رحيل الأديب أحمد خالد توفيق الذي أحبّه القرّاء وتجاهله النقاد صاحب سلاسل الرعب والفانتازيا والسفاري

طارق الطاهر (القاهرة) 16 يونيو 2018

عن عمر يناهز الـ52 عاماً، رحل الأديب الطبيب أحمد خالد توفيق، أستاذ طب المناطق الحارة في كلية الطب في جامعة طنطا، والذي جذبت كتاباته منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى رحيله في 2 نيسان/ أبريل 2018، قطاعاً واسعاً من الشباب، واستطاع أن يحقق بينهم شعبية طاغية، في حين تجاهله النقاد، أو بعبارة أخرى، لم يتم الالتفات إليه بمقدار ما أنجزه، وبما يوازي تأثيره واستحواذه على قلوب وعقول الشباب، الذين ساروا وراء جنازته وملأوا سرادق العزاء في مسقط رأسه ومحل إقامته مدينة طنطا، التي تبعد ما يقرب من 150 كيلومتراً من العاصمة «القاهرة»، كما كتب هؤلاء الشباب على قبره عبارة «جعل الشباب يقرأون».


انطلقت شهرة الدكتور أحمد خالد توفيق تحديداً في العام 1992، عندما أصدر عن «المؤسسة العربية الحديثة» سلسلة من الكتب الخاصة: «ما وراء الطبيعة»، «أدب الرعب»، «الفانتازيا»، «سفاري»، وكذلك أصدر سلسلة خاصة تهتم بأدب الرعب مترجماً.

وفي العام 2008 أصدر روايته « يوتيوبيا»، التي تُرجمت الى الألمانية والفنلندية والفرنسية، ثم توالت رواياته: «السنجة»، «مثل إيكاروس»، «ممر الفئران»، و»شابيب». ومن أعماله القصصية: «قوس قزح»، «الآن نفتح الصندوق»، «عقل بلا جسد»، «الغرفة 207»، «حظك اليوم»، و»الهول».

رواياته تتطلع دائماً إلى المستقبل، في محاولة لفهم ما يحيط بنا. يتجه الى الماضي، لكن سؤال الغد هو المسيطر عليه، وهو ما بدا واضحاً في روايته «مثل إيكاروس»، التي يستهلها بمقطع من «أساطير الحب والجمال عند الأغريق» لـ «دريني خشبة»، وجاء في هذا المقطع: «وشاع الزهو في أعطاف إيكاروس، فكان يرتفع قليلاً أو يهبط عن سمت أبيه، ثم تشجع وتشجع وبهرته زُرقة السماء وأديمها الصافي، فجازف وارتفع ارتفاعاً شاهقاً ونسي وصية أبيه، فعلا وحلّق في السماء صعوداً، وكان يغريه أن يصغر العالم الأرضي في عينيه فيعلو ويعلو. واأسفاه!... دنت ساعة الانتقام لك يا بردكس! فقد صهرت الشمس شمع الجناحين، وهوى إيكاروس إلى الأعماق! صرخ صرخة هائلة دوّت في أذن أبيه، فالتفت الشيخ ليرى ولده يغوص في الماء ويبتلعه مرة ويلفظه أخرى».

وعبر صفحته على «فايسبوك»، لخّص الكاتب والأديب عمر طاهر مسيرة أحمد خالد توفيق، بل رصد ما أحدثه رحيله من تداعيات، وانتصر طاهر في كلماته لقيمة صاحب «مثل إيكاروس»: «الضجة التي أحدثها رحيل الدكتور أحمد خالد توفيق تليق بكاتب كبير... حزن محبيه أو خلط الامتعاض والغيرة والجهل الذي لم ينكره البعض، ولم يبذلوا أدنى مجهود لإخفائه... كل الكتّاب الكبار الذين يتعالون على إنتاج أحمد خالد توفيق مدينون له بالكثير، فمعظم قرائهم الآن دخلوا ملعبهم من باب الدكتور أحمد، هو الذي دفعهم إلى هذا المكان، وهو الذي كان يطالبهم دائماً بألا يتوقفوا عنده وأن يبحثوا عن عوالم أخرى مع كتّاب آخرين».

وأضاف عمر طاهر: «الحزن على أحمد خالد توفيق هو حزن لرحيل شخص تؤمن تماماً بأنه يشبهك ويفهمك؛ وتشعر بالأمان لوجوده حتى لو كان على بعد كيلومترات كثيرة منك... ونادراً ما تراه لكنه موجود».