيئاً؟
حياتي الخاصة تبقى خاصة، ولا أحب التحدث عنها بالعموم، فأهم ما أتحدث عنه هو عملي الذي يراه الجمهور، أما الأمور الأخرى فليست من شأن أحد.

- تستطيع أن تحوّل من أي دور صغير دوراً مهماً وكبيراً، هل هذا يكرّس فكرة أن ليس هناك دور صغير أو كبير بل فنان كبير أو صغير؟
الأهم في العمل الفني هو الثالوث المتمثل بالكاتب والمخرج والممثل، وذلك كله برعاية الإنتاج، ويجب أن يكون العمل قائماً على دراسة ثقافية ومنطقية حتى يساعد هذا الثالوث ليكون في مكانه الصحيح، فالعقل الإنتاجي يجب أن يكون عقلاً نيراً وحضارياً، أما فقدان أي عنصر فيحول دون نجاح العمل.
والصحافة لا تقل أهمية عن كل ما سبق، فهي المساعد الحقيقي للعمل الفني، وسند لكل الكوادر، فإما أن تكون الصحافة نبيلة أو لا. وأنا مع العمل الفني التجاري، وأتمنى أن نقدم عملاً تجارياً فنياً ناجحاً، وهذا يحتاج الى الفكر والعمل لنقدم مشروعاً كهذا.

- إذاً، هل سبب نجاح مسلسل «باب الحارة»، أنه عمل تجاري؟
طبعاً هو عمل ناجح لأنه حقق جماهيرية، ويجب أن نكون دقيقين، فالعمل الفني ليس بالضرورة أن يكون ذا هدف، إذ من الممكن أن يكون اجتماعياً هادفاً أو ترفيهياً، وأنا لا أقيّم أياً من الأعمال، لكني أتحدث بشكل عام، فهناك مدارس للأعمال، ويمكنني أن أقدم عملاً من أجل المتعة، وأعرف كيف يمكنني أن أنجز عملاً يحمل في طياته هذا النوع.

- وما سبب قلة مشاركاتك في الأعمال البيئية الشامية؟
أنا ممثل وأجيد عملي، وبالطبع سأقدم الدور الجيد مهما كان نوعه، ولديّ تجربة سابقة في المسلسل الشامي «قمر الشام». وأمر طبيعي ألا أتواجد في غالبية الأعمال الشامية، كوني أفضّل أن أشارك في عمل أو عملين في الموسم، لأسباب شخصية وفنية، منها أن أفرّغ طاقتي في عملين أفضل من أن أفرّغها في أربعة أو خمسة أعمال.

- صرّحت سابقاً عن النجم الكوميدي السوري ومقارنته بالنجم الكوميدي العربي، أين تكمن مشكلة الكوميديا السورية؟
الكوميديا تحتاج الى رعاية حقيقية، ويجب النظر إليها بمنظار آخر، فمن يُضحِك الناس ليس أقل شأناً ممن يبكيهم، كما ينبغي التعامل معها بالمعطيات التي يتعاملون بها في العمل الدرامي، فهي لا تقل جهداً ولا عناء عنه، وذلك من خلال التعاطي مع العمل الكوميدي إنتاجياً وثقافياً والتفاصيل الدقيقة، ولدينا بعض الأعمال الكوميدية التي أثبتت نجاحها، لكننا نريد لأعمالنا كلها أن ترتقي، وذلك من خلال التعامل الجدّي معها.

- هل هذا يبرّر أن معظم زملائك الذين عرفوا في الدراما أصبحوا نجوماً عرباً، بينما الفنانون المعروفون في الكوميديا ما زالوا في الإطار المحلي؟
يجب أن نبحث عن كيفية تقديم كوميديا عربية، وليس فقط محلية، كما في الدراما المصرية التي أصبحت دراما عربية، أي ألا نخاطب بلداً معيناً أو بيئة معينة، بل أن نحاكي كل العقول والضمائر، وهذا ما استطعنا فعله في المسرح والسينما السوريين، كما فعل الأستاذ دريد لحام، الذي انتشرت أعماله المسرحية والسينمائية عربياً ولأسباب عدة، فأفكار أعماله كانت تحاكي كل العقول، وكل الثقافات، فكان التونسي والمصري وغيرهما يشعرون بالنكتة المقدّمة من خلالها، ولدينا أيضاً تجارب نجحت عربياً كمسلسل «ضيعة ضايعة»، وبعض الأعمال الأخرى.

- هل أنت مع أن يسوّق الفنان نفسه عربياً؟
من المفترض ذلك، لكن أنا لا أعرف التعامل كثيراً بهذا الأمر، وأرى أن الفنان المصري غير مضطر لتسويق نفسه عربياً، لأن عمله المحلي يرضي طموحه، وبالنسبة إلي لو كانت الإنتاجات تغطي طموح كل الفنانين المحليين، عندها سيكون الطموح العربي تحصيلاً حاصلاً وليس هدفاً في حد ذاته.

