هند صبري أرفض التمييز في الأجور بين المرأة والرجل

رولا الخوري طبّال 23 مايو 2018

فنانة تخطت المواصفات المتعارف عليها في عالم الفن فاحتلت مكانة استثنائية. عصرية، تواكب الزمن بكل وسائله ومتطلباته، متمسكة بمبادئ لا تتنازل عنها. انتقائية، تهمّها الأدوار التي تلامس قلوب الناس، بينما تلعب في حياتها أدواراً عدة حاملةً لواء التوازن بين العائلة والفن والمجتمع. عن سبب غيابها هذا العام عن السباق الرمضاني، وعلاقتها بالوقت، والعمل الإنساني وبعضٍ من أسرارها الخاصة، تحدّثنا الممثلة والأم والزوجة والناشطة الاجتماعية هند صبري في هذا الحوار.

- في حوار سابق مع «لها» صرحت أن أكثر الأمور التي أفرحتك العام الماضي كان تكريمك في مهرجان القاهرة السينمائي، لكن ما أكثر ما أحزنك في الفترة الماضية؟
أمور كثيرة أحزنتني أخيراً، وهي ليست شخصية بل عامة كالأعمال الإرهابية التي هزّت مصر، وأكثر ما أفرحني طبعاً هو حصولي على «جائزة فاتن حمامة للتميّز» في مهرجان القاهرة السينمائي. سُررتُ كثيراً بهذا التكريم رغم حصولي على تكريمات عالمية عدة عام 2017 كانت بمثابة حصاد لما زرعته طوال مسيرتي الفنية.

- إذاً، هل تعتبرين هذه الجوائز والتكريمات بمثابة مقياس للنجاح، وما الذي تضيفه إلى مسيرتك؟
طبعاً هي مقياس. فالفنان يعمل ويجتهد، وهناك من يقيّم، سواء الجمهور أو النقاد أو المؤسسات الفنية والثقافية. لا أنكر أن بعض التكريمات تعتمد على المجاملات، إلا أنها لا تؤثر في صدقية كل المهرجانات أو التكريمات. فجائزة America Abroad Association  التي حُزتها خير دليل، فهم لا يعرفونني شخصياً كي يجاملوني. هذه الجوائز هي مصدر فخر لي.

- لاقى مسلسل «حلاوة الدنيا» وفيلم «الكنز» أصداء رائعة، كيف تحافظين على نجاحك، وما المعايير التي تضعينها عند اختيارك عملاً جديداً؟
«حلاوة الدنيا» و«الكنز» كانا محطتين مهمّتين بالنسبة إليّ في العام 2017 وقد حصدا نجاحاً باهراً في عالم الدراما والسينما. أما المعايير فتختلف من عمل الى آخر، فمثلاً أكثر ما شدّني إلى «حلاوة الدنيا» هو قرب القصة من الناس، فللأسف نسبة كبيرة من الناس مُصابة بمرض السرطان أو تعايش أحد المصابين. لا أنكر أنني شعرت بالخوف من أن تؤثر القصة سلباً في نجاحه، ولكنني تأكدت في ما بعد أن النجاح يكون على قدر المغامرة. هذا الأمر يدفعني الى المجازفة المحسوبة طبعاً في اختياراتي الفنية.

- نلاحظ أن أكثر اختياراتك تعتمد على المواضيع الإنسانية، هل تتقصّدين ذلك؟
عندما أكون أمام عمل جديد، لا إرادياً أتساءل: أين الفائدة العامة منه؟ حتى وإن لم يحمل العمل رسالة واضحة، عليه أن يكون قريباً من الجمهور واهتماماته وطريقة تفكيره. علينا أن نخاطب حياة الجمهور اليومية. القضايا الاجتماعية والانسانية تشدّني رغماً عني.

