صباح تُضيء ليالي بيت الدين...

زهير مراد, السينما السورية, رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان, ملحم بركات, ماجدة الصباحي, مهرجان بيت الدين, رويدا عطية, فريد الأطرش, فنانة / فنانات, أسمهان, رانية فريد شوقي, رشدي أباظة, شهر رمضان, الجمهور, شحرورة

04 يوليو 2011

قد تكون هذه السنة، فنياً، هي سنة الصبوحة بامتياز. إنّه عامها "التكريمي" الكبير. فيه اختارت مؤسسة سمير قصير أن تُكرّم الفنانة الكبيرة على مسيرتها الفنية الطويلة، فارتأت أن تختم مهرجانها الذي أتى هذا العام تحت عنوان "ربيع ربيروت" بسهرة أحيتها الفنانة ريما خشيش التي أعادت تقديم أغنيات صباح في أهم أعمالها السينمائية.
وفي سابقة درامية فريدة من نوعها، صوّر أوّل مسلسل عربي يروي سيرة فنانة مازالت على قيد الحياة وسيُعرض خلال شهر رمضان المقبل وهو بعنوان «الشحرورة» وتؤدي فيه الفنانة كارول سماحة دور صباح.
أمّا مهرجانات بيت الدين الفنية فقامت للمرّة الأولى بتكريم فنان في حياته عبر استعادة أغنياته بصوت أحد الفنانين الشباب.
فبعد أسمهان وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، أهدت المهرجانات ليلتيها الأولى والثانية إلى السيّدة صباح التي حضرت الافتتاح ونالت تكريماً وطنياً من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان ممثلاً بزوجته السيدة وفاء سليمان التي قلّدتها وسام الأرز من رتبة ضابط أكبر.  


عندما تطأ القصر الشهابي في بلدة بيت الدين، تلمح من بعيد باباً خشبياً صغيراً يوصلك إلى قاعة تراثية ذات أحجار صخرية تُزيّنها صور جميلة ونادرة للشحرورة صباح في مختلف مراحلها العمرية من الطفولة إلى الشباب.
صور مُرفقة بمقالات قديمة كُتبت عن صباح بداية أربعينات القرن الماضي. صورها وهي مع والديها وأزواجها وولديها وأحفادها وزملائها وأصدقائها. صور رائعة لنجمة ساحرة بصوتها وجمالها وطيبتها وأناقتها.
وفي وسط القاعة تُعرض فساتينها الأصلية التي ارتدتها في أفلامها المعروفة وفي مناسبات عديدة جعلتها راسخة دائماً في أذهاننا. المعرض هذا بصور صباح وفساتينها وملصقات أفلامها الحقيقية يضعك فجأة أمام عالم آتٍ من زمان آخر. زمان جميل يُعطي الفنّ قيمته والفنانين سحرهم.

الأجواء عامة رائعة، وأروع ما فيها أنّ بطلتها موجودة في قلبها. حيّاها الجمهور بهتافاته وتصفيقه وحيّته هي بكلمات حبّ وموّال للبنان ورئيسه.
وما هي إلاّ دقائق حتى انكشف المسرح على صوت الفنانة السورية رويدا عطية التي اشتهرت منذ بداياتها بأغنيات الشحرورة وبصوتها القوّي في أداء المواويل والآوف والميجانا.
وقد تكون تلك الحفلة هي التحدّي الأصعب في حياة الفنانة الشابة التي واجهت بثقة جمهور الشحرورة التي كانت موجودة بشخصيتها المتوهجة رغم زحف السنوات.

افتتحت رويدا الحفلة بأغنية «بيت الدين» ومن ثمّ توالت الأغنيات البديعة من أرشيف الصبوحة، وبدا أنّ اختيار الأغنيات الـ 26 لم يكن عشوائياً، بل كان مقصوداً بهدف إبراز مختلف الألوان التي غنتها صباح بالتعاون مع مختلف الشعراء والملحنين من الأخوين الرحباني ومحمد عبد الوهاب وزكي ناصيف وفليمون وهبي إلى بليغ حمدي وإيلي شويري وملحم بركات وغيرهم.
وقد استطاعت رويدا عطية التي غنّت بهوية صباح، بصوتها ورقصها ودلالها، أن تُعيدنا إلى حقبة جميلة من فنّ جميل افتقدناه. وساهمت مقاطع أفلام صباح القديمة مع ألمع نجوم السينما والغناء أمثال فريد الأطرش وفهد بلاّن ورشدي أباظة وعمر خورشيد وفريد شوقي، والتي كانت تُعرض بعد كلّ وصلة استعراضية تؤديها رويدا والفرقة الراقصة، في أن تجعلنا نشعر بأننا وسط هذا المكان الجميل نعيش في زمان وهمي لا يعرف سوى الفنّ والحبّ والجمال.

ولم تجذبنا رويدا بأدائها روائع صباح فحسب، بل إنّ الأزياء التي حملت توقيع المصمم العالمي زهير مراد كانت مدهشة ونالت إعجاب الجمهور الذي وجد في هذه الأزياء الرائعة الأناقة التي طالما اشتهرت بها صباح.
فظهرت رويدا بسبع إطلالات مختلفة لتُناسب مختلف الألوان الغنائية التي أدّتها كالتراثي والفلكلوري والكلاسيكي والرومانسي... وقد أضفت الاستعراضات التي أخرجها جيرار أفديسيان وصمّمها سامي خوري الكثير من الجمالية على العرض الذي استعاد أهمّ محطات الشحرورة الفنية.
ورغم أنه كان هناك مآخذ معينة على صوت رويدا الذي بدا قوياً إلى حدّ إنه افتقد شيئاً من الإحساس، فإنّ الأغنية التي ختمت بها العرض "تعلى وتتعمّر يا دار" للرائع إيلي شويري كانت من أكثر الأغنيات التي ناسبت صوتها ونجحت من خلالها في أن تُشعل جمهور بيت الدين الذي قصد القصر الشهابي الشاهق للاستمتاع بفنّ الشحرورة التي أحبّت جمهورها وأحبّها وبقي مخلصاً لها على مدار مسيرة طويلة تمتد أكثر من 70 عاماً.