المدربة السعودية الأولى في "الكيوكوشن كاراتيه" الدكتورة سارة مختار تسعى مع فريقها للوصول إلى مباريات دوليّة

عزيزة نوفل (جدة ) 05 أغسطس 2018

قد تبعد الهواية مسافات شاسعة عن مجال الدراسة والعمل، لترسم تعابير متناقضة للشخص ذاته الذي يصعد ويتصاعد بأحلامه وأمانيه، ليلتقي طرفا إنجازاته في مسار واحد تحت مسمى العطاء والبذل في الحياة. الدكتورة سارة حسين مختار، عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، والمتخصصة في قسم الأنسجة والأورام، عاشت الشغف وحب الرياضة إلى جانب مجالها العلمي البحت، لتطوّر من مهاراتها في أنواع مختلفة من الرياضات القتالية، وتحصل على  الحزام الأسود وعلى لقب أول مدربة سعودية في «الكيوكوشن كاراتيه» و«الآيكيدو»، وأول مُحكّمة في البطولات المحلية «للكاراتيه»، والحاصلة على ميداليات وجوائز محلية وعالمية عدة، ومؤسسة نادي «ساراتيه لتعليم فنون الكاراتيه والدفاع عن النفس» لفئة السيدات والأطفال في جدة. حديثٌ مشوّق بنكهة آسيوية من بداية المشوار إلى أفق المستقبل...

- منذ متى اكتشفت ميولك تجاه الرياضة عموماً، وتجاه الرياضات القتالية بخاصة، وكيف وجدت الفرصة لتعلّم هذه الرياضة؟

حبي للرياضة جعلني أخوض تجارب عديدة مع أنواع مختلفة منها، لكن استهوتني في شكل أكبر رياضة الفروسية وفنون القتال، التي بدأت بممارستها منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري، فتدربت على «الكاراتيه» التقليدي في نادي مستشفى جدة الوطني، وتعمقت بدراسة الفنون القتالية أكثر بعد أن أصبحت معيدة في جامعة الملك عبدالعزيز وابتعثت إلى أستراليا لإكمال دراستي، وتطوير مهاراتي في «الكيوكوشن كاراتيه» و«الآيكيدو» و«الموي تاي» في نادي «ملبورن».

- توجهك نحو فنون القتال ألم يلقَ استهجاناً من الناس، وما الأثر الذي وجدته من ممارسة هذا النوع من الرياضات كامرأة؟

بالطبع كان هناك استغراب كبير من البعض لتوجّهي هذا، لكن التشجيع والدعم كانا أكبر وأكثر، وأرى أن رياضات الدفاع عن النفس والفنون القتالية ليست ذات فائدة دفاعية وقتالية فحسب، بل لها أثر في تعزيز الثقة بالذات واحترام الآخر، وتقوّي القدرة على التحمّل وترفع مستوى التركيز وتطرد الشحنات السلبية، هذا إضافة إلى ما تضفيه من لياقة ومرونة للجسم.

- منذ زمن، كانت تسيطر على العقول فكرة أن بعض الرياضات ليس جيداً للفتيات وقد يؤثر في القدرة الإنجابية وطبيعة جسم المرأة، ما رأيك في تلك المعتقدات؟

كل تلك المعتقدات ليس لها أساس من الصحة، فالرياضات في شكل عام سبب في زيادة صحة المرأة في مختلف النواحي، وليس لها أي أثر في تغيّر بنيتها أو في قدرتها الإنجابية، بل على العكس تماماً، فالرياضة والحركة تخلصان الجسم من الدهون التي يؤدي تراكمها إلى زيادة هرمون الذكورة، وبالتالي تكيّس المبايض والتأثير في القدرة الإنجابية للمرأة.

- ما هي الأساسات التي يجب على كل امرأة وسيدة تعلّمها في فنون الدفاع عن النفس، لتقي نفسها من أي اعتداء أو خطر؟

أهم نقطة معرفة مواطن قوتها ونقاط ضعف الخصم الذي أمامها، ما يخوّلانها للتغلّب على أي اعتداء يحصل لها من دون الحاجة الى قوة بدنية كبيرة، فبحركات معينة يتم فيها التركيز على المفاصل والمناطق الحساسة، تتمكّن المرأة من إيقاف الخصم والتغلّب عليه.