- أي دور تطمحين لتجسيده في السينما اليوم؟
صراحة، لا أعرف. يجب أن أقرأ السيناريو أولاً. أتمنى تجسيد شخصية شريرة مثلاً ولكن السيناريو المقدّم قد لا يستهويني، أو شخصية لم تكن قد خطرت في بالي ولكنها استهوتني على الورق... لا أستطيع أن أقرر إلا بعد القراءة.

- هل تعملين للوصول إلى العالمية أم تكتفين بنجاحك عربياً؟
أطمح وأسعى الى ذلك، لكنني مقتنعة بأن للقَدَر النصيب الأكبر في الحصول على الفرصة. كما أن الحظ وبعض اللقاءات قد تُحدث تغييراً في مجرى الحياة، وهذا ما حصل معي فعلاً عندما انتقلت من المحلية في تونس الى الانتشار العربي في مصر. لقد حققت الكثير الى الآن، ولن أرفض إذا أُتيحت لي فرصة الوصول إلى العالمية، ولكنها لا تشغل كل تفكيري... أتركها للقَدَر.

- فلنفترض أن الفرصة أتت، مَن مِن الممثلين العالميين تتمنين الوقوف أمامهم؟
هناك الكثير من الممثلين البارعين من أمثال ليوناردو دي كابريو، إدوارد نورتن، أدريان برودي... ولكن إذا كان عليّ أن أُسمّي واحداً لمشاركتي في فيلم فأقول كريس هاميثوورث.

- ما كان أقرب دور قدّمته الى قلبك؟
قدّمت أدواراً كثيرة، وكل واحد منها قريب الى قلبي لسبب ما. (يسرية) في «أحلى الأوقات»، (كريمة) في «الجزيرة»، (بثينة) في «عمارة يعقوبيان»، (علا) في «عايزة أتجوز» و(أمينة الشمّاع) في «حلاوة الدنيا»... أعتبر نفسي محظوظة وأشكر الله على نِعمه.

- ما الذي تحضرينه حالياً، وماذا ننتظر خلال رمضان؟
انتهيت من تصوير «الجزيرة 2» وأحضّر لفيلم في تونس وآخر في مصر بعنوان «الممر». هذا العام ركزت في الأعمال السينمائية ولن أشارك في الموسم الرمضاني. سأركز أكثر في الدراما العام المقبل، فقد اعتدت المشاركة كل موسمين في الدراما الرمضانية.

- سبق أن خضت تجربة الإنتاج، هل ستعيدين الكرّة؟
عندما تقولين إنتاج، يعتقد الناس أن الفنان هو من تكفّل بمصاريف الفيلم، لكن الحقيقة أن الممثل يكون مشاركاً بالأجر أو بجزء منه، وهذا ما يقوم به النجوم العالميون. هذا ما حصل بالضبط في «زهرة حلب». أحببت التجربة فهي تتيح لكِ نظرة شاملة وتجعلك تسيطرين على الأوجه المتعددة للعمل، ولكن هذا لا ينفي واقع أن الممثل قد يتشتت أيضاً إذ يتوزع تركيزه على أمور عدة. لن أكون منتجة، ولكن إذا طُلب مني أن أخفّض أجري لمصلحة عمل أكون مقتنعة بأهمية رسالته فسأفعل.

- ماذا عن شركتك الخاصة بالإنتاج «طيارة»؟
أنا شريكة في شركة إنتاج تُعنى بالمحتوى الرقمي فقط وتُنتج إعلانات وأغاني وغيرها.

