ياسمين غيث: أواجه تحديات كثيرة في حياتي ولكنني لا أتحدث إلا عن الأمور الإيجابية

كارولين بزي 11 يوليو 2018

لم تكن خطواتها الأولى في عالم الدراما المصرية وليدة شغفها بالتمثيل أو لأنها حفيدة أحد عمالقة الفن النجم عبدالله غيث. «حلاوة الدنيا» لم يكن عملاً درامياً عادياً بالنسبة إليها، إنما جسّد معاناتها مع مرض كانت لا تزال تعايشه، لتنتصر عليه وتكتشف شخصية قوية وموهبة لم تكن على دراية بها... دورها في «رحيم» شكّل صدمة للجمهور وأثبتت من خلاله أنها أبرز نجوم الجيل الصاعد في الدراما المصرية. في حوارها مع «لها»، لا تخفي ياسمين غيث خوفها من التحدّث عن السرطان فقط، بل تسعى لنسيان كل ما مرّت به، وتؤكد أن تأهّل مصر الى بطولة كأس العالم حدث بحد ذاته، وتعتبر محمد صلاح أسطورة...

- بعد أن شاركت في مسلسل «حلاوة الدنيا»، ذكرت في إحدى المقابلات أن الخوف انتابك... هل هذا الخوف لأنها تجربتك الأولى في التمثيل أم لأنك تجسّدين حالة مرض عايشته؟

كنت لا أزال أعاني المرض وأتلقى العلاج الكيميائي. خفت من أن أعيش تلك الحالة من خلال العمل، لكن دور «هبة» لم يتطرق إلى الجانب المأسوي هذا. كما توجّست من عدم إتقاني للدور لأنها تجربتي الأولى في التمثيل، ولا أعرف ردود فعل الناس عليها. ولكن في الوقت نفسه شعرت أن هذه التجربة خاصة جداً، وسُررت لأننا سنقدم أخيراً عملاً تتناول أحداثه هذا المرض بطريقة إيجابية. وهذا كان مضمون الرسالة التي نشرتها على «فايسبوك»، ما شجّع على ترشيحي للعمل.

- التفاؤل الذي غلّف رسائلك على «فايسبوك»، هل رافقك في المرحلة الأولى من المرض؟

أبداً، في البداية كنت خائفة، محبطة جداً ومعرّضة للاكتئاب، لكنني نجحت في إخراج نفسي من هذه الحالة بعد مضي شهر واحد على تأكّدي من أنني مصابة بالسرطان، فلجأت إلى أحد المختصين في العلاجات وخضعت لجلسات علاج، سرعان ما جعلتني متفائلة وأنظر إلى الحياة بإيجابية. 

- كيف تجرّأت على الذهاب إلى الطبيب بعدما اكتشفت الورم؟

شعرت بالذعر ولم أخبر يومها أحداً بالأمر. اختليت بنفسي، وقلت لو أنه فعلاً سرطان، عليّ أن أتّخذ خطوات سريعة. أعتقد أنها ليست جرأة بمقدار ما هي شجاعة وإصرار على التغلب على المرض حتى قبل أن أعرف حقيقته.

- من هو أول شخص أطلعته على إصابتك بالسرطان؟

صديقتي، فقد استشرتها وأرشدتني لاسم طبيب متخصص في الأمراض السرطانية، ومن ثم كشفت لوالدتي وزوجي حقيقة مرضي.

- ما مدى أهمية دعم زوجك لك في هذه الحالة؟

من الضروري أن يتلقى كل مريض الدعم من عائلته ليتصدّى للمرض ويمضي في طريق العلاج. لا أنكر حالات الضعف والاكتئاب التي انتابتني بسبب العلاج الكيميائي، ولكن وقوف عائلتي إلى جانبي كان يقوّي عزيمتي ويزيدني إصراراً على استكمال رحلة العلاج.

- ذكرت أن حلْق «أمينة» لشعرها في «حلاوة الدنيا» كان أكثر مشهد أثّر فيك...

تأثرت فعلاً بالمشهد لأن هذا ما حصل معي بالضبط، فحين بدأ شعري بالتساقط قررت أن أتخذ هذه الخطوة وأحلق شعري بنفسي، لذا بدا المشهد مؤثراً للغاية.  

- بمَ شعرتِ لحظة حلقتِ شعركِ؟

طلبت من أخي أن يحلق شعري، وبقيت على مدى يومين لا أنظر في المرآة. لم أتقبّل فكرة أن أبدو صلعاء، لذا وضعت شعراً مستعاراً وأقنعت نفسي بأنني إذا تقبّلت شكلي فسيتقبّله المحيطون بي، في رسالة تفيد الناس... وفي أحد مشاهد «حلاوة الدنيا» خلعت الشعر المستعار بهدف تدعيم رسالتي.

