ابراهيم العريس .. يؤرّخ السينما اللبنانية لأوّل مرّة

بيروت عاصمة عالمية للكتاب, إبراهيم العريس, المخرج يوسف شاهين, وزارة الثقافة اللبنانية, السينما اللبنانية, جائزة الشيخ زايد للكتاب

28 يوليو 2010

الكتاب: «الصورة الملتبسة»

الكاتب: إبراهيم العريس

الناشر: «دار النهضة العربية»،2010


يبدو أنّ الكاتب والناقد السينمائي اللبناني ابراهيم العريس الذي تملّكته «لوثة الفن السابع» باكراً قد نذر نفسه للسينما وللكتابة عنها والغوص فيها والبحث في أحوالها... فبعد مجموعة كتب تتالت في صدورها وجسّدت حركة حقيقية ومؤثرّة في عالم الكتابة والنقد السينمائي مثل: «رحلة في السينما العربية» و«سينما الإنسان» و«السينما التاريخ والعالم» و«السينما المرآة»، وكتاب آخر ضخم عن يوسف شاهين بعنوان «نظرة الطفل وقبضة المتمرّد»، أصدر كتاباً «سينمائياً» جديداً بمناسبة اختتام احتفالية «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» تحت عنوان «الصورة الملتبسة» واختار له عنواناً فرعياً هو: «السينما في لبنان: مبدعوها وأفلامها».
ويبدو أنّ الكاتب الذي طالما شغلته السينما وهو ابن أحد مؤسسيها في لبنان «علي العريس»، أراد أن يُجيب أخيراً عن الأسئلة الملحاحة التي لا تجد إجابات كافية وشافية عن تاريخ السينما اللبنانية ومسيرتها ذات الصورة المُلتبسة. من هنا جاء كتابه تحت هذا العنوان الملائم والمثير أيضاً «الصورة الملتبسة» ليُرسّخ حقيقة السينما في لبنان كفنّ جدّي ومنتج وقائم بحدّ ذاته وليس كما يراه البعض مجرّد محاولات فردية أو مغامرات عابرة وناقصة.
يقع هذا الكتاب الصادر عن «دار النهضة العربية» بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية في 500 صفحة من القطع الكبير، ويُمكن اعتباره الأوّل من نوعه في مجال تأريخ السينما اللبنانية ودراستها وتحليلها.
إنّ هذا الكتاب الصادر عن «دار النهضة العربية» بالتعاون مع وزارة الثقافة يكاد يكون بغلافة الأنيق وصوره النادرة ومحتوياته الغنية وتفاصيله النقدية الدقيقة دليلاً وافياً عن السينما اللبنانية وأوضاعها وأحوالها.
يتميّز كتاب «الصورة الملتبسة» بصفحاته الصفراء الواسعة التي تُشعرك للوهلة الأولى أنّك أمام شاشة ذهبية تفتنك بألوانها وحركتها وتجذبك إليها لتُغرقك في عالم سينمائي ساحر. ويستهلّ ابراهيم العريس حديثه عن السينما اللبنانية بالعودة إلى جيل الروّاد ليُصحّح بعض الأخطاء الشائعة والمعلومات غير الدقيقة في ما يخصّ السينما
اللبنانية التي لم يكن لها وجود قبل العام 1929 أي قبل فيلم المخرج الإيطالي الأصل جوردانو بيدوتي «مغامرات الياس مبروك».
ويُؤكّد أنّ المخرج علي العريس كان أوّل لبناني يُحقّق أفلاماً سينمائية في لبنان وليس محمد سلمان كما كتب البعض عند وفاته. إلاّ أنّ هذا الأخير الذي طالما كان مولعاً بالفن والسينما سلك درب علي العريس نفسه بعد عقد من الزمن وقصد مصر وعاد منها إلى وطنه لبنان ليُحقّق أعمالاً سينمائية تُزاوج ما بين اللهجتين اللبنانية والمصرية.
ومن ثمّ يعرض السينما الرحبانية من خلال أفلامها الثلاثة «بياع الخواتم» ليوسف شاهين و«سفر برلك» و«بنت الحارس» لبركات وصولاً إلى سينما الحرب اللبنانية مع أبرز أعلامها مثل مارون بغدادي وبرهان علوية وغيرهما إلى «جيل الورثة» مع مخرجين أمثال سمير حبشي وأسد فولادكار وزياد الدويري وغيرهم...
ويُقدّم ابراهيم العريس في كتابه هذا تأريخاً للسينما اللبنانية منذ نشأتها لغاية الوقت الحاضر كحالة أو وجه من وجوه الحياة اللبنانية أي من دون أن يفصلها عن أحداث البلد وأوضاعه الأمنية والسياسية والإجتماعية والطائفية، وهذا ما يجعل من «الصورة الملتبسة» أشبه بدراسة معمقة وموثقة تصلح لأن تكون مرجعاً شاملاً عن السينما اللبنانية وأفلامها ومبدعيها.
ويقتفي الكتاب في خاتمته «فيلموغرافيا» مكثّفة تعرض 100 فيلم حُقّقت داخل لبنان وخارجه على أيدي مخرجين لبنانيين، إلى جانب معلومات واضحة ومختصرة عن كلّ فيلم. ويُبرّر الكاتب اختياره لهذه الأفلام المئة إلى عناصر عدّة كقيمتها الفنية أو دورها في تاريخ الحركة السينمائية في لبنان أو لنجاحها التجاري الكبير والإستثنائي.
إنّ كتاب العريس الأخير هو إجابة واضحة ومباشرة لأسئلة الكثيرين الذين يقفون حائرين أمام صورة ملتبسة لسينما لم يسبق أن تمّ تحديد جذورها وهويتها وجمهورها لما عرفته من تقلبّات، وهي التي تعيش في وطن التحولاّت والتبدلاّت والتغيّرات:«لبنان»...