Home Page

الاعلامية الفلسطينية رويدا الصفدي..

القضية الفلسطينية,الرئيس الفلسطيني محمود عباس,قناة ام.بي.سي,الصحافة المغربية,رويدا الصفدي

26 مايو 2010

رويدا الصفدي إعلامية فلسطينية شابة لا تزال تخطو أولى خطواتها في الإعلام المرئي. ربما لا  يعرفها الكثيرون منا لأن برنامجها يعرض على قناة «فلسطين» الفضائية التي ربما أيضًا لا يشاهدها الكثيرون في العالم العربي. تحبُّ وطنها فلسطين إلى حد الشغف رغم أنها لم تتعرّف إليه. درست الصحافة مع أنها من المهن الـ 72 التي يمنع على الفلسطيني في لبنان العمل فيها. تكره عبارة لاجئة فلسطينية المكتوبة على بطاقة هوّيتها، ولكنها في الوقت نفسه تمنحها القوّة لتثبت وجودها في عالم وقف عاجزًا حين نُكّل بأجدادها وشُرّدوا من أرض الوطن. من بيروت تقدّم برنامج «قضايا عائدين» الذي يبثّه تلفزيون «فلسطين» لتعرض معاناة فلسطينيي مخيّمات لبنان الـ12.  «لها» التقت رويدا الصفدي وكان هذا الحوار.

- أنت شابة فلسطينية وُلدت وعشت في لبنان. درست الصحافة رغم أنها واحدة من الـ 72 مهنة الممنوع على الفلسطيني العمل فيها في لبنان. لماذا اخترت هذا الاختصاص؟
درست الصحافة لأنني أحب هذه المهنة. وعندما تقدّمت لامتحان دخول كلية الإعلام في جامعة بيروت العربية كان أو ل سؤال طرحته علي لجنة الامتحانات: «لماذا اخترت اختصاص الصحافة؟»، أجبتهم لأنني فلسطينية. وكما ذكرتِ  فإن الفلسطيني في لبنان ممنوع عليه العمل  في 72 مهنة. فضلاً عن أن  عبارة لاجئة فلسطينية المذكورة على بطاقة هويتي، تخيّلي  كم  هي مؤذية ومدمّرة للفلسطيني الذي يحملها، ولكنها في الوقت نفسه تقويني كفلسطينية وتحفزني على التقدم والتطور والعلم، فأنا أؤمن بأننا شعب يحق له أن يتعلّم وعندنا كرامتنا وطموحنا و لنثبت أنفسنا.

- ماذا كان رد فعل أهلك عندما درست الصحافة؟
عارض أهلي دراسة الصحافة خوفًا من ألاّ أجد عملا. ولا أنكر أنني بعد تخرّجي في الجامعة تراجعت حماستي وانتابني شعور بالإحباط، وسألت نفسي مرّات عدة لم فعلت هذا بنفسي؟ ففي النهاية أريد أن أجد عملاً أعيش منه. صارت تراودني أفكار غريبة، فهل من المعقول بعد أربع سنوات دراسة، وبعد أن دفع أهلي مصاريف دراستي. أتخرج ولا أجد عملاً؟ ولكن كنت دائمًا أقوي عزيمتي وأقول لنفسي إذا غاب الأمل بطل العمل. والحمد لله بعد تخرجي بفترة وجيزة وجدت عملاً وهذا رضى من الله، وزالت مخاوفي ومخاوف أهلي الذين صاروا فخورين بي وباختياري لهذه المهنة.

- كيف حصل الاتصال بينك وبين تلفزيون «فلسطين»؟
كنت قد صوّرت وصديقتي مايا شعيتو،  وهي لبنانية،  فيلمًا وثائقيًا عن مخيم شاتيلا، لعرضه على جمعية نساء أوروبا من أجل السلام التي كانت تريد زيارة المخيم، ولكن لم يكن في مقدور الوفد النسائي  زيارة كل أحيائه والاطلاع على أحوال سكّانه. لذا فإن موضوعه الرئيسي إلقاء الضوء على حياة سكان هذا المخيم في كل الأزقة. وبعد ذلك وُزّع  الفيلم على أشخاص في أوروبا، ولفت العمل نظر أحدهم واتصل بي وقال لي إن تلفزيون «فلسطين» يريد افتتاح مكتب في بيروت، ويريدون فلسطينية مراسلة. راقت لي الفكرة كثيرًا لأنني شعرت بأنني سأتنفس الصعداء، فهناك تلفزيون خاص لفلسطين  يحمل قضيتنا، خصوصًا أنني كفلسطينية ولاجئة كنت أرغب في أن أعطي شيئًا لوطني الذي لم أزره، وفكرة برنامج  تقديم حلقات أسبوعية عن حياة الفلسطينيين الموجودين في المخيمات الـ12 في لبنان. والعمل في تلفزيون فلسطين فرصة لي لأساهم في تسليط الضوء على قضايا فلسطينيي مخيّمات لبنان.