- ألم تتردّدي؟

قلقتُ بعض الشيء، ولكن رأيت أن هذا المشهد لم يؤدّه أحد من قبل، وأنا بطبعي أحب الاختلاف والتميّز، لذا سُررتُ لكوني أول فنانة تجسّد دور إنسانة مريضة يعكس معاناتها الفعلية مع المرض.

- «أنا حبقى كويسة» عبارة ردّدتها «أمينة» في «حلاوة الدنيا» عندما كشفت لعائلتها حقيقة مرضها، لكن متى قالتها ياسمين غيث في حياتها الواقعية؟

بعد مرور شهر على معرفتي بالإصابة بالمرض، قررت أن أكون بحالة جيدة، فردّدت العبارات التحفيزية التي تجعل الفرد منا يصدّقها ويتفاعل معها.

- عندما نشرتِ قصتك على «فايسبوك»، قلتِ إنها لاقت تفاعلاً كبيراً، فهل حدث ذلك لأن الناس يرغبون الاطلاع على قصص إيجابية تشبه قصّتك أم لأنك تحتاجين إلى من يسمعك؟

أنا نشيطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وشعرت بالحاجة الى إخراج ما في داخلي من خلال الكتابة، وما إن بدأت بسرد قصتي مع المرض، حتى وجدت الناس يتفاعلون معي بشكل كبير، وكأنهم كانوا ينتظرون أن يتحدث أحد عن المرض بتفاؤل، فشجّعوني على استكمال رحلة العلاج، وهكذا يكون الدعم بيننا متبادلاً.

- هل يزعجك الشعور بالشفقة؟

يزعجني كثيراً، لدرجة أنني حين كنت أرى نظرات الشفقة في عيون بعض أصدقائي، صرت أتعمّد عدم الالتقاء بهم، ذلك أنني بحاجة إلى من يدعمني ويرفع من معنوياتي.

- هل ما زلت تخافين إلى اليوم؟

نعم، وكلما تعرفت إلى أحد مرضى السرطان، أرتعب من الخوف. الأمر ليس سهلاً، وكنت أعتقد أنه بمجرد انتهائي من تلقّي العلاج، أن الموضوع انتهى وأصبح من الماضي. حتى عندما يطلب أحد مني دعم مريض، أدعمه ولكن من بعيد، لأنني أخاف كثيراً من المرض وأحاول نسيانه.

- ماذا علّمتك هذه التجربة؟

التجربة غيّرت حياتي تماماً وبدّلت تفكيري. بدوت امرأة أخرى، بعدما اكتشفت أنني أملك شخصية قوية، وموهبة دفينة ألا وهي التمثيل. بعد أن خضت غمار التمثيل، ثمة من قال لي إن «السرطان هو أفضل حدث في حياتك». البعيد عن الحالة ينظر إليها بسطحية. أواجه تحديات كثيرة في حياتي ولكنني لا أتحدث إلا عن الأمور الإيجابية التي تفيد الناس، فلكل منا همومه ومشاكله، وبالتالي لا أحد يرغب بالاستماع إلى هموم الآخرين.

- ما إن علمتِ بمرضك، أي صورة لابنك تبادرت إلى ذهنك؟

كنت مرعوبة عليه، خصوصاً أنه كان بجانبي عندما عرفت بإصابتي بالمرض. خوفي على ابني ساعدني في مواجهة المرض والتغلّب عليه.

- بعيداً من المرض، ما الذي يشبهك في شخصية «هبة»؟

«هبة» شخصية ظريفة وتمازح أصحابها دائماً وتضفي جواً من المرح في أصعب الأوقات. هي تشبهني كثيراً في مزاحها و«جدعنتها» ومساندتها لأصدقائها.

- تم اختيارك للمشاركة في مسلسل «حلاوة الدنيا» بسبب حالة معينة، لكن لماذا تم اختيارك لتؤدّي شخصية «أمينة» في مسلسل «رحيم» والمختلفة جذرياً عن «هبة»؟

عندما اختارني المنتج محمد مشيش للمشاركة في مسلسل «حلاوة الدنيا»، أكد لي أنه لم يخترني فقط لتشابه حالتي مع حالة «هبة»، بل لأنني أملك موهبة تخوّلني الدخول إلى عالم التمثيل. بعد «حلاوة الدنيا»، أردت تقديم دور لا يشبهني أبداً، دور يبرز موهبتي. تحدّث إليّ المخرج محمد سلامة، وأبدت شركة الإنتاج رغبتها بالتعاون معي في مسلسل «رحيم». في البداية، عندما أطلعني محمد سلامة على تفاصيل الدور، فوجئت وسألته: «كيف عرفت أنني أستطيع تجسيد هذه الشخصية وهي صعبة وفي غاية التعقيد؟»... فأجابني بأنه تابع مشاهدي في «حلاوة الدنيا» واكتشف أن لدي الكثير لأقدمه.

