الكاتبة والفنانة التشكيلية والنحاتة الإماراتية مريم الزرعوني تكتب وترسم وتنحت شكل الحياة وحركة الإنسان في يومه وزمنه

إسماعيل فقيه (بيروت) 19 مايو 2018

مريم الزرعوني، كاتبة وفنانة تشكيلية ونحاتة من الإمارات العربية المتحدة. حاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم عن تخصّص الأحياء. وعلى شهادة دبلوم متقدم في تصميم وإدارة المجوهرات ــ الإمارات. كما تعلمت الفن ذاتياً، ثم طورت ذلك من خلال الالتحاق بدورات معهد الشارقة للفنون.


عملت الزرعوني في مختبرات وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ــ الإمارات.

صدر لها ديوان بعنوان «تمتمات»، ورواية لليافعين «رسالة هارفرد». والى جانب اهتمامها بالكتابة والرسم، تعكف على ممارسة فن النحت بالطين، وأنتجت الكثير من الأعمال، بالطين، التي تجسد حياة الإنسان وحركته في الحياة والعمل والنشاط.

 الشاعرة والفنانة والأديبة مريم الزرعوني أصدرت ديوانها الذي اشتمل على قصائد من الشعر الحر تحت عنوان «تمتمات»، جمعت فيه ثمرة أحاسيسها ومشاهداتها لبعض وقائع الحياة. وتقول إنها صاغت في قصائدها «أسئلة وجودية فكرية، حاولت من خلالها قراءة التفاصيل الأدق في الحياة. فالقصيدة بالنسبة إلي هي جزء أساسي من مفهوم الحياة أو كيفية فهم الحياة، وتالياً كيفية ممارسة نشاط الحياة».

أضافت قائلة: «ربما يستوقفنا  في الحياة شيء من العبث، ولا بد لهذا العبث أن يحمل معه أسئلة وجودية تشغل الكثيرين. فهل يمتدّ العبث اليوم في عالمنا، حتى يصل بيت الشعر وجسد القصيدة؟

في البدء، أودّ أن أشكر اللغة أو القصيدة على قدرتها في إيصال صورة المعنى كاملة.

نعم هذا العبث الذي ينتاب العالم ويتناوب على مشاعرنا، يعيد الشعر تشكيله في هيئة عشوائية أخرى تنم عن تماهٍ تام في لحظة النص، الذي يروق لي أن أسميه (الحالة)».

وعن علاقتها بالشعر، تلفت: «حبّي للشعر والأدب عموماً نابعٌ من حبيّ للغة العربية، والذي بدأ من الطفولة بفضل والدتي التي لقنتني أول درس في تذوق الكلمات والمفاضلة بين المرادفات وهي تحكي لي القصص، كما أن لمعلمات اللغة العربية في سنيّ الدراسة الأولى الدور العظيم في تغذية هذا الحب».

ربما يؤجل كثر من الشعراء طباعة أعمالهم الجاهزة، مدة طويلة أحياناً بدافع التردد أو الخوف، لكن الأمر مع الشاعرة مريم يختلف نوعا ما: «لم أشعر بمثل هذا التردد أو الخوف، لكن ثمة حالة عشتها قبل إصدار كتابي وهي حالة طبيعية جداً.   

لم يحدث بهذا الشكل. فهو ليس خوفاً، بل اكتفاءً. فقد كان الأمر لا يتجاوز الكتابة والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي بين الأصدقاء من دون أن أفكر للحظة بأن أقدم على خطوة الطباعة والنشر، لكن إصرار الأصدقاء وتشجيعهم دفعاني الى هذه الخطوة الجريئة. لكن في النهاية، لا بد من مواجهة الآخر بالنص المكتوب».

تصف الزرعوني ردة فعل المحيطين بها والمقربين، عقب صدور مولودها الشعريّ الأول «تمتمات»، بردة الفعل الطبيعية والمشجعة:

«لقد تفاوتت ردود الأفعال. شعرت بفرحة الأصدقاء الحقيقيين عند الإعلان عن صدور الديوان وحرصهم على الحصول على نسخة منه، وبعضهم تكبّد عناء المسافة لحضور التوقيع، بينما البعض ممن كان يبدي استحساناً لما أكتبه، قد صمت صمتاً تاماً عند صدوره. ومنهم بعض الأصدقاء المتعصبين للشعر العمودي ويكتبونه».

