سيد رجب: «نسر الصعيد» غيّرني وأنا شخص لا يعرف اليأس

محمود الرفاعي (القاهرة) 01 يوليو 2018

حقق الفنان سيد رجب نجاحاً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، ما جعله حالياً واحداً من نجوم الصف الأول، والبعض أصبح يصنّفه بين كبار الفن المصري من أمثال محمود المليجي وتوفيق الدقن وعادل أدهم... تلك «الكاراكترات» التي لطالما تعطشت إليها الساحة الفنية.
سيد رجب أطل علينا في رمضان من خلال مسلسل «نسر الصعيد» بشخصية «هتلر» الشرير التي قدّمها باللهجة الصعيدية للمرة الأولى، بعد النجاح الكبير الذي حققه في مسلسل «أبو العروسة».
في الحوار الآتي، يتحدث رجب لـ»لها» عن مشاركته في بطولة هذا العمل، وكيف غيّر فيه من جلده الفني، ويكشف حقيقة رفضه العمل مع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين، ويتكلم على حياته الشخصية والأسرية، ودور زوجته الأميركية في نجاحه.


- ما رأيك بردود الفعل على مسلسل «نسر الصعيد»، وتحديداً دورك فيه؟
أرى أن مسلسل «نسر الصعيد» مميز جداً وسط الأعمال الرمضانية لهذا العام، وأنا سعيد جداً بتعليقات المشاهدين على أحداث الحلقات، خصوصاً في ما يتعلق بالتنافس ما بين الخير الذي يمثله الحاج صالح القناوي، الذي يلعب دوره النجم الكبير محمد رمضان، والشر الذي أجسّده  في دور «هتلر».
والحقيقة أنني سُررتُ كثيراً بدور «هتلر»، لأنه غيّر من جلدي الفني في الدراما التلفزيونية، فالمسلسل من إخراج ياسر سامي وتأليف محمد عبدالمعطي، وهو مكتمل العناصر الفنية، بحيث استطاع كلٌ من الممثلين تجسيد دوره بامتياز، وأفتخر بمشاركتي في هذا العمل.

- هل اعترضتك صعوبات في هذا العمل؟
أبداً، ورغم أن اللهجة الصعيدية من أمتع اللهجات، فإنها في الوقت نفسه من أصعبها على الإطلاق، وبالفعل هي المرة الأولى التي أقدّم فيها مثل هذا الدور في الدراما التلفزيونية، رغم أنني قدّمته كثيراً على خشبة المسرح التجريبي، علماً أن إجادتي للهجة الصعيدية أهّلتني للقيام بدور «هتلر»، وساعدت كثيراً مصحّح اللهجة الصعيدية في تدريبي عليها.

- لماذا لم تشارك إلا في «نسر الصعيد»؟         
لأننا تأخرنا كثيراً في الانتهاء من تصوير مسلسل «أبو العروسة»، والذي تزامن مع اقتراب الموسم الرمضاني، ولذلك لم أستطع المشاركة في أكثر من عمل.

- دائماً تختار أدوارك بتأنٍ، لكن على أي أساس؟
خبرتي الطويلة وإحساسي بواقعية الدور هما اللذان يقودانني ويضعانني على خط العمل الصحيح، واختياري للأدوار لا يكون عشوائياً، وإنما بعد تأنٍ ودراسة عميقة.

- وأخيراً سطع نجمك في سماء الفن، أين كنت قبل ذلك ومن الذي اكتشفك؟
أنا خرّيج كلية الهندسة- قسم تكنولوجيا السيارات، عملت لفترة في إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال، وكانت هذه الشركة تضم فريقاً متخصصاً بكل أنواع الفنون، من رياضة وفن تشكيلي ومسرح وشعر. وفي الحقيقة، كان هذا منفذاً مهماً لتوليد طاقات فنية كثيرة، وكنت أشارك فريق المسرح في عروض صغيرة، وكنا يوماً نقدّم عرضاً مسرحياً باسم «أمّنا الغولة»، ويحضره الأستاذ حسين الجريتلي، فعرض عليّ الانضمام الى فرقة جديدة يعمل على تأسيسها، وهي فرقة «الورشة»، فوافقت... ومن خلالها تعرفت إلى مخرجين كثر، وبدأ اهتمامي بالتمثيل، وخاصة المسرح التجريبي، وكنا نعمل كهواة وجُبنا العالم لنقدم عروضاً تمثل مصر في مهرجانات عالمية، وكنت كل عام أحصل على جوائز، وهذا في حد ذاته كان يسعدني. وبالمناسبة، بدأت التمثيل مطلع ثمانينيات القرن الماضي.