- ثمة من لا يعرف أن «أمينة» هي نفسها «هبة» التي ظهرت في «حلاوة الدنيا»...

غالبية المشاهدين فوجئوا فعلاً بعدما علموا أن «أمينة» هي نفسها «هبة»، ورأى آخرون أن هناك أوجهَ شبهٍ بين الشخصيتين، حتى أن أصدقائي أكدوا لي عدم علمهم بأنني من يلعب الدور.

- هل واجهت صعوبات في تجسيد الدور؟

واجهت صعوبات كثيرة في تجسيد الدور لأنه لا يشبهني أبداً. عندما قررت تقديم دور «هبة» كنت أبحث عن الصفات المشتركة في ما بيننا لأبدع في تجسيدها، بخلاف «أمينة» التي لا تشبهني أبداً. بذلت مجهوداً كبيراً مع المخرج، وقرأت كثيراً لأتمكّن من تقديم شخصية «أمينة» المرأة الشريرة، بصورة طبيعية.

- تركت بصمة في «رحيم» علماً أنك شاركت في الحلقات العشر الأولى فقط...

استمعت إلى الكثير من الانتقادات التي طاولت الماكياج وشكل الحاجبين وحتى الأظافر... مع أنها تجسّد رؤية المخرج لشخصية «أمينة» بماكياج وأداء معين. اتفقنا على أدقّ التفاصيل، وهي كثيرة لا يدركها الجمهور. وعندما يعتاد الجمهور على فنان بأدوار معينة، فهو يرغب دائماً في رؤيته في إطارها، ولأن الجمهور تعرّف إليّ من خلال «حلاوة الدنيا»، فقد فوجئ بدوري في «رحيم»، لكنني أعتبر هذا نجاحاً. عُرض عليّ لدراما رمضان عدد من الأعمال، وبما أن الدور يهمّني لا حجمه، وافقت على المشاركة في «رحيم»، إذ استمرت الأحداث في التطوّر حتى بعد وفاة «أمينة»... عندما أقرأ سيناريو أي عمل، أجتزئ منه الدور المعروض عليّ، فإذا تأثرت الأحداث، فهذا يعني أنه دور مهم، وبخلاف ذلك أرفض الدور حتى وإن ظهر في 30 حلقة.

- هل أزعجك تعليق المشاهد على أدائك بعبارة «استفزتني» أو «نرفزتني»؟

لا أبداً، لأن «أمينة» إنسانة مستفزة وباردة وشريرة، ويسعدني أنني استطعت إقناع الناس بتجسيدي لهذه الشخصية.

- علّقت على صورة اللاعب المصري محمد صلاح ونظيره الإسباني سيرجيو راموس بعبارة «سيبهولي أنا أجيبلك حقك»، كيف تحصّلين حقك؟

تعليقي جاء على سبيل المزاح إذ إنني أعشق أجواء الفكاهة والمرح، حتى وإن كان مزاجي متعكّراً. في الغالب، لا أعرف كيف أحصّل حقي. قد أتعرّض لموقف معيّن ولا أحرّك ساكناً، لكن بعد أن أختلي بنفسي وأفكر طويلاً آخذ حقي بأسلوب محترم ومن دون الإساءة لأحد... وأحياناً يضيع حقي لأنني أتعامل مع الآخرين بلباقة.

- يجتمع في كل منّا جانبا الخير والشر، ما الصفات المشتركة بينك وبين «أمينة»؟

هذا صحيح، ولكن هناك نفس قوية ونفس ضعيفة، والقوية هي التي تتغلب دائماً على الشر. أحببت «أمينة» لأنها لم تكن شريرة حبّاً بالشر، بل لأنها كشفت عن الجبروت والشر الموجودين في شخصيتها... لقد أحبّت «رحيم» (ياسر جلال) وعملت معه وضحّت بحياتها من أجله، لكن عندما فضّل البقاء مع «داليا» (نور)، قررت أن تنتقم منه.  

