نادين لبكي:من خلال الأفلام نستطيع أن نؤثر في الرأي العام

كارولين بزي 03 يونيو 2018

بعد فوزها بجائزة لجنة تحكيم مهرجان «كان» في دورته الواحدة والسبعين عن فيلمها «كفرناحوم»، المخرجة اللبنانية نادين لبكي تتحدث في أول حوار خاص عن «كان» و«كفرناحوم» وقدرة السينما على نقل الواقع...

- بعد النجاح الذي حققته بفوزك بجائزة لجنة تحكيم مهرجان «كان» عن فيلمك «كفرناحوم» الذي يحمل رسالة إنسانية، هل توقعت أن يلتفت العالم إلى أزماتنا من خلال الأفلام؟
بالتأكيد، فمن خلال الأفلام نستطيع أن نؤثر في الرأي العام، ومن خلال الجوائز التي نحصدها في المهرجانات يمكننا أن نسلط الضوء على القضية التي نتناولها، فكيف الحال مع مهرجان «كان» الذي يشدّ أنظار العالم إليه! أعتقد أن فيلم «كفرناحوم» قد حقق هذه الغاية، ذلك أن غالبية المشاركين فيه مجهولو الهوية ويعيشون في فقر مدقع.

- ما مدى الصدقية في فيلم يشارك فيه أطفال مكتومو القيد ليثبتوا وجودهم؟
هذا هو الهدف، أن يعبّر هؤلاء الناس عن أنفسهم. كان يمكنني الاستعانة بممثلين، ولكن أين الصدقية في نقل واقع لم يعيشوه؟ لا يمكن إنساناً لم يختبر حياتهم أن ينقل مأساتهم. في رأيي، هي الطريقة الوحيدة لنقل المعاناة الحقيقية، حتى أنا لا يمكنني مقاربة القضية لبُعدي عنها، لذا أجريت العديد من الأبحاث، وعلى مدى أربع سنوات زرت أماكن نائية في لبنان يزنّرها البؤس وحضرت عدداً من الجلسات في المحاكم العدلية. مساحة دوري في الفيلم كانت كبيرة، لكن من أجل الصدقية قرّرت تقليصها لتبدو مشاركتي رمزية.

- لو لم يحمل الفيلم رسالة إنسانية، فهل كان سيؤثّر إلى هذا الحد في لجنة تحكيم مهرجان «كان»؟
بالتأكيد لا، فيجب أن يكون الفيلم على مستوى عالٍ من الجودة لكي يتأهل الى الجائزة، وأعتقد أن عفوية هؤلاء الناس ساهمت في تغيير رأي المشاهد وأثّرت فيه. لا يمكنني وصف ما حدث في «كان» ومدى تأثّر الناس بالفيلم، حتى أن البعض أخبرني أن بعد مشاهدته للفيلم قد غيّر نظرته لأطفال الشوارع، وهذا هو الهدف.

- هذا النجاح، هل يحفزّك لإنتاج أفلام تحمل قضايانا إلى العالم؟
بالتأكيد، لأنني أثق بقدرة السينما على تغيير الواقع، ولا يمكنني صنع فيلم لا يهدف الى تغيير نظرة العالم إلى قضية ما. بالنسبة إليّ، دور السينما لا يقتصر على الترفيه، بل يمتد إلى مناقشة قضايا لم يتم التطرق إليها من قبل، وفي العالم العربي الكثير من القضايا التي تستحق أن نسلط الضوء عليها، وكأن مصير العالم يُكتب من منطقتنا العربية، فمن واجبنا ومسؤولياتنا نقل ما يحدث، كما لا يمكننا العودة إلى الوراء، وهذا ينطبق عليّ أيضاً.

- مشوارك كامرأة، هل هو أصعب وأطول مما لو كنت رجلاً؟
لم ينتبني هذا الشعور يوماً. في تجربتي الشخصية لم أجد صعوبة، ولكنّ هذا لا ينفي وجود العديد من النساء المعذبات واللواتي تختلف مصائرهن عن مصيري. عالم السينما صعب في المجمل.

- خصّص مهرجان «كان» المرأة بلفتة كريمة من خلال تظاهرة احتشدت فيها 82 امرأة يعملن في مجال السينما محتجاتٍ على التمييز في الأجور، فهل شاركت فيها؟ وأين أنت من هذه المطالب؟
لم أشارك، لأنني كنت قد انتهيت من تصوير الفيلم قبل يومين من انطلاق مهرجان «كان»، مما حال دون وجودي فيه، ولو كنت حاضرة لشاركت بالتأكيد في دعم هذه المطالب.

- من دعمك في مسيرتك الفنية؟
عائلتي وزوجي وأطفالي وكل من عمل معي. كثر وقفوا إلى جانبي وأحبّوا عملي، وبعث إليّ اللبنانيون بالكثير من رسائل الدعم. بالتأكيد وصلتني تعليقات مزعجة، ولكن لا يمكن أحداً أن يرضي كل الأذواق، وبصفتنا لبنانيين نشعر بضعف في الثقة خلال تعاملنا مع بعضنا البعض، ففي طفولتنا يزرعون في رؤوسنا أفكاراً بأننا نعيش في بلد صغير ومُهاجم ولا يمكننا تحقيق أي نجاحات فيه.

- بعد أن التقيت بهؤلاء الأطفال وعايشتِ أوضاعهم، كيف تنظرين اليوم إلى أطفالك؟
أرى أن أولادي محظوظين، ولكن يتملّكني الخوف من ألا يُدركوا هذه النعمة، ويعجزوا عن تحمّل مآسي الحياة فتجرفهم... هذه معادلة صعبة أفكر فيها باستمرار.