- ولكن معظم القنوات التلفزيونية العربية، إن لم نقل جميعها، تتناول القضية الفلسطينية والمخيّمات بشكل شبه يومي تقريبًا. فما الذي دفعك للعمل في تلفزيون «فلسطين» وتناول قضايا المخيمات رغم أن نسبة مشاهديه متدنية مقارنة بباقي القنوات العربية الفضائية؟
صحيح، فكل التلفزيونات العربية لا تقصر ولم تقصّر يومًا  في تناول القضية الفلسطينية. ولكن فكرة أن تقدّمي برنامجًا في تلفزيون فلسطيني يتناول قضاياه تكونين أكثر مرونة لأنه من واجب القناة الفلسطينية تناول هذه المواضيع، «فأهل مكّة أدرى بشعابها». وصحيح أن نسبة المشاهدة قليلة لأن القناة ليس لديها الدعم المالي والإدارات الكبيرة وهي تحت الاحتلال. ولكن عندما فكرت في تقديم برنامج «قضايا عائدين» كان الهدف وطني بغض النظر عن الراتب. وعندما عرضوا علي الراتب لم أعارض أو أتذمر فهدفي لم يكن ماديًا. وبالتالي أن أعرض للناس كيف يعيش الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان. ونكسر الخوف. فكثيرًا ما أسمع كيف تعملين من داخل المخيم هل ستخرجين حية. أجيب «هنا الناس يشبهوننا».

- ألم تترددي في العمل في  تلفزيون تابع للسلطة الفلسطينية أي «فتح»؟
في البداية ترددت لأنني أريد أن أكون صحافية مستقلة وموضوعية فتلفزيون «فلسطين» معروف أنه تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ولم أرد أن أكون محسوبة على أحد الأطراف المتنازعة في فلسطين. ولكن عدت وقلت لنفسي إنني في النهاية أخدم وطني بغض النظر عن الوسيلة الإعلامية وانتمائها. فاللاجئون في لبنان باختلاف انتماء اتهم يعيشون حياة بؤس ويجب أن نسلط الضوء على معاناتهم.

- في نهاية الأمر أنت تمثلين تلفزيون السلطة شئت أم أبيت. ألم تواجهي صعوبة في الدخول إلى المخيمات الفلسطينية مع وجود انقسام فلسطيني على المستوى القيادي والشعبي أيضًا؟
هذا ممكن لو كنت أعمل في قناة أخرى. ولكن عندما كنت أقول تلفزيون «فلسطين» الذي يبث من رام الله يكون رد الفعل «أنتم من فلسطين يا مرحبا». مجرد سماعهم قناة «فلسطين» تشعرين بشوق كبير لدى السكان، وبحبهم لفلسطين  ويقولون «نحن لم نرَ فلسطين دعيها ترانا» لم أواجه أي صعوبة ولا الخوف في أي  مخيم دخلته بغض النظر عن انتمائه.

- لماذا يتناول برنامج «قضايا عائدين» قضية المخيّمات الفلسطينية في لبنان حصرًا دون غيرها من المخيّمات الموجودة في العالم العربي؟
لأن حالة اللاجئ الفلسطيني في مخيمات لبنان هي الأسوأ بين كل المخيمات الموجودة في العالم العربي. هنا قمة البؤس. أردت أن أكسر الصورة  النمطية عن المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهي الإرهاب والمخدرات والسلاح غير الشرعي، فيما هذه الصورة غير صحيحة، فهناك أناس طيبون يعيشون من قلة الموت. تسمعينهم يرددون عبارة: «غدًا سيرموننا في البحر، ليس لدينا مستقبل. 64 سنة نعيش هنا وشيء لم يتغيّر. أردت أن أسلّط  الضوء على حياة الفلسطيني العادي في هذه المخيّمات. هناك عائلات تسكن في غرفة واحدة لا يدخلها النور، والمياه ملوثة. تخيلي مجارير الصرف الصحي تجاور مياه الشرب. ألا يحق لهولاء أن نعرض قضيتهم؟ ألا يحق لهم أن يعيشوا بكرامة؟. تخيّلي توجد مخيّمات في لبنان لا يعرف الناس بوجودها مثل مخيّم الضبيّة شمال بيروت.