- هل يتحول الحب إلى انتقام؟

في كثير من الأحيان يتحول الحب إلى نقيضه، إذ يعتقد الناس أنهم يقومون بذلك بدافع الحب وتُظهر النتيجة عكس ذلك تماماً.

- كيف كان التعاون مع ياسر جلال؟

ياسر جلال ممثل صاحب خبرة طويلة وكان ظهوره لافتاً في الدراما الرمضانية في الموسم الماضي، من خلال تأديته دور البطولة في مسلسل «ظل الرئيس». عندما عُرض عليّ «رحيم»، توقعت أن يحقق النجاح نفسه، وكنت على يقين بأن الناس سينتظرون عرض حلقاته.

- هل وجود أسماء مهمة في «رحيم» شجّعك على خوض التجربة؟

بالطبع، فأنا أنظر إلى العمل وكأنه باقة متكاملة. يهمّني أولاً أن يكون الإنتاج ضخماً والإخراج قوياً، وبالتالي أبدأ بالتعرف إلى أبطال العمل. نور وياسر جلال نجمان ساطعان في سماء الدراما، وهذا شجّعني على خوض التجربة.

- ما هي الأعمال التي تابعتها في رمضان؟

تابعت «رحيم» و«ليالي أوجيني»، وكنت أرغب بمشاهدة «الرحلة» ولكن لم تسنح لي الفرصة.

- من هو الفنان الذي تحرصين على متابعة أعماله الرمضانية؟

قبل أن أدخل عالم التمثيل، كنت أتلهّف لمتابعة أعمال بعض الفنانين، لكن بعد أن خضت التجربة، أدركت أن للإنتاج والإخراج دوراً كبيراً في نجاح العمل، لذا بتّ أنتظر أعمالاً تتبنّاها شركات إنتاج معينة.

- ألم تخفك تجربة محمد سلامة الأولى في الإخراج؟

بما أنها تجربتي الثانية في التمثيل وتجربة محمد سلامة الأولى في الإخراج، قلقت وانتابني الخوف لأنني أردت العمل مع مخرج يوجّهني الى الطريق الصحيح، لكن بعد لقائي الأول مع محمد واطّلاعي على تفاصيل دور «أمينة»، أبهرني العمل. أعتقد أن هناك أشخاصاً بحاجة إلى فرصة، ومحمد سلامة لم يحز فرصته من قبل، وبالتالي ليس شرطاً أن يكون العمل الأول ضعيفاً.

- ما الذي ورثته عن حمدي وعبدالله غيث؟

الشكل نوعاً ما وأسلوب حياتي عامةً، كما أن والدي يشبه جدّي عبدالله كثيراً، كذلك اكتشفت أنني أشبهه في أدائي التمثيلي أيضاً.

- كيف تختصرين رحلتك من عام 2016 إلى اليوم؟

تسلّحت خلالها بالقوة والإيمان والثقة بالله، وبحبي لابني الذي ساعدني في الشفاء من المرض. لم أكتشف موهبتي فقط، بل اكتشفت صفاتٍ لم أكن أعرفها في شخصيتي من قبل.

- التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، هل تشكّل عنصر دعم لكِ؟

منذ مدة قصيرة أسّست حساباً على «تويتر» بعد أن أقنعني المخرج محمد سلامة بضرورة ذلك، ونظراً الى كمية التغريدات التي تتحدث عني على هذا الموقع. أتابع الشوسيال ميديا، ولكنني لا أتأثر بها لا سلباً ولا إيجاباً، لأنها في رأيي ليست مقياساً.

- كيف تصفين تأهّل مصر الى بطولة كأس العالم؟

تأهّل مصر أسعدني كثيراً، وكانت المرة الأولى التي أتابع فيها مباريات كرة قدم مع ابني، وهو لا يزال منذ ذلك الحين يسأل عن محمد صلاح، ويردّد دائماً أن محمد صلاح أهّل مصر إلى بطولة كأس العالم.

- ماذا يمثّل محمد صلاح للمصريين؟

محمد صلاح أسطورة، هو ليس لاعب كرة قدم فقط، بل استطاع أن يغيّر إلى الأحسن صورة الدين الإسلامي والشعوب العربية الراسخة في أذهان الغربيين، وهو ما عجز عنه الكثيرون. كما أن تأهّله إلى بطولة كأس العالم حدث جلل بحد ذاته.

- من هو مصمّم الأزياء المفضل عندك؟

أحب تصاميم Versace.

- ما هو عطرك المفضل؟

 Black opium من  yves saint Laurent.

- وماكياجك المفضّل؟

الماكياج البرونزي والعيون الدخانية.