غازي عبد الرحمن القصيبي في 'سيرته' الأخيرة

سياسة, كاتبة, الكتاب والأدباء, غازي عبد الرحمن القصيبي

22 سبتمبر 2010

في كتابه ما قبل الأخير، كتب الوزير والشاعر الراحل الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي سيرته كوزير مُرافق لكبار رجالات الدولة والسياسة مع تدوين لانطباعاته الشخصية عن عدد من رؤساء الدول والحكومات التي قابلها انطلاقاً من عمله كوزير للصناعة والكهرباء والصحّة.
ولأنّه من النوع السياسي النادر الذي يجمع بين عمله كرجل دولة مميّز وككاتب مرهف الحسّ، قدّم الراحل غازي بن عبد الرحمن القصيبي في كتابه الصادر أخيراً عن دار «الفارس للنشر والتوزيع» انطباعاته بشفافية كما دوّنها أوّل مرّة أي قبل سنين طويلة دون محاولة لتصحيح أو تعديل نتج عن تطورات لاحقة، وهذا ما أضاءه القصيبي نفسه في مقدّمته التي جاء فيها: «قلت في كتابي «حياة في الإدارة»: كانت هناك بين الحين والحين، مهام تأخذ الوزير من دوّامة العمل الروتيني اليومي. أبرز هذه المهام مرافقة الملك ووليّ العهد، في الزيارات الرسمية، ومرافقة رؤساء الدول الذين يزورون المملكة والمساهمة في المؤتمرات المختلفة... وفي هذا الكتاب فصول تحمل انطباعاتي الشخصية عن عدد من رؤساء الدول والحكومات أُتيح لي أن أشاهدهم عن كثب، من خلال مرافقتي للملك أو ولي العهد في زيارة لبلادهم أو من خلال زيارتهم هم إلى المملكة...».

وقد استطاع الراحل في كتابه أن يحوّل من المشاهدات السياسية مشاهد أدبية لا تخلو من الصور البلاغية والبيانية التي تحمل أحياناً سخرية هادئة أو مديحاً خجولاً، ففي الفصل الأوّل الذي جاء تحت عنوان «البيت الأبيض... بين سيدين»، وصف الدكتور لقاءه الأوّل بالرئيس نيكسون بالقول: «كان يتقمّص شخصية الأمبراطور... كان يتكلّم بحساب، ويحاول أن يضع بينك وبينه حاجزاً من الهيبة. في أوّل مرّة شاهدته فيها كان اللقاء لا يختلف كثيراً، فيما أتصوّر، عمّا كان يحدث أيّام الأباطرة... دخل الأمبراطور يحفّ به الحرس والأعيان ولا أدري لماذا تصوّرت- لحظتها- أنّ مدفعاً صغيراً في مكان ما من القاعة سوف يطلق إحدى وعشرين طلقة، وأن تبدأ أوركسترا صغيرة مختفية تحت إحدى طاولاتها بعزف «حيّوا الزعيم». غير أنّ شيئاً من ذلك لم يحدث بطبيعة الحال. تحرّك الرئيس عبر الصفّ البروتوكولي يُصافح، ويتكلّم بحساب».
إنّ اللغة الرشيقة والصور الكثيرة والعبارات الكثيفة جعلت من كتاب السيرة الذي يقتصّ  الجانب السياسي من حياة الكاتب كتاباً أدبياً يُصوّر اللقاءات والحوارات والزيارات الدبلوماسية والسياسية المكبلّة عادةً بضوابط البروتوكول و«الإتيكيت» السياسي بأسلوب قصصي شيّق يكشف الجانب الثقافي في شخصية الدكتور غازي القصيبي.

تُعدّ هذه السيرة التي وسمها الراحل ب«الوزير المُرافق» هي الثانية بعد «حياة في الإدارة»، وتتألّف من عشرة فصول هي: «البيت الأبيض بين سيّدين»، «مع سيّدة الهند الحديدية»، «مع المجاهد الأكبر»، «مع المستشار: اللسان»، «مع المستشار الذي جاء من الأرياف»، «مع الأخ العقيد... في الحافلة»، «على مائدة الملكة... أخيراً»، «بين المهندس والنحلة»، «مع قاهر الأمبراطورية البريطانية»، «فاس... بين قمتين». ويُخصّص القصيبي كلّ فصل للحديث عن شخصية سياسية بارزة في تاريخ سياسات الدول العربية والعالمية مثل نيكسون وكارتر وأنديرا غاندي والعقيد