- «لن يحل العالم الرقمي محل التلفزيزن والسينما»... هذا ما قلته سابقاً. كيف تفسّرين ذلك مع تأسيس شركتك الخاصة؟
لو شعرت أن العالم الرقمي يهدّد مهنتي، لما دخلته أبداً. في رأيي، كل نافذة جديدة لا تغلق غيرها، وكل قصة يختلف سردها باختلاف المنصة. اعتقدنا سابقاً أن السينما ستقتل المسرح، وأن التلفزيون سيقضي على السينما، وهذا ما لم يحصل أبداً. اليوم لا أشعر بتاتاً بالخوف على التلفزيون من الديجيتال، فالأخير هو منصة جديدة لجماهير الشباب، وهذا ما جذبني إليه لكي أقدّم للشباب محتوىً يشبههم أكثر من خلال «طيارة».
أما السوشيال ميديا فهي أداة جديدة للتسويق، فنحن أول جيل يستخدم هذه الأداة في عمله التي لا بد من إتقان استخدامها لتعطي نتائج إيجابية، وهذا لا يلغي حقيقة أن بعضهم قد يسيء استعمالها فتكون النتيجة سلبية. علينا أن نختبر الآن لندرك الصح والخطأ في هذا العالم.

- أخبرينا عن أقصى التحديات التي تواجهينها للتوفيق بين العمل الفني والعائلة والعمل الإنساني؟
أعترف بأن المسألة صعبة وتُشعرني بالضغط النفسي ولا أنجح دائماً في معالجتها، ولكنني أوزّع اهتماماتي وأولوياتي. فأحياناً يكون التصوير أهم ما في حياتي، تليه إجازة أخصّص فيها كل وقتي لعائلتي وهكذا... حاولت من قبل أن أنفّذ كل الأمور في يوم واحد، لكنني لم أستطع، فذلك أرهقني نفسياً وجسدياً. أولوياتي موزعة على مراحل معينة، وأستعين بفريق عمل يساعدني في مهماتي، فالمشاريع والالتزامات تزداد يوماً بعد يوم وأصبحت بحاجة للمساعدة. ولكن تبقى الأولوية لعائلتي، وهذا ما يجعلني عاجزة عن تقديم مسلسل رمضاني كل عام.

- ماذا علّمتِ «عليا» و«ليلى» عن الفن والحياة والمرأة؟ 
بدأت بغرس المبادئ فيهما. عن الفن، هما تعرفان أنه مهنتي وهو عمل صعب أُبيّن لهما مساوئه إذ إنهما لا تدركان إلا الوجه المشرق منه، وهو أن أمهما ممثلة ناجحة تظهر على الشاشة... أُسمعهما الموسيقى وأفتح عيونهما على الفنون كلها وأتعمد أن نزور المتاحف عندما نسافر لأُنمّي لديهما الذائقة الفنية والثقافية والحس المرهف وأربّيهما على المبادئ التي نؤمن بها أنا ووالدهما، وأعلّمهما المساواة بين الجنسين. ابنتاي قويّتان وفخورتان وواثقتان.

- أخبرينا عن دورك كسفيرة للنوايا الحسنة؟
أنا سفيرة «برنامج الأغذية العالمي لمكافحة الجوع» منذ العام 2009 وتقوم مهماتي على مساعدة الأشخاص الأكثر فقراً في العالم العربي من خلال جمع التبرعات والقيام بزيارات خاصة للاجئين في المدن الكبرى وكل ما من شأنه زيادة الوعي، إن على صعيد الحكومات أو المجتمع المدني لمساعدة تلك الفئات المحتاجة. هذا البرنامج يحقق إنجازات كبيرة، وهو يؤمّن الغذاء يومياً لتسعين مليون شخص حول العالم.

- ماذا يعني لك كونك سفيرة دارIWC  للساعات؟
بدأ التعاون عام 2015. اتصل بي فريق عمل الدار وكان لي شرف العمل معهم. أعشق هذه الدار لأنها تخاطب المرأة والرجل على حد سواء، ولكن الأهم أنها تتمتع بقيم فنية، فهي تشجّع السينما وتدعم مهرجانات سينمائية ويجمعنا حب السينما. الجائزة التي تقدّمها في مهرجان دبي كريمة، وأنا سعيدة بالتطور الذي حققته هذه الجائزة، ومدى أهميتها لدى الجيل السينمائي الخليجي الجديد، وفخورة بمشاركتي في لجنتها لثلاث سنوات متتالية. 

