وعد: ما ولدته أمّه من ينكرني ومسألة الفنانة الأولى مزعجة

ميشال زريق 11 أغسطس 2018

دائماً ما ينتظر الجمهور إطلالاتها وحديثها، وحتى مقاطع الفيديو التي تنشرها عبر حساباتها على السوشيال ميديا، فهي صاحبة الظل الخفيف والشخصية المحبّبة لدى متابعيها وعشّاق الأصوات الخليجيّة. ولكن، لحديثها دائماً أبعادٌ مختلفة، وفي تصريحاتها حدّةٌ وصراحة وجرأة نادراً ما نجدها على الساحة الفنّية اليوم، فهي قادرةٌ على تسمية الأمور بأسمائها، ولا تخاف الخسارة أو ما قد يترتّب على تصريحاتها من تبعات. هي وعد، التي التقتها «لها» في هذا الحوار، بعد غيابٍ طويل عن صفحاتها، فحدّثتنا عن الفن والسوشيال ميديا وغنائها للمرّة الأولى أمام جمهور بلدها على مسرح «المفتاحة» في أبها وكشفت عن تحضيرها لبرنامج تلفزيوني جديد.

- سأبدأ معكِ من أحدث ما كتبته الصحافة عنكِ... فللمرّة الأولى تقف فنانة على مسرح المفتاحة في «أبها»؛ أخبرينا عن التجربة وعن أصداء الحفل؟

الحمد لله، للحفل أصداءٌ رائعة وأمضيتُ مع الجمهور أوقاتاً لا تُنسى، ستظلّ محفورة في ذاكرتي. نجاح الحفل كان باهراً وواضحاً، حجم الحضور كان هائلاً، الصحافة كانت مهتمّة كثيراً بالحفل، وشركة «روتانا» أشرفت على التنظيم بشكلٍ محترف جدّاً. أسعدني الوقوف على مسرح «المفتاحة»، وأشدّد على أنّ النجاح كان ضخماً لمن أعجبه الأمر ولمن لم يُعجبه، فـ»الشمس لا تُغطى بالغربال».

- لا شكّ في أنّ هذا المسرح عريق جدّاً وغني بتاريخه الفنّي؛ بمَ شعرت وعد عند اعتلائه؟

عندما وصلتُ إلى مسرح «المفتاحة»، شعرتُ وكأنّني دخلت بيت أهلي و«ربعي»، لأغنّي مع أحبابي في مناسبة عائلية، لشدّة حرارة الترحيب والحفاوة اللذين استقبلوني بهما. التفاعل كان كبيراً جدّاً وكأنّها ليلة عرس، أو ليلة وطنية، وللمسرح أيضاً قيمة فنية كبيرة، تُشعركَ بالمسؤولية تجاه نفسك وفنّك والجمهور وحتى المكان الذي تتواجد فيه، فهنا وقف العظماء مثل طلال المدّاح وأبو نورا، وكانت المرّة الأولى التي تقف فيها فنانة أنثى على المسرح، وهذا بحدّ ذاته كان نجاحاً.

- بصراحة، أنتِ أولى بالوقوف على مسارح السعودية والغناء لجمهور بلدك من فنانات كثيرات سبقنك في الوقوف عليها... ألم يضايقك ذلك؟

ما قد يجهله الكثيرون، وبعيداً من حفلات الأعراس والحفلات الخيرية، أنّني كنت أوّل من وقف على مسارح السعودية وغنّى لجمهورها. كنتُ الأولى في هذا المجال، ولكن كانت حفلات محلّية لم يتردد صداها في الخارج كما هو حاصل اليوم مع الانفتاح الكبير في المملكة ودعم هيئة الترفيه الوطنية. أنا ابنة هذا البلد، ونحن نرحّب بكلّ الضيوف، وفخورون بأي فنان يحضر للغناء على أرض المملكة العربية السعودية، وسعيدة جدّاً بكلّ من وقف وشدا على مسارحنا، والدليل أنّني حضرتُ أكثر من حفلة لعدد من الفنانين.

- حفلات السعودية، ما الذي تمنحه للفنان الخليجي عامةً والسعودي خاصةً؟

بكلّ صدقٍ وأمانة، تمنحه شعبية أكبر، وجمهوراً بأعداد هائلة... فمع احترامي للجمهور الخليجي، يبقى جمهور السعودية هو الأقوى.