- ولماذا اكتفيت طوال هذه السنوات بالتمثيل على خشبة المسرح التجريبي دون التلفزيون أو السينما؟
في الحقيقة، المسرح لم يُتح لي الفرصة لذلك، لأننا كنا نسافر باستمرار لعرض مسرحياتنا، سواء في أوروبا أو في دول عربية أو آسيوية، هذا فضلاً عن الفخر والسعادة التي تغمرني في أثناء وقوفي على خشبة المسرح، فالمسرح «أبو الفنون» وملاذي ومعلّمي، ومن خلاله تفجّرت الطاقات الكامنة في داخلي، واستطعت الوقوف أمام الكاميرا بثقة.
لكن رغم عشقي للمسرح، كانت هناك فترات متباعدة بين المسرحيات، لذلك انتقلت الى التلفزيون والسينما اللذين منحاني فرصاً لتقديم المزيد من الأدوار المختلفة والمميزة.

- بعد مضي 25 عاماً على وقوفك على خشبة المسرح التجريبي، ألم تشعر باليأس لكونك ممثلاً لا يعرفه أحد؟
لم أهدف يوماً الى الشهرة والنجومية، وهناك فنانون كثر رحلوا قبل أن يصبحوا نجوماً متألقين، لكن يكفي أنهم ماتوا وهم سعداء، لأنهم فعلوا ما يحبون، وهذا هو هدفي الأسمى في الحياة، أن أعمل في التمثيل وأستمتع فيزداد شغفي به مع كل دور أقدمه، فالتمثيل هو مملكتي الخاصة، وكنت أمضي أوقاتاً طويلة في التدرّب عليه، خصوصاً أنني شخص لا يعرف اليأس، وأتسلّح بالصبر والإصرار لبلوغ أهدافي.

- من الذي صنع نجومية سيد رجب؟
إحساسي الصادق بالتمثيل هو الذي صنع الممثل فيّ. وبالمناسبة، التمثيل ليس عملاً بسيطاً، بل يحتاج إلى تركيز وجهد فكري وجسدي، وقبل كل ذلك أن تكون شغوفاً بهذه المهنة، ولذلك فحكايتي مع التمثيل ليست وليدة سنوات قليلة، بل حققتُ النجومية بعد مشوار طويل من الكفاح والتعب، وأحرص دائماً على صقل موهبتي وتطويرها.

- كيف أُتيحت لك الفرصة الحقيقية؟
تسنّت لي الفرصة من خلال السينما، عندما عرض عليَّ المخرج مروان حامد دوراً في فيلم «إبراهيم الأبيض» من بطولة القدير محمود عبدالعزيز والنجم أحمد السقا، إلا أنه عندما عُرض عليَّ في البداية كان دوراً صغيراً جداً، ويقتصر  على مشهد واحد، لكن حين تناقشنا وقرأت دوري وأدوار كل الشخصيات التي ستشاركني التمثيل، وجدته يرشّحني تلقائياً لدور المعلّم «سراج»، وكان هذا الدور «فاتحة خير» عليَّ، وبعدها دخلت الدراما التلفزيونية بدور «العم ماهر» في مسلسل «الحارة» للمخرج سامح عبدالعزيز، والذي أدين له بالفضل، ومن ثم توالت الأعمال.

- وماذا فعلت بك الشهرة؟
قبل الشهرة كنت الممثل الذي يتعلّم ويغنّي ويرقص، ويؤمن بقدراته ويثق بنفسه، لكن بعد الشهرة راودني شعور مختلف وغمرتني السعادة، خصوصاً بعدما وجدت نفسي محاطاً بحب الجمهور الذي لا يقدَّر بثمن، ومناداتهم لي بأسماء الشخصيات التي قدّمتها في أعمالي.