- من هي امرأة IWC وما الساعة التي تفضلينها شخصياً من المجموعة الجديدة؟
 Davinci Jubliee collection التي أرتديها الآن. امرأة IWC عملية ومتفانية وفخورة وقوية، تفرض رأيها وتختار ساعة قريبة بمواصفاتها إلى تلك الرجالية من دون أي مشكلة.

- هل أنت في صراع دائم مع الوقت أم متصالحة معه؟
للأسف، ما زلت في صراع مع الوقت، ولكن أحاول توقيع صلحٍ معه، لأنني توصلت إلى قناعة بأنني إذا دخلت في سباق مع الزمن فسأكون الخاسرة... كلنا يخسر أمام الوقت. لذا قررت أن أجعله صديقي فصار أكثر لطفاً معي. الأمر نسبي، فإذا شعرت أن لا وقت لديك لأمر ما وارتبكت، يصبح هذا واقعاً ولا تنجزينه، أما إذا اقتنعت بأنك تملكين الوقت الكافي فيصبح فعلاً ملكك.

- كيف توصلت إلى هذه القناعة؟
المرأة بشكل عام تعاني مشكلة مع الوقت. تعلّمت التأمل، بعدها ذهبت الى الهند لأنمّي هذا العلم. التأمل ممارسة تحتاج الى الكثير من الانضباط وفوائدها جمة.

- نصيحة أخيرة للمرأة العربية...
لن أقدم النصيحة، فالمرأة العربية تسير على الخط الصحيح، فكل يوم نلمس أكثر مما سبقه وصول المرأة الى مناصب رفيعة ومراكز مهمة. إنه عصر المرأة عالمياً، لذا أرجو أن تكون المرأة العربية جزءاً كبيراً وفعالاً منه.

- لو كنت تملكين القدرة أو الفرصة لتغيير أمور ثلاثة، الأول شخصي والثاني في المجتمع والثالث في السينما...
الخاص: أضيف 10 سنتيمرات إلى طولي.
المجتمع: صعب جداً أن أحصر التغيير بأمر واحد، ولكن إذا لم يكن أمامي خيارات أخرى فأُلغي التعامل بالمال رغم تأكدي من استحالة هذا الأمر.
السينما: التمييز في الأجور بين المرأة والرجل.


عن قرب...

- هل أنت شخصية صباحية أم مسائية؟
صباحية بالتأكيد.

- كتاب أم فيلم؟
الاثنان معاً.

- رياضة أم ريجيم؟
رياضة لأنني أعشق الأكل.

- بحر أم جبل؟
بحر.

- ربيع أم خريف؟
ربيع.

- دراما أم سينما؟
سينما.

- «فيسبوك» أم «إنستغرام»؟
«إنستغرام».

- هل أنت مهووسة بالاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي أم معتدلة؟
مهووسة.

- ما المستحضر الجمالي الذي يرافقك دائماً؟
مستحضر يحارب انتفاخ محيط العينين والمفضل لدي هو Garnier roll on.

- ما الموضة التي ترفضين مواكبتها، وما هو «ستايلك» المفضل؟
كرهت موضة البيجاما حالياً وأحبّذ الاطلالات الرياضية.

- عطرك المفضل؟
أبدّل عطري بين الحين والآخر، وحالياً أتدثّر بعطر Black to Black من  Kilian.

- لونك المفضل؟
الأسود.

- ما قطعة المجوهرات التي لا تستغنين عنها؟
ساعة IWC... أملك واحدة للمناسبات النهارية وأخرى للسهرات أو تتماشى مع الطلّة الرياضية. أعشق تنسيق ساعتي مع الأزياء التي أختارها لكل مناسبة. كما أملك قرطين صغيرين من الماس لا أستغني عنهما.

ستايلست: ندى شلباية

CREDITS

تصوير : عائشة الشبراوي

شعر: رافي تومة

مكياج : سهى خوري