'مرايا فرانكشتاين'

كاتبة, رواية / قصة, عباس بيضون, جائزة الشيخ زايد للكتاب

20 يونيو 2011

الكتاب: «مرايا فرانكشتاين»

الكاتب: عباس بيضون

الناشر: «دار الساقي»، 2011


إنّها سيرة ذاتية وإن لم تتقيّد بشروط كتابة السيرة. إنّها مجموعة قصص وإن لم تحمل مواصفات القصة. إنّها «مرايا فرانكشتاين» للشاعر والكاتب عباس بيضون التي قاربت مختلف الأنواع الأدبية من غير أن تكونها.

توصيف الكتاب هذا أمرٌ صعب تحديده. ففيه يسرد الكاتب بعضاً من تجاربه وذكرياته وتأملاته في فصول وضع لكلّ منها عنواناً مستقلاً. فالأحداث المُسترجعة غير مترابطة والذكريات المُستعادة غير متسلسلة. فهي أشبه إلى ذاكرة الإنسان العادي منها إلى ذاكرة الكاتب. يقول بيضون «لا أفهم كيف يُمكن واحداً أن يؤرّخ نفسه...»، ثمّ لا يُجيب عن سؤاله بل يُكمل التأريخ، تأريخ الحياة. حياة الكاتب الطفل والمراهق والشاب.

عباس بيضون هو الكاتب الراوي والمروي عنه. إنه يستعيد لمحات من حياة عاشها في أيام خلَت. أيام مضت ثم عادت عبر مرايا الذاكرة التي ما كسرتها الأزمنة أو حتى جرحتها. هي مرايا صافية تنقل الحقائق كما هي، من دون تجميل عيب أو تصحيح خلل.
إنّه يصف نفسه في أحد فصول كتابه «كنت في الواقع فرانكشتاين نفسي ورعبها الخاص». يكتب عن نفسه التي كرهها مرّة إلى أن غدت ككائن مخيف يسكنه ولا يمكنه الفرار منه.

وفي «صوت لا يشبهني» يستعيد الكاتب صورته وهو في مرحلة التحوّل من الطفولة إلى النضج، ويروي بأسلوب ممتع لا يخلو من الكاريكاتورية اضطرابات وتوجسات ذاك المراهق الذي كانه إلى التغيّر الصادم الذي جعل من وجهه يطول «حتى غدا كالحذاء» وشعره يقسو «حتى غدا كالبلاّن» وأنفه يتضخم وصوته يترجّل.
إنّه يجعل من عملية التحوّل الطبيعية هذه إلى تحوّل غريب مُرعب أشبه بتحوّل طفل بريء إلى وحش كاسر. في «مرايا فرانكشتاين» اختار الكاتب أن يقدّم أجزاءً من حياة عادية في واقعيتها وغنية في تجاربها وتاملاتها، فلم يتّبع ترتيباً زمنياً معيناً بل استخدم الذاكرة العشوائية التي تنتقي في كلّ مناسبة من مشاهد حيواتنا من دون حسابات لأزمنة ولا أمكنة ولا أيّ منطق آخر.
وقد يكون هذا أبرز ما يميّز كتاب عباس بيضون الأخير الذي بدا سلساً في لغته وممتعاً في أسلوبه وثرياً في أفكاره وتأملاته.