- أجريت تحقيقًا عن  مخيم نهر البارد في شمال لبنان. كيف تصفين حال الناس هناك بعد أحداث 2007.؟
حال مخيم نهر البارد ينطبق عليه القول المأثور «ارحم عزيز قوم ذُلَّ». تأثرت كثيرًا وحز في قلبي دموع رجل سبعيني يعيش وزوجته في كاراج ميكانيك سيارات. عندما طلبت من زوجته رواية قصتها. كانت تقول: «ماذا أقول لك يا ستّي، نحن كنا نعيش في رخاء. لا نعرف لماذا وصلت بنا الحال إلى هنا». هناك أشخاص ورجال تغرورق عيونهم بالدموع عندما يتذكّرون ما كانوا عليه قبل أحداث 2007 وما هم عليه اليوم، إذ وجدوا أنفسهم فجأة  يعيشون في العراء أو في الباراكس أو بالأحرى صناديق حديدية، تجاورهم الجرذان. ولا ينفكّون يسألون لماذا تدمرت بيوتهم؟ فجأة وجدوا أنفسهم وسط الحرب والدمار وطلبوا منهم الخروج لأنه يوجد فتح الإسلام الذي لم يسمعوا به من قبل. نهر البارد نكبة ثانية.

- عندما تجرين مقابلات مع السكان يكون كلامهم عفويًا وطبيعيًا وصادقًا أكثر من القياديين. ما هي مبررات المسؤولين عن المخيمات؟
يقولون إن المسؤول عنهم إما وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) أو فتح أو حماس. دائما الجواب التقصير من هؤلاء. في النهاية المسؤول الفلسطيني  داخل المخيّم لاجئ ويعاني المشكلة نفسها التي يعانيها جاره الذي ليس قياديًا، وهو يدعم على قدر استطاعته.

- عرضت إلى اليوم ثماني حلقات. كيف كانت أصداؤها لدى الجمهور الفلسطيني في فلسطين. خصوصًا أنهم يظنون أن الفلسطينيين في الخارج يعيشون حياة الرخاء بعيدًا عن الحرب؟
البرنامج جديد وأنا كمقدّمة لا أزال في بداية مشواري الصحافي، لا أعرف رد الفعل الحقيقي. لدي بعض الأصدقاء في فلسطين قالوا إن الناس لم يصدّقوا ما رأته أعينهم. صحيح أن هناك مخيمات في الأردن وسوريا ولكن الناس لا يعانون ما يعانيه فلسطينيو المخيمات اللبنانية. صورة الواقع صادمة.

- على المستوى الشخصي إلى أي مدى شعرت بالصدمة من واقع المخيّمات ؟
واقع المخيّمات أعرفه قبل عملي في الصحافة. صحيح أنني لا أسكن في المخيّم، ولكني تعلمت في إحدى مدارس الأونروا وهي مزيج من طلاب فلسطينيين يعيشون داخل المخيمات وخارجها. وأصدقائي في الجامعة كانوا من سكّان المخيمات فضلا عن أنني منتسبة إلى اتحاد طلاب فلسطين، لذا كنت أتردد دائمًا إلى المخيم إما لزيارة أصدقائي أو  المشاركة في النشاطات التي ينظّمها الإتحاد. في المخيّم أشعر بأن حبهم لفلسطين وانتماءهم إلى الوطن كبيران جدًا. عندما تجولين في المخيم تسمعين اللهجة الفلسطينية. رغم أنني  فلسطينية لكنني لا أتكلم اللهجة بشكل صحيح لأنني أعيش في محيط لبناني. ولكن داخل المخيم أجد نفسي أتقنها كما لو أنني ولدت في فلسطين.فكنت دائما أقول ليتني أعيش هناك رغم صعاب الحياة.

- هل زرت مخيمات خارج لبنان؟
لا، ولكن يقولون لي إن حال الفلسطينيين فيها جيدة ولكن لا أعرف طريقة تفكيرهم وما إذا كانوا متعلقين بأرضهم وكيانهم الفلسطيني.

- هل لا يزال الجيل الفلسطيني الشاب حاملا لواء القضية الفلسطينية؟
نعم القضية تنتقل من جيل إلى آخر، رغم الاضطهاد والبؤس اللذين يعانيهما فلسطينيو مخيّمات لبنان فإن لدى جيل الشباب رغبة قوية في التعلم كي يثبت وجوده في المجتمعات الأخرى، ويريد أن يظهر الفلسطيني المتحضر والمتعلم والمثقف لا المحارب العبثي. فالشباب الفلسطيني يُقبل بنهم على العلم  رغم أن 72 مهنة محروم من العمل فيها، ولكن لديه إيمان بأن سلاح العلم هو الأقوى ولديه أمل في أن يعود  يوما ما إلى فلسطين ويعمل فيها. حتى أنا عندي أمل أن أكون يوما ما في فلسطين.