- الإقبال المحلي على الرياضة في شكل عام من سيدات ورجال وأطفال على كل أنواع الرياضات في تزايد مستمر، ما الأثر الذي سنشهده من هذا الحراك؟

رؤية إقبال الرجال والسيدات وحتى الأطفال على تعلّم رياضات مختلفة وممارستها أمر مبهج جداً، وقد بدأنا نلحظ تعلّق فئات المجتمع عموماً بالرياضة، وهذا مبشّر على صعد كثيرة، أهمها تخلُّص المجتمع من مشاكل السمنة والأمراض المزمنة مثل السكري والقلب والشرايين وغيرها، وكذلك المساهمة في تقليص نسبة المدخنين والمصابين بأمراض نفسية مثل الاكتئاب والأرق والتوتّر، لنصل بإذن الله إلى مجتمع سليم صحياً ونفسياً وفكرياً.

- كونك مؤسسة ومدربة في نادي «ساراتيه لتعليم فنون الدفاع عن النفس» لفئة السيدات والأطفال، ما مدى جدية السيدات والفتيات والتزامهنّ بتعلّم هذه الرياضة؟

كما سبق وتكلمت، إن الإقبال كبير، وهناك عدد من النوادي التي تقدم تدريباً للسيدات في هذا المجال، ومن خلال ما ألاحظه في نادي «ساراتيه» الذي أسسته منذ عام ونصف العام، وأقوم به بالتركيز على تقديم حصص في «الكيوكوشن كاراتيه» مع إدخال إضافات الى رياضتي «الملاكمة» و«الآيكيدو». هنالك عددمن الفتيات والسيدات شغوفات جداً بهذا الفن والتعمق به، ولا تمنعهنّ مشاغل الحياة عن التغيب عن أي حصة، كما أن بعضهنّ شارك في بطولات محلية عدة وحصل على عدد من الميداليات، ولا يزال المستقبل يحمل الكثير من الأخبار السارة للمرأة الرياضية، وأنوي العام المقبل تقديم حصص منفردة لكل فن من الفنون القتالية.

- أنت حاصلة على الحزام الأسود في «الكيوكوشن كاراتيه»، ما المراحل التي مررت بها للوصول إلى هذا الإنجاز؟

لم يكن الوصول إلى مرحلة الحزام الأسود بالأمر الهيّن إطلاقاً، فقد استغرق سنوات عدة من التدريب القاسي، والخضوع لاختبارات عنيفة لأتمكن من الانتقال من حزام إلى آخر، حيث أن الاختبار الواحد كان يستغرق نحو 9 ساعات متواصلة من الأداء والمنتهي بأربعين مباراة عنيفة، وهذا ما يميز رياضة «الكيوكوشن كاراتيه» التي تعد من أقوى أنواع فنون القتال وأبرزها في الفن العسكري في العالم، ولهذا فهي مختلفة عن رياضة «الكاراتيه» التقليدية والمنتشرة بكثرة في المملكة.

- كيف توفّقين بين شغفك وهوايتك وبين مجال عملك، وما هو حافزك نحو الاستمرار؟

التوفيق بين هذين الجانبين يكلّفني الكثير من الجهد، لكني لا أكترث للصعوبات والمشقات التي تعرضت لها في التدريب، وأضع أمام عينيّ هدفي في تحقيق ما أرغب فيه من نشر فن «الكيوكوشن» في المملكة وتعليم الفتيات والسيدات، وأعتقد أن فخري واعتزازي بكوني أول سعودية أحصل على الحزام الأسود وأول مدربة في هذا الفن، يعطيانني الدافع والقوة للمثابرة أكثر والاستمرار في مشواري.

- تعددت واختلفت أشكال ومسميات الفنون القتالية الآسيوية، فما الفرق بين «الكاراتيه» و«التايكواندو» و«الجودو» و«التاي تشي»؟

الرياضات الآسيوية مختلفة باختلاف مسمياتها، فتشترك رياضة «الكاراتيه» و«التايكواندو» و«الكونغ فو» بكونها رياضات هجومية تعتمد على استخدام الضربات والركلات في الهجوم، في حين تعتبر «الجودو» و«الآيكيدو» و«الجوجيتسو» من الرياضات الدفاعية التي تعتمد على قدرة التحرر من قبضات الخصم المختلفة من دون الحاجة الى استخدام القوة، أما بالنسبة إلى «التاي تشي»، فهي رياضة مستخلصة من الفنون القتالية، لكنها شائعة في مجال تقوية العضلات وزيادة ليونة المفاصل وتخفيف الضغط والسكر، ولا تستخدم للقتال.

- في «الكيوكوشن كاراتيه» كنتِ الأولى كلاعبة وكمدربة ومحكّمة في البطولات، ماذا بعد حصولك على الحزام الأسود؟

كسارة مختار، أرى أن الحزام الأسود هو مجرد محطة أولى ستُفتح لي بعدها أبواب للحصول على أحزمة سوداء أُخرى، وأسعى إلى المشاركة مع فريقي في بطولات محلية ودولية كلاعبة ومدربة ومحكّمة أيضاً.