- أنتِ لستِ بعيدة من الجمهور السعودي، فتلتقين بشريحة لا بأس بها في حفلات الأعراس؛ هل تختلف طريقة التفاعل وأسلوب التعاطي مع الجمهور من حفلٍ إلى آخر؟

أنتَ قلتها، أنا فنانة سعودية، أنتمي إلى هذا الوطن والجمهور وحفظته عن ظهر قلب، وبالطبع هناك اختلاف كبير بين أسلوب التفاعل في الحفلات المفتوحة والعامة وحفلات الزفاف. ففي حفلة الزفاف أقف وحدي على المسرح، الفرقة في الغرفة المجاورة، المدعوّات يرقصن ويلتقطن الصور والفيديوات لي، ونلتقط الصور ونتفاعل معاً. ولكن في الحفلات العامة، الفرقة الموسيقية ترافقني على المسرح، وهناك التزام كبير من الحاضرات بعدم الرقص والتصوير، وأشعر أنّ ذلك يمنعهنّ من التعبير كما يحلو لهن.

- رغم عتبك على الفنان محمد عبده، بادرتِ إلى تقديم واجب العزاء بفقدانه شقيقه؛ ماذا تقولين له؟

الغريب أنّكم تكررون السؤال نفسه. في العزاء، هناك أجر عند ربّ العالمين، وأنا سبّاقة دائماً في السؤال عن الآخرين وفي تقديم واجب العزاء في الأحزان. محمد عبده، أبو نورا، هو أبونا وأخونا وأستاذنا في الفن والغناء، شاء من شاء وأبى من أبى. تجمع عائلتينا صداقة قوية، وشقيقه المرحوم على معرفة بي وبعائلتي، ومن الطبيعي أن أبادر إلى تقديم واجب العزاء بفقدانه.

- لو لم تكن هناك سوشيال ميديا؛ هل كانت وعد لتحافظ على جماهيريتها أم نسيها الجمهور؟

لن أقول لكَ إن لم تكن هناك سوشيال ميديا لنسيني الجمهور، ولكن إسأل نفسك... هل نسي الجمهور عبدالمجيد عبدالله وعبّادي الجوهر وفيروز ومحمد عبده؟! أولئك النجوم الكبار لا يستخدمون السوشيال ميديا، والجمهور لا يزال يتذكّرهم وجماهيريتهم تتضاعف مع مرور الزمن. أقارن نفسي بالكبار، وإلّا فلن أصبح يوماً بين الأسماء الكبيرة.

- أنتِ مقصّرة بحق فنّك وجمهورك، إذ مضى وقت طويل على آخر ألبوم أصدرته... لماذا كل هذا التقصير؟

لستُ مقصّرة إطلاقاً إذا لم أصدر ألبوماً كاملاً، بل على العكس، أغنياتي تُبثّ عبر كلّ المنصات وعلى شبكة «يوتيوب». وعندما أصدر أغنية وأرى أنّ صداها إيجابي وتحقّق انتشاراً بين الجمهور، أعطيها حقّها في ما يتعلق بالوقت. وإذا أصدرتُ أغنية ولم تنل نصيبها من النجاح، أتبعها بواحدة أخرى. حريصة جدّاً على فنّي، ولي سياسة خاصة في طرح الأعمال الغنائية.

- مطلوبة كثيراً في أفراح الخليج، إلامَ يرجع ذلك؟

(ممازحة) هذا حسد أم ماذا؟!... الحمد لله، هذا إن دلّ على شيء فعلى حب الناس لي، لأنّني أعتقد أنّ العروسين لن يطلبا لحفل زفافهما مغنّياً يُزعجهما أو لا يحبّانه. أنا من الذين يدركون كيف يُحييون السهرة بحماسة ويكون الجميع سعيداً بالأجواء والأغنيات والإيجابية التي أنشرها في الحفل، وأقدّم للعروسين فنّاً راقياً وأغنيات بصوت سعودي أصيل.

- بعيداً من الغناء، كيف تقيّمين تجربتكِ في التمثيل؟

كلّ فنان هو مشروع ممثل، إذا أراد ذلك طبعاً، إذ إنّنا خلال تصوير فيديو كليباتنا نمثّل مشاهد قصيرة تظهرنا بشخصيات مختلفة عمّا نحن عليه، وتكشف النقاب عن قدرات تمثيلية لدينا، وقد تلقّيتُ سابقاً عروضَ تمثيلٍ كثيرة بين مصر والكويت، لكنّني اعتذرتُ عنها.