«هل يساهم النقد في صقل موهبة الشاعر وتحسين نتاجه؟» ـــ تسأل الزرعوني وتجيب:

«نعم، النقد قد يدفع بالشاعر نحو الأفضل إن جاء على هيئة توجيه ووقوف على مواطن الضعف، لكي يوليها المبدع اهتماماً أكبر. لكن في كثير من الأحيان، يكون النقد هجوماً مغلفاً بهذه الكلمة الفضفاضة، والتي قلما يمارسها النقاد الآن على أصولها المعتبرة، فهي تخضع للتأويل والانطباعات الشخصية على الأغلب».

تعتبر الزرعوني أن (العبث) هو أساس يمكن الارتكاز عليه في وعي الفن والكتابة:

«لأنه يمثل في نظري الحياة التي هي محض عبث، أو لنخفف من وقع الكلمة فسأقول«لعب» لا يعني فيه الربح أو الخسارة شيئاً، فقط لو توافر الدافع للمحاولة ستعقبها المتعة أو الألم، فالاكتفاء، ثم اللعب مرة أخرى. هي التجربة العشوائية التي تعلمناها في الرياضيات، والتي تنجم عنها احتمالات الحياة المختلفة، ثم نعاود الكرّة وهكذا».                                                                                   

ورد في إحدى قصائد مريم «مدارات حول الروح»: «وفي الروح عشبٌ لا يصفرّ البتة»، أي الأشياء تجعل روح مريم خضراء على الدوام؟

  تسارع الى الإجابة قائلة: «عشب الفن والأدب يجعل روحي خضراء على الدوام. فطالما أنا بين دفتي كتاب، أو بين اللوحة ومع الطين، أو برفقة فيلم من روائع السينما، أو في رحلة مع النغم، فأنا بخير».

في قصيدتها «القمر»، تقول الزرعوني: «أيها القمر لست عن النقص بمنأى». لكنها في الكلام المباشر، خارج الشعر والقصيدة، تشرح وتقول:

«إن كل من يمتلك هبة من الخالق، فقد امتلك شيئاً من صفاته، فالقدرة على الإبداع والخلق سواء على هيئة الشعر أو الرسم أو الموسيقى أو أي إبداعٍ آخر، فقد حاز رقة وسعة في الخيال والشعور، وهو (ربما) ما يعتبره الآخر ضعفاً، كما أنه يحوز قدرة على التركيب والتكوين. وهذا عامل القوة لديه. فالشاعر يملك القوة التي تقود ضعفه نحو الجمال الذي يقربه درجات من المثالية لا الكمال على وجه التحديد».

أشياء ومواهب وأفعال كثيرة تستهويها مريم في الحياة، فبالإضافة إلى الكتابة ترسم وتلون وتنحت، فأين تجد نفسها أكثر بين هذه الأفعال والمواهب؟

تقول: «النحت هو العالم الذي لو تركت فيه لوحدي لاكتفيت. النحت الذي أخوض غماره هو عمل هادئ لكنه يحتوي على مجهود إبداعي كبير. خصوصاً أنني أستعمل مادة الطين، وأحوّلها الى أشكال تكاد تكون ناطقة. أشكال الحياة والإنسان.

أما الفن ــ الرسم، فهو بمثابة المرآة لمريم، ذلك أنه «يمثل الترجمة الصورية الفاعلة التي تنتجها العين بعد أن تمر بقنوات الروح والعقل... اللوحة وألوانها وخطوطها وأشكالها، هي جزء من واقع سري دفين في الروح، صور تتزاحم في الخيال، ولا يمكن أحداً ترجمتها، إلا ذاك العقل المفتون بوعي الحياة وجمالها، وذاك الإنسان الذي يحمل في روحه منارة واسعة، تكاد تنير درب الحياة كلها...».

وتبقى الكتابة هي المحرك الأكبر لكل نبضة إبداع في حياة مريم: «الكتابة هي الأساس وهي الفعل وهي العمل. تتفاعل كل الفنون من خلال الريشة والقلم، والحروف والكلمات هي الحقل الذي يستوي في كل مناخ فكري. اللغة هي المسافة الضرورية للسير والوصول، وهي المساحة الواسعة التي نصلها ولا نستكين في واحاتها، نلهو ونلعب، نضحك ونبكي، نصمت ونصرخ، باللغة والكلام والحروف...».