- رغم البؤس هل لاحظت أن لدى فلسطينيي المخيّمات لبنان رغبة في الحصول على الجنسية اللبنانية؟
 هناك الكثير من الفلسطينيين الذين يعيشون في أوروبا وأميركا حصلوا على جوازات سفر غربية بهدف الذهاب إلى فلسطين، وهم متمسكون بجذورهم وهويتهم الفلسطينية. والجنسية اللبنانية لن تقدم أو تؤخر، بمعنى أنهم لن يستطيعوا بها الذهاب إلى فلسطين فهي ستقدم لهم فقط الحقوق المدنية. وأؤكد لك عندما يقال للفلسطيني أصبحت أبواب فلسطين مفتوحة سوف يعود إليها ويترك كل شيء خلفه لأن بلده كرامته. والجنسية اللبنانية ليست هاجسًا عند أحد و لا أحد يطالب بها.

- تعملين ضمن فريق الإعداد في برنامج «كلام نواعم» الذي يعرض على الـ mbc، مما يعني أنك تعملين في الكواليس خلف الكاميرا. ألم يقلق  كونك ستقفين أمام الكاميرا
بصراحة نعم كنت خائفة جدًا، فعندما تظهرين على الشاشة يجب أن تتوافر فيك شروط عدة ، وأن تكوني متمكنة من الإلقاء والحوار ولديك ثقافة كبيرة وسعة الاطلاع. ومن حسن حظي أن برنامج «قضايا عائدين» ليس مباشرًا مما يعني أن التصوير يكون أسهل وبالتالي يمكن تصحيح الأخطاء التي تقع. وعندما عرض علي العمل في تلفزيون «فلسطين»  ذهبت إلى هشام مشرفية وهو منتج في الـ mbc وأخبرته عن العرض فساعدني كثيرًا بحكم خبرته وعلّمني  كيفية التخطيط للحلقة ودعمني. كل حلقة كنت أظهر فيها أشعر بالخوف، فيقول لي كلما شعر الإنسان بالخوف يعني أنه سيصل.

- ما الذي دفعك كخريجة إعلام في بداية خطواتك المهنية إلى توزيع تركيزك على محطتين، علمًا أن الـ mbc فرصة يحلم بها كل إعلامي، فيما تلفزيون «فلسطين» هناك الكثيرون لا يعرفون ربما بوجوده وبالتالي نسبة مشاهدته منخفضة مقارنة بالـ  mbc؟
الـ mbc مؤسسة كبيرة جدًا والعمل فيها يعطي الكثير من الخبرة فضلاً عن تعلّم أصول اللعبة الإعلامية وتقنياتها. ويكفيني شرفاً أن أضع على ملف سيرتي الذاتية أنني عملت في هذه المؤسسة ولو  free lance. فالـ mbc  تجمع كل الوطن العربي وتشعرين فيها بالوحدة العربية. وفي المقابل لدي الحماسة الكبيرة، وعليّ أن أضع نفسي في الطريق الصحيحة، و لا أريد أن أبدأ خطواتي المهنية بشكل متعثرة تدربت في أماكن عدة أثناء دراستي الجامعية، فقد شاركت في دورات  في دار الحياة في الصحافة الاستقصائية، وعملت في مجلة هديل محررة ثلاثة أشهر. لأن طموحي هو أن أصبح إعلامية محترفة لا سيما في مجال التقارير الميدانية والأخبار، إذ أطمح إلى أن أكمل في مجال الصحافة السياسية. ولكن كما سبق أن ذكرت العمل في تلفزيون «فلسطين» غرضه خدمة وطني.

- ما هي الصعاب التي تواجهينها خلال تصوير« قضايا عائدين»؟
تصوّر الحلقات خارج الأستوديو في البيوت وأحيانًا على أسطحها. نقدم تقريرًا يتحدث عن حالة معينة داخل المخيم في بيت إحدى الأسر، ثم نأخذ آراء الناس في أروقة المخيم ثم آراء القادة. نواجه صعوبة في التصوير. أحيانًا تنقطع الكهرباء وتكون الإضاءة سيئة داخل البيت بينما في الخارج تكون أسهل. وأحيانًا الجيران يجتمعون أثناء الربط فأواجه صعوبة في التركيز مما يجعلني أعيد التصوير مرّات عدة . لذا  يستغرق تصوير الحلقة نهاراً كاملاً فيما مدة البرنامج نصف الساعة.

- بعد ثلاثة أشهر هل لديك أفكار برامج جديدة؟
بالفعل تراودني  أفكار عن برامج تخص المرأة الفلسطينية، كالمناضلات والرائدات. هناك مواضيع كثيرة استوقفتني داخل المخيمات. فالمرأة الفلسطينية داخل المخيم صامدة، تحرك الرجل وتسانده للبقاء في أرضه، وتشجع أبناءها على التعلّم والمضي قدمًا وتعلّمهم حب فلسطين. ويكفي أنها ترضعهم حليبًا فلسطينيًا.