- هل تشجّعتِ على فتح الباب أمام العروض التمثيلية في الآونة الأخيرة؟

بعد أن أطللت على الجمهور من خلال شاشة MBC في عامين متتاليين، انهالت عليّ العروض، ولكن للأمانة لم يُقدَّم لي ما يُناسبني أو يجعلني أفكّر بالعرض مرّتين قبل قبوله والبدء بتنفيذه. ولست مستعدة لأرى الناس يصفون هذه الخطوة بالناقصة أو الفاشلة، بل أرغب في أن يحتفظوا بالصورة الجميلة لما قدّمته من أعمال، وحتى أن يتوقّعوا منّي تقديم الأفضل في المستقبل.

- بين مسلسلَي «أبّاً عن جد» و»سيلفي»؛ أيّهما تختارين؟

أختار «سيلفي» طبعاً وبدون تفكير، فـ»العين ما تعلى على الحاجب»، الأستاذ ناصر القصبي مدرسة في الكوميديا والتمثيل، وله تاريخ فني عريق وهو شخصية رائعة، وهنا لا أنكر أنّ إطلالتي في «أبّاً عن جد» مع حبيب الحبيب وأسعد الزهراني لم تكن مميّزة ولها بصمة، لكنّ العمل مع ناصر القصبي مختلف بكلّ الأبعاد.

- متى سنتابع لوعد برنامجاً تلفزيونياً خاصاً؟

«لو صبرت كنت غنيت»... ستتابعون قريباً برنامجاً تلفزيونيّاً خاصّاً بي، ما زلنا في صدد التحضير له والعمل على إنتاجه أيضاً... سأكشف لكم التفاصيل خلال الفترة المقبلة.

- متهمة دائماً بالتباهي بمنزلك وفخامته وأزيائك ومجوهراتك؛ كيف تردّين على ذلك؟

هذا السؤال يجب أن توجّهه الى شخصٍ آخر، في مكانٍ آخر ومن وسطٍ آخر... وليس لي أنا وعد.

- «اليوتيوب» اليوم جعل الناس يتذكرون للفنانين مقاطع قديمة؛ ما هو المقطع أو الفيديو الذي تتمنين لو يُزال نهائياً عن السوشيال ميديا؟

أتمنّى أن تنسى محطات كثيرة ومواقف عدة موجودة على السوشيال ميديا، هي اليوم أشبه بذكريات، وليست كلّ الذكريات جميلة. أنا راضية عمّا هو موجود اليوم على «يوتيوب» حتى وإن لم يكن يعجبني.

- هل تنزعجين من نشر صور «قبل وبعد» لكِ اليوم؟

أنا من أوائل الفنانات اللواتي نشرن صوراً لأنفسهن «قبل وبعد»... وسخرت من شكلي، وهذه المسألة تعود الى سنواتٍ مضت، لكنني عدتُ ونشرتُ صورةً أخرى، أخذها أحد البرامج وتهكّم عليها، ولم أكترث للأمر، لأنّ هذه عقدة نقص ومحاولة للاصطياد في الماء العكر. أنا راضية عن شكلي في السابق والآن، وكما تقولون في لبنان «إجريي على الأرض» ولا يمكن أي تعليق أن يهزّني، هذا ما خلقه رب العالمين وأنا راضية به. والإنسان يتغير شكله وتتبدل ملامحه مع مرور الزمن والتقدّم في السنّ، ففي السبعينيات حتماً تسريحات الشعر مختلفة عمّا هي عليه اليوم، فلكلّ حقبة موضتها، وجميلٌ أن نختبر ما يُحدثه الزمن من تغييرات في ملامحنا وليس تغييرات الطبيب في أشكالنا. أنا طبيعيّة، أحبّ شكلي كما هو، وكأي امرأة ألجأ الى بعض التعديلات البسيطة وأصرّح عنها ولا أخجل.

