بعد 23 عاماً من الغياب... جوليا بطرس أمام جمهور صور

كارولين بزي 22 يوليو 2018

ما ان أعلنت جوليل بطرس عن تنظيم حفلة لها في مدينة صور، جنوب لبنان، حتى نفذت البطاقات منذ اليوم الأول، ما اضطر المنظمين إلى إقامة حفلة ثانية بعد مناشدات الجمهور.

وجاء موعد اللقاء في صور بعد 23 عاماً من الغياب. اللقاء لم يكن مختلفاً، فكان جامعاً ويفيض حباً وفرحاً وثورة، فهذه عادة جوليا.

فقد شهد الملعب الروماني لمدينة صور الأثرية حضور ثلاثة عشر ألف شخص من مختلف المناطق اللبنانية، مع حضور لافت للمغتربين اللبنانيين، إلى جانب شخصيات فنية وإعلامية وسياسية، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وهو نادراً ما يحضر مهرجانات، ولكنها جوليا بطرس الفنانة التي لطالما ساندت الجنوب في السلم والحرب، وهي التي التقت جمهورها في صور في العامين 1991 و1995، ومنذ ذلك الحين لم تحيي أي حفلة عند شاطئ صور الرملي ومعبده الروماني الذي يعود عمره لأكثر من ألفي عام.

أطلت جوليا كأميرة رومانية، بثوب زادها أناقةً بتصميم المصمم العالمي ايلي صعب. وتطلّ جوليا كل سنتين على جمهور متعطش لسماع أغنياتها، الرومانسية منها والوطنية، وتلك التي يصل صداها إلى فلسطين.

وبدا الجمهور بالأمس كبحر هائج يثور مع أغنياتها الوطنية والثورية، وتهدىء من غضبه مع أغنيات الحب، فأخبرت والدها الذي لطالما أمسك بيدها مصطحباً إياها إلى المسرح، قبل أن يسلم المهمة للزوج. وبدورها أوكلت المهمة إلى شقيقتها صوفي، فأطلعت والدها على قصة مشوار شخص عزيز عليها، بأغنية "بكرا شي نهار". لكن قوة جوليا وغضبها لم يمنعاها من أن تذرف الدموع عندما تحدثت عن والدها.

واستذكرت جوليا مع زوجها الياس أغنية "وين مسافر" ليرافقها الجمهور في رحلة نحو الماضي من خلال لوحات غرافيكس رافقتها على الشاشة من توقيع المخرجة الصديقة والأخت صوفي بطرس.

هل تذكرون الفستان الأخضر المزين بالأكسسوار الذي ارتدته في صور منذ أكثر من 23 عاماً؟ ذلك الفستان كان من تصميم والدة جوليا، ولهذا الفستان ولكل إطلالة قصة مع والدة جوليا التي كانت تحرص على أن تطل ابنتها على المسرح بأبهى حلّة، فقدمت لوالدتها التحية وأدت أغنية "يا قصص عم تكتب أسامينا".   

وللحرية حكاية طويلة تجمع جوليا بجمهورها، فأطلقت العنان لصوتها بأغنية "أنا بتنفس حرية" موجهةً رسالة حب وسلام بتلك الأغنية: "هالدني بتساع الكل... إذا بدك منلاقي الحل ولولا منفكر سوا".

لم تغنِ جوليا بمفردها، لم تنشد أناشيد الثورة والحرية والوطن بمفردها، بل توّحد ثلاثة عشر ألف صوت معها، رفعوا الصوت معها، وحدّوا القبضة ومشاعر الحماسة للحرية والسلام معاً.

مزجت جوليا بين ذكريات الماضي والحاضر، وغنت القديم والجديد، لكن جمهورها لم يكتف من سماع الفن الراقي، الفن الهادف، فن الرسالة والحب.

واختتمت جوليا الحفل بأغنية "أحبائي"، لكنها في الجنوب، ولا بد من "تراب الجنوب" من أن يسمع منها "غابت شمس الحق"، فبعد أن علت أصوات الجمهور مرددة الأغنية، لبّت جوليا الطلب واختتمت الحفل مجدداً بأغنية "غابت شمس الحق".

ونجحت جوليا مجدداً، برقيها، بفنها، بثقافتها، باحترامها لكل فرد يسمعها، ولكن نجاح جوليا ليس فردي، بل لطالما كان نجاحها جماعياً وعائلياً.

ونجحت الفرقة الموسيقية التي هزّت أدراج المعبد الروماني بتميّزها، الفرقة التي يقودها المايسترو هاروت فازليان. أما لألحان زياد بطرس الشقيق الوفي لشقيقته فحكاية عشق وإبداع، هو الذي رافقها منذ نعومة أظافرها، واضعاً بصمة نجاح على كل عمل قدمته.

أما الزوج، الوزير السابق والنائب الحالي الياس بو صعب، فقصة اخرى لا تقتصر على الحب والاحترام فقط، بل على دعم الرجل لزوجته لتتسلق سلم النجاح في أعلى قممه، إذ لم يبخل على ذلك الحفل الضخم والمسرح الأوبرالي بجهوده وإنتاجه وجتى سعة صدره والاستماع إلى تعليقات الجمهور بعد الحفل، كلها عوامل تساهم في استكمال النجاح الذي بدأته جوليا، ليمتد إلى تلك العائلة الفنية التي تنشر المحبة بين أفرادها لتوزعه على الجمهور، والنتيجة بالتأكيد النجاح الدائم...