- من أكثر مخرج استطاع أن يُخرج ما في داخلك من طاقات؟
كل مخرج عملت معه نجح في أن يُخرج مني طاقات كامنة، وبالطبع مع كل عمل جديد أكتسب المزيد من الخبرات.

- وهل صحيح أنك ندمت على رفضك العمل مع المخرج يوسف شاهين؟
لا أنكر سعادتي الكبيرة لحظة عرض عليَّ المخرج الكبير يوسف شاهين دوراً في فيلم «المهاجر»، خاصة أنه مؤثر في أحداث الفيلم ومساحته كبيرة، لكنني أخبرته بضرورة سفري الى سويسرا لمدة 10 أيام، لأننا كنا مشتركين في مهرجان فوافق، لكن بعد عودتي، فوجئت بأن دوري تقلّص كثيراً، مما اضطرني للاعتذار عنه ولذلك لم أندم، لكنني كنت فعلاً أتمنى العمل معه.

- معنى ذلك أن مساحة الدور تهمّك؟
بالتأكيد، لأنني أحاول دائماً التنويع في أدواري، سواء كانت كوميدية أو اجتماعية أو درامية، وأحاول أيضاً أن أثبت نفسي في كل دور أقدّمه، حتى ولو كان دوراً صغيراً، لكن شرط أن يكون مؤثراً في أحداث العمل.

- من يشاهد فيلم «الشوق» يؤكد أننا في حضرة مؤلف وسيناريست مخضرم، بينما هو في الحقيقة عملك الوحيد الذي كتبته، ما تعليقك؟
فيلم «الشوق» هو العمل الوحيد الذي قدّمته للسينما، وكان ذلك في عام 2011، وسعدت كثيراً عندما حصل على جائزة «الهرم الذهبي» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والفضل في ذلك يعود إلى «الكادرات» التي استخدمها المخرج خالد الحجر، لكن لا يزال في جعبتي الكثير من القصص القصيرة من تأليفي والتي لم أُطلع عليها أحداً، ذلك أن التأليف بالنسبة إليّ مجرد هواية، على عكس التمثيل الذي يشغل كل تفكيري.

- أشعر أنك دائماً في منافسة تمثيلية شريفة مع الفنانة الكبيرة سوسن بدر في أعمال عدة مميزة أهمها «أفراح القبة» وفيلم «الشوق» وأخيراً «أبو العروسة»... ما القصة؟
ثمة كيمياء خاصة بيننا، وقد تجلّت بوضوح في أحدث أعمالنا، مسلسل «أبو العروسة»، الذي عُرض قبل شهر رمضان مباشرة، ولاقى نجاحاً منقطع النظير، لأنه عبّر عن مشاعر وأحاسيس حقيقية لمست قلوب المشاهدين، وأقل ما يقال عن الفنانة سوسن بدر إنها ممثلة متمكنة من أدائها وتعشق عملها وتخلص له، وأنا أتمنى العمل معها على الدوام.

- ما أهم الجوائز التي تلقيتها في مشوارك الفني؟
حصلت على جوائز كثيرة، منها جائزة أفضل ممثل مسرحي في مهرجان القاهرة التجريبي، عن مسرحية «غزير الليل» من إخراج حسن الجريتلي.

- ما هي أمنياتك؟
أن أستمر في التمثيل ما حييت، وأن أرى السينما والتلفزيون والدراما في تقدم دائم.

- ما هي هواياتك بعيداً من التمثيل؟
ربما تكمن أزمتي الحقيقية في هوايتي، فأنا أعشق نادي «الزمالك»، وأهوى كثيراً مشاهدة مبارياته، وقد تعلمت حب هذا النادي من والدي، رغم أنه كان لاعباً مميزاً في نادي «الترسانة».

- كم مرة تزوجت؟
مرتين.

- هل زوجتك الحالية أحد أسباب نجاحك؟
بكل تأكيد، هي الداعم الأساسي لي، وأميركية الجنسية، وتعرفت إليها لكونها كانت تموّل الفرقة المسرحية التي كنت أعمل فيها، وحين وجدنا توافقاً بيننا تزوجنا، ويمكنني القول إنها تمدّني دائماً بالطاقة وأولتني ثقتها التامة، مما  جعلني اليوم فناناً مشهوراً، وأنا أؤمن بالمثل القائل: «وراء كل رجل عظيم امرأة».