- موهوبة جدّاً في الغناء ولا تهمّك التراتبية بين نجمات الخليج... تصريح متداول بكثرة عن لسانكِ؛ ألا تشعرين أنّكِ تظلمين موهبتكِ الجميلة؟

التراتبية باتت اليوم تزعجني... فماذا تعني هذه الألقاب «فنانة أولى ووسط وإكس لارج... ارحمونا يا ناس»! فما أعرفه أنّ أول فنانة مثلاً في تاريخ المملكة العربية السعودية هي ابتسام لطفي أو عتاب، وهي من يطلق عليها لقب الفنانة الأولى. ومثلاً بين أحلام ونوال، من عُرِفَت قبل الثانية وانطلقت في الغناء تكون هي الأولى، وإن سبقتهما أي فنانة في ذلك، فهي ستكون الأولى!

- كيف تقيّمين تجربة «نجوم بلا حدود»؟ وهل ينطبق عليها مبدأ «أول في القرية أفضل من الثاني في المدينة» في ما يخصّ جماهيرية البرنامج والقناة؟

«ما رح أجاوب على هذا السؤال... راح أعتبره تهكّم، وراح أمرّقو بمزاجي».

- إلى أي مدى استطعتِ إبعاد ابنتك «حسنا» عن السوشيال ميديا اليوم؟

ابنتي ليست صغيرة في السنّ لأبعدها أو أجبرها على التواجد على السوشيال ميديا، فهي راشدة وبلغت سنّ الثامنة عشرة. لها الحرية في التصرف واختيار التواجد على السوشيال ميديا من عدمه، فهي دخلت هذا العالم وعادت وخرجت منه بإرادتها وغيّرت كل حساباتها، لأنّها وجدت كلّ ذلك مزعجاً، وأنا سعيدة برأيها واختياراتها النابعة من قرارات شخصية... حتى أنّها ابتعدت عن العالم العربي وسافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية.

- لو قرّرتْ دخول مجال الفن؛ هل تسمحين لها؟

«حسنا» بعيدة كلّ البعد من الفن، ولكنّها قد تدخل عالم الفن بطريقة مختلفة، سواء من باب فن الديكور أو الهندسة، وهذا فنّ بالنسبة إليّ. وكأي إنسان، إن وجدت لديه الموهبة أدعمه وأسانده وأقف إلى جانبه، فكيف إذا كانت ابنتي، أنا إلى جانبها في كلّ قراراتها.

- ما هو جديد وعد اليوم؟

برنامجي الجديد، إضافةً إلى سلسلة حفلات وأغنيات أستعدّ لإطلاقها في الفترة المقبلة.

- هل تفكّرين في اعتزال الغناء والتركيز أكثر على الـ Business؟

عالم الأعمال ثانوي بالنسبة إليّ، والغناء هو الأساس. أعشق الغناء والموسيقى والفن، فهي هواية ومهنة، ولكنّ عالم الأعمال يبقى لجني المال والربح... والحمد لله المال متوافر.

- لا تتابعين أي حساب على «الإنستغرام»؛ هل هذا غرور أم لأنّ أحداً من الموجودين لا يعجبك اليوم؟

«الغرور يمشي يسار وأنا أمشي يمين»... أفضّل ألّا أتبع أحداً عبر حسابي، وأرى ما ينشره الناس من خلال صفحة المنشورات الأكثر شعبية Popular Page.

- تقولين في أغنيتكِ «شاطر»... «بعد التعب وبعد السهر اللي على إيدي كبر ينكرني بس شوفوا القهر»؛ من أنكر وعد؟

(ممازحة) هنا سأطلق العنان لغرور برج الأسد... «ما ولدته أمّه اللي ينكرني»، هذا هو المعنى الحقيقي للغرور... ليس كلّ كلام نغنّيه في أعمالنا أن يكون بالضرورة مُعاشاً أو نابعاً من تجربة شخصية. أغنية «شاطر» جميلة وخفيفة وكما يُسمّيها المصريون «طقطوقة»، فإيقاعها سريع وكلماتها خفيفة وتناسب فصل الصيف فقط لا غير.

- في ختام هذا اللقاء؛ ماذا تقول وعد لمتابعيها؟

أشكركم في مجلة «لها» على هذا الحوار بعد انقطاع سنوات في ما بيننا، كنتُ عاتبةً عليكم، أشكرك على وقتكَ والأسئلة حتى لو كانت في بعض الأماكن جارحة أو مؤذية.. وأشكر الجمهور ومتابعيّ.

CREDITS

تصوير : منار

شعر: إبتسام

مكياج : أطياف