- هل أصبحت الكوميديا نمطاً درامياً يحاول الفنانون الابتعاد عنه؟
هذا أمر طبيعي، لأن أي فنان لا يجد نفسه في الكوميديا ينتقل إلى مكان آخر، والكوميديا ليست حكراً على أحد، فمن يستطيع أن يجيدها ويكون مقنعاً فيها، فلا مشكلة.

- هل تشارك في بعض الأعمال لمجرد الظهور على الشاشة في بعض المواسم الدرامية؟
حتى هذه اللحظة لم ينتابني هذا الشعور، فدوماً هناك عروض، وبالطبع هناك أعمال لست راضياً عنها، والأمر يتجسّد في مبدأ العرض والطلب، ما يؤدي أحياناً إلى حدوث إشكالات وتعقيدات، والأهم من ظهور الفنان خلال الموسم، أن يكون راضياً عن أعماله التي قدمها.

- هل من أعمال تندم على المشاركة فيها؟
هناك الكثير من الأعمال التي أندم على المشاركة فيها، وهذا طبيعي ويحصل مع أي فنان.

- أصبح شقيقك الفنان محمد الأحمد من أهم الفنانين السوريين، هل نصحته بالابتعاد عن الكوميديا؟
أنا ومحمد صديقان وزميلان وأخوان، وتحدث بيننا نقاشات في ما يتعلق بالعمل، وأنا لم أنصحه بالابتعاد عن الكوميديا، فهو ممثل متمكن من قدراته، وخطط لمستقبله في شكل جيد، لكننا نتبادل النصائح في ما بيننا، عدا عن أن محمد هو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، وبيني وبينه ثلاث سنوات، فعندما كنت في السنة الرابعة في المعهد كان هو في سنته الأولى، وكان من المتفوقين في المعهد، وأثنى عليه أساتذته، وهذا ما أوصله إلى ما هو عليه اليوم.

- «هومي هون» أول أعمالك الدرامية من إخراج الفنان باسم ياخور، لماذا لم تدخل تجربة الإخراج؟
لديّ نية بالإخراج، لكني لم أجد الفرصة الحقيقية في ما يتعلق بالنص والشركة المنتجة كي نقدم عملاً، وليس بالضروري أن يكون من النوع الكوميدي.

- بعيداً عن تكريسك كفنان كوميدي، أين تجد نفسك أكثر: في الدراما أم الكوميديا؟
من المعروف عن العمل الكوميدي صعوبته من ناحية البحث والتعاطي، وعادة ما يتأثر الناس ويكونون عاطفيين أكثر مع المادة الدرامية، لكن بالنسبة إليّ أحب العمل الكوميدي لأنه يحاكي الضمير والعقل معاً، ونحن شعوب نفهم النكتة، والكوميديا تحتاج إلى إقناع الجمهور حتى يتقبلها، أما في العمل الدرامي فهناك جانب يحاكي المشاعر والعواطف.

- قليلاً ما تغيّر في مظهرك، هل تعتمد على المضمون في إظهار ملامح شخصياتك؟
لا يوجد شيء مخطط له، فهذا أمر عفويّ، لكن عندما يتطلب الدور أن أغيّر من شكلي فسأفعل بالتأكيد، وفي معظم الأعمال التي ظهرتُ فيها اعتمدت على التغيير الداخلي للشخصية، وهذا ما أراه يتبع التغيير الخارجي، فالتغيير في الشكل مهم لكنه متمم لدواخل الشخصية، لذلك في «بقعة ضوء»، كان هناك الكثير من التغييرات بما يناسب الأدوار، وغيّرت شكلي أيضاً في مسلسل «الخربة» تبعاً للدور.

- هل وقع «بقعة ضوء» في فخّ التكرار؟
إن وُجدت المادة الفنية المتجددة والمخرج والفنانون المناسبون، وقنوات عرض جيدة، عندها تتوافر كل الشروط التي تؤدي إلى نجاح العمل، أما في حالة «بقعة ضوء» الذي تعرّض لفكرة الأجزاء، والعالم كله يحضر الأجزاء، فتحدث مقارنات بين أي من الأجزاء كان الأفضل.
وثانياً، يجب أن تكون لدينا مادة غنية متجددة دائمة، فهو عمل يمر في مراحل كل عام. وفي الأجزاء الأخيرة تابعنا لوحات في السلسلة لا تقل أهمية عما يلامس الواقع، فبقعة ضوء مشروع اجتماعي ناقد، واعتدنا جميعنا على أن نتابعه ونتعامل مع فكرة أجزائه بنفسٍ إيحائي لا تكراري، وعندما نتعامل بهذا المبدأ سيصمد العمل وسيتابَع لأنه متجدد ويحاكي الواقع.

- هل سنراك في الجزء الجديد من «بقعة ضوء»؟
أنا موجود، وعندما تكون هناك مادة فنية جيدة تحاكي الحالة بشكل واقعي جديد ومفيد، بالطبع سأكون.